ترجمات عبرية

القناة 12 العبرية: التهديد الإيراني والسلام مع السعودية: ثمن التحدي في الحرم

القناة 12 العبرية 2023-01-06، بقلم: عاموس جلعاد*: التهديد الإيراني والسلام مع السعودية: ثمن التحدي في الحرم

الردود الحادة من الدول العربية على زيارة بن غفير إلى الحرم القدسي، حتى لو بالسرّ وسريعاً، كانت متوقعة. الحرم القدسي هو قنبلة نووية، من حيث قدرته على إلحاق الأذى إن لم يتم التعامل معه بالصورة الصحيحة. ولا توجد مبالغة هنا. الحرم القدسي والمساجد هي نقطة ضعف حساسة جداً في العالم العربي والإسلامي. تغيير الوضع القائم في الحرم يمكن أن يؤدي إلى سلسلة ردود حادة جداً، تصل إلى حدّ المس بالأمن القومي الإسرائيلي.

إسرائيل دولة قوية جداً، وليست بحاجة إلى إثبات أي شيء لـ”حماس”. من غير المعقول أن تؤثر تهديدات “حماس” في السياسات الاستراتيجية الإسرائيلية، التي يتضح أنها تفضل الانشغال بقضايا أُخرى. بالأساس، تهدد “حماس” استناداً إلى اعتبارات تشمل الردع الإسرائيلي، والتخوف من ردّ الجيش. ومن اللحظة التي انتهت فيها “زيارة” بن غفير السرية والسريعة لم يكن هناك أي حاجة إلى الرد.

وإذا ما قرّر بن غفير تصعيد الوضع والصعود إلى الحرم بشكل استفزازي وواضح خلال رمضان فمن المتوقع أن يكون هناك ردود دولية حادة أكثر. هذه الردود مقلقة أكثر وتأثيرها أكبر في علاقات إسرائيل الاستراتيجية، من الرد المحتمل لـ”حماس”.

بن غفير، وبعكس المرات السابقة، هو وزير. هو السلطة. عندما “يدخل” إلى الحرم القدسي معنى ذلك أن إسرائيل هي التي “دخلت”. وإن كانت التقارير بشأن تأجيل زيارة رئيس الحكومة نتنياهو، أحد الذين صاغوا “اتفاقيات أبراهام” إلى دولة الإمارات صحيحة فإن هذا مثال على ضرر أخطر بكثير من الناحية السياسية من الرد المحتمل لـ”حماس”. الهدف، إذا كان موجوداً أصلاً، إسرائيل لم تحققه – ودفعت ثمناً أكبر بكثير مما كانت تستطيع تحقيقه في هذه الحالة.

على مسار تصادمي

الأمور واضحة ومعروفة: إسرائيل نجحت في تشكيل تحالُف استراتيجي مع الولايات المتحدة، وتعاوُن أمني متعدد مع الدول العربية، التي كان بعضها من أشد الأعداء لها، كمصر، والآن تحولوا إلى شركاء استراتيجيين. الأردن أيضاً يشكل عمقاً استراتيجياً لإسرائيل، والقيمة الأساسية لذلك تتمثّل في الحقن الكبير للدماء والموارد الذي يقدَّر بالمليارات، بالإضافة إلى منع “الإرهاب” من حدود معقدة وطويلة. مع مصر، يجري التعاون ضمن إطار القيادة المركزية الأميركية، وتحت العلم الأميركي. يدور الحديث هنا عن تعاوُن قيّم جداً، يجري في السر، وبعيداً عن الجمهور، لكنه يسمح بتوفير الموارد، ويرفع قدرات العمل والتنسيق. وهو ما يسمح بتعميق “الصداقة” ما بين الدول العربية وإسرائيل بشكل يعزز قوة إسرائيل.

يمكن القول من دون تردد إن القوة الاستراتيجية الإسرائيلية تستند إلى عامودين: القوة العسكرية، التي هي في حالة نمو وتوسُّع وتعاظُم؛ والادراك السياسي والاستراتيجي. سوياً، هما يصنعان قوة استراتيجية شاملة، تحوي في داخلها قوة حقيقية وردعاً استراتيجياً. إن التعامل مع الحرم القدسي بطريقة غير صحيحة، ومن دون حذر، يمكن أن يضع إسرائيل على مسار مواجهة مع الدول العربية والعالم الإسلامي والولايات المتحدة. يمكن ملاحظة هذا من خلال الردود الحادة الفورية للدول العربية والولايات المتحدة، بعد صعود الوزير بن غفير إلى الحرم القدسي. صحيح أنه قام بذلك بصورة مموهة بهدف تقليل الأضرار بالمقارنة مع المخطط الأساسي، لكن هذه الردود تكفي لتكون تحذيراً استراتيجياً لإسرائيل – إذا تحوّل تغيير الوضع القائم، الممنوع أيضاً بحسب الشريعة، إلى توجه واضح، فإنه سيجري التعامل معه كاستفزاز. معنى هذا سيكون إلحاق الضرر بالأمن القومي الإسرائيلي بشكل كبير.

وإلى هذا، يجب إضافة “حماس” أيضاً، وهي تنظيم “إرهابي” إسلامي ديني يسعى لإبادة إسرائيل. حلم حياة السنوار، زعيم “حماس”، هو إشعال مواجهة بين العرب واليهود في إسرائيل، وبين إسرائيل والفلسطينيين، وبين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي، كما حاول في “حارس الأسوار”. وإن سمحت الظروف، فليكن هذا على خلفية دينية. من السهل إشعال حرب دينية، ولكن سيكون من الصعب جداً إخمادها.

يمكن أن تجد إسرائيل نفسها أمام جبهة دولية مليئة بالتحديات. بدأ المسار مع الأمم المتحدة التي حولت قضية الوجود الإسرائيلي في الضفة إلى التحقيق الدولي في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. هذه الخطوة من الممكن وقفها. وعلى الرغم من ذلك، وقوع أحداث صعبة في الحرم، تكون مصحوبة بـ”عنف” وتغطية إعلامية واسعة في كل العالم، يمكن أن تجعل وضع إسرائيل أصعب. وبعكس مقولة “شعب يحمي نفسه”، إسرائيل تعتمد على غيرها وتحتاج إلى التعاون الدولي الواسع في المجالات الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية. لذلك، لا يوجد بديل فعلاً في كل المجالات. نحن، بيدنا وبجهلنا، يمكننا إلحاق الضرر بالأمن القومي الإسرائيلي على جميع الصعد. ولا توجد مبالغة هنا.

إن مواقف السياسيين، من أمثال بن غفير وسموتريتش، التي وفقاً لها أن من “حقنا السيادي الصعود إلى الحرم القدسي وتجاهُل العالم” معروفة. لكن يجب أن نفهم: أن هذا سيكون خطأً استراتيجياً يمكن أن يشكل فصلاً في كتاب “مسيرة الحمقى”. هذا هو الوقت للوقوف وأن نكون واعين. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو معنيّ بتطوير رد أو العثور على رد على التهديد الإيراني، الأصعب في تاريخ الدولة، والذي يمزج بين رؤية تسعى لإبادة إسرائيل مع تطوير قدرات تلائم هذه الرؤية. هذا إلى جانب الدفع قدماً بالسلام مع السعودية، كدولة عربية قيادية. هذه أهداف استراتيجية مهمة جداً. ولذلك بالذات، وعلى الرغم من المساحة الجغرافية الصغيرة للحرم القدسي، فإن التهديد الذي يشكله على هذه الخطوات كبير جداً – ويمكنه أن يضرّ بإرث رئيس الحكومة المعني بكتابة اسمه في فصول تاريخ إسرائيل. هذا هو الوقت للمراجعة وتغيير السياسة، لمنع الفوضى.

*رئيس معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة ريخمان، وتولى مناصب رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى