#أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود يكتب – مراجعة… لتصريحات السفير الفلسطيني في باريس

السفير ملحم مسعود – اليونان 22.10.2020

لم تفاجئنا تصريحات سليمان الهرفي سفير دولة فلسطين … في باريس وربما كانت من وحي الاجواء الفلسطينية التي هيمنت على الشارع الفلسطيني حينذاك , من هرولة عربية للتطبيع مع دولة الإحتلال إلى حيثُ ألقتْ رَحلَها امُّ قَشعَمِوما تمخض عنها ( الهرولة ) من تداعيات ستبقى ندوبها باقية …  على أي حال كان للتصريحات و المكان والزمان بهما الكثير من الإشارات والدلالات .

إنما المفاجاة كانت من عملية الترقيع ” التي قام بها وزير خارجية دولة فلسطين , بالسرعة والطريقة … في غير مكانها وزمانها , ولا يعتقد انها سوف تكون المرة الأخيرة في معالجة ازمات التصريحات … وإدلاء السفراء ” الجهابزة ” بدلوهم من اقوال  وتصريحات , ومواقف , وآراء ,و قراءات … وتصرفات أشبه بالجمل الذي لا يرى سنامهومدى فهمهم  لقواعد  الدبلوماسية وإحترام إصولها وغياب السياسات الملزمة للبعثات الدبلوماسية لا سيما في الأزمات . 

وهي فرصة الآن لمراجعة لزوم ما يلزم , من العمل على الساحة الدولية … بكل مكوناتها . ربما تكون “حالة ” اخونا سليمان الهرفي حالة عامة   تستحق المراجعة للدور الدبلوماسي لأهمية العمل الفلسطيني على الساحة الدولية في هذه المرحلة .

واعني هنا النشاطات الفلسطينية من جاليات وتجمعات وفروع الإتحادات والجمعيات التي تاسست في المهجر  … والفعاليات الفلسطينية , وصداقاتها المحلية لما لهم من قدرات وكفاءات وغيرها … التي بدأت منذ زمن طويل في بلورة نواة الحضور الوطني والعمل الفلسطيني في دول الشتات , قبل إقامة البعثات الدبلوماسية وغيرها من التمثيل الرسمي لاحقا لتكون الواجهة الشرعية للتمثيل الفلسطيني لدي الدول المختلفة وتجسير علاقاتها مع هذا الحضور الفلسطيني المتواجد أصلا بالتعاون والتفاهم وتوزيع الأدوار ضمن الخط الوطني والمواقف الرسمية المعلنة  .

لذلك فحالة أخونا سليمان الهرفي المعروف عنه بالشطارة والفلاحة منذ كان ( ناشطا) في الساحة الأفريقية …الخ . الذي شطح ونطح في تصريحاته دون أي كياسة دبلوماسية   … وفي باريس … عاصمة أحد أعمدة الإتحاد الأوروبي المساند والداعم لنا سياسيا  في حل الدولتين  وماليا من خلال برامج التنمية وخلافه . ومعنى اهمية هذا  التمثيل , والمقصود هنا ليس التصريحات فقط إنما التصرفات أيضا , فرصة لإعادة تقييم … وتقويم  العمل الفلسطيني على الساحة الدولية … والإهمال هنا لن يزيدنا إلا خبالا .

والبداية تكون دائما على ما يجري على أرض الوطن … البوصلة التي تحدد ألتوجهات والسياسات والإجتهادات في كل الميادين , وفي كل ما نراه هذه الأيام من حراك فلسطيني شامل هل يكون كاف هذه المرة  ” لعبور ” الأوضاع  الفلسطينية ( الداخلية ) الصعبة ؟؟؟  

يدرك الجميع أن العمل الفلسطيني اليوم في الوطن يتمحور في تجميع الصف وترميم , وتصحيح ما اصاب من وحدة النضال الفلسطيني , من الإنقسامات , والإنشقاقات والجماعات والمواقف التي تركب  رأسها بعناد إبنة الزير … مما مكن الإحتلال من التوغل والتغول والتجاذبات التي تفرضها بعض الجهات فصائل وتنظيمات وخلافه مما أدى إلى عرقلة الوحدة الفلسطينية … والشرخ الإجتماعي … ستحاسبهم عليها الأجيال القادمة … أو ما جاء في الاية الكريمة : تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى .

ورغم كل ما نراه  من إجتماعات , ولقاءات , وتصريحات وقرارات , وإتفاقيات , وبيانات ومصالحات … الخ . على مدار السنوات الماضية لا تزيد البؤس الفلسطيني سوى بؤسا على بؤسها لأن كل المعلومات المتوفرة أخيرا محبطة ولا نرى بريق امل في إنتظار ان يقضي الله أمرا كان مفعولا ...  

لا نملك الإجابة … ولكننا نملك ترف التكهن .

الحالة التي عبًر عنها الشاعر العراقي :

أنّا رَكِبِنَا إلى غَاياتِنا أمَلاً  رَخواً إذا مَا شَدَدنا حَبلَهُ انقطَعَ

عودة إلى الساحة الدولية لأهميتها وطبيعة النضال السياسي الفلسطيني اليوم وهو ما لم يتبقى لنا سواه وتتمحور في مجالين :

الفلسطينيون في الشتات والمهجر 

والبعثات الدبلوماسية في العالم ...

ستبدأ في قضايا الشتات والمهجر … وفتح هذا الملف لا للنقد  والبكاء والعويل … إنما لتقديم الإقتراحات , ومناقشة الحلول … الحالة التي نعيشها هنا ومن واقعنا , وفي امكنة اخرى بعيدا عن الوطن (على أن نعود لموضوع الدبلوماسية الفلسطينية لاحقا ) …   على خلفية ما ذكرناه من اهمية الحضور الفلسطيني على  الساحة الدولية , حيث تكونت ونُظًمت الجماعات الفلسطينية من خلال ” الجاليات “ وغيرها من الجمعيات ,ضمن إجتهادات وظروف المؤسسين وتوجهاتهم , بالإضافة إلى نظم محلية بحتة كل في مجتمعاتها … وإكتسبت الأوضاع القانونية والرسمية لممارسة   نشاطاتها . 

تاريخياكانت انجح هذه المحاولات المبكرة جدا التجمعات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية وخصوصا أبناء فلسطين في تشيلي … التي هاجر معظمها  في ظل الحكم العثماني … وبعده ونجحت في تجميع وتنظيم قدراتها , وكان لها دور بارز في الحياة الإجتماعية والسياسية منذ عقود طويلة ولا خافياً على ذي بصيرة حفاظهم على هويتهم الوطنية …   وتابعنا نشاط هذا الحضور في الحركة الطلابية الفلسطينية ( الهيئة التنفيذية للإتحاد العام لطلبة فلسطين ) مبكرا وقبل قيام منظمة التحرير , وكنتالعبد الفقير إلى الله احد اعضائها … وارسلنا وفدا لزيارة هذا التجمع والحضور الفلسطيني في تشيلي  صيف  عام  1964 وعاد الوفد لنا بتقرير مفصل بما لم نكن نعرفه عن هذا البلد ومدى فاعلية ونجاح  الحضور الفلسطيني هناك  الذي  لم نبني عليه أبدا بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية حتى يومنا هذا ...

بالمناسبة بعد زيارة الأخ الرئيس لهذا البلد قبل سنوات وإكتشافه لمثل هذه النجاحات الفلسطينية في الشتات … ربما كان عاملا مهما في إنشاء دائرة المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية .

أين دائرة المغتربين اليوم … وما آلت إليه هذه الدائرة بعد أن كُلف بها تيسير خالد القيادي في الجبهة الديموقراطية وإعفائه عن هذه المهمة بعد قرابة عشر سنوات … ثم تنقلت من نبيل شعت إلى روحي فتوح … وأخيرا إلحاقها بوزارة الخارجية … وهذه حكاية أخرى …

إن نشاطات التجمعات الفلسطينية في العالم  , وتنظيمها والتنسيق فيما بينها ومع المركز في الوطن , أصبح في حاجة ملحة اكثر لتكون له مرجعيته كمؤسسة خاصة اكثر من أي وقت مضى … دعونا نتحدث عن الجاليات وما يدور فيها … عن العلاقات بين هذه التجمعات والبعثات الدبلوماسية … بعض ممارسات التنظيمات … مواقف  وممارسات بعض السفراء … و رجال الأعمال ما لهم وما عليهم ……الخ . 

دعونا ننتظر والليالي من الزمان حبالا .

لا يحتاج الأمر لتخريب أي مؤسسة اكثر من وضع جاهل على راسها

وللحديث بقية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى