أقلام وأراء

اللواء محمود الناطور: عندما يترجل الفرسان تبقى ذكراهم الخالدة، ناهض الجيوسي في ذمة الله

اللواء محمود الناطور 14-12-2025: عندما يترجل الفرسان تبقى ذكراهم الخالدة، ناهض الجيوسي في ذمة الله

بسم الله الرحمن الرحيم

من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”

صدق الله العظيم

لقد تلقيت بمزيد من الحزن والاسى نبأ وفاة الاخ والمناضل الوطنيّ اللواء ناهض الجيوسي، الذي انتقل الى رحمة الله صباح يوم السبت 13-12-2025م، بعد مسيرة نضاليّة وكفاحيّة جسّدها المناضل الراحل بتضحياته ودفاعه عن شعبنا وحقوقه التاريخيّة ومشروعه الوطنيّ.

لقد كان الراحل الكبير الاخ والصديق ناهض الجيوسي واحدًا من أولئك الرجال الذين كتبوا سيرة نضالية امتدت عبر محطات الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث شارك في معاركها دفاعًا عن المشروع الوطني، وحافظ على ثبات الموقف في زمن ازدحمت فيه التحولات والضغوط.

لقد عرفته من ان التحقنا في صفوف الثورة الفلسطينية وناضلنا سويا في صفوف جهاز الرصد المركزي، وكان واحدا من اولئك المناضلين الذين امتلكوا قدرة رائعة على الجمع بين الصلابة العسكرية والحكمة الإنسانية.

يأتي رحيل المناضل ناهض الجيوسي، في لحظة بالغة القسوة، تتكاثر فيها محاولات كسر الإرادة الوطنية، وتستمر فيها جرائم الإبادة والتطهير بحق الشعب الفلسطيني، ما يفرض علينا ان نستحضر سيرة اولئك المناضلين الذي قدموا أرواحهم ودمائهم رخيصة من اجل فلسطين ليؤكدوا أن الذاكرة الحية ستبقى متمثلة في دروس الكفاح والنضال التي لا تغيب برحيل أصحابها. وإننا اذا ننعي اليوم الاخ والصديق ناهض الجيوسي “ابو انس”، نستحضر للتاريخ مسيرة قائد خدم وطنه وقضية شعبه بإخلاص، وظل وفيًا لفلسطين. ويرحل ناهض الجيوسي جسدًا، وتبقى سيرته جزءًا من السردية الوطنية الفلسطينية، وبوصلة أخلاقية للأجيال القادمة.

ناهض الجيوسي لم يكن خبرَ رحيل، كان صفحة تُطوى من زمنٍ لا يعود، زمنٍ كان فيه الاسم يُقال فيُصدَّق، والبندقية تُحمل لأن الطريق ضيّق ولا يحتمل الزيف. من لبنان، من تلك السنوات التي كان فيها المنفى مدرسة، والحصار اختبارًا للمعنى، خرج ناهض كما دخل: فدائيًا لا يطلب لقبًا، وطنيًا لا يساوم على الحكاية، وصديقًا يُعتمد عليه حين يضيق الكلام.

ولد المناضل الراحل في بلدة (قلنسوة) عام ١٩٤٧، كان من طلائع الملتحقين بحركة فتح والثورة الفلسطينيّة، وعمل مع قادتها المؤسسين ياسر عرفات وخليل الوزير وكمال عدوان، وحصل على دورات عسكريّة متقدمة كُلف بعدها بقيادة عدد من المواقع، يضاف إلى ذلك؛ مشاركته في معارك الثورة الفلسطينيّة حتى عودته إلى أرض الوطن، وتكليفه بعدد من المهام والمسؤوليّات الوطنيّة والتنظيميّة، مبينةً أنّ المناضل الراحل ظل حتى رحيله ملتزمًا بمقتضيات المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ وبمبادئ الحركة وأهدافها.

وفي وداعه يتجدد العهد على التمسك بالحق، ورفض الهجرة القسرية، والمطالبة بالعدالة الدولية، ومحاسبة مجرمي الحرب. هكذا يودع الفلسطينيون كبارهم، وهكذا تبقى فلسطين حاضرة في وجدان من آمنوا بها حتى انتزاع حقوق شعبنا وتجسيد دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

وفي هذه المناسبة الحزينة اتقدم من ابناء شعبنا وعائلة المناضل الراحل بأحر التعازي، داعيا الله عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته ويلهم اهله الصبر والسلوان.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى