أقلام وأراء

بسام ابو شريف يكتب اسقاط النظام العنصري واجتثاثه هو هدف رئيسي أول قبل اقامة المجتمع الديمقراطي على كامل التراب الفلسطيني

بسام ابو شريف – 6/6/2021

اذا وضعنا جانبا كل قصائد المدح أو الذم من العدو حول ما جرى في الأحد عشر يوما بين العدو الصهيوني، والمقاومة الفلسطينية في فلسطين بأسرها ….. قطاع غزة ، والقدس والضفة الغربية ، وفلسطين ال 58 ، اذا وضعنا كل ما كتب ، وقيل جانبا نستنتج شيئا أساسيا واحدا هو : أن هذا الكيان الذي أنشئ على أرض فلسطين ليس كيانا ثابتا ، ولا ضمانة لاستمراره ، وأن ميزان القوى قد يتغير بطرق مختلفة داخلية ، وخارجية بحيث يصبح مطلبا دوليا انهاء هذا الكيان ….. النظام العنصري تماما كما طلب المجتمع الدولي انهاء ، واجتثاث نظام الأبارتايد في جنوب افريقيا ، فاسرائيل هي الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي تحتل أراضي الغير، وتمارس في تلك الأراضي كل أنواع التعذيب ، وتخرق كل القوانين الدولية والاتفاقات ، والتفاهمات التي تحكم القوى المحتلة ، وكيف تتصرف بأراضي الغير .

وعلى سبيل المثال : تحرم القوانين الدولية ، والأعراف واتفاق جنيف القوى المحتلة من أن تتعامل أو تتعاطى أو تعتدي على المدنيين الذين يرزحون تحت احتلالهم العسكري ، وأن القوة المحتلة مسؤولة عن ضمان أمن واستقرار السكان ، وعدم الاعتداء عليهم ، أو تهجيرهم ، أو محاصرتهم ، واسرائيل من دون دول العالم تستخدم قواتها ضد المدنيين العزل في شتى أنحاء فلسطين من حيفا الى غزة حتى فلسطينيي ال 48 ، الذين يعتبرون مواطنين في دولة اسرائيل ويصوتون في انتخاباتها ، ولهم نواب في الكنيست يعتدى عليهم ليس من قبل الشرطة فقط بل من قبل حرس الحدود كما جرى في اللد ، ويجري الآن في كل قرية ، ومدينة في مناطق ال48 ، هذه الانتهاكات التي ترتكبها اسرائيل يوميا لا تواجه من المجتمع الدولي بحزم وحسم وقرار للتنفيذ ، بل تواجه بانتقادات خجولة من هنا وهناك ، لكن بدعم كبير وواضح من قبل الادارة الاميركية ، فالادارة الاميركية هي التي تغذي هذا النظام العنصري ، وممارساته اللا قانونية ، واللا أخلاقية في الجولان ، وفي الضفة ، وفي قطاع غزة ، ومناطق ال 48 ، تغذيها وتدعمها مما يجعل من هذا الوحش العنصري وحشا لا يمكن مجابهته حتى من قبل دول أدانت ممارسات جيش الاحتلال الاسرائيلي، وأدانت أيضا الحكومة الاسرائيلية لارتكابها جرائم تصل الى حد جرائم ضد الانسانية ، وجرائم جماعية ، وجرائم حرب، وطالبت محكمة الجنايات العليا الدولية بالتحقيق في تلك الجرائم المرتكبة ، ومحاكمة مرتكبيها لأنها جرائم حرب ، اذا أمامنا نظام عنصري يزداد عنصرية ، ويزيد من تعبئة الشارع الاسرائيلي بالعنصرية بحيث أصبح مواطنوه يتصرفون بأسلحتهم علنا ، وفي وضح النهار لقتل العرب وحيثما يوجد عربي يعتدى عليه بشكل عنصري تماما كما اعتدى نظام الأبارتايد سابقا ضد المناضلين السود الذين كانوا يطالبون بانهاء، واجتثاث نظام العنصري .

نحن نتحدث عن نظام في الأراضي المحتلة نلمس كل يوم ، ونراه كل يوم ، ونتابع آثاره الدموية في كل يوم ، فبالأمس وصل عدد الاصابات بين الفلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالرصاص 300 مدني غير مسلحين ، عدد كبير منهم في قرية بيتا قرب نابلس لأن المستوطنين المعتدين ، والمدعومين من قوات الجيش الاسرائيلي هاجموا القرية لأنهم يريدون بناء مستوطنة جديدة في قرية بيتا رغم أنف أصحاب الأرض ، ورغم أنف أهل البلد ، ورغم أنف قرار دولي يمنع اقامة مستوطنات على أراضي الفلسطينيين ، ونهب هذه الأرض ، وفرض الأمر الواقع بالقوة ، اذا النظام القائم في اسرائيل ، والمدعوم بلا حدود من قبل الادارة الاميركية هذا النظام يتابع مخططه التوسعي باقامة المستوطنات ، ثم تهويد القدس ، اذا الموضوع بالنسبة لنا ان هذا العدو ليس عدوا كامنا ، بل هو متحرك يحول الصراع لابتلاع الأرض الفلسطينية رغم كلام وزير الخارجية الاميركي ، ورئيسه في البيت الأبيض رغم كل ذلك يسرعون بالتهام الأرض لتصبح تحت السيادة الاسرائيلية ، ويفعلون ذلك في الأغوار وفي مناطق متعددة من الضفة الغربية ، أما القدس فحدث ولا حرج يوم الثلاثاء القادم هو يوم قد يشعل مرة اخرى حربا في فلسطين ، ذلك أن المستوطنين بتحريض من نتنياهو قرروا اقامة مسيرة الاعلام عبر باب العامود ، والمدينة القديمة ، ثم يصلون الى الأقصى ، هذا التحدي والاستفزاز هو قمة في مخالفة القوانين الدولية ، وقمة في رفض كل ما سمعناه من وسطاء وقف اطلاق النار ، ومن الادارة الاميركية ، ومن المبعوث الاميركي ، والأممي ، وكل المبعوثين قالوا ان موضوع الشيخ جراح وسلوان ووادي الجوز وغيرها سيتم التعامل معه بطريقة مختلفة عما تفعل اسرائيل ، كلام فارغ لأن ما يجري في القدس ، والضفة الغربية جرائم واضحة أمام الكاميرات ، بل على قوات الاحتلال أن تبتعد عن المواطنين الواقعين تحت الاحتلال .

هذا النظام العنصري الذي يعيش أزمة داخلية يحاول نتنياهو باستفزازاته ، وأعماله الدموية اليومية عرقلة تشكيل هذه الحكومة ، اذ أنه بتصرفه هذا يدفع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة للدفاع عن نفسه في وجه الاتهامات التي يوجهها له نتنياهو ، فقد اتهمه نتنياهو بأنه أضعف من أن يواجه الضغوط الاميركية ، وأن حكومته خطر على مستقبل اسرائيل لأنه لن يتمكن من قول لا للولايات المتحدة كما قالها هو عندما أعلن أنه يختار الدفاع عن اسرائيل على الصداقة الاميركية ، اذ أنه لا يكترث للصداقة الاميركية اذا كان الأمر يتعلق بشن حرب على أعداء اسرائيل الذين يهددون وجودها ، انه يدفع بهذا الكلام شخصا مكلفا بتشكيل الحكومة للعمل على اثبات قدراته في حماية اسرائيل ، ووجودها ، ومواجهة الضغط الخارجي خاصة الاميركي ، وكيف يثبت رئيس الوزراء المكلف قدرته على ذلك ؟

انه اضطر للقول اذا اضطررنا لحرب في غزة فسنفعل ، ولم يكتف بذلك بل اتجه شمالا الى لبنان ، وحزب الله ، أي أنه أعلن شن حرب على المقاومة الفلسطينية ، وحزب الله في لبنان من أجل حماية أمن اسرائيل الذي تهدده هذه المقاومة ، قال هذا رغم أن البيت الأبيض يسعى لمناقشة سبل مساعدة غزة ، وادخال المساعدات البها ، فالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة أراد من خلال هذه التصريحات أن يقول أنه قادر على مواجهة الضغوط الاميركية ، ونحن كما نلاحظ على صعيد الشارع صعدت قوات الاحتلال الموجودة بكثرة في كل مكان في القدس والضفة الغربية ، واراضي ال48 ، وهذا مخالف للقانون الدولي ، في القدس اليوم كان هناك تصعيد خطير ، فقد اعتقلت مراسلة الجزيرة جيفارا البديري ، وأوسعت ضربا أمام الكاميرات والصحافة اذ أن القوات الاسرائيلية غير آبهة، وربما أرادت أن توصل للولايات المتحدة رسالة مفادها أنه نحن من نقرر .

نحن لا نتوقع لهذه الحكومة التي يسميها نتنياهو يسارية ، ويسميها الليكود حكومة غير قادرة على اتخاذ القرار ، فهذه الحكومة في أحسن الحالات لن تعمل على تخفيف حدة الوضع ، بل ستزيده تصعيدا تماما كما يفعل نتنياهو، اذ لا يختلف معارضوه معه على ذبح الفلسطينيين قد يختلفون على ضريبة الدخل على الشركات في اسرائيل ، لكن لا يختلفون على ذبح الفلسطينيين ، وهذه استمرارية للنظام العنصري الذي أصبح اجتثاثه شرطا أساسيا لاقامة السلام في فلسطين .

اذا ازالة النظام العنصري في اسرائيل ، واجتثاثه ، وهذا يعني قطع جذوره شرط أساسي لابد منه قبل الشروع في أي حديث عن السلام في فلسطين ، أما الحديث عن حل الدولتين ، والمتمثل بما قاله وزير الخارجية الاميركي ” نحن مع حل يضمن نفس الحقوق والأمن والسلام والازدهار للشعبين الاسرائيلي والفلسطيني” ، هذا كلام لا يباع ولا يشترى ، هو خداع واضح يتحدثون عن دولة فلسطينية ، ولا يتحدثون عن القرارات التي يجب أن يستند لها هدف اقامة دولة فلسطينية ، يتحدثون عن دولة فلسطينية دون الاشارة الى قراري 242 ، و338 وقرارات الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، والجمعية العمومية المتعلقة بقضية فلسطين ، والحقيقة أننا لا نرى في حل الدولتين أمرا راسخا مستمرا ، والفلسطينيون لهم الحق التاريخي في كل الأرض الفلسطينية ، واليهود قاموا وأقاموا فيها ، ولذلك لا نرى أن الحل النهائي هو حل الدولتين ، فحل الدولتين قد يكون مرحليا يتبعه فترة من الهدوء ، لكنه لن يلغي التناقض الاستراتيجي الكبير القائم على أرض فلسطين ، فالفلسطينيون لهم حقوقهم في بلادهم وأرضهم وممتلكاتهم ، واليهود الذين يوافقون على الاقامة في دولة ديمقراطية فلسطينية مرحب بهم تماما كما رحب عندما حررت فلسطين بالعائلات التي بقيت في فلسطين ، وبقيت هذه العائلات بأسمائها ، الحل هو دولة واحدة دولة علمانية لديها قانون ، ونظام ، ودستور يحمي ديمقراطيتها ، ويضمن الاجتثاث النهائي لأي عنصرية بأي شكل من الأشكال هذا هو الضمان للسلام ، اذ لا يمكن أن تعيش المكونات الاجتماعية في ظل مشاعر الكراهية ، والعرقية المقيتة التي خطابها الوحيد ، هو خطاب الكراهية، ان مجتمعا ديمقراطيا واحدا موحدا يقيم فيه المسيحيون ، واليهود ، والمسلمون ، هو الحل الحقيقي الوحيد للعيش بسلام على المدى البعيد انما هذا التحديد الاستراتيجي الواضح لا يلغي اطلاقا اننا نرى بوضوح أن المعركة الواضحة أمامنا ، هي اجتثاث هذا النظام العنصري طالما أن هناك متعصبون يمسكون السلاح ، ويربون أطفالهم على : اقتل العرب سواء كان طفلا ، أوشيخا ، أو امرأة ….. استيقظ واقتل ….. المهم اقتلهم جميعا ، هذا الخطاب لا يؤدي الى السلام حتى لو جاء حل الدولتين كخطوة على الطريق .

* كاتب وسياسي فلسطيني .

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى