أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – أمريكا والماعز والجرابات العفنة

بكر أبوبكر – 8/11/2020

انشغل العالم من أقصاه الى أقصاه،على مدى أيام بالانتخابات الأمريكية التي دخلت كل بيت وكل شاشة وكل هاتف نقّال وكل وسيلة تواصل اجتماعي، كما انشغلوا بعدّ الأصوات وباللونين الأحمر والازرق!

وإن دلّ  هذا على شيء فإنما يدلّ بالنظرة الأولى على موقع الشمس التي تدور الكواكب حولها، وأشباه الكواكب والصخور والنيازك والشهب، فحيث أشرقت الشمس تطلّ كل الكائنات. أوهكذا أريد للعالم أن يكون! بعد أن غابت الشمس عن أكبر امبراطورية للشر والإفساد والقتل بالتاريخ وهي الامبراطورية البريطانية الاستعمارية البائدة.

الذين يترقبون عدّ الاصوات لايفوزون أبدا. والذين لايدخلون الملعب لايسجلون الأهداف. والذين لايمتلكون القوة فهم الغثاء الذي حذّر منه سيّد البشرية، ومازال كلامه صالحاً أبد الدهر.

لنضع جانبًا الذين انشغلوا بترجيح فوز هذا أو ذاك في انتخابات طاغوت العالممنالاعلاميين والصحفيين والمحللين السياسيين وخبراء الاستطلاعات والانتخابات…، فهذا واجب هؤلاء ولاغبار عليه، ودعونا نركز على ماسواهم.

الرقبة الطويلة التي راقبت الانتخابات الأمريكية هي من المتضررين والضعفاء من جهة، ومن المستفيدين والانتهازيين من جهة أخرى، ولكل حساباته الذاتية أو الموضوعية.

السياسيون والحكّام والمثقفون (ومنهم المتثيقفون)، والجماهيرعامة الذين انتظرواالنتيجة واقفين على رؤوس أصابعهم في انتخاب قوة الطغيان والاستبداد والاستعلاءالأولى في العالم فهم فئتان:

المتضررون المستضعفون المظلومون، المهانون كرامةً وقضيّةً وشعوبًا تابعوا الحدثوترقّبوه قلقين، وكان قلقهم مبررًا فلعلهم يجدون متنفسًا بعيدًا عن ضغط القدم الهمجية الثقيلة على رقابهم، حيث أنهم يقدّرون أن لاخير بالفائز أيّ كان عامة، وخاصة لنا في فلسطين، ولكن شر أهون من شر.

وهناك فئة المستفيدين الانتهازيين وهم الأتباع الرعاديد الذين استطابوا العيشَ أحذيةًللكبار،وذيولًا للطاغوت الأمرد،وهم من اشتغلوا في ذات الوقت طواغيتًا لشعوبهم في مقابل عملهم أحذية أوبالأحرى والأدق جرابات عفنة لأقدام أسيادهم، سرعان ما تلقى جانبًا دون اكتراث.ولعلهم يعودون للانحشار طواعية في الأقدام الجديدة!

حالُ هذه الجرابات العفنة، أو الماعز التي ترتعد خوفًا من زئير الأسد كما أسماهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه،هي ذات الحال تمامًا التي عاشها (الملك الرحيم أبو الفضائل بدر الدين لؤلؤ)!، ومع (الملك السعيد حسن) الايوبي من رعاديد التاريخ القديم وجراباته العفنة حين جعلوا من قدم رأس المغول هولاكو تلبسهم ثم تلقيهم بعيدا بكل تأفف.

الاستغلاليون الانتهازيون في عالمنا العربي يشكلون فئة واسعة من الساسة والمتثيقفين(كما يسميهم المفكر الكبير مالك بن نبي) ومن الانهزاميين والانعزاليين والتُفّه والسّقط، وهم فئة أوفئات بمجملها تتفرج وتتابع الأحداث برخاوة وانهزامية وبارتجاف المدمنين، كما إدمان الفرجة على الشاشات جميعًا مع خلوّ العقول وخواء الأرواح، وكما إدمان الاستهلاك الرأسمالي لكل ما ضرّ ولا ينفع، دون حول لها ولاقوة.

ما بين هاتين الفئتين تجد الفئة الثالثة من الأمم والشعوب التي تثق بنفسها وشعبها،وتحترم ثقافتها، فبنت اقتصادها المتين، ووحدت أمتها، ونهضت كأمة قويّة باحترام لغتها وحضارتها، وبعلمها وتقانتها (تكنولوجيتها) ففرضت مقعدها بين الأمم.

عندما تراقب الأمم المحترمة انتخابات الإمبريالية الامريكية عن بُعد،فلأنها تراقبهامراقبة اللاعب المجتهد المتأهب المستعد دومًا للانقضاض وتحقيق العملالمثمر، وهو اللاعب المستعد بإعادة بناء خططه وبرامجه وترتيب أدوات قوته في الصراع القادم، تحالفًا أوتجاذبّا، أوبالمواجهة مع الوحش الامبريالي والقوة الاستعمارية المتحالفة معه.

أين [تقع] الأمة التي أوكل الله لها مهمة حفظ الرسالة؟ ومهمة نشر الرسالة؟ وليكونوا شهداء على الناس! ويكون الرسول عليهم شهيدا؟ والذين أوكل اليهم مهمة اليقين بالنصر بحمل الأمانة والاستخلاف؟

إنها بكل بساطة بالعديد من ساستها ومثيقفيها (الجرابات) تتدحرج ف[تقع] وتتفرج ولا تقوم أبدا! فهي تغط بالنوم في قدم السيد، وصوت شخيرها عالٍ، وتتمرغ في مستنقع الذيلية والغباء والجهالة، وتعتقد أنها بذلك أقرب للفوز!

قال علي بن أبي طالب موبخًا تلك:(النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ، وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ، الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ، وَالْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ)، وكأنه فيهم يخاطب: (الأَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلاَلَةِ، وَالشِيعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ.) اليوم، قائلاً لا فض فوه أنكم جبناء رعاديد وسفهاء لا تستمعون للحق ولا تعملون لمصلحة الأمة، بل كما يقول نصًا: (َأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى “الماعز” مِنْ وَعْوَعَةِ الْأَسَدِ!) ليضيف أنكم تنكسون الرأس فلا يعتدّ بكم أبدا.

وعليه يصرخ الإمام المقاتل بوجوههم الكالحة قائلا: (هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سحاب الْعَدْلِ، أَوأُقِيمَ اعْوِجَاجِ الْحَقِّ.)

إن للحق والاستخلاف والنضال والجهاد والرباط رجاله الأتقياء الأشداء قوة وعزة وكرامة ومنعة ووحدوية وإيمان، وما التوابع والرعاديد إلا توابع يندسون في الأقدام اندساسًا لا يرفعون رأسهم أبدا، فكيف يستلون السيوف!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى