أقلام وأراء

بعد “أزمة” مشعل في بيروت هل تعيد حماس حساباتها نحو “الداخل الوطني”؟!

حسن عصفور27-12-2021

أنهى خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، زيارة الى لبنان، ربما هي الأكثر “إثارة” لمسؤول حمساوي، فاقت كثيرا ردودها، زيارة رئيس الحركة إسماعيل هنية الى المغرب واللقاء مع حكومة “الإخوان الكامنين”، بعد توقيعها اتفاق تطوير علاقات استراتيجية مع إسرائيل، واشادته بموقف الملك محمد السادس.

دون أدنى شك، يرى كثيرون أن خالد مشعل الشخصية “الأذكى” داخل حماس، وربما الأكثر تأثيرا سياسيا عاما، بالقطع خارج قطاع غزة، ولكن تلك المواصفات لا تكفي دوما لصيانة موقف ما، خاصة لو ارتبط بقضية شائكة، بين الموقف العروبي من جهة، وموقف علاقة خاصة مع “محور ما” من جهة أخرى.

انتهاء زيارة مشعل الى لبنان، تحمل دروسا سياسية متعددة، تستحق من قيادة الحركة أن تقف أمامها، بعيدا عن “عقلية المكابرة” التي حاول بعض كتبتها الصغار ترويجهأ، والحديث وكأنها كانت “نصرا ميمونا”، في حين مثلت صفعة لم تحدث لها منذ طردها من الأردن، وخسارتها حاضنة استراتيجية لعبت دورا مركزيا في تعزيز حضورها الى جانب منظمة التحرير، لاعتبارات لم تعد مجهولة أبدا.

خلال زيارة مشعل، حدث حظر شامل ومنعه من أي تفاعل إعلامي وجماهيري، وحضر تغطية نشاطاته سوى في مواقع محدودة، الى جانب فتح نيران أصدقاء سوريا وحزب الله وإيران النارعليه شخصيا، واستخدموا لغة لم تستخدم مع آخرين، فيما تم منعه من دخول الضاحية الجنوبية (عاصمة الحزب المفترض أنه حليف، بما شمل عدم زيارة أي بيت حمساوي فيها).

ربما يعتبر بعضا من حماس، ان مشعل رفض توجيها إيرانيا بعدم القدوم، وأصر لتبيان “استقلالية” حماس، وعدم خضوعها لرغبات هذا أو ذاك، رغم ان الواقع غير ذلك، وأن محاولة البعض تبيانها كـ “محاولة” لدغدغة مشاعر التيار السني أو المعارض لسوريا وإيران، لم يصب الحقيقة لأن من التقاهم لم يبادروا لإعلان ذلك، حتى رئيس الوزراء ميقاتي لم تنشر وسائل إعلام الدولة خبر اللقاء.

رفض زيارة مشعل وما حدث حولها، ارتبط عمليا بموقفه الشخصي من تأييده للاحتلال التركي لأرض سوريا، وخاصة بعد عفرين وفرض تتريكها، ولم يكن الأمر مرتبطا بالقضية الفلسطينية أو أي موقف عروبي يمكن لحماس أن “تتباهى” به أمام أحد أهم داعميها، وتصر في كل بياناتها أنهما في “محور مقاومة واحد”.

ومن يعتقد من بين حماس، ان أحداث زيارة مشعل ستفتح لحماس “أبوابا جانبية” مع دول خليجية لها حساباتها مع إيران، فهم يقعون في غباء مطلق، لأن الدول تعلم حقيقة الأمر ولما حدث ذلك، وسببه الحقيقي، وقد يزيد من حائط التوتر الذي بدأ منذ فترة نظرا لارتباط حماس بالمحور القطري – التركي ومعهم الإيراني.

ودون فتح تفاصيل الزيارة بذاتها، فما كان يجب أن يكون درسا خاصا، يعيد التفكير العميق في هوية الحركة وعلاقاتها ودورها والمهام المفترض ان تكون، ضمن مناطق وجودها، حيث تأكد بالمطلق ان التحالفات في المنطقة العربية، لم تعد وفق قواعد ثابتة وليست مرتبطة فعليا بقضية الصراع العربي الفلسطيني، بل في كيفية استخدام طرف فلسطيني لتمرير قضية ما لخدمة هدف سياسي ما لتلك الأطراف، وهذا ينطبق على حماس وكيف تستخدم قطريا وتركيا، وأيضا إيرانيا رغم أزمة زيارة مشعل، كما تستخدم السلطة الفلسطينية في لحظات ما.

ما يجب أن يكون بعد زيارة مشعل وأزمتها، فتح باب التفكير لجديد سياسي، ماذا تريد حماس، والى أين ستذهب، وهل حقا يمكنها أن تكون البديل لحركة فتح، ما يفتح لها الاستيلاء على قيادة منظمة التحرير، وهل المحيط العربي حقا، يريدها ممثلا موازيا، أو بديلا، ام دورا استخداميا وفق مصالح متحركة، تنتهي بانتهائها، لا يمكن تقدير حقيقة نتائجها.

الأمر لم يعد لغزا سياسيا أبدا، بل وضوحه يفوق كثيرا غموضه، فمستقبل حماس السياسي لن يكون كما اعتقد بعض منهم في فترة ما، أنهم “الوريث الشرعي” لحركة فتح، بل أن فتح بذاتها هي الغطاء الممكن لحضور حماس “الرسمي” في الإقليم العربي ودوليا، ما يفرض تقييما استراتيجيا جوهريا على غير ما كان فيما سبق، سلوكا ومواقفا، مرتبطة بما سيكون من تغييرات جوهرية في المنطقة، والعلاقات المتحركة التي لم تعد مرتهنة لمفاهيم “الثوابت” و”المبادئ”، بل بـ “المصالح المتحركة”.

حماس، بحاجة لتحديث “السوفيت وير السياسي – المنهجي” في قواعد العمل نحو الداخل الوطني الفلسطيني، وكسر جدار الفوقية والادعاء العام، مستفيدة من تجاربها ما قبل “أزمة زيارة مشعل”، منذ انطلاقتها وحتى راهنه.

حماس “الإسلاموية” لا مستقبل لها أبدا في قادم التطورات السياسية، تلك هي القضية المركزية التي وجب نقاشها، بعيدا عن “العاطفة والكبرياء”، وآن أوان “فك الارتباط الكلي” مع الجماعة الإخوانية، وأن تصبح علاقاتها مع طرف وقوة، خارج “اللون الأخضر” ليصبح مرتبطا بألوان فلسطين، الأحمر والأبيض والأسود والأخضر…والفرق بين الخيارين واضح!

أما الاعتقاد، ان حكم حماس في قطاع غزة، وحرص بعض الأطراف على استمراره لحسابات إبقاء الانقسام والانفصال، فتلك مسألة اتهامية وطنية وليست غيرها، وقد لا تطول كثيرا في حال تبلور ما يعرف بـ “الحل الممكن”.

إعادة التفكير” والتقييم ليس نقيصة سياسية بل قوة وتحصين لمن يريد ألا يقع في مطبات قد تكون قاتلة…!

ملاحظة: سقطت “لجنة القوى” في قطاع غزة سقطة سياسية لا يجب أن تتكرر أبدا، عندما تحدث بيانها عن أبناء الشعب الفلسطيني مسيحيي الديانة كأنهم طائفة…تعابير بذاتها “طائفية” ممنوع ترويجها لأنها تنال من لجسد الوطني..واضح أم بدها قاموس يا “جدعان”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى