ترجمات أجنبية

انسايد أرابيا – جان أبي نادر – استراتيجية الموانئ  .. هكذا تبني الصين إمبراطورية في البحر الأحمر والمتوسط

انسايد أرابيا –   جان أبي نادر – 17/12/2020  

بينما تعمل إدارة “بايدن” على صياغة سياساتها تجاه الحلفاء والأعداء، تواصل الصين توسيع نفوذها من خلال مبادرة الحزام والطريق طويلة المدى، بغض النظر عمن سيشغل البيت الابيض. وفي حين أن توسع الصين في جوارها أزعج صانعي السياسة في واشنطن لفترة طويلة، فإن تحركاتها في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط قد تكون أكثر إزعاجًا لأولئك المسؤولين عن تحديد المصالح الأمريكية والدفاع عنها في تلك المناطق.

بدأت فعاليات الصين كتحركات متقدمة لمبادرة الحزام والطريق لترسيخ الموانئ الآمنة على طول المحيط الهندي، وعادة تتكون من البنية التحتية التجارية التي تشمل المجمعات الصناعية، والمراكز التجارية للاستيراد والتصدير، والدعم اللوجستي للعمال الصينيين. تشمل المشاريع ميناء “كوه كونغ ني” في كمبوديا؛ ومركز الشحن التجاري في هامبانتوتا – سريلانكا؛ وميناء المياه العميقة الذي تسيطر عليه الصين بالقرب من مصب الخليج العربي في جوادر- باكستان، والذي يدعم مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الضخم الذي تبلغ تكلفته 62 مليار دولار.

ويعتبر المشروع التالي على جدول الأعمال هو ميناء الدقم في عمان، خارج مضيق هرمز في خليج عمان، والذي يفتح مباشرة على بحر العرب والمحيط الهندي، ويعتبر من طرق التجارة الرئيسية بين الغرب وآسيا. 

ونظرًا لإمكانية وصولها إلى شرق إفريقيا، حيث تتمتع عمان بالفعل بعلاقات تاريخية عميقة، فهي القاعدة الأولى للصين في الخليج. وتعد الصين الآن أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان والكويت والإمارات والسعودية، وهي من بين أكبر شركاء إسرائيل أيضًا، مما يجعل الأمن الإقليمي أولوية قصوى للحكومة الصينية.

وللمشاركة في دوريات مكافحة القرصنة قبالة شرق إفريقيا، أقامت الصين أول منشأة عسكرية خارجية لها في جنوب البحر الأحمر في جيبوتي وستضيف ميناءًا تجاريًا شمالًا في بورتسودان. 

يعد البحر الأحمر ممرًا مائيًا مهمًا للتجارة الدولية، وتعتبر المنشآت الصينية قاعدة لبكين يمكن من خلالها مراقبة الأنشطة التجارية والأمنية والعسكرية لمنافسيها. تمتلك فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا واليابان بالفعل منشآت عسكرية في جيبوتي. وتستخدم إثيوبيا تلك الدولة كمنفذ لها على البحر.

إلى الشمال، في البحر الأبيض المتوسط​​، تعمل الصين على توسيع نطاق وجودها التجاري بسرعة حيث تستخدم الحكومة الإسرائيلية شركة صينية لتطوير مينائي حيفا وأشدود، وهما مركز عبور لحوالي 60% من واردات إسرائيل. 

وقد أبدت الصين اهتمامًا نشطًا بإعادة بناء مرفأ بيروت ولديها بالفعل مصلحة في ميناء طرابلس، الذي يتعامل حاليًا مع الجزء الأكبر من واردات لبنان. وفي مصر، توجد شركات صينية في بورسعيد عند مخرج قناة السويس، ولديها عقود مع بلباو وجنوة واسطنبول وفالنسيا ومرسيليا ومارساشلوك في مالطا كما أن المناقشات جارية في أماكن أخرى كذلك. 

ويعتبر عامل الجذب الرئيسي هو التمويل التي تقوم بها الشركات الصينية لهذه المشاريع مما  يعزز المرافق التي تحمل فوائد مباشرة للبلدان المضيفة. ومن الأمثلة على ذلك ميناء بيرايوس في اليونان حيث نمت حركة الحاويات بشكل مطرد منذ تولي الصينيين زمام الأمور ويتطلع المدراء الصينيون إلى جعله أكبر ميناء للحاويات على البحر الأبيض المتوسط. 

إلى الغرب، تشارك الشركات الصينية في بناء ميناء شرشال في الجزائر ولها وجود في طنجة في شمال المغرب؛ ومن المقرر أيضا أن تدير المشاريع للميناء المغربي الجديد في الناظور، شرق طنجة.

 من الواضح أن المنافسة التجارية على الشحن البحري تحتدم في البحر الأبيض المتوسط​، ويوفر الوجود الصيني منصة مترامية الأطراف تستطيع بكين من خلالها جمع المعلومات عن المنافسين، ولا تبدو إمكانيات الدول الأوروبية قادرة علي مواجهة النفوذ الصيني المتزايد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى