أقلام وأراء

باسم برهوم يكتب – ضم الأغوار .. لأغراض الأمن أم التوسع؟

باسم برهوم – 22/5/2020

كل ضم تقوم به اسرائيل، كدولة احتلال، هو توسع، وهو انتهاك للقانون الدولي، ولكن ضم الأغوار له مغزى مختلف. اسرائيل تحاول منذ عقود تسويق فكرة ان نهر الأردن هو الحدود الأمنية لها، فمن يمكن ان يصدق ان مجرى مياه بسيطا، باللهجة المصرية “ترعة” يمكن ان يحمي بلدا في عصر الصواريخ والطائرات والدبابات العملاقة.

إذن ما هو الهدف الحقيقي لإصرار اسرائيل ضم الأغوار؟

الى جانب الأهداف الأقل شأننا والمتعلقة بأن الأغوار منطقة خصبة ويمكن ان تمثل سلة الغذاء لمن يسيطر عليها، فان الهدف الحقيقي هو ان اسرائيل لا تريد حدودا مع دولة فلسطينية توقف امكانية توسعها المستقبلي نحو الشرق. ما يؤكد هذه الحقيقة، هو كيف تم تصميم الدولة الفلسطينية في “صفقة القرن”، من يدقق يلاحظ ان هذه الدولة لا حدود لها مع الخارج، صممت لتكون عبارة عن كيان سكاني داخل نطاق الأمن الإسرائيلي، بمعنى ان هدف اسرائيل من الاحتفاظ بالأغوار، التي من المفترض ان تكون الحدود الشرقية لدولة فلسطين مع الأردن، هو ان تكون هذة المنطقة نقطة ارتكاز للتوسع شرقا عنما تحين الفرصة. فالدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 ستعني وضع حد لتمدد المشروع الصهيوني.

الأردن يدرك جيدا جوهر هذا المشروع التوسعي، لذلك ومن سنوات بات يدعم بقوة فكرة اقامة دولة فلسطينية على كامل تراب الضفة وقطاع غزة، وهو ما يفسر هذا الموقف القوي لجلالة الملك عبدالله الثاني والدولة الأردنية، فالهدف وقف تمدد هذا السرطان الصهيوني الجشع، الذي لا تزال مقولة “من النيل الى الفرات” تدغدغ غرائز قادة في اسرائيل.

لا أحد يصدق الأسباب الأمنية الإسرائيلية لضم الأغوار، ولكن ترامب الذي يحمل الأهداف الصهيوني ذاتها نحو المنطقة العربية، يحاول ان يضمن لاسرائيل ليس أمنها وإنما ليضمن استمرار الفكرة التوسعية للمشروع الصهيوني، لذلك صمم هو ونتنياهو “صفقة القرن” على هذا النحو، وأعلن أركان ادارته ان مسألة الضم هو شأن إسرائيلي خاص.

من يعتقد من العرب والعالم ان الضم يصيب الفلسطينيين وحدهم فهو واهم بل وغارق في الوهم. فاذا كان العالم المتحضر، غير ترامب طبعا، يخاف من الضم على منظومة للقانون الدولي والأمن والاستقرار العالمي، فان على الدول العربية ان تخاف بالاضافة الى ذلك من التوسع القادم اليها في كل المنطقة. فإذا صمتنا اليوم فإن القادم هو رضوخ تام لهذا المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى