بشار مرشد: القوة في الحق والحرية… والضعف في العبودية والبطش
بشار مرشد 12-11-2025: القوة في الحق والحرية… والضعف في العبودية والبطش
المقدمة:
كل قوة بلا ضمير هي وهم مُتسلِّح، وكل بطش بلا حق هي عبودية مُتخفية في هيئة سلطان. وحدها القوة التي تنبع من الضمير هي الحرية الحقيقية، لأنها تمنح الإنسان القدرة على الصمود، حتى حين تنهار الجدران الخارجية ويُسحق الجسد.
الشعوب لا تُباد فقط حين يُهدم جسدها، بل حين يُمحى ضميرها ويُنسى الحق. في أعماق كل أمة حرة ينبض ضمير جمعي كجهاز مناعة روحي، يحوّل الألم إلى وعي، والمأساة إلى ذاكرة، ويحوّل الانكسار إلى قوة صامتة، قادرة على إعادة إنتاج الحياة من قلب الدمار. فالحرية ليست بامتلاك السلاح، بل امتلاك الحق والكرامة، والإيمان بأن مقاومة الباطل تبدأ من الداخل.
النفس والفكر:
حين تنهار الجدران، يبدأ امتحان الداخل. الضمير الفردي، ذلك الشعور العميق بالكرامة والحق، يصبح خط الدفاع الأول. الشعوب الحرة تحوّل خوفها إلى وعي، والألم إلى دافع لإعادة بناء معنى الحياة. هذه “المناعة النفسية الحضارية” تمنح القدرة على الصمود رغم البطش، وتحوّل المأساة إلى طاقة للبقاء.
الفكر الجمعي يترجم هذه القوة على مستوى الجماعة: الذاكرة المشتركة، والسردية الجمعية التي تحفظ الهوية والمعنى، تجعل كل فرد مُرتبطًا بالبقية. كل فعل مقاومة، مهما بدا صغيرًا، يصبح جزءًا من إرث جماعي يحمي الأمة من الانهيار، ويُعيد إنتاج الحرية بعد الكارثة. في هذا التفاعل بين النفس والفكر الجمعي، يولد شعور جماعي بأن البقاء ليس مسألة حظ، بل إرادة وضمير حي.
البنية الاجتماعية وقوة الروابط والذاكرة المشتركة:
على مستوى المجتمع، البقاء لا يقوم على القوة المادية وحدها، بل على الثقة المتبادلة، وعلى الضمير الجمعي الذي يربط الأفراد ببعضهم. فالقيم المشتركة، والرموز الثقافية، والسرديات الجمعية تعمل كخط دفاع معنوي يحافظ على الهوية ويحوّل المأساة إلى قوة دافعة حيث ان كل مستوى النفس الفردية، والفكر الجمعي، والبنية الاجتماعية كل منها يدعم الآخر. وهنا تتجلى الحرية الحقيقية، ليست في الحديد أو الرصاص، بل في إرادة الضمير وقدرة الأمة على الصمود رغم محاولات الطمس والإبادة. الروابط الإنسانية الصلبة والذاكرة الحية تمنح القوة لأمة يمكن أن تنهض بعد كل سقوط لتجد نفسها مرة أخرى أكثر وعيًا وثباتًا.



