ترجمات أجنبية

المونيتور – كريس فان هولين – لماذا إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني ليس بهذه السهولة ، حتى لو فاز بايدن ؟

المونيتور  – كريس فان هولين 25/9/2020

عند إجراء المباحثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني الجديد تجب مراعاة اتفاقية التعاون المُبْرَمة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة للتعاون السلمي المدني للطاقة النووية المعروفة باسم «المعيار الذهبي» للشراكات النووية المدنية، وأن يتضمن هذا الاتفاق حوارًا إقليميًّا حول الاستخدام السِّلمي للطاقة النووية. 

إن المملكة العربية السعودية يجب أن تلتزم بما أسماه «المعيار الذهبي» للاتفاقيات النووية المدنية، والتي تنُص على عدم التخصيب المحلي لليورانيوم (الذي يمكن استخدامه عند المستويات العالية في إنتاج الأسلحة النووية) والالتزام بالبروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، الذي يسمح لها بالتَّحقق والتفتيش على نطاق أوسع.

وتُعد هذه الاتفاقية التي أطلقت عليها الإمارات اسم «المعيار الذهبي» بمثابة اتفاق نووي مدني مع الولايات المتحدة، وتتضمن كلا الشرطين المذكورين أعلاه. إذا كانت هذه الاتفاقيَّة جيدة بالقدر الكافي بالنسبة للإمارات، فلابد أن تكون جيدة بالقدر الكافي للمملكة العربية السعودية أيضًا. وإذا كانت جيدة بما يكفي بالنسبة لهما، فربما يكون وقف تخصيب اليورانيوم هو المعيار بالنسبة لإيران أيضًا.

في الواقع يجب أن يكون الحوار الإقليمي حول الطاقة النووية المدنية جزءًا من الموجة الآتية من المناقشات المُنعقِدَة بشأن اتفاقية نووية جديدة أو مُعدَّلة، حيث إن «خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) ، كما تُعرف بهذا الاسم، ستفشل على الأرجح حتى في حال فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

خطة العمل الشاملة المشتركة في ورطة في حال فوز بايدن

أشار كلٌ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق بايدن إلى أنه بعد الانتخابات ستكون هناك جولة جديدة من الدبلوماسية مع إيران.

وذكر ترامب أنه مستعد للتفاوض على اتفاق جديد مع إيران. وعلى الرغم من رفضه للاتفاق النووي الإيراني، يريد ترامب إبرام اتفاق أفضل مع إيران في هذا الشأن، وقد أعرب باستمرار عن اهتمامه بإجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الإيراني حسن رُوحاني. وفي الحقيقة كثيرًا ما أُغفِل ما قاله وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من أنه مستعد للتحدث مع إيران «دون شروط مسبقة»، وذلك في سياق جدول أعمال مكوَّن من 10 نقاط حول الأمور التي تريد الولايات المتحدة أن تراها تتغير في سياسات إيران.

كيف سحقت إيران أمريكا في حرب مُتخيلة عام 2002؟

ومن جانبه صَرَّح بايدن أنه قال إن الولايات المتحدة الأمريكية ستعود للانضمام إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة» إذا عادت إيران إلى «الامتثال الصارم» لتنفيذ بنود خطة العمل. لكن يبدو أن بايدن، مثل ترامب، يريد أيضًا عقد اتفاق جديد، حيث كتب أن العودة إلى الاتفاقية يُعد «نقطة انطلاق» للمفاوضات من أجل تعزيز خطة العمل الشاملة المشتركة وتمديدها، «وفي الوقت نفسه ستعمل هذه الخطة على نحو أكثر فعالية من أجل التصدي لأنشطة إيران الأخرى المزعزعة للاستقرار». وحتى الآن ترفض إيران هذه الأطروحات من كلا المرشحين.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، تحدث هذا الأسبوع في مجلس العلاقات الخارجية قائلًا:

أولًا: «إيران لن تتفاوض مطلقًا بشأن اتفاق نووي جديد أو مُعدَّل»، مضيفًا أنه: «يجب على الولايات المتحدة تعويض إيران عن «المليارات والمليارات من الدولارات» الناجمة عن الأضرار الاقتصادية التي تعرَّضت لها نتيجة العقوبات الأمريكية». ومن غير المرجح أن يُقدِّم ترامب، أو بايدن، تعويضات لإيران عن حصيلة تكاليف العقوبات.

ثانيًا: فيما يتعلق بشأن مسألة الامتثال الإيراني لبنود الاتفاقية وبحسب آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في يونيو (حزيران)، لم تسمح طهران بالدخول إلى موقعين ربما كانا «مرتبطين بمواد نووية غير مُعلنَّة وأنشطة ذات صلة بالأنشطة النووية في إيران» ولم تقدِّم إجابات شافية بشأنهما. وبالرغم من سلسلة الاجتماعات والوعود المُقدًّمة من جانب إيران التي أبهجت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، إلا أن الدليل على امتثال إيران سيكون في التقارير اللاحقة.

ثالثًا: فيما يتعلق بـ«الحقائق القائمة على الأرض» منذ عام 2018: انتهاء عقوبة حظر الأسلحة وعاصفة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران منذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاقية. وبقبول خطة العمل الشاملة المشتركة، يتعين على إدارة بايدن الموافقة على صفقة مبيعات الأسلحة الرُوسيِّة والصينية المحتملة لإيران، كما نورد هنا، وأنه من الصعب تقَبُّل هذا الأمر إذا ظل القلق يساور بايدن والولايات المتحدة بشأن «أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار». وهل سيُنهي بايدن ببساطة جميع العقوبات التي فرضها ترامب، كما تتوقع إيران، أم سينتهج نهجًا جديدًا، أم ربما تتوقع إيران شيئًا في المقابل؟

ثلاثة مقترحات للجولة القادمة من الدبلوماسية الإيرانية

ستتفاوض إدارة ترامب الثانية أو إدارة بايدن الأولى مع إيران بطريقة أو بأخرى بشأن الاتفاق النووي الإيراني. وموقف إيران المتشدد الآن ليس مفاجئًا، لكن إمكانية إجراء المفاوضات تتمثل في أن المسؤولين الإيرانيين سيكونون على استعداد للحوار. كما أن إيران تتأذى بشدة نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها ومن مصلحتها رفع تلك العقوبات.

إن الأوروبيين يريدون عودة الولايات المتحدة إلى المفاوضات، أما البديل عن الدبلوماسية فقد يكون في صورة انتشار نووي في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سَعَت خطة العمل الشاملة المشتركة إلى منعه. وأيُّ تقدم بشأن إيران سيتطلب أيضًا الدبلوماسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ، اللذين عمَّقا العلاقات مع إيران خلال السنوات الثلاث الماضية.

وفيما يلي ثلاثة مقترحات لإثراء الجولة الآتية من المهمة الصعبة في الدبلوماسية مع إيران، بناءً على خطة العمل الشاملة المشتركة.

الحق في التخصيب

أولًا: يجب أن يكون هناك حوار إقليمي بشأن النُهُج التعاونية والآمنة لتطوير الطاقة النووية المدنيِّة، فضلًا عن قضايا الأمن الإقليمي الراسخة والمثيرة للقلق. ولا يمكن لشركاء الولايات المتحدة في المنطقة أن يكونوا على هامش المحادثات هذه المرة. وقد صَرَّح سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة رون ديرمر لصحيفة «المونيتور»: «إن خطة العمل الشاملة المشتركة (تجربة فاشلة)». ولن تنجح أي صفقة جديدة مع إيران إذا عارضت إسرائيل ذلك. وهذا هو الدرس المستفاد. وعلى عكس مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة من المتَوقَّع أن يستمع بايدن أو ترامب، اعتمادًا على من يفوز بالرئاسة، إلى إسرائيل ودول الخليج الرئيسة في الجولة الآتية من المفاوضات.

وعلى الرغم من رد فعل إيران السلبي غير المفاجئ على اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، كانت العلاقات الإماراتية الإيرانية تتحسن لولا ذلك. وربما لن تَعْمِد إيران إلى غلق أبواب الدبلوماسية، حيث يرى قادة إيران أن صفقات التطبيع موجهة ضدهم بلا شك. ويمكن لدولة الإمارات أن تبدأ المحادثات حول الطاقة النووية، وهذا التباحث يجب أن يشمل في النهاية دول الخليج الأخرى والوكالة الدولية للطاقة الذرية والأطراف المُوقِّعة على خطة العمل الشاملة المشتركة.

والعقبة هنا أن إيران مُصِرَّة على أن لها «الحق» في تخصيب اليورانيوم، بصفتها إحدى الدول المُوقِّعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وذلك أن برنامجها النووي تحركه مخاوف ليس بشأن دول الخليج فحسب، ولكن بشأن إسرائيل، التي تمتلك أسلحة نووية، والولايات المتحدة كذلك.

ومثل هذه المباحثات ستكون عملية طويلة الأمد وبعيدة المدى، ما لم تكتفِ إدارة ترامب أو بايدن مرة أخرى بمنح إيران «حقها» في تخصيب اليورانيوم كما حدث في خطة العمل الشاملة المشتركة.

الوزير الإماراتي وسفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة ذَكَرَ في تصريح له لصحيفة «المونيتور»: «لا أعرف ما إذا كانت إيران تتقبل» النموذج الإماراتي للتطوير النووي أم لا، لكنني أعلم أنه لم يُحَدَّد على نحو صحيح؛ ولم يُستخدم كنموذج».

في حالة رفض إيران..كيف يمكن أن يعيد بايدن أمريكا للاتفاق النووي؟

معاهدة الحظر الشامل

ثانيًا: كتب بوبي غوش، من وكالة بلومبرج الإخبارية، أن الاتفاق النووي الإيراني القادم يجب أن يتضمن المعاهدة الأمريكية الإيرانية بشأن الحظر الشامل للتجارب النووية، وهو ما لم يحدث مع خطة العمل الشاملة المشتركة. ومن شأن المعاهدة أن تصادق على الاتفاق مع الكونجرس الأمريكي والشعب الأمريكي، ولا يمكن إبطالها بأمر تنفيذي؛ كما فعل ترامب مع الاتفاق الإيراني. وينظر غوش إلى آفاق الاتفاقية على أنها ستُنَفَّذ على نحو أكثر ترجيحًا مع فوز بايدن وسيطرة الديمقراطيين على مجلسي النواب.

وسيعمل خيار المعاهدة على إضفاء الطابع المؤسسي على الاتفاقية على نحو أكثر فاعلية، وينبغي أن يكون حافزًا لإيران للتفاوض. لكن لا يُستبعد إبرام معاهدة في عهد ترامب، إذا فاز وكانت هناك محادثات بهذا الشأن. ومن جانبه قال بومبيو: «إن الصفقة الإيرانية القادمة يجب أن تكون معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية».

تبادل الأسرى

ثالثًا: يجب أن يكون أول عمل لتعزيز الثقة بين البلدين وفعل الصواب هو تبادل الأسرى. وصَرَّح ظريف هذا الأسبوع: «إن إيران مستعدة لتبادل الإيرانيين المحتجزين في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر مقابل السجناء مزدوجي الجنسية المحتجزين في إيران، كما نذكر هنا ويجب إغلاق هذه الصفحة في أسرع وقت ممكن».

وفي ختام حديثه ذكر السيناتور الأمريكي كريس: «إن غياب جولة جديدة من الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة مع إيران، قد ينتج عنه أن تواجه المنطقة احتمالية زيادة زعزعة الاستقرار في اليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان، والخليج، فضلًا عن احتمالية سباق التسلح النووي. وإذا ما سَعَت إيران إلى استخدام القنبلة النووية، فمن المرجح أن تحذو السعودية وتركيا حذوها في ذلك. ويبدو أن البديل المتمثل في منطقة تسعى للعمل على نحو تعاوني لتسخير الطاقة النووية السِّلميَّة وتهدئة النزاعات التي استمرت لمدة طويلة هو رهان أفضل للمنطقة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى