أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – النصر على اسرائيل ممكن ومفتاحه المفاجأة والاختراق .. حرب الاعلام قبل حرب الصواريخ

بسام ابو شريف – 4/12/2020

المتتبع لكل ما ينشر في اسرائيل، وفي الصحف الاميركية المعروفة بولائها للصهيونية (مثل نيويورك تايمز)، يستطيع أن يعرف كيف تفكر المخابرات الاسرائيلية ، بل ويستطيع أن يقدر ويخمن خططها ، أوعلى الأقل بعض خططها، وهذه الحرب الاعلامية لها أهداف محددة فهي تستهدف معنويات ، وثقة محور المقاومة بنفسه وقدراته ، وتستهدف تضليل محور المقاومة ، وتستهدف الايحاء بعكس ما يخطط له ، وتستهدف في بعضها التبجح والمبالغة بقدرات اسرائيل ، و”عبقريتها”.

ولن نناقش هنا الفحوى ، فهذا له نقاشه وتفسيره الخاص انما نريد أن نشير، وننبه الى أن القراءة الدقيقة والمدققة لهذه الأقوال والتصريحات ، التي تنهال من كل حدب وصوب هي اوركسترا هجومية تخفي ما تبطن ، وفي كثير من الأحيان تخفي ذلك ليكتشف ما تبطن، أي أنه ضمن هذه الألحان ، التي تعزف شرقا وغربا تبث اسرائيل أسرارها لتضلل محور المقاومة عبر الاقتناع بأن هذه الأسرار المسربة لايمكن أن تكون صحيحة ، بل هي للتضليل بينما هي في الواقع استخدام للحقيقة كاطار للتضليل، ومراقبة ومتابعة ما كتب ، وقيل من قبل العدو الصهيوني وأبواقه الاميركية ، وغير الاميركية نستخلص أن الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية ( بما أن الأمر تقرر بين نتنياهو وبومبيو ومحمد بن سلمان)، أن ايران لن ترد بضرب أهداف في اسرائيل خشية أن يتسبب هذا في اشعال حرب واسعة ، وان جل ما تستطيع ايران فعله ، هو أن تحاول ايذاء دبلوماسيين اسرائيليين خارج فلسطين المحتلة من سواح اسرائيليين توجهوا للامارات ، والبحرين .

وتقول تقارير المطبخ المصغر ان ايران محشورة لأنها لايمكن أن تزج بحزب الله في ظل وضع لبنان الراهن ، ولا أن تخاطر بالوضع السوري ، وانها تجد صعوبة في الرد ، وأشار تقرير المطبخ المصغر الى أن ايران تحاول ايجاد قنوات تفاهم مع بايدن ، ولا تريد أن تعطل هذه الجهود ، وركز التقرير على ضعف ايران الشديد في ميدان أمنها الداخلي ، وأجهزة مكافحة الاختراقات مضيفا أن هنالك عوامل متعددة تجعل اختراق الوضع الداخلي الايراني أسهل مما يعتقد الكثيرون بمن فيهم الاميركيون .

وأثنى التقرير على جهود مدير الموساد يوسي كوهين في هذا الميدان ، ولأنه تمكن من اختراق شبكات الاتصال ، و تجنيد عدد كبير من الايرانيين المعارضين للنظام سواء لأسباب اقتصادية أو قومية أو دينية ، اذا كان هذا هو تقدير المخابرات الصهيونية ، فانه من الضروري اللجوء باستمرار الى ما يفاجأ به هذا العدو ، فقد تمكنت مصر من تدمير خط بارليف ، وعبور القناة ، وتحرير سيناء ( لولا توقف زحف الجيوش المصرية من قبل السادات الذي هددته واشنطن لو وصل الجيش المصري الى تل ابيب ) ، في وقت كانت الاستخبارات الاسرائيلية في آخر تقرير لها حول الوضع على جبهة قناة السويس تقول بأنه هادئ ، ولا يتوقع أي عمل من قبل جيش مصر ، وصعقت المفاجأة اسرائيل ، واستنجدت غولدا مئير بالاميركيين ، وخضع السادات بدلا من أن يكمل الطريق .

مفاجأة العدو بالعمل عكس توقعاته ، هو الذي يكسر شوكة هذا العدو ، ويخطئ من يظن أن نزول مقاتلين نزول الصاعقة على اسرائيل سواء من البحر أو الجو أو البر سوف لن يدمر معنويات الجيش والسياسيين ، وسيمهد الطريق لهزيمة كبيرة لايمكنه معها أن تتمكن الولايات المتحدة من التدخل لأنها تحتاج الى وقت ، وهزيمة اسرائيل هي الطريق لتعديل الميزان وتحقيق العدالة ، والقضاء على الارهاب ، وخلق شرق أوسط خال من السلاح النووي ، ولكن يجب أن يكون الحساب والأهداف واضحة ، وان التمكن منها شبه مضمون ذلك لأن العدو قد وضع حساب الاحتمالات ، وقام بدراستها لكنه استبعد بعض الاحتمالات لأنه يعتقد أن ايران لن تجازف بمخططها لاعادة الولايات المتحدة للالتزام بالاتفاق النووي .

وهنا قد يكون العدو قد وقع في الحساب الخاطئ ، فمن يعتقد في اسرائيل بأن توجيه ضربة قوية لاسرائيل سوف تضعف ايران في الميزان الاميركي مخطئ ، فالولايات المتحدة تحسب حسابات مصالحها ، وكما قال بايدن : ” اميركا أولا ” ، وبما ان ايران هي في قمة جدول مصالح الولايات المتحدة ، فان قوتها هي التي ستجعل واشنطن تميل للتعامل معها بندية وبدون استكبار .

من ناحية اخرى ، فان الادارة الاميركية الجديدة لن تكون أبدا راغبة في زج نفسها بحرب تدمر قواعد جنودها في الخليج منذ اليوم الأول من ولايتها ، وهذا يلغي حسابات اسرائيل أو يشير الى ما أخفته مخابراتها من خشية حقيقية من الادارة الجديدة ، وهذا يفسر اصرار نتنياهو على القيام بعمليات كبيرة ، ومؤذية ، وصاعقة خلال الفترة المتبقية من حكم ترامب ، ولقد أخذ الضوء الأخضر ، وأرسل بمومبيو لذلك الأمر، والآن يرسل صهره كوشنر للسعودية لنفس الغاية .

أقصد أن اسرائيل لا تنتظر ، بل ستحاول توجيه أكثر من ضربة خلال هذه الفترة ، وتحرك ايران الهجومي سوف يخلط أوراق المنطقة ، فالمخابرات الاسرائيلية تتوقع أن تنتظر ايران ولذلك ، فالفرصة متاحة لها لمزيد من اللكمات لايران ، لكن حسابات محور المقاومة يجب أن تقوم على أساس أن الرد بقوة على اسرائيل سيحسن موقف المحور في وجه الادارة الجديدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى