اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”: أين أثرياء الشعب الفلسطيني من معاناة وصرخات ابناء شعبهم؟!

اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” 11-9-2025م: أين أثرياء الشعب الفلسطيني من معاناة وصرخات ابناء شعبهم؟!
موقع فلسطين الجغرافي، على واحد من اهم طرق التجارة في العالم، والذي منح الشعب الفلسطيني قدرات فائق في العمل في التجارة على مدار التاريخ، وهو ما جعل الشعب الفلسطيني يتميز بوجود طبقة من الاثرياء، بالاضافة الى بروز العديد من ابناء هذا الشعب في اوساط اثرياء العالم، بالرغم من كل المعاناة التي عاشوها.
وبعد النكبة الفلسطينية الكبرى اصبح الفلسطينيون يحملون عشرات الجنسيات، ويتواجد أغلبيتهم في دول الخليج والأردن وأوروبا الغربية، والأميركتين، وتقدر جهات اقتصادية ثرواتهم ما يتراوح من 60 – 80 مليار دولار، وتظهر تقديرات غير رسمية أن عدد المليونيرات في الضفة الغربية وقطاع غزة يزيد على 22 ألف مليونير، منهم 13 ألفاً في الضفة و9 آلاف في قطاع غزة، يستحوذون على أكثر من 80% من حجم الإنتاج شبه المعدوم بالمفهوم الاقتصادي.
ويشكل اثرياء اليهود عبر العالم أهم مصادر القوة الناعمة لإسرائيل من خلال ما يقدمونه من أموال لدعم دولة اسرائيل والمشاريع الاستيطانية والتأثير على أصحاب القرار في الدول الكبرى، وسمعنا عن الدعم الذي يقدمه يهود العالم منذ ان قررت الحركة الصهيونية انشاء وطن قومي لليهود، وسمعنا ولعله من الجدير بالذكر التبرعات التي قدمتها عائلة روتشيلد لانشاء دولة اسرائيل، وما قدمه العديد من اثرياء اليهود منذ نشأتها وحتى اليوم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الملياردير ابراموفيتش الذي تبرع بحوالي 300 مليون دولار لاقامة الحي الاستيطاني اليهودي في قبل القدس، وعائلة أديلسون التي تبرعت بـ200 مليون دولار لمنظمة تاغليت بيرثرايت إسرائيل، وهي مشروع يجلب الشباب اليهود لإسرائيل.
ولا يجب ان ننسى ما يقدمه اثرياء العرب لشعوبهم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما قدمه رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري لدعم ابناء شعبه من خلال المؤسسة التي تقوم بتقديم الدعم اللازم لتعليم آلاف من ابناء الشعب اللبناني منذ سنوات طويلة، وفي المقابل نسمع عن الكثير من المعاناة التي يعيشها طلاب فلسطين الذين لا يتوفر لديهم اية فرصة لاستكمال تعليمهم بسبب الظروف المادية الصعبة التي تعيشها عائلاتهم.
وفي ظل الحرب التي اطلقتها اسرائيل على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس تقوم الدول والشعوب العربية والاوروبية بإرسال المساعدات الى الشعب الفلسطيني، الا ان اثرياء فلسطين، لازالوا هم الأقل مساهمة في دعم ابناء شعبهم، والأقل بذلاً للقضية، وهذا أمر معيب بحد ذاته، ألا تحتم الضريبة الوطنية ان يتقدموا بدعم شعبهم في هذه الظروف الصعبة، ليرفعوا عنه حرج انتظار المساعدات من الاشقاء والاصدقاء؟!
بعض الاثرياء الفلسطينيين، وتجارتهم وشركاتهم ومشروعاتهم موجودة في معظم دول العالم باستثناء فلسطين، لا يشعرون بالحرج الوطني من عدم تقديم اي شكل من المساعدة الى ابناء شعبهم. أليس الاولى بأثرياء الشعب الفلسطيني، خاصة الذين تضخمت ملايينهم على حساب القضية الفلسطينية، وبعضهم بدأ تجارته عبر مشروعات منظمة التحرير الفلسطينية، ان يدفعوا ضريبة الانتماء لهذا الشعب، الذي ينتظر المساعدات العربية والاوروبية حتى يوفر لابنائه حياة كريمة ولقمة عيش محترمة.
لقد حولت الظروف السياسية عددا واسعا من ابناء الشعب الفلسطيني الى موظفين في مؤسسات ومكاتب السلطة الفلسطينية، واصبح هؤلاء مرتهنين الى راتب آخر الشهر، ويتعذبون وهم ينتظرون صرفه، بسبب ضعف التحويلات الاوروبية والعربية لدعم موازنة السلطة الفلسطينية، أليس من الواجب على اثرياء الشعب الفلسطيني أن يتقدموا لمساعدة ابناء شعبهم في الضفة وقطاع غزة.
ما أثقل ما على الروح، عندما تسمع شكاوى اسر الشهداء والاسرى الذين يتقاضون رواتب شهرية من السلطة الفلسطينية عن تعثر حصولهم على رواتبهم، وتأخرها بسبب العجز في موازنة السلطة الفلسطينية.
يبدو أن أثرياء فلسطين بحاجة إلى من يوقظهم من غفلتهم، فقبل أن ننتقد أثرياء العرب، على تقصيرهم تجاه فلسطين، يجب نسأل أثرياء فلسطين، ماذا فعلوا واين هم من معاناة شعبهم الذي يزداد فقرا وتهدم بيوتهم ويحاربون بكل الوسائل من الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
قد يكون هناك تبرعات من أثرياء فلسطينيين، إلا أنها قليلة جدا مقارنة بإمكاناتهم وبما يتوجب أن يفعلوه، ومبررات التقصير التي يسوقونها، من بينها صعوبة تحويل الأموال، أو عدم الثقة بالجهات التي تقوم بتوزيعها، هي عبارة عن حجج واهية، وعلى هؤلاء واجب لنصرة شعبهم تحت الاحتلال، ومساعدتهم ماليا في مواجهة اجراءات الاحتلال التعسفية.
على أثرياء فلسطين أن يصحو من غفلتهم وأن يتذكروا أن عليهم واجبا قبل غيرهم.. ومن أراد فعل الخير لن تعدمه الوسيلة، حتى لو أرسل المال إلى أقاربه، وقاموا هم بتوزيعه بشكل مدروس”.
القضية ليست بعدد المليونيرات والأثرياء، وإنما ما يمكن أن يشكله هؤلاء الأثرياء من درع أمان ومظلة حماية مالية للمشروع الوطني الفلسطيني في ضوء الصعوبات والحصار المالي الخانق الذي تواجهه السلطة الفلسطينية وانعكاسات ذلك على الشعب الفلسطيني.
من جقنا ان نتساءل ماذا لو تعرضت السلطة الفلسطينية لأزمة مالية تهدد وجودها وتتسبب بانهيارها جراء توقف المانحين عن دعمهم المتناقص تدريجياً، ما هو موقف اولئك الاثرياء إن تعرضت السلطة الفلسطينية للانهيار..؟، وتبعات هذا الامر التي ستنعكس على اوضاع مئات الاف من المواطنين؟، كيف سيتصرف اولئك الاثرياء وكيف سيشاركون في دعم ابناء شعبهم.
والله سيحاسبكم التاريخ على تقصيركم،
ستحاسبكم معاناة ابناء شعبكم المجوعين في غزة، ويصرخون.. وانتم لا تجيبون!،
ستحاسبكم معاناة ابناء شعبكم الذين تهدم منازلهم في الضفة وغزة والقدس، ويصرخون وانتم لا تجيبون!،
ستحاسبكم القدس ومآذنها وكنائسها وشوارعها وازقتها وطرقها وشوارعها والمسجد الاقصى وكنيسة القيامة وكل حجر في هذه المدينة التي تصرخ وانت لا تسمعون…
ونار لو نفخت بها أضاءت… ولكن انت تنفخ فى رماد