ترجمات أجنبية

اوبزيرفر: شركات الأسلحة البريطانية وسط معركة النفط بين السعوديين وبايدن

معركة النفط : اوبزيرفر 15-10-2022م، بقلم أليكس لوسون

في ظل تصاعد الخلاف بين الرئيس جو بايدن والسعودية بشأن زيادة معدلات إنتاج النفط، فقد تجد شركة الصناعات الدفاعية البريطانية نفسها مضطرة للاختيار بين زبائنها الأغنياء.

بريطانيا طالما كانت لها علاقة غير مريحة مع السعودية، إلا أن الحلف “غير المقدس” سيواجه امتحانا صعبا. وبعد ردّ الرئيس جو بايدن الغاضب على قرار “أوبك+” لتخفيض مستويات إنتاج النفط، يراقب عمال مصنع الطائرات المقاتلة التابع لشركة “بي إي إي سيستمز” في وارتون الواقعة على ضفاف نهر ريبل في لانكشاير، تداعيات قرار المنظمة النفطية.

وكان الرئيس الأمريكي يأمل في إقناع أكبر منتج للنفط في العالم، بزيادة مستويات إنتاج النفط على أمل خفض أسعاره، وسط زيادة معدلات التضخم ومخاوف من الركود العالمي. وحاول بايدن بناء علاقات مع الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد محمد بن سلمان، والتي برزت من خلال “سلام القبضة” عندما زار مدينة جدة السعودية في تموز/يوليو الماضي. إلا أن بن سلمان  تحدى بايدن عندما قررت مجموعة “أوبك+” تخفيض الإنتاج. وهو تحرك نظر إليه الأمريكيون على أنه وقوف مع عضو في المجموعة، وهي روسيا، ومساعدة لها كي تزيد من مواردها النفطية.

وفي الماضي، تعهد بايدن بجعل السعودية “منبوذة” على خلفية مقتل الصحافي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي عام 2018. وهدد بأن قرار “أوبك+” ستكون له “تداعيات”، وطالب ديمقراطيون بفرض حظر على مبيعات السلاح إلى السعودية لمدة عام.

الخلاف يترك الصناعة العسكرية البريطانية على أرضية هشة. وتعتبر “بي إي إي سييتيمز” شركة تصنيع المقاتلات أكبرها، وطالما حرفت النظر عن ملف حقوق الإنسان في السعودية. وظلت الشركة تعمل في المملكة رغم مقتل خاشقجي، وبجيش صغير مكون من حوالي 5.300 موظف.

كما ظلت الشركة محصنة في عملها هناك رغم النقد الموجه للسعودية في حرب اليمن، واستخدام مقاتلات “يوروفايتر تايفون” التي تنتجها الشركة في الحرب. وتعتبر السعودية الوجهة الأكبر لمنتجات “بي إي إي سيستمز” خارج السوقيْن الرئيسيْن لها وهما الولايات المتحدة وبريطانيا، وحصلت في العام الماضي على 2.5 مليار جنيه من سوقها السعودي. وتأتي المملكة في المرتبة الثالثة من سوق الشركة العالمي بنسبة 12% أي بعد الولايات المتحدة، بنسبة 43%، وبريطانيا، بنسبة 20%.

وتعود العلاقة بين الرياض ولندن إلى عقود طويلة، حيث تم تزويد السعودية بطائرات لايتننغ وسترايك ماستر في الستينات، إضافة إلى صفقة اليمامة عام 1985 والتي بادلت البنادق بالنفط، وهي الصفقة التي وقعت فيها قضايا فساد.

وتعمل الشركة اليوم في مجال الدعم والتدريب على الأنظمة والمعدات لسلاح الجو السعودي والبحرية. وتركز جهودها على الدعم لمقاتلات “تايفون” وتحديث مقاتلات “تورنادو” الموجودة في السعودية.

وتسلمت المملكة قبل فترة 22 مقاتلة “هوك” من إنتاج الشركة البريطانية، وهي طائرات من محرك واحد صممت أصلا للتدريب في السبعينات من القرن الماضي. وشاركت الشركة في إنشاء مختبر لتدريب المهندسين والرياضيين في جامعة  “المجمعة”.

الجائزة الكبرى والمنتظرة هي تخفيف ألمانيا موقفها المتشدد من تصدير السلاح للسعودية، وهو ما أدى لثرثرات حول عدد من الصفقات الدولية. وفي بداية هذا الشهر، نشرت الصحافة الفرنسية تقارير عن قرب بيع بريطانيا ما بين 48- 72 طائرة تايفون  للسعودية، أي بعد أربعة أعوام من توقيع مذكرة النوايا بين البلدين. وصفقة كهذه قد تجعل مصانع الشركة في وارتون تعمل لمدة خمسة أعوام.

وربما كان هذا انقلابا لموقع تعود جذوره إلى بداية الحرب العالمية الثانية، عندما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن بناء ثلاثة مدارج أصبحت مهبطا للطائرات الأمريكية عام 1942. وتشغل “بي إي إي سيستمز” حوالي 10 آلاف موظف في وارتون وبلدة سامبلزبيري القريبة، وحصلت على دفعة من حرب أوكرانيا، وزاد مخزون الشركة بنسبة 50% وتقدر قيمتها بحوالي 25 مليار جنيه إسترليني.

ولو انهارت العلاقة الأمريكية مع السعودية بشكل تام، فلربما يحفز ذلك الدول الغربية على إعادة تقييم علاقتها مع المملكة. وربما تم فحص الاستثمارات السعودية الهائلة في بريطانيا، بما فيها استحواذ الصندوق السيادي السعودي على نادي “نيوكاسل يونايتد” وكذا حصة السعودية في شركة صناعة السيارات الراقية “أستون مارتن” ومجموعة “فونيكس”، أكبر مزود للتقاعد في بريطانيا.

وربما أُجبرت بريطانيا و”بي إي إي سيستمز” على اختيار طرف في النزاع، خاصة أن الولايات المتحدة تقدم للشركة الكم الأكبر من التعاملات التجارية، وتقدم الردع النووي الذي يقوي العلاقات بشكل يجعل بريطانيا تختار العم سام لو أُجبرت على الاختيار.

وتقول فرانسيس توسا، المحللة الدفاعية، إنه “حتى لو تصاعد الخلاف بين بايدن والسعوديين، فستكون بي إي إي معزولة عن ذلك، وربما تسلمت العمل الذي تقوم به الشركات الأمريكية للسعوديين. ولو استسلمت ليز تراس للضغوط الأمريكية فستحل الشركات الفرنسية في اليوم التالي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى