ترجمات أجنبية

اوبزرفر: حملة بايدن الصليبية من أجل الديمقراطية العالمية محكوم عليها بالفشل

اوبزرفر 26-2-2023، بقلم سايمون تيسدال: حملة بايدن الصليبية من أجل الديمقراطية العالمية محكوم عليها بالفشل

إن عقلية الرئيس الأمريكي جو بايدن المتجذرة في الحرب الباردة، لا تناسب حملته لدعم الديمقراطية في العالم، فهو وإن لقي حماسة وترحيبا في كييف ووارسو، إلا أنه متأخر عن الركب والتغيرات في العالم.

فالأسبوع الماضي، كان لبايدن، وأعاد الأداءُ النشط الذي قدمه في كييف ووارسو، صورةَ رجل شاب في حملة انتخابية. وتهكم الإعلام الروسي بأن الرئيس الأمريكي يسخّن نفسه لانتخابات الرئاسة عام 2024. ولم يفهم الروس الأمر، فالرئيس لا يسخّن نفسه، بل ينوي الترشح في حملة لإعادة انتخابه، لكن تدفق الأدرينالين في الأسبوع الماضي كان له سبب آخر. فبايدن يقدم نفسه بأنه نسخة جديدة من قلب الأسد، ويقود حملة دولية ضد الرجال الأشرار، أو ما يطلق عليها “امتحان لكل العصور”، ويعتقد أنه يملك المبادرة، وأن قضية الديمقراطية تنتصر، وللأسف فهو مخطئ، كما يقول تيسدال.

ويعني بايدن بالرجال الأشرار: الزعيم الروسي فلاديمير بوتين. حيث أكد خطابه الواهم في موسكو فكرة “إمبراطورية الشر” التي أطلقها رونالد ريغان عن الاتحاد السوفييتي السابق.

ومن الناحية الخطابية، يستهدف بايدن المستبدين والطغاة في كل مكان، وأي شخص يتحدى النموذج الديمقراطي. وهذا يضم حكومات تحكم نصف البشرية تقريبا مثل الصين والهند والكثير من دول أفريقيا. ويرى الكاتب أن تقسيم بايدن للعالم “معنا وضدنا” يحمل ترددات غير مريحة لجورج بوش عام 2001، وبوتين نفسه.

وفكرة أن الولايات المتحدة تحمل قدر الدفاع عن الحرية والديمقراطية في أي مكان، هي رسالة تجد قبولا لدى الناخب الأمريكي. على الأقل مرة وأثناء الحرب الباردة مع الإتحاد السوفييتي عندما تشكلت عقلية جو بايدن. ولم يعد هذا موجودا، فرغم نزعة بوتين الإمبريالية والعدوانية، فقد ولى ذلك العهد.

ويتسم الزمن الحالي بتعدد الأقطاب والجيوسياسة المعقدة. فبعد العراق وأفغانستان، بات الكثير من الأمريكيين يتساءلون عن السبب الداعي لتحمل أمريكا مسؤوليات القيادة العالمية، مثلما تبنى جيل بايدن الفكرة وبدون تفكير.

وربما اتخذ الرئيس المقبل، ديمقراطيا كان أم جمهوريا، موقفا أقل كلفة وركّز على الداخل، وبايدن هو الأخير من جيله.

ولو كان هذا صحيحا، فالتعهدات التي أُطلقت في وارسو قد تطول لإقامة بايدن في الحكم. ومن المقلق أن أمن أوروبا يعتمد على هذه الآراء، رغم دفاع الزعيم الضعيف البالغ من العمر 80 عاما عنها وبحرارة. وهذا نقاش قوي، حيث أصبح بايدن العازل الوحيد لأوروبا، ولكنه عازل مسن، وقد يسقط. ولاحظت صحيفة “نيويورك تايمز” أن “الحرب في أوكرانيا هي عن القوة ومبادئ السيادة على الحدود، سواء نجا النظام العالمي الممصم غربيا (بقيادة الولايات المتحدة) وتفوق على التحديات الجديدة من روسيا والصين. ولكنها منافسة وبشكل متزايد بين رجلين عجوزين من الحرب الباردة، واحد عمره 70 عاما (بوتين) والثاني عمره 80 عاما”.

ولو افترضنا أن بايدن لا يزال مناسبا للرئاسة، إلا أن الكثير من الناخبين يرون أن عليه تسليم الراية. ليس لأنهم لا يحبونه (الكثير منهم يحبونه) ولكن لاعتقادهم أنه عجوز، وسيكون عمره 86 عاما عند نهاية ولايته الثانية. ولاحظ الأصدقاء أن بايدن خاض الحملة الانتخابية وهو جالس في الطابق الأرضي من بيته في ديلاور بسبب قيود كوفيد-19. وستكون حملات العام المقبل مجهدة جسديا. وقالت المعلقة ميشيل غولدبرغ، إنه يجب على بايدن الخروج وهو متقدم “كان بايدن زعيما عظيما، وأوفى بالكثير من وعوده الانتخابية، لكن عليه ألا يترشح مرة ثانية”. وفي استطلاعات أخيرة، هناك نسبة 78% من الديمقراطيين، ومن الميالين لهم، توافق على أداء الرئيس، إلا أن نسبة 58% تريد مرشحا جديدا.

وقال المحلل عزرا كلاين، إن بايدن فاجأ كل شخص من خلال تحديد مكاسب الجمهوريين وهزيمته لترامب المؤيد لشعار “لنجعل أمريكا قوية مرة أخرى” في انتخابات التجديد النصفي. وربما فعل هذا مرة أخرى عام 2024. كما نجح بايدن في الخروج من عباءة باراك أوباما حيث لعب دور المساعد له لمدة 8 أعوام.

وربما تحلل بايدن من ماضيه في الداخل، ولكن ليس في الخارج. فهو حذر مثل أوباما. وقراره المتحمس تزويد أوكرانيا بأفضل الأسلحة، استفز بوتين لتدمير واسع، وهو دمار كان يمكن تجنبه. ولا تزال تايوان بدون استراتيجية واضحة، أو أسلحة تمكّنها من رد غزو صيني. وفشلت دبلوماسية الاتفاق النووي مع إيران، أما السياسة الإسرائيلية- الفلسطينية، فهي فراغ تحدث فيه الأشياء السيئة.

وكان انسحاب بايدن من أفغانستان كارثة وعارا. وعندما يتعلق الأمر بالكفاح الذي يترك آثاره المهمة- الحريات العالمية والقوانين والقيم، يخسر بايدن أرضية في كل مكان.

 ففي وارسو، أعلن بايدن أن “الديمقراطيات في العالم تزداد قوة، والديكتاتوريات تزداد ضعفا”. صحيح أن أوكرانيا نجت، لكن ماذا عن الجارة بيلاروسيا، حيث راقب الغرب دعاة الديمقراطية وهم يُسحقون. وماذا عن ميانمار، حيث دعمت الصين الطغمة العسكرية وانتهاكاتها اليومية وجرائمها ضد الإنسانية؟ وأيضا هونغ كونغ، حيث أصبحت حرية التعبير ذكرى، وكذلك المسلمون المضطهدون في شنجيانغ، كشمير، فنزويلا، نيكاراغوا، سوريا، الضفة الغربية، اليمن، تيغراي، مالي، كمبوديا وكل ثقوب الديمقراطية، حيث فشلت الولايات المتحدة وحلفاؤها في التحرك، أو غضّت الطرف، أو حتى كانت متواطئة.

وهذا هو البديل، المضاد لرواية بايدن. وهو واقع معقد عن عالم منقسم لعدة أقسام، وليس إلى قسمين، بين الديمقراطيات المتحدة، وروسيا والصين والقوى الصاعدة في القرن الحادي والعشرين من عالم الجنوب، والتي لم تعد تلتزم بالقيم الأوروبية الأطلنطية النابعة من القرن الثامن عشر.

وفكرة شن  الغرب حربا عالمية ناجحة للديمقراطية الحديثة أو حربا باردة ثانية، تصم أذنها للتاريخ وتتعامى على التغيير. وأكثر من هذا، فهي حملة فاشلة من البداية. ربما كانت نية بايدن صادقة، ولكن أثر العجز باد عليه، وخطابه المبهرج الذي عفا عليه الزمن “نحن وهم” هو تعبير عن طريق جيوسياسي مسدود، فقد تحرك العالم للأمام، ومثل مبارزه الروسي، لم يتغير بايدن.

Observer: Outdated and outdated: Biden’s crusade for global democracy is doomed

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى