أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – الرئيس محمود عباس مدعو لاصدار بيان يحدد فيه أساس الحل العادل بتطبيق قرار 242 كأساس لحل الدولتين

بسام ابو شريف *- 13/2/2021

– دولة فلسطينية مستقلة ، وكاملة السيادة برا وبحرا وجوا ، وعاصمتها القدس الشرقية ، وضمان حق العودة .

– لاشرعية لأي مستوطنة في الضفة والقطاع ، ويجب تسليمها للسلطة مع اعادة كل الأراضي التي صودرت .

–  الأغوار أرض فلسطينية ، والنهر حدود فلسطين مع الاردن ، والتي تزول مع وحدة الاردن وفلسطين

– لاتدخل لأي طرف يسوق الطرف الآخر الخارجية والداخلية .

ادارة الرئيس بايدن تقف مترددة ، أو محتارة حول التعاطي والتعامل مع القضية ، أو قضية الفلسطينيين ، وهذا التردد هو نتيجة رغبة ادارة بايدن بشطب ما ارتكبه الرئيس ترامب ، وبين عدم نجاح ادارة اوباما في التوصل الى حل يرعى الطرف الفلسطيني ، ولاشك أن استعراض المحاولات الاميركية منذ أن أطلق الرئيس ريغان حل ” الأرض مقابل السلام ” ، يثبت أن رضوخ الادارات الاميركية للضغط الصهيوني كان دائما سببا في افشال جهودها ، ولنتذكر كيف غادر جيمس بيكر اسرائيل غاضبا ، وصرخ أمام الصحفيين : ” اذا كانت تل ابيب تريد السلام ، فهذا هو رقم هاتف البيت الأبيض” ، وكان يعبر بوضوح عن أن موقف اسرائيل ، هو موقف الرافض للسلام ، والرافض لموقف الادارة الاميركية.

ويعلم المطلعون أن اسرائيل خاضت حربا سرية تتضمن اتصالات ، وعمليات ارهابية لمنع الادارة من تبني مشروع قدمه روبرت ايمز “مدير السي آي ايه في الشرق الأوسط ” ، لحل الدولتين ، وأرسله للسيدة الاولى نانسي ريغان لأن الخارجية كانت تسرب مايرسله من تقارير تحث على اتخاذ موقف يلبي حدا أدنى من مطالب الفلسطينيين ، وكان هذا يثير غضب مؤيدي اسرائيل ، الذين كانوا يعارضون 242 ، ومع مجيء ترامب أصبح مخطط الصهيونية التوسعي ليس واضحا فقط ، بل في طور التطبيق والتنفيذ : –

– ضمت القدس ، ونقلت السفارة الاميركية .

ضمت الجولان ، وأسميت باسم ترامب .

– أعلن عن ضم الضفة الغربية ( يهودا والسامرة ) ، ثم أعلن لأسباب ” ترامبية ” ، عن تجميد قرار الضم في الوقت الذي استمرت فيه عمليا ، وقفزت اسرائيل عبر جسر ترامب نحو المراحل الأبعد في مخطط سيطرتها على المنطقة : التطبيع مع الخليج ، ودول اخرى .

– أعلن عن عدد آخر من الدول على وشك التطبيع .

– أعلن عن حلف عسكري لضرب ايران ، وحلفائها ” محور المقاومة ” .

وقطع أشواطا عملية مكنت حتى الآن اسرائيل من السيطرة على الأمن ، والاتصالات في منطقة الجزيرة والخليج ، وأدخل السودان ضمن دائرة التسهيلات اللوجستية ، والقواعد العسكرية ، وكذلك سوقطرة ، وباب المندب ، وأصبح اليمن جزء من أهداف الحلف ، واسرائيل على رأسه ، وأعلن نتنياهو عن قلب المعادلة الريغانية ، وهي ” الأرض مقابل السلام ” ، الى ” سلام القوة ” ،  كما تراه اسرائيل ، أي أن التطبيع كان نتيجة قوة اسرائيل التي تحتاجها دول الخليج المصنوعة في مطابخ واشنطن لحماية نفسها ، ومواجهة ( العدو المشترك ) ، ايران ، ومحور المقاومة .

وجاء رفض الرئيس محمود عباس ” لصفقة القرن ” ، كضربة قوية لهذا المخطط المسمى صفقة القرن ، ورفض التطبيع ، وكان هذا أيضا صفعة للمطبعين ، وأثبت أن الشرعية ، هي في القرار الفلسطيني ، وأن لاحلول دون اقامة دولة فلسطينية مستقلة ، وعاصمتها القدس ، هذا الموقف جمد انهيارا كان قد بدأ ….. انهيار معنوي ، وسياسي ، وميداني ، وأثبت ابو مازن استنادا لموقف شعبي عارم أن الفلسطينيين اذا رفضوا ، فلن يتمكن أحد من السير على طريق مناهض لحقوق الشعب الفلسطيني .

………………………………………………………………….

بايدن يزن الآن موقف الادارة الجديدة ، وأعطى تعليماته لاصدار اعلانات أولية :

– رفض ما ارتكبه ترامب .

– الدعوة لعودة المفاوضات الثنائية تحت شعار حل الدولتين .

– أي ان توجه الادارة ، هو احياء المفاوضات على الأسس التي كانت تستند اليها ، وهي اتفاق اوسلو .

لكن اتفاقات اوسلو سقطت ، وأعلن نتنياهو ذلك ، ولم تعد قابلة للعيش ( وهنا تبرز فرصة الرئيس ابو مازن النادرة ) ، من الضروري والأساسي في العمل ، والنضال السياسي أن يعلن ابو مازن ببيان يخط جيدا ، وتهيأ له وسائل الاعلام عن سياسة السلطة ازاء المفاوضات التي دعا الى احيائها جو بايدن .

بيان الرئيس محمود عباس سيكون بيانا قصيرا يحدد بوضوح الرغبة في السلام الشامل ، وذلك بالحل العادل ، وأن ينص على الأسس التي دعت فيها واشنطن وموسكو لعقد مؤتمر دولي في مدريد ، أي تنفيذ قراري 242 و338 ، وان حل الدولتين يعني تطبيق الانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967 ، ( الضفة الغربية وغزة والجولان ) ، وأن تقوم دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على أرضها ، وحدودها ، وسمائها ، وبحرها ، وعاصمتها القدس الشرقية ، وان هذا هو المدخل ، وليس الاتفاقات التي خانت فيها اسرائيل توجهها وتعهدها ، وأن يؤكد الرئيس محمود عباس عن الاصرار على تحقيق هذا الهدف الذي من شأنه أن يجلب السلام ، وان كل الاستيطان في الضفة غير مشروع ، ويجب اخلاؤه ، واعادة كافة الأراضي المصادرة ، وأن يتم الدفع للفلسطينيين تعويضا عنها وعن البيوت التي دمرتها اسرائيل ، والمؤسسات ، والمدارس ، والمستشفيات في غزة ، والضفة الغربية .

وأن يسجل ابو مازن في بيانه أنه أصدر التعليمات لادارة العمل السياسي على أساس تطبيق قراري 242 و338 ، الموقعين من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، وعلى رأسها الولايات المتحدة .

………………………………………………………………..

أن يضع الرئيس محمود عباس مع الهيئات الجديدة ، التي تشارك فيها حماس ، وجميع الفصائل برنامج ” خدمة العلم ” ، لكل شاب فلسطيني ، ويتضمن بندا تدريبيا عسكريا ، ودفاعا مدنيا ، ويشكل المتخرجون وحدات الاحتياط في الدفاع المدني الفلسطيني بكل ميادينه من التمريض ، وغرف العمليات الجراحية الطارئة الى اطفاء الحرائق ، ومقاومة الغازات ، وحماية المدنيين من القصف ، والرصاص ، والمتفجرات ، وحماية القرى ، وأهلها ، والمخيمات ، وأهلها ، والمدن ، ومداخلها ، وأهلها ، والتصدي لقطعان المستعمرين الذين يحاولون سرقة الأرض ، واقامة مستوطنات استيطانية توسعية ، وأن يصدر محمود عباس أوامر بتدشين مصانع بسيطة في كل قرية لانتاج الأساسيات ، التي يحتاجها الناس ، وكذلك لتطوير مصانع اخرى تسد حاجات المجتمع في حالات الحصار ، وأن يصدر تعليمات باقامة شبكة كاملة في المدن ، والقرى ، والمخيمات لانتاج الطاقة الكهربائية من اللوحات الشمسية ، وأن يأمر بالتنقيب عن النفط في أكثر من مكان ، وأهمها مناطق رام الله ، والأغوار ، وأن تبدأ في غزة عمليات استخراج الغاز عبر شركات اميركية لاتستطيع اسرائيل منعها !!! ، وأن يقرر أن استقلالية القضاء مصانة بكل معنى الكلمة ، ويؤكد الحرب على الفساد بهذا السلاح سوف تضطر ادارة بايدن للنظر في ما أعلن ، وأن تتحرك رغم اعلان وزير الخارجية حول القدس ، وعدم اجابته عن الجولان …. يجب أن تملأ السلطة الفراغ بتقديم مشروعها المتجدد .

قضية فلسطين كانت ، وستبقى قضية العرب جميعا ، وقضية المنطقة ببلدانها المختلفة ، وذلك من وجهيها ، وجه قضية الشعب الفلسطيني الذي كان أول ضحايا العنصرية الصهيونية ، والتي جلبت للمنطقة على أكتاف الاستعمار ، ثم الامبريالية الغربية ، واتفاق الشرق والغرب على اقامة كيان استيطاني لليهود الصهاينة على أرض الشعب الفلسطيني ، الذي انتدبت بريطانيا بالتحضير للاستقلال !! ، أي له استحقاق على المجتمع الدولي ، وهو حق تقرير مصيره بالاستقلال ، والحرية ، والوجه الآخرهو مخطط التوسع الصهيوني للهيمنة على المنطقة الغنية بثرواتها الطبيعية ، وموقعها الجغرافي ، أي ان الصهيونية  العنصرية كوجه من وجوه الامبريالية العالمية ، وحلفها ، وهذا يشكل خطرا على كل دول المنطقة عربية كانت أم غير عربية ، ولذلك يمكن رسم تصور للخطة النضالية لمواجهة هذه الغزوة ، التي تتعرض لها المنطقة مستفيدين من الفجوات في المعسكر الامبريالي ، ومن نقاط ضعف مخططهم .

لم تتمكن مصر بكل محاولاتها ، وثقلها أن تقنع الغرب بتطبيق القرار ، الذي اتخذه مجلس الأمن في 5/6/1969 ، ورغم مضي ثماني سنوات على اتخاذ القرار كانت اسرائيل ترفض الانسحاب ، وتعتبر سيناء أرضا عبرانية الى أن تحرك جيش عبدالناصر بأوامر من السادات الذي خاض شخصيا أثناء وجود جمال عبدالناصر ، وبعد استشهاده محاولات اقناع الاميركيين بتطبيق قرار 242 ، وفشل … كان القرار استخدام القوة ، ويثبت أن ما قاله جمال عبدالناصر كان صحيحا : ( ان ما أخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة ) ، وهكذا انسحبت اسرائيل من سيناء مقابل اتفاق سلام مع مصر لايعرف المرء الى متى يستمر ، لكن سيناء عادت لمصر، وكذلك قناة السويس ، وانكفأ الاسرائيليون نحو غزة والنقب ، ورمت اسرائيل بكل الثقل العسكري على جبهة الجولان لتتمكن من العودة له بعد أن طردها الجيش العربي السوري ، وجيش التحرير الفلسطيني ، ورفضت اتفاق فصل القوات ، الذي طبق في سيناء ، لذلك قال هنري كيسنجر للجانب السوري : ( أعطوني مئة يوم حتى أتمكن من انتزاع موافقتهم ) ، وقاتل السوريون قتالا مرا ، وشجاعا وصل للسلاح الأبيض في جبل الشيخ ، وتم فصل القوات ، لكن رفض سوريا لشروط اسرائيل جعلها بعيدة عن توقيع اتفاق لايعيد لسوريا بالكامل حقوقها ورفع الرئيس حافظ الأسد شعار: – السعي لايجاد التوازن الاستراتيجي لاجبار اسرائيل على الانسحاب من الجولان ، والآن ضمنت اسرائيل الجولان بقرار من ترامب ، لكن هذا القرار لايغير من وضع الجولان القانوني لأنها أرض سورية ، هذا لم يعن أن الحرب استمرت مشتعلة قبل حرب اكتوبر 1973 ، بل كانت هنالك محاولات سياسية ، واستخدمت مصر وسوريا الوقت للتحضير لحرب تحريرية ، وتطوير قوتهما العسكرية ، والآن نواجه توسعا من نمط ضم الضفة ، والجولان ، والتطبيع مع بعض الأنظمة العربية ، ولابد من تنمية وتطوير القوة العسكرية في الوقت ، الذي تجري فيه محاولات سياسية ، نحن نعلم انها لن تؤدي الى اتفاق ، ولابد من اتباع التكتيكات المناسبة لمنع التوسع الاستيطاني من أن يتحول الى أمر واقع دائم ، فهذه المعركة يجب أن تشتعل تماما ، وسيصبح منها مزيدا من التأييد لدى الرأي العام العالمي تماما كما تتمتع غزة الآن بتأييد عالمي ، ويجب أن ترتبط هذه المحاولات السياسية بسقف زمني يتناسب مع بناء القوة محليا ، وعلى صعيد المنطقة – وحدة محور المقاومة والفارق هنا كبير ، فتحرير القدس والأرض الفلسطينية يستحوذ على اهتمام قوى هامة في المنطقة ، ويوضح الكشف عن حقيقة موقف بعض الأنظمة في الجزيرة ، والخليج ، والمخطط يسير باتجاه ضرب ايران كونها السند القوي لمحور المقاومة ، وايران تمتلك من القوة والسلاح ماسيجعل محور المقاومة أقوى بكثير مما كان عليه .

التفكير المتوازن ، والعمل المتوازن بين التمسك بالثوابت سياسيا ، والاستعداد للمعارك عسكريا ، من يخوض المعركة السياسية يجب أن يدرك أن المجرى السياسي ، الذي لا يستند الى قوة فعلية في الميدان لن يفرز سوى الفشل ، والقوة في الميدان موجودة ، وهي الشعب انما على القيادة أن تهيء ، وتعبئ الشعب كقوة فاعلة للتأثير في ميزان القوى ، أو ميزان السياسة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى