أقلام وأراء

بكر أبوبكر: القدسُ والأقصى بين التعب والإحباط!

بكر أبوبكر 2023-04-14: القدسُ والأقصى بين التعب والإحباط!

في كل رمضان تتكثف اقتحامات المسجد الأقصى من حشود أو جماعات من عدد من التنظيمات اليهودية الدينية والمتطرفة خاصة بهذا الشهر الذي هو شهر الصوم والاعتكاف في ثالث أقدس بقعة للمسلمين بالعالم، وبما هو واضح أنها عملية استفزاز ديني مقصودة ومخططة لافتعال الأحداث العنيفة وكمقدمة للحرب الدينية بمجرد اقتحام المسجد بين جموع المصلين وفي الشهر الفضيل ونسبتها للمصلين.

التنظيمات اليهودية المتطرفة بالمستوطنات وبالقدس، والمرتبطة ب”الهيكل المزعوم” وضرورة بنائه مكان المسجد الأقصى المبارك، هي تلك المهتمة بإغراق القدس وكل فلسطين عبر المستوطنين، والمسجد الأقصى المبارك بالاعتداءات وبالاقتحامات المتكررة لتكرس الأمر الواقع، ما تقبّل جزء منه أمة العرب والمسلمين اليوم باستسلام مهين!

يأتي العدوان المستمر ضمن مخطط هذه التنظيمات الدينية -التي أصبحت مدعومة كليًا من أطراف فاعلة من الحكومة اليمينية وباطمئنان نتنياهو وموافقته- بشكل واضح المعالم لاستكمال تقسيم المسجد مكانيًا، كما استطاعت فعليًا ان تنتزع زمنًا فيه بما هو زيارة أو اقتحام مشرعن تحت مرأى ومسمع العالم العربي والإسلامي.

في كل رمضان تحاول الحكومة الرسمية الإسرائيلية بزعامة المتعِب نتنياهو أن تسبغ على رمضان سِمة العنف والإرهاب متجاهلة مصدر العنف والإرهاب المتكرر المتمثل بأعمالها (الحكومة والجيش والمستعمرين) التي لا تتوقف في كامل أنحاء الضفة الغربية وفي غزة، وكأنها ليست تحريضًا مباشرًا، وفعلًا عدوانيا جالب لرد الفعل الفلسطيني الطبيعي بالمقاومة سواء في مكان حدوثها أو في القدس والمسجد الأقصى.

الحال المتعِب هذا سواء من أفعال الحكومة أو المستعمرين (المستوطنين) او عصابات تدمير المسجد الأقصى التابعة لليمين الديني وغيرها، استثار العلمانيين اليهود الذين تخوفوا من الانشقاق الى دولتين علمانية ودينية ماضوية فكانت المظاهرات الحاشدة في تل أبيب وسواها، وبالطبع كانت خلفية الحقائق أيضًا تكمن فيما يحصل من الاحتلال في الضفة وغزة والقدس.

يقول روغر ألفر في “هآرتس”: “نتنياهو متعب، نحو 30 سنة وهو يتعبنا، وهو الآلة التي لا تتوقف…هذا تعذيب، بشكل خاص لمعارضيه…نحن متعبون من مأساته حتى لو ظهر أحيانًا أنه أتعب نفسه…” ويضيف أننا متعبون من أمور كثيرة يعددها ومنها “من المتعب أن تكون يهودي. القدس تتعبنا مع عدم العقلانية. جبل الهيكل (هو المسجد الأقصى بمساحة 144 ألف متر مربع) يتعبنا…والتبصر متعب. متعِب أن تكون ذكيًا…أن نعيش على حد السيف هذا متعب…اسمحوا لنا بالحياة”.

أما عاموس هرئيل فيشير الى التعب الفلسطيني بشكل مختلف ما هو بنصّه إحباط فلسطيني كما يقول: “إحباط فلسطيني تراكم في السنوات الأخيرة، على الاحتلال الذي لا نهاية له، وضعف السلطة الفلسطينية، والشعور المتواصل بالضغط الاقتصادي وغياب مطلق لأفق سياسي. الوقود للاشتعال وفرته الشرائط (الأفلام) التي جاءت من المسجد الأقصى، والتي فيها تم توثيق اقتحامين عنيفين….”.

وبين التعب الإسرائيلي من جهة، والإحباط الفلسطيني من الجهة الاخرى تتكاثر أسس المقاومة الفلسطينية لهذا الاحتلال اللانهائي، وتكبُر أحلام التيارات اليهودية الدينية المتطرفة خاصة مع وصول عدد من قادتها لمناصب الوزارة والسلطة المطلقة كما تراها.

القدس كانت وستظل كما كان يردد الرئيس الراحل ياسر عرفات هي مفتاح الحرب وهي مفتاح السلام وهي التي من الممكن أن تخلّص على التعب والإحباط، ومن خلال فُرجة صغيرة، أوبصيص نور قد يظهر في آخر النفق، وإلا فإن الطوفان قد يكون قادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى