#أقلام وأراء

الشتات والمغتربين … حكاية بلا نهاية …!

السفير ملحم مسعود – اليونان28.9.2021 

حكاياتنا بدات عندما ساد شعور من التفاؤل والإرتياح في الأوساط الفلسطينية وخصوصا في الشتات والمهجر , حينما إستحدث الأخ الرئيس  دائرة المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية ,  وما آلت إليه  الدائرة بعد  سنوات … وما تمخض عنها  بعد ذلك … حتى  اصبحت أخيرا تحت ”  رعاية ”  وزارة الخارجية  وباقي القصة اشهر من أن يقال .

وإذا تابعنا الاحداث والتطورات وفي غياب شبه دائم من اي نشاط أو حراك فلسطيني ” رسمي ” من القائمين على  هذا  الملف واعني  هنا بالتحديد وزارة الخارجية …  لتداهمنا  ” قدس برس ”  إياها … قبل ايام  وتحديدا    يوم السبت الماضي 18 سبتمبر  بموعد مؤتمر شعبي لفلسطيني الخارج  ( وهو ليس الاول من نوعه ) وتحت شعار … “لسنا بدلاء عن أحد ونمثل كل “الشتات” ، إنعقدات  المؤتمرات السابقة  (  وآلاف المشاركين … ) سبحان الله … على مدار أربع سنوات مضت … حيث عقدت الأمانة العامة كما يقولون  16 إجتماعا دوريا … انعم واكرم. 

كما أدلى بدلوه السفير العتيد المدعو  ربحي حلوم وباع  وإشترى  ( في صحوة وإجترار غزواته من  الماضي العميق ومن … جعلوه وصنعوه ويحركوه اليوم   حتى يفتي  ويتحدث بعد ما حل به وبٍهم  في عالم النسيان  … ) قال ضمن ماقال للقدس برس : إن “من أهم المعوقات التي تواجه المؤتمر، حظر بعض الأنظمة انعقاد اجتماعاته بطلب من سلطة التنسيق الأمني , على حد تعبيره واوضح أن  “الحيلولة دون وجود جهة مؤسسية تعنى بحق العودة ومصير7 ملايين فلسطيني بالشتات، من أهم ما يشغل رئيس السلطة محمود عباس ومن حوله “هنا نتوقف طويلا عند هذا الشرح والتطاول بالتضليل وما تحمله  تصريحات المدعو (حلوم) التي خلت من اي موضوعية وكل ما حملته من كراهية وحقد لا نعرف اسبابه … وكان الاولى به أن يحدثنا عن ( المؤتمر …  ) العتيد ومن يقف وراء هذا التحريض ومصادر التمويل ومحاولات الحشد الواسع   … من  الان … للمؤتمر القادم  وكل  هذه المؤتمرات واللقاءات  … التي تصب كلها في محاولات تكريث الإنقسام الفلسطيني

 لسنا هنا .. بصدد المجابهة مع الإخوة القائمين على المشروع  ”  البهيم  “

لنعود إلى حالنا و الزمن  الجميل أي الذي لم يعد موجودا ولا موعودا …  فإن قضية الشتات والمهجر بدأت منذ عقود تحتل اهمية خاصة  وبقت كذلك … أتذكر  يوم كنت عضوا في قيادة الإتحاد العام لطلبة فلسطين , وضمن نشاطاتنا الخارجية والتواصل مع الشتات الفلسطيني  ,  ارسلنا وفدا لزيارة مناطق واسعة شملت  أمريكا اللاتينية ( في مطلع الستينيات ) وعاد الوفد مبهورا بالحضور الفلسطيني هناك بشكل عام وخصوصا الحضور  الواسع والفاعل في دولة ( تشيلي … ) ساسيا وثقافيا ورياضيا ونشاطات أخرى .

 دُهشت كثيرا من هذا الحراك الفلسطيني في هذه البلاد البعيدة  , وبدات إهتماماتي  عن هذه  الحالة ودراستها , وكيف ومتى أصبح  هذا الكم الفلسطيني حاضرا هناك بالذات   ؟؟؟   يعمل ويتفاعل في مثل هذا المكان الجغرافي … وفي هذه  البلاد تحديدا … وأعني آخر الدنيا …. 

وطالما الشئ بالشئ يذكر … وما تسعفني به الذاكرة ببعض المراحل التي بدأت حديثا بالإتصال والتواصل مع الجماعات والتجمعات الفلسطينية المتواجدة بعيدا عن ارض  الوطن … بمبادرت قيادة الثورة الفلسطينية المبكرة  وإعطاء اهمية خاصة  للشتات والمهجر … بعد اولوياتها في الكفاح المسلح … وبدات الإهتمامات بلقاءات مع عمال فلسطينيين في هولندا قام بها خالد الحسن ( ابو السعيد ) أحد أكثر القيادات الفلسطينية  ثقافة وبساطة وحضورا رحمه الله ( كنت أشرت لها بالتفصيل في مقال سابق على الموقع  ) . ثم توالت التجمعات الفلسطينية في أوروبا وخصوصا في المانيا من الوافدين للدراسة والعمل … وتوالت موجات الوافدين إلى هناك   …  وما زالت مستمرة .

اما عن أمريكا اللاتينية والحضور الفلسطيني التاريخي منذ عقود , بسبب التضييق على شعبنا من قبل الحكم العثماني مما دفعهم للهجرة إلى بلاد الله الواسعة  ,  مع نهايات  القرن التاسع عشر كان المرحوم المناضل   ابونا  المسيحي الكاثوليكي ”  إبراهيم عياد ”  أحد هذه المراجع الهامة لتلك البلاد …التي كانت إرتباطاته وعلاقاته بكافة أبناء الجاليات الفلسطينية   في هذه  المنطقة وزياراته السنوية  المستمرة  وأصبح خبيرنا ومرجعنا  في هذه القارة , وتشرفتُ بمرافقته يوما في زيارة  لبعض بلدان امريكا الوسطى والكاريبي … ربما أعود لها . 

 كانت الثورة الفلسطينية وحضورها وبدا الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وإستقبال وفودها وفتح البعثات حول العالم … أنعشت  وأيقذت الإنتماء الوطني  في التجمعات الفلسطينية في كل مكان  , واخذت خارطة الشتات   الفلسطيني تتغير وتتوسع وتكبر   وتتبلور حسب الكوارث  والنكبات والنكسات …

كما كانت  أحداث لبنان عام  1982 وخروج  منظمة التحريير من لبنان ومذابح صبرا وشتيلة وغيرها ,  ادت  بالمزيد من النزوح  إلى المهجر  والإغتراب  وإستمرت   موجات الهجرة وبكثافة من اكثر من مكان في المنطقة لا سيما في السنوات الأخيرة وما حل بالمخيمات الفلسطينية في سوريا وغيرها    لتتبلور هذه التجمعات في القارة الاوروبية بشكل خاصة  وبدات تتفاعل في المنافي والمهجر   … وجَعل القرب الجغرافي   لبعض التجمعات ( الحديثة ) من الوطن   اكثر تاثرا وتاثيرا .

في هذا الوقت تم إنشاء دائرة المغتربين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير … حتى اصبحت أخيرا تحت  (رعاية ) ومسؤولية  وزارة الخارجية  كما ذكرنا أعلاه .

من هذا الإستعراض السريع  المختصر والمعروف …

تمخض عن هذه الجهود التاريخية   حراك ذاتي  لا يمكن تهميشه … ولا نستطيع التقليل من حجم الجهود والعمل  والمحاولات في ساحة الشتات عل مدار العقود السابقة والتي اصبحت اليوم  في حاجة للمزيد من التركيز كما أصبح  لهم مقاعدهم في المجالس الوطنية … كما نشطت الجاليات وتكاثرت ( مع عدوى امراض الوطن التي إنتقلت  إليهم  ) وبقت ملتزمة دائما بالخط الوطني … ورغم غياب الجهة او المرجعية  التي تمثل هذا الحراك … و غياب رؤية متكاملة يمكن البناء عليها وترعاها …

 ليبقى السؤال الآن … وماذا بعد ؟؟؟

إن المشكلة أكثر وأعمق وأشدّ تعرّجاً والتواءً من أن نفتي أو ندلوا بدلائنا … فالشتات عنصر مساهم وقادر على الرفد وطرح أفكار مستجدة بإمكانها أن تتفاعل مع أفكار الأجيال الناهضة في الوطن   …  ودور الشتات بإمكانه أن يتجاوز مرحلة التوضيح لمرحلة بناء المؤسسات البحثية والعلمية , كذلك المؤسسات  الداعمة للصمود على أرض الوطن . وهنا تبدو اهمية الشتات ومكوناته البشرية المتواجدة في كل مكان … 

المطلوب الآن و بإختصار … 

  اخذ زمام المبادرة وترتيب البيت ولا تخلو ساحة ( الشتات والمهجر ) الفلسطينية في هذا المجال من كفاءات وقدرات وطاقات بشرية فاعلة ومؤثرة  في أنحاء العالم قادرة على العمل والإبداع والعطاء  …  وإلا ستكون مؤتمرات إسطنبول  وتوابعها ومن يدعو ويحشد لها  ما تبقى لنا  ويصبح حالنا كما قال ابو مسلم الخُراساني صاحب الدعوة العباسية في خراسان :

ومَنْ رَعَى غَنَماً في أَرْضِ مَسْبَعَةٍ … ونامَ عَنْها تَوَلَّى رَعْيَها الأَسَدُ

كُتب وقيل الكثير  عن الشتات الفلسطيني  وطاقاته البشرية مهمة كبرى في تبني المعاناة تحت الاحتلال لكنه يحتاج أيضا أن يكون مستوعبا بأن نضاله جزء لا يتجزأ من نضالات الشعوب من أجل العدالة والمساواة، فالحقوق متداخلة كما هو حال كل الجماعات المهمشة في كل مكان. إن الشتات الذي يحتوي على أكثر من 6 ملايين فلسطيني في العالم يمتلك الكثير من الأوراق والقدرات، وبإمكانه أن يتفاعل مع احتياجات ونضالات أكثر من ستة ملايين مواطن فلسطيني ممن يختبرون نظام الأبارتهايد الصهيوني الذي يترك أثره يوميا على ارواحهم وأجسادهم وأحلامهم … .

اخيرا … إن ( معالي ) الوزير الذي حمًلوه عبئ هذه المهمة … إضافة لما ورثه  من ثقل  ما كان  يٌسمى دبلوماسية فلسطينية إستمرت  لثلاثة عقود عجاف … عليه بالمبادرة  و يشكل مجموعة عمل مركزية  أو سمُوها كما تشاؤون  … من الكوادر التي خَبرت وعملت في الساحة الدولية … وتقوم بدورها بتشكيل مجموعات صغيرة في الأقاليم الجغرافية الواسعة وقادرة على الحركة والتنقل   …  مجموعة  قادرة على الإتصال والتواصل المباشر … مع أبناء الشتات والمغتربين في كل مكان … 

والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى