أقلام وأراء

باسم برهوم-مرحلة انتقالية خطيرة على الساحة الدولية ما العمل؟

باسم برهوم – 25/8/2021

بعد الذي جرى ويجري في أفغانستان فإن العالم يمر بمرحلة انتقالية مضطربة في الساحة الدولية، مرحلة ليس فيها أي يقين، وقد تحمل مفاجآت ومغامرات خطيرة تقلب الكثير من الموازين. هناك اعتقاد لدى أطراف دولية بأن الولايات المتحدة الأميركية قد تلقت ضربة قوية في أفغانستان، وهي خرجت من هناك مهزومة ولا تزال تلملم جراحها، الأمر الذي قد يشجع دولا وجماعات على الإقدام على مغامرات يصعب التنبؤ بتداعياتها. وعلى مستوى الدول الكبرى فإن هناك إعادة تموضع قد تغير في موازين القوى أو على الأقل بداية لرسم خارطة جديدة لتحالفات دولية مختلفة عما هو سائد حتى الآن.

الكل يراقب بحذر شديد وكل طرف يعيد حساباته وترتيب أوراقه، وقد تكون أوروبا هي الأكثر عرضة للانكشاف بعد أن وصلت مغامرة حلف الأطلسي في أفغانستان إلى هذه النهاية المأساوية، وبعد أن أصبح الحليف الإستراتيجي التاريخي (واشنطن) منشغلا في تضميد جراحه وسط خلافات داخلية عميقة حول من يتحمل مسؤولية الهزيمة وطريقة الانسحاب من أفغانستان.

كما أن هناك حالة ترقب في كل من الصين وروسيا من الهدية المسمومة التي تركتها واشنطن لهما في وسط آسيا، فمن جهة تعتبر أفغانستان بلد الكنوز الطبيعية، ومن جهة ثانية هي بمثابة قنبلة موقوتة قد تنشر الإرهاب والتطرف إن انفجرت. ترقب وحذر الكبار وانشغالهم بتداعيات الزلزال الأفغاني، قد يغري الأطراف الإقليمية والمنظمات الإرهابية الكامنة من التجرؤ على الإقدام على مغامرات خطيرة.

في الشرق الأوسط هناك ثلاث قوى إقليمية قد تفكر باستغلال الموقف بهدف تغيير ميزان القوى في المنطقة، وهذه القوى هي إيران وتركيا وإسرائيل، ولكل منها أسبابه للقيام بالمغامرة. كما أن تنظيمات مثل “داعش” قد ترى أن لديها فرصة لتضع نفسها من جديد في خارطة الشرق الأوسط، أو أن تترك الدول الإقليمية وكلاءها المحليين ليقوموا بالنيابة عنها بتغيير المعادلات لعلمها أن الولايات المتحدة لن تجازف في هذه المرحلة بأي تدخل عسكري بعد الذي حصل لها في أفغانستان.

ويشكل العراق أحد التحديات الكبيرة لواشنطن والمنطقة والخوف أن يتكرر السيناريو الأفغاني، كما قد تجازف المليشيات من مختلف الاتجاهات وتقوم بمغامرة عسكرية بهدف السيطرة، الأمر الذي قد يقود  إلى تصعيد للتوتر ويكون له آثار سلبية عميقة في الشرق الأوسط والوطن العربي تحديدا،  كل ذلك إلى جانب الوضع غير المستقر في سوريا وليبيا واليمن والتي تعتبر جميعها بؤر تفجير.

في ظل هذا الواقع الضبابي الخطير ما الذي يمكن أن نفعله نحن الفلسطينيين للحفاظ على وجودنا ومكتسباتنا، وما لدينا من أوراق قوة، مع العلم أننا نعاني من انقسام أصبح عميقا، بالإضافة إلى وجود تشققات في خريطة وحدتنا الداخلية وتماسكنا. في البداية علينا أن نرى بعمق التحولات الكبيرة التي تجري على الساحة الدولية وأن نتوقع الاحتمالات بما فيها من مخاطر وفرص، ولكن إذا لم نكن جاهزين ستكون انعكاسات المخاطر أكبر وتضيع من بين أيدينا الفرص. على القوى السياسية الفلسطينية أن تدرك أن أيا منها لن يكون قادرا منفردا على مواجهة التطورات، وأن من الوهم أن يراهن أحد على علاقاته الإقليمية والدولية لتسعفه هو دون الآخر، إن الحل الوحيد هو الوحدة الوطنية لمواجهة المخاطر واستغلال الفرص. إعادة ترتيب البيت وتكريس كل الطاقات للمواجهة هو الضمانة، فلا أحد يمكنه أن يحمي المشروع الوطني ويمضي به حتى يحقق أهدافه بعيدا عن الوحدة الوطنية.

المرحلة دقيقة وخطيرة فهل نكون بقدر المسؤولية؟

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى