#دراسات وتقارير خاصة بالمركزشؤون فلسطينية

السفير ملحم مسعود يكتب – بطريركية القدس الأرثوذكسية ، معادلة 3+1

السفير ملحم مسعود، اليونان 30.8.2019

قصدنا هنا بالرقم 3 الاردن وإسرائيل … والسلطة الوطنية الفلسطينية ، أما الرقم 1 فهو الدولة الأم … اليونان

ثلاثة مرجعيات على الصلاحيات والمسؤوليات تتقاسمها وتتنازع عليها كل من :

الاردن والسلطة الوطنية الفلسطينية  من جهة, ودولة الإحتلال من جهة اخرى لتشكل الدول الثلاث ما يمكن تعريفه “بالمثلث الذهبي ”  

الاردن :

صاحب السيادة على المقدسات في الأراضي الفلسطينية ما بعد حقبة الإنتداب البريطاني وبعد ان أصبحت الضفة الغربية ضمن المملكة الاردنية , وبالتالي أصبح منوطا بالحكومة الأردنية، شان القدس فوضعت عام 1957 قانونا باسم “ قانون البطريركية الأرثوذكسية ” ينص على إقامة مجلس مختلط من رجال الدين وممثلي الطائفة من العلمانيين، للإشراف على كل ممتلكات وأموال الكنيسة، والمعهد التعليمي لرجال الدين، وكان هناك تمثيل للعلمانيين العرب في هذا المجلس، لكن عادت الحكومة ووضعت قانونا جديدا عام 1958 سيطرت بموجبه جمعية القبر المقدس في شكل كامل.… حتى عام 1967 .

وقد بقت مسؤولية الاردن قائمة حتى بعد معاهدة السلام مع إسرائيل 1994 ضمن تفاهمات وإلتزامات ... نادرا ما إلتزم بها الجانب الاسرائيلي  .

إسرائيل ” دولة الإحتلال “ :

إثر نكسة 1967 سارت الأوضاع في إتجاه الأسوء، حيث لا تزال ترى دولة الاحتلال أن من مصلحتها الإبقاء على السيطرة اليونانية وتطويع هذا الحضور لمصالحها , في إطار مشروع التهويد المستمر… وتم نقل ملف بطريركية القدس إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مباشرة .

السلطة الوطنية :

الضلع الثالث في هذا ” المثلث الذهبي ” يبدو لأول وهلة لدي البعض انه الجانب الاضعف …. بل على العكس تماما هو العنصر الأقوى في هذه المعادلة …. وتاتي قوته على الأرض من زخم وعطاء الجماهير الفلسطينية على مختلف طوائفها , ورفضها لكل ما يجري في القدس و على الارضأيضا , ممارسات القائمين على  بطريركية القدس الأرثوذكسية , وما تقوم به إسرائيل من إجراءات بخصوص المقدسات مسيحية وإسلامية .

وإذا كان الجانب الفلسطيني لم يتمكن من وضع سياسات البطريركية اليونانية وتقييم  الإنعواج ….        فلن تكون بدوننا … ويتذكر الجميع قبل سنوات قليلة , عندما ثارت الجماهير الفلسطينية على سياسات وتصرفات البطريركية في بيع الأراضي الفلسطينية ….  وعبرت عن غضبها , ونزعت الأعلام اليونانية من على البطريركية … وأدت إلى تداعيات وإرتجاجات …. كانت بمثابة  رسالة واضحة لأكثر من طرف …

يقول الباحث محمد أبو طربوش في بعض ما جاء في دراسته عن  الكنيسة الأرثوذكسية في القدس    ( مؤسسة القدس الدولية . بيروت ) والتي تتكون من 16 صفحة جاء فيها عن المعلومات الأساسية عن الكنيسة الأرثوذكسية وأصولها ومحاولات تعريبها وأملاكها والتسريبات التي تتعرض لها أوقافها، وفيما يلي نعرض لبعض ما ورد بدراسة الباحث ابو طربوش ونشرت طبعتها الأولى عام 2017 :( يأخذ المسيحيون العرب اليوم على السلطة الفلسطينية “ حيادها السلبيفي حين كان مفتي القدس الحاج أمين الحسيني يتزعم الحركة الوطنية الفلسطينية ويقود المظاهرات المطالبة بحقوق العرب الأرثوذكس )

هنا لا نتفق مع ابو طربوش …. بخصوص وصفه موقف السلطة الفلسطينية بالحياد الإيجابي , وحول هذا الشان فإن التضامن الفلسطيني ياخذ الطابع الوطني دون أي تمييز … ويمكن وصف الحالة الفلسطينية ” بالتراخي …. ” سياسيا ودبلوماسيا , وعدم إستخدام وإستغلال ما تملكه من (أدوات … وقنوات… واوراق ) فاعلة في الاوساط اليونانية وخصوصا العاصمة اثينا …. الخ.… لمواجهة هذا الوضع وتداعياته .

وهناك على الجانب الآخر من المعادلة الرقم 1:

والمقصود به اليونان الدولة ” الأم ” ووصيتهم تكاد ان تكون ابدية … وتعتبر  بطريركية القدس الأرثوذكسية بمثابة الدَرة الذهبية في ” التاج ” الهيليني …

وهنا لدينا ما نقوله …..

اليونان : 

البلد الأم .. على مدار السنوات الأخيرة، وكما هو معروف تصاعدت بحدة أزمة الطائفة الأرثوذكسية في فلسطين، ولعل الأصح أن نسمّيها أزمة العلاقة بين الجماهير الفلسطينية ، والقيادة الروحية اليونانية. جاء احتدام الأزمة، كما هو معروف، على خلفية فضائح تسريب أملاك الوقف الأرثوذكسي، من خلال البطريرك ومساعديه إلى شركات ورجال أعمال صهاينة، بل إلى مؤسسات صهيونية رسمية وجمعيات ومنظمات يمينية متطرفة.

ومما لاشك فيه أن سيطرة القيادة الروحية اليونانية الممثلة تنظيمياً بما يعرف بـ “أخوية القبر المقدس” على كل مناحي الحياة خصوصا في الطائفة، وفي السياقين السياسي والاقتصادي، يجعل دورها يتجاوز مجرد كونها قيادة روحية، ويُضفي على الأزمة طابعاً أكثر عمقاً وجذرية من مجرد تسريب الأملاك على خطورته، وصولاً إلى واقع هذه الكنيسة، وما يعنيه وجود طبقة أجنبية متحكمة في مقادير الكنيسة وقدراتها، مقابل عزل الوطنيين من أبناء الرعية عن أي دور أو مركز قرار.

تاريخيا كما هومعروف كانت رئاسة الكنيسة من قبل رجل دين يوناني لم تكن هي الأصل…. فقد بدأت سيطرة رجال الدين اليونان على رئاسة بطريركية القدس عبر جمعيتهم القبر المقدس عام 1534 في عهد السلطان العثماني سليم الأول.

أما في الحقبة الممتدة من عصر المماليك إلى تاريخ سيطرة جمعية أو أخوية القبر المقدس على الأكليروس، فقد كان معظم الرهبان والأساقفة عربا وكان آخرهم البطريرك عطا الله المعروف باسم دوروتاوس الثاني (1505-1534).

مما سبق يحيلنا إلى العمق التاريخي للأزمة، التي لا يمكن القول إنها وليدة اليوم، أو السنوات الأخيرة، فتاريخ نضال الطائفة الأرثوذكسية العربية في فلسطين، في سبيل تصحيح مسار كنيستهم واستردادها من أيدي الكهنة اليونانيين، تاريخ طويل وعريق؛ ويعود بالتأكيد إلى زمن تثبيت نفوذ رهبان وعائلات الفنار اليوناني الإسطنبولي، وتثبيت نفوذهم في مفاصل الحكم العثماني، ما أدى إلى عزل أو إقالة آخر بطريرك عربي في القسطنطينية، ودخول الكنيسة مسار …. الحقبة الهيلينية ” وكان الرهبان اليونان يتوافدون على القدس بكثرة أيام الدولة العثمانية ( وما زالوا ضمن تفاهمات مع الأردن معروفة ) وقد كانت اليونان جزءا من هذه الدولة في ذلك الحين، وكان مركز البطريركية الأرثوذكسية بالقسطنطينية، وبطاركتها من اليونان، ورويدا رويدا شكلوا أغلبية الرهبان والأساقفة في القدس وتولوا مقاليد الحكم والسيطرة على البطريركية، من خلال  جمعية القبر المقدس.

منذ ذلك الحين. حازت القضية الأرثوذكسية على تغطية كبيرة، في سياق الكتابة التاريخية عن فلسطين، لأسباب تتعلق بحجم التداخل الدولي العثماني -اليوناني- الروسي، والصراع المحتدم للسيطرة على الكنيسة، أو بسبب نشأة تنظيمات فلسطينية أرثوذكسية وطنية وجمعيات فلسطينية وطنية , مناهضة لسيطرة الكنيسة اليونانية، وارتباطها بشخصيات فلسطينية وطنية كبيرة.

املاك الكنيسة

أما كيف أصبحت هذه الأملاك للكنيسة؟ فيقول بعض المؤرخين إنها كانت ممتلكات أوقفها          “وقفا العرب المسيحيون في فلسطين حتى يستفاد منها لمصلحة الكنيسة خلال حقبة الإمبراطورية العثمانية خوفا من مصادرة هذه الأراضي واعتبارها أراضي دولة.

الكنيسة الأرثوذكسية اليوم تمتلك ربع القدس القديمة البالغة قرابة كليومتر مربع، كما تمتلك أراضي شاسعة، وأديرة، ومقابر، خارج البلدة القديمة في القدس، فضلاً عن عقارات في مدن فلسطينية كبرى، لكن قسماً لا بأس به من هذه الأملاك سُرّبت إلى اليهود المحتلين، عن طريق البيع أو الإيجار طويل الأمد لمدة 99 سنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، باعت الكنيسة الأرثوذكسية مقبرتها، وأراضي دير مارسابا في بيت لحم، وباعت أيضاً أراضي جبل أبو غنيم في القدس، التي تحولت إلى مستوطنة صهيونية كبيرة، باسم “هارحوما” تكمل فصل القدس عن بيت لحم، وباعت أو أجّرت لأجل طويل أكبر مأوى لحجاج القدس من المسكوب” أو أهل موسكو، وعليه يقوم اليوم معتقل المكسوبية سيء الذكر، وأراضي جبل أبي طور، وأخيراً ساحة عمر بن الخطاب في البلدة القديمة في القدس …. ( وما زالت المبيعات بالجملة ).

أما كيف أصبحت هذه الأملاك وقفاً للكنيسة، فيقول بعض المؤرخين إنها كانت ممتلكات أوقفها العرب المسيحيون في فلسطين حتى يستفاد منها لمصلحة الكنيسة خلال حقبة الإمبراطورية العثمانية، خوفاً من مصادرة هذه الأراضي واعتبارها أراضي دولة من قبل العثمانيين، ووفقاً لسجلات الكنيسة فإنها تمتلك نحو 18% من مساحة غربي القدس و17% من مساحة القسم الشرقي من المدينة، أي 35% من المساحة العامة للقدس بشطريها. المسيحيون كانوا يوقفون الأملاك للكنيسة في القدس بكثرة، بعد فقدان البطريركية لأملاكها الموقوفة في رومانيا بعدما ضمتها روسيا عام 1812 بموجب معاهدة بوخارست، وقد تكاثرت الأوقاف بشدة بعد هذا التاريخ، ولا يزال باب الوقف مفتوحاً إلى اليوم

وحول بيع هذه الاوقاف والممتلكات سبق وان قال رئيس المجلس المركزي للطائفة الارثوذكسية العربية في فلسطين والاردن الدكتور رؤوف ابو جابر ان تفاصيل عمليات بيع ممتلكات الطائفة الى الاسرائيليين ما زالت مجهولة بسبب تكتم السلطات الاسرائيلية ومحاكمها عليها.

غير انه اكد انه وبعد الخبرة الطويلة مع البطريرك اليوناني حينذاك ذيوذوروس الاول واعوانه في القدس المحتلة، وكذلك البيوعات الكثيرة التي تمت في عهده وعهد سلفه البطريرك بندكتوس منذ عام 1967 والبيوعات التي تمت قبل ذلك من قبل البطريرك تيموثيوس والبطريرك بندكتوس في القدس الغربية ومناطق الداخل (1948 ) , كل ذلك يثبت ان البيوعات قد تمت ولا مجال لانكارها.

واضاف ابو جابر لـصحيفة «الشرق الأوسط»: ان القضية المثارة الآن، وهي اتهام سماسرة بالتزوير لمحاولة تبرئة البطريرك ذيوذوروس، انما هي في اساسها اختلاف على ثمن البيع، اذ يظهر ان احد السماسرة تصرف بقسم كبير من الحصيلة، مشيرا الى ان المهم في الامر هو ان اراضي وعقارات الوقف الارثوذكسي العربي في القدس تحديدا تتسرب باستمرار الى الصهاينة ليقيموا عليها المستوطنات ولتقوية وجودهم بضواحي القدس بشكل خاص.

واوضح المسؤول الارثوذكسي ايضا :

«لو كان البطريرك ثيوذوروس الاول التزم بمتطلبات منصبه الديني ولم يتصرف بطريقة غير مشروعة بالنسبة للاوقاف بما فيها الاراضي والعقارات الارثوذكسية، لما كانت هناك حاجة الى مثل هذه القضايا والمنازعات» مشيرا الى «ان الوضع الحالي في البطريركية المقدسية بحاجة الى معاملة اساسية لمنع استمرار هذا الهدر للاوقاف الارثوذكسية، خاصة ان الاموال التي تتحقق من هذه البيوعات تختفي بقدرة قادر.

اذ لا يوجد هناك حسيب او رقيب، كما ان البطريركية لم تقدم ومنذ عام 1967 اي كشف حساب الى المجلس المختلط الذي يجب ان يكون شريكا اساسيا لها في الاشراف على الاوقاف والشؤون المالية في البطريركية. اذ انها تنكر وجود ميزانيات البطريركية، مدعية انها ( مؤسسة يونانية ) ولا يحق لمائتي الف ارثوذكسي في فلسطين والاردن الاطلاع عليها».

وهنا حجر الرحى …. لكل من يريد ان يتعاطى بهذا الشأن المعقد ….

وناشد ابو جابر جميع المعنيين وخاصة الحكومتين الاردنية والفلسطينية النظر الى هذه القضية بجدية، مؤكدا ان الاوقاف الارثوذكسية هي جزء كبير من المدينة المقدسة وخصوصا البلدة القديمة، وبالتالي يتوجب المحافظة عليها، علاوة على ان ذلك يعد واجبا دينيا ووطنيا، وسيكون مفيدا للوضع العربي في المدينة المقدسة كلها.

واشار ابو جابر الى ان مناورات السلطات الاسرائيلية ومحاولاتها لتبرئة البطريرك ثيوذوروس انما تهدف لانقاذ ماء وجهه امام السلطات الاردنية المعنية التي تنظر في الامر حاليا، مؤكدا ان هذه ايضا خطة اعتاد عليها اليونانيون في كل مرة ينفضح امرهم فيها، اذ يطلبون من الحكومة الاسرائيلية المتعاونة معهم اصدار تصريحات لانقاذ ماء وجههم، وخلط الاوراق كي تمر الزوبعة.

الكتابة في هذا الموضوع لا تنتهي أبدا , لكن تطورات وأحداث , تفرضها علينا تقاطعات التاريخ والسياسة بالديانات والمصالح على الأرض …. والجغرافيا وثباتها  تجعلنا نتوقف لرصد توجهات الريح.

عودة إلى اليونان :

منذ بضعة اسابيع  بادر راعي الكنيسة اليونانية رئيس الأساقفة ” إيرونيموس ” وهوطيب وحكيم حقا  … من اجل إخراج بطريرك القدس السابق ” إرينيوس الأول من حبسه , وفك أسره …. من أقبية البطريركية منذ ” عزله “ من منصبه عام منذ عام 1905   وإحضاره لليونان بحجة تلقي العلاج

وكان رئيس الكنيسة الارثوذوكسية في اسطنبول البطريرك بارثولوميو الأول الزعيم الروحي  لنحو 250 مليون ارثوذوكسي في أنحاء العالم سبق وأن قام بمحاولات حينذاك , سعى فيها لتهدئة الخلاف الذي نشب بين البطريرك ارينيوس الأول وقادة الكنيسة في القدس الذين طالبوا بعزله .

والجدير بالذكر ان البطريرك إيرينيوس الأول  ”  واجه في بداية انتخابه مشكلة عدم اعتراف سلطات الاحتلال به ومنعه من التصرف بأملاك الوقف الأرثوذكسي  وكان قد وجه البطريرك الجديد في كلمته بعد انتخابه تحية خاصة الى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والى الرئيس ياسر عرفات مؤكداً انه سيبقى دائماً مسانداً للشعب الفلسطيني في قضيته العادلة

هل وجد البطريرك الجديد في التعاون مع الاحتلال سبيلا لتخفيف الضغط عليه، ولو كان ذلك على حساب أوقاف الكنيسة الأرثوذكسية وأملاكها التاريخية في القدس ؟؟؟ ….. الله اعلم .

لم يمض وقت على انتخابه (من عام 2001 إلى 2005) حتى كشفت وثائق تفيد بتسريب أملاك للكنيسة إلى الاحتلال فيما عرف بـ “صفقة باب الخليل”.… ولكن اللغط ما زال مستمرا حول من هو المسؤول عن هذه الصفقات …

هل كان عزل  البطريرك الجديد ” إرينيوس الأول  ” لهذه الاسباب …. التي قدمها من عزلوه وعلى راسهم البطريرك الحالي   ” ثيوفولس ” …. ليخلوا لهم الجو  ؟؟؟

الجواب …..  ربما جاء في تقرير راقي واكاديمي كافي لدحض إدعاءات وممارسات البطريرك الحالي  … قامت به .….. وهذا بعض ما جاء فيه : دائرة الدبلوماسية والسياسات العامة plo.ps

في هذا التقريرالأولي :

والذي أعده المجلس المركزي الأرثوذكسي والمدعم بالوثائق  المرفقة  يوثق دور البطريركية في الغاء الهوية المسيحية للأرض في فلسطين وتهويدها ضمن مسلسل ممنهج لتصفية العقارات والأوقاف العربية الأرثوذكسية طالما حذرت المؤسسات والفعاليات الأرثوذكسية ومنذ عشرات السنوات من تداعيات تمديد الايجارات وتسريب أراض جديدة للاحتلال بعقود ايجار طويلة الأمد،  وكما سبق وحذرت من أن القضية الأرثوذكسية ليست  قضية قسائم، وصفقات ايجار وتسريب بين الحين والاخر، بل هي قضية وطن وقضية رعية عربية متأصلة في جذور الأرض المقدسة. كل ذلك، دون أن يرتقي الموقف الرسمي الى مستوى الخطر في كل تحذير وبيان وموقف وحراك  تبنته المؤسسات مما أوصلنا اليوم الى جرأة قرار التخلص من ملكية أوقاف الرعية العربية الأرثوذكسية وتسريبها وبيعها بيعا كاملا للاحتلال وتغيير الهوية الوطنية والدينية للأرض الفلسطينية مما يندرج تحت مسعى الاحتلال لاجبار العالم للاعتراف بما يسمى يهودية الدولة

في هذا التقرير نسلط الضوء على اصرار رئاسة البطريركية اليونانية على بيع وتصفية أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين بيعا كاملا، لا ايجارا ولا تحكيرا لصالح الاحتلال ولرموز وأسماء يمينية متطرفة، لخلق واقع جديد جيوسياسي على الأرض المقدسة. هذه الرئاسة المتمثلة بالبطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين وعبر الأردن، ومجمعه المكون من 18 إكليريكيا يونانيا يحملون الجنسية الأردنية بإستثناء  (مستشاريه القانونيين )  

الخلاصة :

شهدت ولاية البطريرك الحالي ”   ثيوفيلوس ”   3 اتفاقيات حول هذه الأرض الاستراتيجية والهامة والتي تعد رئة القدس، وحافظة هويتها العربية المسيحية وتاريخها رغم وقوعها في القدس الغربية، كذلك الأمر لسائر أوقاف وأراضي بطريركية الروم الأرثوذكس الواقعة داخل الخط الأخطر، والتي هي تحت الولاية الروحية والكنسية للبطريركية الواقعة داخل أسوار القدس والتي يسري عليها القانون الأردني رقم 27 لسنة 1958.

خلافا لكافة التعهدات التي قدمها البطريرك ثيوفيلوس قبل انتخابه وبعد انتخابه (مرفق 23)، وللمرة الأولى منذ أن تأسست بطريركية الروم الأرثوذكس وتعاقب 141 بطريركا على سدتها، يجرؤ البطريرك الحالي ثيوفيلوس على بيع أوقاف وأملاك الكنيسة الوطنية الأرثوذكسية الى جهات يمينية احتلالية كما جرى في الصفقة موضوع البحث هنا، وفي يافا (مرفق 32) وفي قيساريا (مرفق 33) والرملة (مرفق 34) وطبريا (مرفق 35) واماكن اخرى مهمة وعديدة بالقدس  بيعا كاملا وتنازلا عن الملكية المسيحية للأوقاف المسيحية  والتي يشكل فيها العرب الأرثوذكس في فلسطين والأردن الغالبية الساحقة نحو 100000 شخص… الخ…. التقرير الهام..

عود على بدء  …. ومنذ ذلك التاريخ :

مازال البطريرك السابق في محبسه داخل البطريركية مغلق عليه بإحكام , بعدة أبواب ولا يمكن لأحد من الوصول اليهِ وبحسب عدة تقارير اعلامية منشورة سابقا تبين ان البطريرك إرينيوس حبيس في غرفته في ظروف إنسانية صعبة ويقال أن أحد سكان البلدة القديمة في القدس يقوم بالتواصل معه وارسال الطعام له عن طريق السلة والحبل والى هذا التاريخ يرفض البطريرك إرينيوس الأول ما جرى ضده

ويقول البطريرك إرينيوس أنه برئي من كل التهم المنسوبة اليه ولم يقم ببيع أي أوقاف للكنيسة ويؤكد أنه البطريرك الشرعي والقانوني للكنيسة بحسب كل القوانين والأعراف الكنسية المعمول بها وأنه ضحية لمؤامرة مقصودة كان هدفها أبعاده عن كرسي البطريركية حسب ما جاء في وكالة ” عمون ” الإخبارية  حينذاك .

وتاكيدا لما جاء أعلاه , سمعت من البطريرك ارينيوس شخصيا هذا الكلام واكثر من خلال  إتصال معه على هاتفه الجوال , ( والذي لم يعد يعمل الان ) . وتاكيده على ما سبق . .. وكنت قد حصلت على رقم هاتفه الجوال  من الأستاذ الجامعي ” في علوم الكهنوت  ”  في جامعة أثينا  ( سبيرو كوندياني )  والذي كانت  تربطه صداقة قديمة معه …. ورحل الأخير  قبل وقت قليل رحمه الله.

كنت ( تعرفت على البطريرك إرينيوس في اليونان وكان حينها مندوب بطيركية القدس  و راعي كنيستها في اليونان )

القضية الان :

مبادرة رئيس الأساقفة اليوناني التي اثارت بطريرك القدس  الحالي ” ثيوفولوس “ وتداعيتها على العلاقات بين  بطريركية القدس والكنيسة اليونانية في اثينا …. وتبادل الرسائل والتي كانت بمثابة ” قذائف من العيار الثقيل   .

وهنا ثارت ثائرة  بطريرك القدس بمجرد علمه بما يجري من حوله من محاولات راعي الكنيسة اليونانية  ” إيرونيموس “  ومحاولات  الإفراج  عن البطريرك السابق من حبسه , بعد تجريده من صفة البطريرك وإنزاله إلى كاهن عادي إن لم يكن اقل من ذلك .… وحبسه .

وفي اول رد فعل لبطريرك القدس رسالته إلى  راعي الكنيسة اليونانية …… و نصحه بعدم التدخل فيما لا يعنيه ….

لكن كبير اساقفة  اليونان قام  بالرد على بطريرك  القدس…. والذي جاء بمثابة إعتذار ناعم ….. لكنه أشار في رسالته على  البطريرك بضرورة فك  اسرمستخدما نعبير ” اخونا إرينيوس …… ” من محبسه  بحجة تلقي العلاج ….

من هنا تبدا حكايتنا اليوم .

إذا اردنا أن نضع النقاط على الحروف …..  لمعرفة الاسباب التي اثارت حفيظة  بطريرك القدس للروم الارثوذكس , الحالي والذي ياتي ترتيبه الرابع بين تسعة بطاركة أرثوذكس , من مبادرة راعي الكنيسة اليونانية …. هل كانت تحسبا وخوفا من لجمه …. وتصحيح تصرفاته ….  من قبل راعي الكنيسة اليونانية ؟؟؟؟

( وكما هو معروف ان قوة وموقع هذا الأخير تاتي من موقعه في العاصمة …الهيلينية…. اثينا . وليس من مرتبته الدينية     ” رئيس أساقفة  ” في اوساط  الأساقفة والبطاركة في الكنيسة الإرثوذكسية)

لذلك يمكن تفسير سرعة وزير الدولة في وزارة الخارجية المسؤول عن ملف الحضور  اليوناني حول العالم  … للقاء رئيس اساقفة اليونان , وتطمينه بأن الوزارة تبذل جهدها بالطرق الدبلوماسية للإسراع  في عودة البطريرك السابق . حسب صحيفة ( الكاثيميريني ) اليونانية  الصباحية الراقية والدقيقة بمعلوماتها . إضافة إلى معلومات العبد الفقير إلى الله..

وما يحكى   في الغرف المقفلة عن لقاء ( خاص  ) لم يعلن عنه … جمع راعي الكنيسة اليونانية مع وزير الخارجبة اليوناني نفسه  …. الذي  سبق وان زار إسرائيل  أخيرا في زيارة رسمية , زار خلالها البطريركية في القدس وإلتقى البطريرك    ” ثيوفولس ” بدون أي تعليق … وأشياء اخرى  نفهم منها اكثر  دور  موقع الطرف 1 في المعادلة اعلاه أي ….  اليونان .

( زيارة وزير الخارجية اليوناني إلى إسرائيل والتي جاءت في بداية مهماته …. وتصريحاته  ” السعيدة ” بوجوده في دولة مهمة لإستقرار المنطقة !!!!  من أجل توثيق علاقات اليونان مع دول المنطقة وإقامة تحالفات …. وتفاهمات على ثروات البحر الأبيض  لمواجهة تركيا …الخ . مفهوم ….

وزياراته للبطركيركية اليونانية  مفهوم ايضا ….. وربما كان من اللياقة الدبلوماسية زيارة رام الله والتعرف على ما عندها  في مطلع مهمته الدبلوماسية . ….  ولكن لا بد من إفهام الناس ايضا  أن الشواطئ الفلسطينية لها موقعها وأهميتها  في هذه المعادلات ….  والثروات الدفينة في مياهها …وهذه حكاية اخرى …)

بات واضحا الآن ان عودة البطريرك السابق إلى أثينا , التي سبق وكان فيها مندوب بطريركية القدس وراعي كنيستها في العاصمة اليونانية قبل ان ينتخب يطريرك القدس , وله فيها مساندين واصدقاء ….  مسالة وقت .. وفي حالة عودته هل تسمح له  السلطات اليونانية في ظهوره كما يريد هو نفسه :  البطريرك الشرعي والقانوني للكنيسة بحسب كل القوانين والأعراف الكنسية المعمول بها وأنه ضحية لمؤامرة مقصودة كان هدفها أبعاده عن كرسي البطريركية …. ” .

( عند بدا الأزمة  قالت   مراسلة بي بي سي في القدس باربرا بليت انه قانونا لا يمكن لقادة الكنيسة إقالة البطريرك، وان الوسيلة القانونية الوحيدة هي موافقة حكومات الدول التي تضم رعايا كنيسته وهي حكومات إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، ( وحتى ذلك الوقت كانت الأردن من صدقت فقط على إقالته  )

وهل سوف تسمح له  السلطات اليونانية ( رقم 1 في المعادلة إياها )  التي تعملالآن وبصمت على فك اسره بالتحدث والإدلاء بالتصريحات وكشف المستور…. خصوصا الخلاف حول بيع أراض مملوكة للكنيسة الارثوذوكسية تقع داخل المدينة القديمة بالقدس …. وممارسات البطريرك الحالي في القدس  … ونشر غسيل بطريركية القدس ….

وتذكرنا هذه الحالة بابيات شعر لطرفة بن العبد مقتبسة من معلقته الشهيرة : لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً … ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ له … بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ

عجبا نحن في إنتظار لمن تقرع له الأجراس ؟؟؟

… إذا سمحت !!!! وتمكنت  الدولة اليونانية ( بتحرير)  البطريرك السابق …ماذا سيكون عليه الموقف الإسرائيلي  ؟؟؟ ام هناك طبخة يجري طبخها على نار …هادئة ….. أو كما قال شاعرنا محمد بدوي مصطفى :

 لا تسالن عن الزمان فإنه   في راحتيك يدور كيف تشاء

البطريرك ” إيرينيوس الأول ” والفلسطينيون: 

من الجانب الفلسطيني فإن لجنة التحقيق الفلسطينية برأت البطريرك ايرينيوس بشكل مطلق من صفقة بيع العقارات: كان قد رفض المحاميالياس خوري عضو لجنة التحقيق الفلسطينية حول ضلوع البطريرك ايرينيوس الاول في صفقة بيع عقارات للكنيسة الاورثوذكسية في القدس لجهات اسرائيلية.

وجاءت اقوال النائب الاردني السابق عودة قواس …. ومطالبة الاخير السلطة الفلسطينية بالمصادقة على تنحية ايرينيوس( لا ندري من كلفه بهذه المهمة ) كانت مرفوضة … “ وقال المحامي خوري حينذاك انا معي مستندات ووثائق تؤكد براءة ايرينيوس من التهم ضده لكن قواس لا يملك شيئا.واضاف المحامي خوري : لو وجدنا ان هناك رموزا حتى لو كانت قليلة بان ايرينيوس ضالع في صفقة بيع او تأجير عقارات لاسرائيليين لقلنا ذلك لكن تبين لنا بشكل قاطع ان ايرينيوس بريء من هذه التهم، وتابع المحامي خوري ان “دوافع قواس هي تأييده للمطران تيموثي ليصبح الاخير بطريركا وهو يضحي من اجل ذلك بالارض وعقارات البطريركية موضوع الصفقة المزعومة أدوار….  وعصابات … وسماسرة … معروفين ومشبوهين , قواس … وقواسين ….. لن يرحمهم  شعبنا…..

* السفير ملحم مسعود، من أسرة مركز الناطور للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى