أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

السفير ملحم مسعود يكتب – ” مشروع ” الإنتخابات الفلسطينية … ومعلقة عمرو بن كلثوم

السفير ملحم مسعود، اليونان 25.10.2019

منذ إعلان الرئيس عن عزمه إجراء إنتخابات فلسطينية عامة من على منبر الأمم المتحدة , لم يتوقف الحديث عن هذه الإنتخابات …  وغدت على كل لسان وحال , وسرت حمى في الشارع الفلسطيني ليس إهتماما بصندوق الإنتخاب أو في ديموقراطية منعدمة في ظل الإحتلال ولكن من أجل غد مشرق  …. تُذكرنا هذه الحالة بمعلقة عمرو بن كلثوم رغم فرق المكان والزمان … من عصر (ما قبل الإسلام ) والذي يسمى بالجاهلية , إلى عصرنا هذا … وساعود إلى حكاية الشاعر في نهاية المقال . 

كنت قد اشرت في مقال سابق  لي على هذا الموقع على اهمية المؤسسات الفلسطينية … تحت عنوان ” المؤسسات قبل الإنتخابات ” واليوم وبعد كل ما قراناه وتابعناه من الآراء والتعليقات والمواقف .الخ. وكأنها فرصة لإجترار آلام الناس ومعاناتها ليس من” النظام ” واي نظام يتحدث القوم تحت وطأة الإحتلال … بل من الواقع الفلسطيني : إحتلال … إنقسام … امن … إقتصاد … إلى ما لا نهاية , وهل كان يريد الرئيس من هذا الإعلان أو ” القرار” تغيير وتجديد  الواقع وما سماه البعض ب ( النظام )  قبل أن يسبقه ( الواقع )  التاريخ ويتجاوزه ؟؟؟

من اين نبدا … إنتخابات الرئيس…  أم المجلس التشريعي ؟؟؟ وكما جاء في مقال اشرف صالح يعني  بالمبايعة … أو البدأ بالقصاص الذي سوف يُبقي على حالة الإنقسام .

أما في مقالات نادية حرحش ( المقدسية ) …  … فهي راحت بعيدا في ” حركشة ” المياه الراكدة  فقد عرفتُ مما كتبت المواطنة المقدسية أن لدينا وكالة فضاء فلسطينية …. ونقابة لعمال المناجم … شكرا لك على كل هذه المعلومات , وراحت بعيدا وتساءلت لماذا لم تخرج من الاراضي الفلسطينية  ثورة ؟؟؟ 

مهلا يا ست حرحش… 

وقارنَت بما يحدث في لبنان بين فساد اصحاب السلطة في لبنان والفساد في فلسطين … حدث ولا حرج … من غلاء الأسعار وإحتكار السلع والفساد الذي يسيل…  بهول السيول الجارفة ويغرق الشعب الأعزل من كل مرافق النجاة … وايضا تقول : إنهيار كامل في كل المرافق , وتفشي للظلم والقهر ….. وغياب للحياة الدستورية والشرعية في ظل إنقسام وتفرد بالحكم …. وإنحسار إمكانية الإنتخابات في نفس الوجوه إذا ما جاء يوم وصار هناك إنتخابات  … هذا ما يقال … ونقول لها هنا … القدس لها محبة خاصة ولأهلها . 

عودة لأجواء الإنتخابات التي نعيشها , والتي فرضت حالها على الواقع الفلسطيني المتعاظم في مرارته , الذي اصبح في حاجة للمراجعة ليس للثورة التي دعت لها نادية حرحش وآخرين مما ادلو بدلوهم  وآخرين ضد الفساد والفاسدين , وكما جاء في مقال بسام أبو شريف بضرورة محاسبة مسؤولون تحت بند من اين لك هذا ؟؟؟ سبق وأن قلنا هذا الكلام .

في هذه الأجواء , التي تحتاج  إلى وقفة سريعة للمراجعة أصبحت ضرورية …  نسأل أين موقع القسم المعطل من الشعب الفلسطيني , وأعني هنا الشتات والمهجر ؟؟؟ 

 ضمن قضايا أخرى هامة على الأرض , واعني هنا  في الوطن يجب النظر إليها بجدية وإهتمام , ويكون لها الأولوية في برنامج أولي الأمر … وضمن   ديموقراطية ولو ( عرجاء ) في ظل إحتلال غاشم , ضرورية للعبور من أجل ديموقراطية كاملة حين تكتمل مقومات الدولة الفلسطينية ومؤسساتها التي في طور التكوين رغم كل التجاذبات … 

وعلى سبيل المثال مراجعة  أساليب القمع والترهيب الغير مسؤولة من بعض الأجهزة  لأصحاب الراي الآخر , وضرورة الإعلام الحر , وحق الإحتجاج والإضراب في ظل القانون … وقضايا وإجراءات اخرى تكون بمثابة العتلة الرافعة لدولة فلسطينية تفرض إحترامها على الآخرين … ويشعر المواطن فيها  بالحرية الشخصية في أجواء العدالة ودولة القانون .

عودة لهذا القسم المعطل من الشتات الفلسطيني ودوره على الساحة الدولية , والذي أنتظرنا يوما ان تكون له مرجعية فلسطينية ( دائرة المغتربين ) في منظمة التحرير , وبعد إنشائها … وطوال عشر سنوات اصبحت الدائرة عنوانا ومرجعية ”  للرفاق ” القائمين عليها … دون اي حضور أو حراك منظم فاعل لتحشيد هذا الزخم الفلسطيني المنتشر في انحاء العالم …. 

وبعد التغيير الذي جاء متاخرا ( افضل من ان لا يجيء ابدا … ) لم نسمع عن إهتمام  عملي وواقعي لتمكين هذه الشريحة الفلسطينية العريضة للقيام بدورها ضمن رؤية واضحة , وتنسيق شامل , والحفاظ على حقها وحريتها في تشكيل الحراك الوطني الفلسطيني العام  , وحقوقها في المشاركة في المؤسسات الوطنية الفلسطينية , وتنظيم علاقاتها مع البعثات الفلسطينية التي اصاب معظمها الوهن والتعب … إذا لم نقل الفساد وعدم المسؤولية … وهذه حكاية أخرى.

وإلا سنبقى في اجواء معلقة عمرو بن كلثوم  وهي المعلقة الخامسة , من أغنى الشعر قبل الإسلام بالعناصر الملحمية والحماسة والعزة , وقال الشاعر قسما منها ,  في حضرة ملك الحيرة لحل الخلاف الناشب بين قبيلتي بكر وتغلب … وإستشاط الملك غضبا حين وجد أن الشاعر لا يقيم له وزنا … لم يحالف الحظ الملك المتكبر عمرو بن هند في إختياره عمر بن كلثوم لتخدم امُه … أمًة … وبدلا من ذلك كانت نهايته  …ومطلع القصيدة التي تضم مائة بيت :

ألاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا   وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا

وقد كانت هذه القصيدة البطولية حديث المجتمعات القبلية ( لا الإنتخابية ) لدرجة أن قال فيها شاعر عربي من ذلك الزمان : 

ألهى بني تغلبٍ عن كلِّ مكرمة    قصيدةٌ قالها عمرو بنُ كلثوم

السفير ملحم مسعود من اسرة مركز الناطور للدراسات 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى