ترجمات عبرية

اهود باراك يكتب – فقط قبضة يسارية موحدة ستهزم اليمين

هآرتس – بقلم  اهود باراك  – 15/2/2019

بعد خمسة ايام ستغلق القوائم، وبعد 52 يوم ستجرى الانتخابات العامة، لكن ما زال من الصعب تشخيص على ماذا تجري الانتخابات. بنيامين نتنياهو يريد “المزيد من الشيء نفسه”. ولكن كيف يتوقع معارضوه اسقاطه من الحكم؟ هذا السؤال ما زال غامضا. اذا ما العمل؟ فيما يلي أسس اجابتي.

الانتخابات القادمة هي مصيرية

أولا، اذا تم انتخاب نتنياهو فانه بتأثير الازمة التي يعيشها وخوفه من القضاء وربما من السجن، من شأنه أن يمرر فورا “القانون الفرنسي” الذي سيمنع تقديم رئيس حكومة في منصبه الى المحاكمة، الى جانب “فقرة استقواء واسعة” تمكن من الغاء قرار المحكمة العليا اذا تدخلت وافشلت القانون. اضافة الى ذلك فان ضائقته الصعبة تدفعه الى العمل بشكل فظ منفلت العقال ضد كل جهات تطبيق القانون وكل حراس العتبة.

ثانيا، الحلم المتعصب – المسيحاني – العنصري لمتطرفي المتطرفين هو “دولة واحدة من النهر الى البحر” تكون بالتأكيد غير يهودية وغير ديمقراطية مع اغلبية مسلمة وغارقة في حرب اهلية دائمة. هذا حلم مخيف يشكل خطر حقيقي على مستقبل “المشروع الصهيوني”. هذه الرؤيا التي يقودها متطرفون مثل بتسلئيل سموتريتش وموتي يوغف، الذين يهزون الحكومة ورئيسها مثل ذيل الكلب هي التي تدفع الحكومة الى هجوم مباشر على مؤسسات الديمقراطية الاسرائيلية: المحكمة العليا والاعلام الحر ومنظمات حقوق الانسان الى جانب قيم الجيش والصلاحية الاخلاقية لقادته.

ثالثا، هذه الرؤيا هي التي تقف في اساس الاحراج المخجل الذي تعيشه حكومة نتنياهو، مثل مرض المناعة الذاتية، الذي فيه العوامل المانعة التي اعدت من اجل استخدام القبضة والدفاع عنه تهاجمه وكأنه عدوها: وزيرة العدل تهاجم المحكمة العليا، وزير التعليم يهاجم الجامعات، وزيرة الثقافة تهاجم منتجي الثقافة، اعضاء الكابنت يهاجمون رئيس الاركان ورئيس الحكومة يهاجم كل شيء يتحرك ولا يستخذي له ولعائلته. والفساد يحتفل.

رابعا، هذه هي نفس الحكومة التي تتخلى عن المواطنين وتحول ثمار عملهم ومؤهلاتهم الى متطرفين ومقربين. نحن نرى نتائج التخلي في الاختناقات المرورية وفي القطار وفي غرف الطواريء في المستشفيات وفي مكاتب الخدمة الاجتماعية، في غلاف غزة وفي جهاز التعليم في الضواحي وما شابه.

يجب الفوز في هذه الانتخابات

لأن هذه الانتخابات مصيرية للمستقبل فان الفوز بها هو الامر الهام جدا، بل هو الامر الوحيد الهام. للفوز يوجد شرطان متراكمان: الاول، كتلة حاسمة من 61 عضو كنيست على الاقل. الثاني، حزب كبير أو يشبه في حجمه الليكود. لا يوجد أمر اقل من هذين الشرطين معا يمكنه أن يؤدي الى الانقلاب، وهذا لن يحدث اذا استمر الوضع القائم حتى موعد الانتخابات. فلماذا لم يحدث ذلك؟ التصويت في الانتخابات ليس نتيجة تحويل منطقي – تحليلي للبدائل. هو حسم عاطفي، يجري بالاساس تحت وعي الناخب ويشرك سيكولوجيا الانتماء والهوية، مفاهيم واستعارات، مصدرها في مراحل متقدمة جدا من حياة الفرد، ومواقف تحت الوعي التي على الاغلب لا يدرك الناخب وجودها وتأثيرها. احتمال الفوز يكمن في وجود استراتيجية شاملة، ادراك عميق لطبيعة الانسان، تكتيك دائم وثابت. مباديء هذه العملية معروفة جيدا، تقريبا بصورة حدسية لليمين، وبشكل ما هم يتملصون من انجازات زعماء الوسط – يسار.

ما الذي يحدث في الوسط – يسار؟

زعماء الوسط – يسار في اسرائيل، يئير لبيدوآفي غباي ومؤخرا بني غانتس، يتشاركون في الرؤى التالية: يوجد في اوساط الجمهور اغلبية يمينية، 67 مقابل 53 عضو كنيست في الانتخابات الاخيرة في العام 2015، هذه الاغلبية في تزايد. بناء على ذلك، من اجل الفوز يجب نقل من جهة الى جهة عدد من الناخبين يجلب لنا 8 وربما 10 اعضاء كنيست. حسب رأي الثلاثة ليس بالامكان نقلهم دون أن يقتنعوا بأن مواقف زعماء الوسط – يسار لا تختلف جوهريا عن مواقف زعماء اليمين الاصليين. هكذا وجدنا لبيد يرتدي الوشاح الديني وغباي يظهر وكأنه يتماهى مع مقولة نتنياهو “اليسار نسي ماذا يعني أن تكون يهوديا” وغانتس يراوغ في الرد على قانون القومية. هذا سيشتد لاحقا امام اسئلة وسائل الاعلام والناخبين.

يوجد لهذه الاستراتيجية ثلاث نقاط ضعف قوية: أولا، دعم رجال اليمين بشكل عام لا يتم تحقيقه لأن التقنع لا يضللهم. الناخبون يقرأون بسهولة التزييف ويشخصون الموقف الحقيقي للمتحدث عبر النغمة، في حين أن دعاية اليمين تدخل الى الصورة وتسم المتحدث بصفة “يساري”، أي “خائن”. ثانيا، بالذات أنت تضر “قاعدتك” لأنها تفقد الثقة بك. ثالثا، ان محاولة اقناع ناخبي اليمين بالانتقال من جانب الى آخر عبر “تبريرات يمينية” ستدمر قدرتك على الهجوم بنجاعة على وجهات نظر اليمين، وطريقه والنتائج الكارثية المرتبطة بها.

اضافة الى ذلك فان الميل الطبيعي لزعماء الوسط – يسار أن يقلصوا الخلافات والتناقضات تؤدي الى البحث عن القاسم المشترك الموحد الذي سيمكن من الحوار الذي يحترم فيه الواحد الآخر ويرأب الصدع. هذا يناسب اكثر دمج مصوتي الوسط – يسار، لكنه يبعد الانقلاب. وذلك لأنه في الطرف الثاني من المتراس لا يقف تجمع متسامح ومصغ، بل تجمع رؤساءه وقادته الحقيقيين يتملكهم حلم مسكر ومتعصب مسيحاني يشمل كل شيء، يطالب بالاخلاص السامي وحتى التضحية بالنفس. هذه رؤيا فوق قومية متطرفة، ظلامية ومتعصبة، لكنها تأخذ القوة من اعماق تراثنا وهويتنا، وقد أدت مرتين في السابق بتاريخنا الى الكارثة والخراب. اليمين المتطرف في اسرائيل الذي يسيطر الآن سياسيا على الانتهازيين الذين يسعون الى تخليص انفسهم، مثل رئيس الحكومة، يفكر بمفاهيم “كله لي” في مسألة “الاثنان اللذان يمسكا بالوشاح”. وقد سبق أن أفتى الحاخامات لدينا ماذا يحدث عندما تتقابل مقاربة كهذه مع مقاربة “نصفه لي” للوسط – يسار الليبرالي. وعندما يدعونا اليمين المتطرف الى حوار جديد، حوار الاخوة – ادخل الى الغرفة وابدأ بالحوار، بسرعة ستكتشف أنه ليس هناك اعتراف بالاختلاف واحترام حقك في أن يكون لك موقف آخر، بروح اقوال الحاخامات السابقين: “هذا وذاك اقوال الله والحكم الشرعي كبيت هيلل”، ستجد هناك أن الاستعداد والانفتاح في النقاش موجود طالما أنك مستعد لقبول افتراضاتهم الاساسية. “التشبه باليمين” يتحول الى خيار اشكالي بناء على ذلك. التفكير بأنه يمكن الفوز في اسرائيل في معركة مصيرية للانتخابات، عندما تطرح على الجمهور نوع من بقعة الزيت، التي يمكن لأي واحد أن يعلق عليها كل ما في رأسه، وكل طلباته، يبدو لي أن احتمال النجاح فيها ضئيل.

في هذا الوضع مهما كان مؤلما من الضروري أنه قبل البدء بحوار الاخوة ورأب الصدع يجب علينا التحلي بالشجاعة واتخاذ قرارات حاسمة مؤلمة: الى أين نسير؟ ما هي الدولة التي نريدها؟ هل نحن على استعداد للغرق في اسرائيل سموتريتش ويوغف اللذان يسير امامهما بينيت وشكيد ونتنياهو ويهزون بذيلهم، وخلفهم يشيرون الى الطريق الحاخامان دوف ليئور واسحق غنتسبورغ اللذان يدفعان الى النهاية ويشوهون اليهودية والصهيونية، واللذان كانا مصدر الالهام لباروخ غولدشتاين وقاتل رابين ومن يحرقون المشاجد وحارقي عائلة دوابشة؟ ليئور وغنتسبورغ (احدهما وصف نتنياهو بـ “الدورية التي تقود شعب اسرائيل”) هل هذا ما نريده؟ أو أننا نختار الانطلاق مجددا الى حلم هرتسل، جابوتنسكي، بن غوريون، رابين وبيغن – حلم دولة يهودية، صهيونية وديمقراطية، قوية تثق بنفسها، متنورة ومتقدمة، التي يتفاخر اليهود في ارجاء العالم، خاصة الشباب، بعلاقتهم بها. دولة تكون “نور للاغيار” أو على الاقل نور لنا. يجب الاعتراف بالواقع، نحن على مفترق طرق مصيري، لا يوجد تصالح بسيط بين الحلمين. لقد حكم علينا بأن نحسم هذه الخلافات أو أن ندفع جميعنا ثمن غياب الحسم.

ماذا يجب علينا فعله؟

أولا، اسم اللعبة هو صراع. علينا الادراك أننا في صراع قوي سياسي على طريق اسرائيل، حيث توجد امامنا قوى متعصبة وخطيرة تقود كل حكومة يمينية بأيدي يسارية، تتخلى عن مواطنيها وتفشل تقريبا في كل جبهة، لا سيما في وقف التطرف والتحريض الداخلي. حكومة تؤسس الهوية الاسرائيلية ليس على التفاخر القومي السليم والواثق، بل على الخوف من “العمالقة” في الخارج والخونة في الداخل.

ثانيا، يجب علينا التوقف عن العويل والاعتذار. بدلا من أن يطلب منا نحن – ورثة الحركة التي اقامت الدولة، بنت “الجدار الحديدي” وقادت الدولة الى اكبر انتصاراتها، وبدلا من أن يطلب منا شرح انفسنا المرة تلو الاخرى، فليتفضل خصومنا ويشرحوا كيف سقطت الحركة القومية الليبرالية لجابوتنسكي وبيغن في أيدي هذا الخليط الهاذي من الاشخاص الانتهازيين من جهة والمتعصبين من جهة اخرى، اللذان يدهوران اسرائيل نحو الهاوية. يحاولون أن يوضحوا الى أين تؤدي طريقهم وكيف بالضبط سننجوا من نهايتها المريرة. وبدلا من الاعتذار حتى النهاية والأمل بأن يستجيب اليمين المعتدل لدعوتنا، يجب علينا المهاجمة بكل قوة الاساس الفعال، المسيحاني والعنصري لليمين المتطرف. هذا هو الاساس المشوه والذي يهدد المستقبل المشترك. الخطر الذي يكمن فيه يفهمه الكثيرين من مصوتي اليمين، واعادته الى حجمه الطبيعي (الصغير) هو الطريقة الصحيحة للعودة الى الحلم الصهيوني السليم.

ثالثا، الشعب ليس في اليمين المتطرف. عندما نلمس المشاكل الاساسية، فان الجمهور لا يوجد في اليمين حقا. 60 في المئة من الجمهور يؤيدون بشكل ثابت حل الدولتين. تقريبا 70 في المئة يؤيدون الانفصال احادي الجانب عن الفلسطينيين اذا لم يكن بالامكان التوصل الى تسوية، مع استمرار السيطرة الامنية على كل مناطق يهودا والسامرة. فكيف يمكن القول إن الاغلبية لليمين؟ المستشار السياسي آرثر فنكلشتاين المتوفي كان اول من دعا الى أنه لا يوجد في اسرائيل يسار ويمين. حسب اقواله الجمهور ينقسم حسب الاجابة على سؤالين: هل أنت قبل كل شيء يهودي (يمين) أو قبل كل شيء اسرائيلي (يسار)؟ والسؤال الثاني، هل أنت تكره العرب (يمين) أو تحب العرب (يسار)؟ من هو مستعد لقبول ادعاء أن هذه الاسئلة تعرفنا – سيهزم وسيجد اليمين دائما في السلطة. في السياسة ممنوع دائما قبول “التأطير” الذي يفعله الخصم للمشكلة. في اللحظة التي تقبل فيها تأطيره – تكون قد هزمت في المواجهة. هذا هو ايضا السبب العميق لفشل محاولات التشبه باليمين. من الضروري وضع طريق اخرى، نظام اسئلة خاص بنا.

اليكم اقتراحي: هناك اربعة مباديء اساسية بحيث 80 في المئة من الجمهور الاسرائيلي يوافقون عليها: أ. الامن قبل أي اعتبار آخر لأنه هو الشرط لحياتنا هنا ولامكانية بقاء جميع الامور الاخرى. ب. سلامة الشعب قبل سلامة البلاد. ج. اعلان الاستقلال هو الاساس لدستور اسرائيل. د. انجازات الدولة هي ايضا انجازات المواطنين – هم من حقهم نتاجهم.

هذه هي المباديء التي 4 من بين 5 ناخبين يوافقون عليها، كيف اذا اليمين ينتصر في الانتخابات؟ اليمين ينتصر لأنه يعرض حلف غير مقدس وليس له كوابح بين الانتهازيين الذين يهتمون فقط بأنفسهم والمتعصبون المستعبدون من قبل حلم مسيحاني عنصري؛ ولأنه يقف على رأسه شخص مخادع ومدرب الذي بواسطة جهاز ثري – ربطوا به عطايا اصحاب شركات كبيرة ورشوة مخالفة للقانون في وسائل الاعلام – يغسل عقول الجمهور ويجعله يصدق بأنه حقا مخلص للمباديء الاربعة المذكورة آنفا. هنا في ظل غياب معارضة قاتلة، تمزق باستمرار الاقنعة وتكشف الفجوة بين الاقوال والافعال، فان كثيرين يصدقون مثلا أن هذه الحكومة تهتم بالامن أو بالمواطنين أو بالمساواة أو بسلامة الشعب ووحدته. هذا القناع يجب تمزيقه. السياسة تعني قبضة وليس ورشة للمجاملات. هذه هي الطريقة الوحيدة للانتصار.

عودة الى تحدي اسقاط سلطة التحالف الفاسدة مع متعصبين – عنصريين. “ايضا هذه القبضة كانت ذات يوم كف يد مفتوحة واصابع”، كتب يهودا عميحاي. من الجدير القول إنه في الحياة العامة يمكن العمل عندما يجب، ايضا العمل العكسي الذي فيه اصابع اليد المفتوحة تتحول الى قبضة. الطريقة الوحيدة للحصول على كتلة حاسمة وثابتة وحزب كبير اكبر من حزب نتنياهو هي من خلال تجند كل المجموعة التي تضع الأنا جانبا وتتكتل لهدف مشترك. التجند والتكتل في قبضة واحدة هو سر نجاحنا في الامور العظيمة في حياتنا. في حرب الاستقلال وحرب الايام الستة وحرب يوم الغفران، هذا هو سر قوة الجيش الاسرائيلي وهذا هو العمل السياسي المطلوب الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى