#ترجمات عبرية

معهد السياسة والاستراتيجية – الاستراتيجية المطلوب لاسرائيل

معهد السياسة والاستراتيجية – بقلم  طاقم المعهد برئاسة اللواء عاموس جلعاد – 13/12/2021

” ينقص اسرائيل استراتيجية بعيدة المدى ونهج سياسي يصل بها الى الاهداف والمرامي التي تحددها مثل هذه الاستراتيجية “..

نقدم هنا خلاصة بحث شارك فيه مجموعة من الخبراء في الشؤون السياسية والاستراتيجية تضم د. ميخائيل ميلشتاين، د. دانا وولف، د. ميخا غودمان وآخرين. وكان من مخرجات البحث توصيات المعهد للسياسة والاستراتيجية على النحو التالي: 

  1. يجب بلورة استراتيجية أمن قومي شاملة تعرف الرؤيا، الاهداف والمرامي، وكذا سلم الاولويات الوطني. وان تشكل هذه الاستراتيجية بوصلة للمنظومة الامنية والعسكرية والتي على اساسها يمكنها ان تقرر سلم الاولويات، توزيع المقدرات وتحديد المهام والاهداف. 
  2. على اسرائيل أن تثبت التزام الولايات المتحدة بأمنها من خلال توثيق التعاون الاستراتيجي، حفظ التفوق النوعي، وضمان الدعم لسياقات بناء القوة العسكرية. على اسرائيل أن تحاول التأثير على المفاوضات في فيينا وعلى تصميم الاتفاق النووي مع ايران في ظل التعاون مع الادارة الامريكية وليس ضدها، انطلاقا من فهم سلم الاولويات الوطني الامريكي، والاثمان المحتملة للعلاقات بين الدول في سيناريو معارضة اسرائيلية علنية ضد خطوات الرئيس بايدن.
  3. الى جانب ذلك، ينبغي تسريع بناء القوة العسكرية لغرض تطوير جواب مستقل ومصداق للبرنامج النووي الايراني. كما أنه مطلوب قيادة معركة سياسية شاملة في  واشنطن وفي اوروبا تبرز الثمن الباهظ لـ “ايران نووية” للساحتين الاقليمية والعالمية.
  4. في ضوء التقدم المصمم للبرنامج النووي الايراني برعاية استئناف المفاوضات مع القوى العظمى في فيينا (“ثلاثة اسابيع عن الاقتحام الى النووي”)، مطلوب الفحص للنقطة الزمنية الحالية ما هو الحل الاقل سوء للمصلحة الامنية – القومية لاسرائيل. التوقيع على اتفاق نووي سيوفر شرعية دولية لحيازة قدرات نووية ذات مغزى لدى ايران في غضون نحو خمس سنوات وسيمس بشرعية اسرائيل للعمل في المستقبل. بالمقابل،  عدم التوقيع على الاتفاق سيحمل ايران الى مكانة دولة حافة، وفي سيناريو خطير حتى الى قنبلة نووية بسرعة نسبية وبلا عوائق.  

في اطار هذا، على اسرائيل أن تعمل على التوقيع على اتفاق نووي فاعل مع الولايات المتحدة والقوى العظمى يعطي جوابا لكل الجوانب المتعلقة بوقف التقدم في النووي، في تمديد زمن الاقتحام (عند قرار استراتيجي ايراني) والغاء بند الـ ” Sunset”. هذا الاتفاق يعطي جوابا لاحتياجات اسرائيل الامنية واحتياجات الساحة الاقليمية والدولة، في ضوء التداعيات الخطيرة وبعيدة المدى لايران نووية على المنطقة والعالم. 

  1. تشديد التهديد العسكري الايراني في الشرق الاوسط (مسيرات، نشر قدرات نار باليستية متطورة، دقة، سايبر هجومي وغيرها) يعزز مكانة اسرائيل كلاعب مركزي وذخري لاستقرار وامن الساحة الاقليمية. ينبغي السعي لتطوير القدرة الكامنة على اقامة منظومة دفاع جوي اقليمية، التي تناولها قائد سلاح الجو والتي ستوثق التعاون الاستراتيجي مع الدول السنية، تعزز اهمية اسرائيل، وتؤدي الى تعميق العلاقات الدولية مع العالم العربي، وتتيح عمقا استراتيجيا لازما للتصدي ضد  ايران.
  2. تشكل المعركة ما بين الحروب أداة حيوية لكبح التموضع الايراني في المنطقة وتعزيز الردع الاسرائيلي، الذي يلزم تثبيته بل وتطويره. في هذا السياق، على  اسرائيل أن  تحافظ على العلاقة الاستراتيجية مع روسيا، بما في ذلك علاقات  العمل بين الرئيس بوتين  ورئيس الوزراء بينيت، الى جانب تعزيز التنسيق الامني الجاري، حفاظا على حرية العمل العملياتية في سوريا، ومنعا لسوء تقدير لا داعٍ له. 
  3. يجب بلورة استراتيجية بعيدة المدى في المسألة الفلسطينية في ظل الفهم بان سياسة “ادارة النزاع” ليست امام الاقتراب من واقع “الدولة الواحدة”، وتدحر حل الفصل و “الدولتين” الى هوامش التاريخ.  ان حقيقة  أن فكرة “الدولة الواحدة” تتسع في اوساط السكان الفلسطينيين تشكل تحديا لهوية الدولة، ولمكانتها في الساحة الدولية. وبالتالي يجب العمل على سياسة فاعلة تعزز فكرة الفصل بين السكان – ماديا وفكريا، وتعمل على تصميم الواقع ، في ظل الحفاظ على افق سياسي يتناسب واعتبارات الامن القومي. 
  4. اسرائيل ملزمة في سياق قطاع غزة والتصدي لحماس، بان تبلور سياسة اكثر تصلبا من تلك التي تنتهج حتى الان، واساسا لمطالبة حماس بتنازلات حقيقية ولا سيما في موضوع الاسرى والمفقودين، مقابل الخطوات المدنية (شرط تحدد في اثناء حملة حارس الاسوار ولكنه لم يتحقق  عمليا). مثل هذه السياسة من شأنها ان تؤدي  الى  استئناف الاحتكاك الامني في القطاع ولكنها واجبة ثبيت قواعد لعب متصلبة من ناحية اسرائيل والحفاظ على قوة الردع حيال حماس.
  5. الحصانة القومية تشكل رأس المحاور في تصدي اسرائيل للتحديات الخارجية المعقدة. اسرائيل ملزمة بان تعيد قدرتها على الحكم والسيادة على كل اراضيها  وان تعزز التكافل والتضامن المتبادل بين عموم الطوائف والقبال في داخلها، الى جانب استثمار مكثف في تقليص الفوارق  الاجتماعية – الاقتصادية المتعمقة بين المحيط الجغرافي والثقافي وبين المركز الاسرائيلية. دون حصانة قومية لا يمكن لاسرائيل ان تصمد في وجه التحديات المعقدة التي يفرضها اعداؤها عليها.

اسرائيل والفلسطينيون:  دولة واحدة، دولتان او… ثلاث؟

تعيش علاقات اسرائيل والفلسطينيين اليوم في مفترق طرق مصيري يستوجب فهما عميقا للواقع المتشكل وللسيناريوهات التي قد تتطور، وليس اقل اهمية – بحث عميق، موضوعي وشجاع حول مسألة هل السياسة الحالية المتبعة (عديمة الرؤيا او العمق الاستراتيجي عمليا) كفيلة بان تمنح اسرائيل الامن على مدى الزمن وان لم يكن فما هي التداعيات التي قد تكون لمثل هذه السياسة وما هي القرارات الوطنية التي يتوجب العمل عليها. 

على مدى ثلاثة عقود  تأرجح الشعبان بين قطبين متعارضين وتمسكا باستراتيجيات متنوعة تراوحت بين التعاون بينهما، عبر طريق المواجهة الجبهوية وانتهاء باتخاذ خطوات من طرف واحد. شهدت التسعينيات احساسا لدى الكثيرين من بين الشعبين بالاقتراب من تسوية النزاع طويل السنين؛ في منتصف العقد ما بعد سنوات الالفين تأرجحت مرة اخرى منظومة العلاقات بين الطرفين مع نشوب الانتفاضة الثانية وعودة الفلسطينيين الى الكفاح المسلح ضد اسرائيل؛ وبعد عقد من ذلك، تمسك الفلسطينيون بالاستفزاز وبخطوات من طرف واحد، نهج لم ينجح في نهاية المطاف هو ايضا في ان يحقق انجازات استراتيجية من ناحيتهم ويغير الواقع.

في نقطة الزمن الحالية يسود في اوساط الكثير من الاسرائيليين والفلسطينيين يأس من امكانية تحقيق تسوية بعيدة المدى. فالفراغ الذي نشأ في اعقاب ذلك تحل محله استراتيجية بديلة تتمثل بـ “ادارة  النزاع” التي تنطوي على عدم ثقة  الشعبين بالقدرة على  تحقيق قرارات تاريخية. بدلا من ذلك، يبدو واضحا التفضيل في تنمية نسيج الحياة كوسيلة للحفاظ على الهدوء، وذلك حتى الوقت  الذي تنضج فيه الظروف لاتخاذ القرارات الحاسمة التاريخية وعلى افتراض انه يمكن “تجميد الوضع” لزمن طويل. 

من الجانب الاسرائيلي ايضا يظهر واضحا تقدم دائم، في الغالب ليس بالارادة او بالتخطيط نحو واقع الدولة الواحدة، ضمن امور اخرى في اعقاب توثيق العلاقات الاقتصادية  والبنيوية – المدنية المتزايد بين اسرائيل والضفة. هكذا بينما تتحفز اسرائيل لتحقق سيناريوهات مهددة لانتفاضة ثالثة أو لتفكك السلطة – ضمن امور اخرى بتأثير تهديدات الماضي او في ضوء تحليل الواقع من زوايا ضيقة نسبيا ودون فهم التيارات العميقة في الساحة الفلسطينية – يخيل ان التحدي المركزي المحدق بها يكمن بالذات في الهدوء الذي يعكس دمجا زاحفا بين المجتمعين في ظل طمس “الخط الاخضر”. 

ان الانشغال الاسرائيلي في الموضوع الفلسطيني يستوجب نظرة واضحة وحديثة ايضا تجاه تحدي قطاع غزة. فالتسوية التي تعمل عليها اسرائيل مع حكم حماس تشكل عمليا اعترافا بوجودها كحقيقة على المدى الطويل، والتسهيلات غير المسبوقة التي تسمح بها اسرائيل تساعد الحركة على تعزيز سيطرتها في المنطقة – والاستعداد للتحديات المرتقبة لها في المستقبل في الصراع على قيادة الساحة الفلسطينية)، وتقلل الاحتمال في أن تتطور بدائل في شكل سيطرة متجددة للسلطة في المنطقة.

اسرائيل ملزمة في هذا السياق ببلورة سياسة اكثر تصلبا مما تعمل عليه حتى الان ولا سيما مطالبة حماس بتنازلات حقيقية، واساسا في موضوع الاسرى والمفقودين مقابل الخطوات المدنية. مثل هذا السياسة من شأنها  أن تؤدي الى استئناف الاحتكاك الامني في القطاع ولكنها واجبة من اجل تثبيت قواعد لعب متصلبة من ناحية اسرائيل والابقاء على قوة الردع تجاه حماس. 

في نظرة الى الامام – في السنوات الاخيرة يخيل أن الاهتمام في اسرائيل تجاه الموضوع الفلسطيني  يتضاءل باستمرار، سواء كان في ضوء الانشغال بمشاكل اخرى او اليأس من امكانية تحقيق التسوية في السياق الفلسطيني. ولكن تجاه المسألة الفلسطينية لن يؤدي الى اخفائها، بل الى تغطية التهديد الذي سيزداد على مدى السنين. الجمهور والحكومة في اسرائيل ملزمان باستيعاب فهم كهذا وفي ضوئه ايضا الشعور بالحاجة الى خوض نقاش عميق حول مستقبل العلاقات مع الفلسطينيين. هذا النقاش، كما اسلفنا، لا يمكنه ان يتلخص بحلول مرحلية بروح “ادارة النزاع” وايمان بان هذه الحلول كفيلة بان تصبح حلولا دائمة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى