شؤون مكافحة الاٍرهاب

باسل ترجمان يكتب جماعة الإخوان المسلمين ومتغيرات السياسة الدولية

باسل ترجمان 4/5/2021

بعد اقل من اربعة اشهر على انتخاب الرئيس الامريكي الجديد جون بايدن الذي كانت جماعة الاخوان المسلمين تراهن عليه ليكون المعدل لعلاقات اهتزت بعمق بينها وبين والادارة الامريكية السابقة زمن الرئيس دونالد ترامب بان بالكاشف فشل هذا الرهان، والرسالة الامريكية كانت واضحة وصريحة فالدور الذي لعبته في ما سمي «الربيع العربي» لم يعد هناك حاجة إليه لأن واشنطن اليوم ليست قادرة أو مستعدة للاستمرار في سياسة الحروب المفتوحة التي سارت بها منذ اكثر من ثلاثين عاما في العالم ودول الشرق الاوسط، واهتماماتها في المرحلة القادمة تتلخص في السعي لمحاصرة النفوذ الايراني في المنطقة ومواجهة مفتوحة مع العملاق الصيني ووقف التمدد الروسي في المياه الدافئة، وهذه القضايا لا يمكن للجماعة أن يكون لها دور او تأثير بل تشكل عبء حقيقي بعد فشلها الذريع في انجاز ما كان متوقعاً منها القيام به في سوريا وليبيا واليمن.

استشعار مؤشرات المتغيرات الدولية بدأ بتغير مهم في سياسات حواضن الجماعة التي كانت قطر وتركيا أهمها والذي بان جلياً انها تواجه مستحقات اقليمية ودولية تدفعها لغلق الكثير من قنوات الاتصال والتعاون معها بعد أن وعت هذه الدول ان المتغير في الموقف الامريكي عميق وواسع ومحاولات قيادات وازنة في الجماعة التواصل والاتصال مع الادارة الامريكية وتذكيرها بما قدم من خدمات لها وان صداقتهم كانت عميقة ومتينة ذهبت ادراج الرياح، واستعمال وسائل الاعلام الامريكية لكتابة مقالات مدفوعة الاجر فيها اوضح في نهاية المطاف أن واشنطن اغلقت باب الاتصال ولم تعد راغبة بالاستماع لهم في هذه المرحلة لأن الجماعة صارت ضمن الاطراف المعطلة للرغبة الامريكية ببعض التحولات الديمقراطية في المنطقة جراء تعاطيها السلبي وتورط البعض من عناصرها وقياداتها في العنف، وفشلها في تحقيق المطلوب منها والدعم الكبير الذي قدم لها كانت نتائجه عكسية على سياسات واشنطن في المنطقة العربية عموماً.

الجماعة تلقت رسائل الدول الحاضنة وبدأت تلملم عناصرها ومؤسساتها وتعود لرحلة البحث عن دول تقبل بهم خاصة وان دور ضحية انظمة الاستبداد لم تعد قابلة للترويج جراء الجرائم التي ارتكبت تحت مسمى الاسلام السياسي في العالم الغربي الذي كان الحاضنة الاولى لهم في المراحل السابقة، والدول التي نشطوا كفاعلين سياسيين فيها بعد الربيع العربي نبذتهم وفقدوا الكثير من الحاضنة الشعبية التي نجحوا باستقطابها بعد سقوط الانظمة في ليبيا وتونس وغيرها من الدول، وانتقلت الجماعة من العمل السياسي الى العمل الجمعياتي مع اعلانهم في ليبيا عن حل التنظيم وتغير اسمه الى جمعية «الاحياء والتجديد» في خطوة تبدو مفاجئة ولكنها لا تخرج عن نطاق اليات التحول والتأقلم التي تعتمدها الجماعة للمحافظة على بقائها في ظل المتغيرات التي سبق وعاشتها وتعيشها المنطقة.

التغيير المكشوف الذي بدأت بانتهاجه جماعة الاخوان المسلمين يعكس أن ليس لديها رغبة في التراجع عن منهجها او تغيير في تعاملها والذي بان فشله بتقديم حلول وبدائل خارج اطار شعارات تستبطن معاني من الاسلام لكنها بعيدة عن الواقع وعاجزة عن الاجابة عن احتياجات الشعوب الباحثة عن حل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية واعادة صناعة الحلم والامل بالمستقبل وليس اعادة أسلمة مجتمعات عرفت الاسلام وحافظت عليه على امتداد اربعة عشر قرناً.

مرة اخرى تصر جماعة الاخوان المسلمين على استبطان الفشل وتكرار الاخطاء وعدم القبول بانها لا تمثل ولا يحق لها ادعاء تمثيل دين الله الوصاية عليه، والدين لله وليس اداة للوصول للحكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى