أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب – التفسير المنطقي لتصريحات رئيس الأركان الاسرائيلي ضد ايران

بسام ابو شريف *- 29/1/2021

ما أدلى به رئيس الأركان في الكيان الصهيوني مؤخرا هام ، واستراتيجي رغم انه استخدمه لأهداف تكتيكية ، ولتأكيد الأهداف الاسرائيلية ، وكي نتمكن من طرح تصورنا للرد على ما جاء في الصيغة الهجومية لرئيس الأركان نضع باختصار أمام أعيننا البنود ذات الأبعاد الخطيرة حسب أولوياتها الاسرائيلية : –

جوهر الكلام الموجه للادارة الاميركية بشقيها كان ما ورد حول ايران ….. نقول الادارة بشقيها لأن الادارة الجديدة يتجاذبها طرفان في السياسة العامة في الشرق الأوسط ( سبق أن كتبنا ان السياسة الخارجية لادارة بايدن تنطلق من كون الشرق الأوسط ، هو مفتاح التحكم في السياسة الخارجية الاميركية ) ، الشق الأول يرى ضرورة السير في سياسة تتناقض مع ما اتبعه دونالد ترامب من اسلوب في التعامل مع ايران ، والمنطقة ككل ، وعلى رأس هذا الشق يقف جو بايدن الرئيس ، فبايدن لايختلف في تحديد أهداف الولايات المتحدة من سياستها في الشرق الأوسط عن الأهداف التي سعى لها ترامب ، لكنه يختلف جذريا في اسلوب ووسائل الوصول لهذه الأهداف ، فبايدن يميل لاسلوب الدبلوماسية ، والتخطيط الهادئ والصامت ويحاول الوصول الى أهداف الاحتكارات الاميركية بالمقايضة ، وليس بالحروب كما فعل ترامب حروب بالعقوبات ، والحصار ، والتجويع المترافقة مع استخدام الأدوات المحلية بعد تسليحها لشن الحروب الميدانية ( كما فعل في العراق ، وسوريا ، واليمن ، وفلسطين ، ولبنان وليبيا ) ، والشق الثاني يميل للاستمرار في اتباع سياسة دونالد ترامب ، ولاشك أن كلام رئيس الأركان الاسرائيلي ، الذي تزامن مع زيارة مدير المخابرات الاسرائيلية لواشنطن حاملا رسالة من نتنياهو لادارة بايدن ، ورسالة اخرى للتيار الترامبي في ادارة بايدن ، ولاشك أن كل كلمة قالها رئيس الأركان تعبر عن موقف الحكومة الاسرائيلية ، التي يختلف أطرافها على كل الأمور الا أمر الهجوم على ايران ، ومحور المقاومة ، وما تكليف رئيس الأركان بالادلاء بها لوسائل الاعلام الا اعلان موقف اسرائيل في بيان عسكري  بيان رقم 1 ( انه البيان الذي يهدد لأول مرة بتصرف عسكري اسرائيلي بمعزل عن رأي ، ومشاركة الولايات المتحدة ، وهو البيان الأول ، الذي يعلن حلف اسرائيل العسكري مع أنظمة رتب ترامب اقامة علاقة اسرائيلية معها ، وأسس بينهم حلفا عسكريا تم تزويده بأسلحة ، وذخائر متقدمة جدا ، وبكميات خيالية قبل أن يغادر البيت الأبيض ) .

( تقول مصادرنا الموثوقة ، وهي اميركية بأن الكميات تكفي الحلف الجديد أربع سنوات اضافة للقبة الحديدية ، التي تنتجها الولايات المتحدة في اسرائيل ، وطائرات ف 35 ، التي تجمع في اسرائيل ) .

قال رئيس الأركان بالحرف : –

( كلفنا الجهات المختصة بوضع خطط ، وسيناريوهات متعددة لخيارات العمليات العسكرية للحلف ” اسرائيل طبعا ” ، ضد ايران ومشروعها النووي ) ، وهذا اعلان في البيان رقم 1 ، ان اسرائيل خططت ولديها أكثر من سيناريو لشن هجمات على ايران لتدميرمفاعلاتها النووية ، ولم يكتف رئيسالأركان بالاشارة الى الحرب الاسرائيلية و” الحلف الخليجي ” ، ضد ايران بل تحدث بوضوح حول خطط اسرائيل ، وتدريب قواتها لمواجهة هجمات داخل اسرائيل من قبل حزب الله ، وحماس ( خص حماس ولم يذكر السلطة ) ، وأبلغ الادارة الاميركية في رسالته هذه أن ” معلومات اسرائيل ” ، تشير الى خطة مشتركة بين حزب الله ، وحماس للانتشار داخل اسرائيل ، وان قوات قد دربت للقيام بذلك ( اشعار الادارة الاميركية بأن اسرائيل في خطر ) ، وأكد أن خططا قد وضعت لضرب هذه المحاولات والخطط !! ، ولم يشر عما اذا كانت استباقية أم متزامنة ، لكن الرسالة تستهدف تخويف بايدن لذلك ، فان القصد هو أن اسرائيل ستشن حربين ضد حماس ، وضد حزب الله بشكل استباقي دفاعا عن نفسها ، وأرفق ذلك بانذار واضح عندما تحدث عن قيام كوماندوس اسرائيلي عالي التدريب بعملية نوعية في بلد ” ليس من الدول المحيطة باسرائيل ” ، وهو يقصد بطبيعة الحال تذكير الادارة بدور اسرائيل في تنفيذ المخطط الاميركي في العراق ، وسوريا ، واليمن والسودان ، ومن باب تحذير بايدن من العودة للاتفاق النووي مع ايران بالغ الجنرال الاسرائيلي في كميات اليورانيوم الموجودة لدى ايران ، والكمية المخصبة منها ، لكن صراخه كان حول أجهزة الطرد ، التي طورتها ايران لتسريع عمليات التخصيب ، وكأنما يلمح الى اعتبار هذه الأجهزة أهدافا مشروعة لاسرائيل .

الحديث بصوت عال في هذا الشأن ، هو تذكير للادارة الاميركية بالتعهد المتفق عليه بين الغرب والشرق حول ابقاء اسرائيل متفوقة عسكريا بنوعية السلاح في شتى المجالات لذلك ذكر الجنرال الاسرائيلي بان لاسرائيل علاقات متينة مع موسكو ، وأن هنالك اتفاقا بينهما على تبادل المعلومات ، وحول طبيعة الهجمات التي تشنها اسرائيل على سوريا والمنطقة ، ويوجه هذا الحديث بصوت عال حول الاتفاقات مع موسكو انتقادا لما خلصت اليه المباحثات بين ظريف وزير خارجية ايران مع لافروف وزير خارجية روسيا في موسكو مؤخرا ، فقد دعت روسيا الادارة الاميركية للعودة للالتزام بالاتفاق النووي مقابل تعهد ايران بالعودة الى موقع الالتزام بعد رفع العقوبات ، التي فرضها ترامب على ايران اثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني ، ولم يفت على الجنرال الاسرائيلي التصريح بأن اسرائيل استعدت هي وجيشها لكافة الاحتمالات ، وانها قادرة على توجيه ضرباتها في كل الاتجاهات القريبة والبعيدة .

جاء ذلك في معرض حديثه حول خطط حزب الله ، وحماس ، والتقليل من أهمية ترسانة الصواريخ التي يملكها التنظيمان ، وحول تباطؤ التقدم في هذا الميدان ، كما سبق أن قلنا : هذا الحديث بصوت عال يسلح مدير المخابرات الاسرائيلي ، الذي يبحث في واشنطن الموقف من الاتفاق الايراني ، ومستقبل الحل السياسي في الشرق الأوسط بسلاح قوي ضاغط على بايدن ويدعم الأطراف الجمهورية والديمقراطية ، التي تؤيد اسرائيل تأييدا أعمى ، أما التكتيكات الاسرائيلية الميدانية ، فهي التي ستزود هذه الضغوط بالسرعة الضرورية ، التكتيكات ستتحدث عن نفسها في العراق ، وسوريا ، واليمن ، ولبنان ، وفلسطين ، وربما في ايران ، انها عبارة عن عمليات خاصة تتزود اسرائيل لاتمامها بالمعلومات ، واللوجستيات الاميركية حسب الاتفاقات المعقودة مع واشنطن .

من هنا نلتقط الحبل لنتحدث حول الرد ، وضرورته تكتيكيا ، واستراتيجيا من حيث المبدأ أي فشل ظاهر أو واضح لاسرائيل في احدى هذه العمليات المقررة سوف يعود عليها بخسارة مضاعفة لذلك ، فان البند الأول هو تحويل كل محاولة اسرائيلية الى كمين لقواتها ، واذا كانت اسرائيل تتزود بالمعلومات من واشنطن يصبح من الضروري مطالبة روسيا بتزويد الأطراف المقاومة بمعلومات عن تحركات اسرائيل ( وعلى سبيل المثال – تزويد روسيا لبنان ، أو سوريا بصور فضائية للحظة تفجير ميناء بيروت سيكون مساعدة لامثيل لها لفضح دور اسرائيل الاجرامي في المنطقة ) ، يتصل مباشرة بهذا الخط المتصدي لعمليات اسرائيل حسم الموقف من السيطرة السورية على الأرض السورية خاصة في الشمال الشرقي من سوريا .

ان ادارة ترامب رتبت اعادة الحياة لعمليات الارهاب ضد القوات العراقية ، والسورية اما ادارة بايدن ، فستستخدم لغة دبلوماسية للعودة للأسلوب السابق ، لكن على محور المقاومة الاستمرار في الكفاح الثوري والميداني ضد معسكر العدو بينما يدور الحديث السياسي علنا وبصوت مرتفع ، فالتفاوض لا يأتي بننتائج الا بما يمليه ميزان القوى ، فاذا كان الجنرال الاسرائيلي يرسل رسائل تهديد بكل الاتجاهت على محور المقاومة أن يتصدى ، ويضرب دون اعلان ، فالعمل الثوري سيعلن عن نفسه ، ويشكل رسائل رد على تهديدات اسرائيل فرسائل رئيس الأركان الاسرائيلي المعبرة عن موقف الحكومة الاسرائيلية أفرزتها حالة الرعب ، التي سادت اسرائيل منذ أن لمحت ادارة بايدن بالعودة للاتفاق انلووي ، ومنذ بدأ الحديث عن حل الدولتين ، وجدير بالملاحظة أن وزارة الخارجية الاميركية فسرت الحديث عن حل الدولتين بتصريحها الرسمي : ( ان الرئيس بايدن مقتنع بحل الدولتين ) ، وحصرت دعم هذا الهدف بالرئيس بايدن ، وليس الخارجية الاميركية ، التي مازالت تشطب اسم فلسطين وتغلق مكتب ممثليها في واشنطن ، وتقطع المساعدات ، وتحرم الأونروا من المساهمات في موازنتها …. الخ .

نحن نرى بوضوح ان معركة التصدي للعدو يجب أن تستمر ، وتتصاعد في الميدان ، ولكن خوض المعركة الدبلوماسية والسياسية ، هو أيضا ضرورة ، وعلى قدر من الأهمية ، الأساس في أي تحرك سياسي ودبلوماسي ، هو الاصرار على تنفيذ قراري 242 و338 ، واعتبار كافة المستوطنات غير شرعية ، ويجب تسليمها للفلسطينيين ، وان دولة فلسطين تسيطر على حدودها البرية والبحرية والجوية ، قرار 242 ، يأمر اسرائيل بالانسحاب من الأرض التي احتلتها عام 1967 ، لذلك يتضمن اعادة الجولان ، والضفة ، والقطاع دون اقتطاع أو تغيير وهذا ما سترفضه اسرائيل .

مهارة ، وخبرة التحرك الدبلوماسي حول هذا القرار ، هي المعركة السياسية والميدان ، هو الذي يحدد موازين القوى.

* كاتب وسياسي فلسطيني . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى