أقلام وأراء

القدس … بوصلة الانتخابات؟

صادق الشافعي ١٠-٤-٢٠٢١م

بدأ موضوع الانتخابات التشريعية في القدس – كاملة بكل مقوماتها وتفاصيلها – يفرض نفسه بشكل يحمل مقدمات لحالة خلافية بين القوى الفلسطينية. يعبر ذلك عن نفسه حتى الآن، بتصريحات لرموز قيادية تشتم في خلفيتها ومن بين سطورها مقدمات لهذه الحالة. يحصل ذلك قبل ان تصدر دولة الاحتلال قرارها بالسماح بأجراء الانتخابات في القدس أو منعها او بوضع شروط لها او عراقيل في طريقها. صحيح ان هناك مؤشرات ومقدمات منذرة بصدور المنع، لكن القرار لم يصدر رسميا بعد.
قد يكون عدم صدور القرار لانشغال دولة الاحتلال بانتخاباتها ثم بأولوية مناورات ومساومات تشكيل حكومتها، وقد يكون مقصودا للمساهمة في خلق حالة الخلاف داخل القوى الفلسطينية، وغالبا انه للإثنين معا.
ويحصل ذلك أيضا، قبل ان تعلن أي جهة فلسطينية رسمية او شبه رسمية (اللجنة المركزية للانتخابات مثلا او أي تنظيم بشكل رسمي) موقفا محددا وقاطعا ومعلنا تجاه هذا الأمر.
هذا لا يلغي حقيقة أصبحت شديدة الوضوح ان هناك مطالبات شعبية تأتي بالدرجة الأولى من أهل القدس ورموزها الدينية والشعبية والوطنية تنادى بـ»لا … للانتخابات دون القدس». ويلقى نداؤها تجاوبا عارما من بقية أهل الوطن.
أساس هذه الحالة الخلافية المحتملة، جاء من عدم التفات التنظيمات الفلسطينية في اجتماعاتها الى هذا العنوان (الانتخابات في القدس واحتمالاتها)، واكتفائها بالاتفاق على تفاصيل قانونية ومسلكية وأمنية وإجرائية تتعلق بالانتخابات بشكل عام (وثيقة الشرف). عدم الالتفات اللازم لهذا العنوان جاء منسجما ومتوافقا مع عدم اهتمامها وقفزها على عناوين أخرى أهمها: عنوان الانقسام الوطني والاتفاق المسبق على نهج وطرائق الخروج منه، ثم عنوان الأساس السياسي الذي تقوم عليه الانتخابات. وكأنّ المطلوب في الحوارات كان ينحصر في الاتفاق على إجراء الانتخابات. وهو ما يفتح الباب أمام تفسيرات ان بعض الأطراف انحصر اهتمامها بالانتخابات ورهانها على نتائجها لفرض رؤاها وحساباتها وتوجهاتها … وليكن بعد ذلك لكل حادث حديث.
الاختلاف حول أي عنوان وطني يتعلق بالقدس يدخل في باب المحرمات. أولا وأساسا ولجهة المبدأ، نظرا للأهمية الخاصة والاستثنائية للقدس ورمزيتها الوطنية والتاريخية والدينية، وللنضال الوطني الفلسطيني. ويحظى ذلك بإجماع الفلسطينيين والعرب والمسلمين. وتكتسب المحرمات بعدا سياسيا نضاليا إضافيا شديد الأهمية بعد ان أعلن الرئيس الأميركي السابق (ترامب) صفقة القرن واعترف بالقدس عاصمة لدولة الكيان ونقل سفارة بلاده إليها، وكذلك فعل عدد من الدول. وهو ما يضع في باب الممنوعات ان تصبح الانتخابات في القدس عنوانا للخلافات وللمزايدات والاتهامات المجانية، أو ان تكون مادة للتنافس الانتخابي الرخيص. لأن كل ذلك يعطي نصرا مجانيا لدولة الاحتلال في هذه المعركة حتى ولو كان محدودا.
ان احتمال ان يأتي قرار دولة الاحتلال بمنع إجراء الانتخابات في القدس هو احتمال قائم. والأفضل وطنيا بما لا يقاس، والمطلوب بإلحاح امتلاك رؤية وطنية جامعة وموحدة، مسبقة وسريعة لكيفية مواجهة مثل هذا القرار. ويقوم على أساس هذه الرؤية الاتفاق المسبق على موقف وطني موحد وجامع وقائم على:
– عدم القبول بسيادة دولة الاحتلال على القدس، وحقها في تقرير القبول والمنع، لأن ذلك حق مصان للشعب الفلسطيني وحده.
– التمسك بحق إجراء الانتخابات في القدس، والتصدي لقرار المنع إذا ما صدر على كل المستويات وبجميع الوسائل المتاحة، وأولها الوطني والشعبي.
– وقائم أيضا، على الاتفاق الجماعي المسبق بقبول او رفض التعامل مع أي طريقة او مخرج إجرائي او تقني يوفر إمكانية الالتفاف على قرار دولة الاحتلال بالمنع.
– ثم قائم على التوظيف الجماعي والموحد والنشط لكل مقومات الدعم والإسناد على المستويين الإقليمي والدولي للضغط على دولة الاحتلال والفرض عليها عدم منع الانتخابات. ان امتلاك هذه الرؤيا والاتفاق، أصبحا الضرورة الأكثر إلحاحا وسرعة حتى لو تطلب ذلك اجتماعا جديدا للتنظيمات على أي مستوى مقرر، يستدرك قصور اللقاءات السابقة.
لقد انتظر أهل الوطن 15 سنة ليعودوا الى ممارسة حقهم في انتخاب هيئاتهم التشريعية والتنفيذية وليمارسوا عبرها حقهم الطبيعي في التشريع وفي المراقبة على الهيئات التنفيذية. وفرض سنة التغيير عليها. ورغم أي ملاحظات فإنه يجب التمسك بهذا الإنجاز وحمايته من أي تعديات او خروقات او اعتداءات بأفق وطني واتفاق جامع للكل الوطني بعيدا عن أي خلافات، او مزايدات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى