السفير ملحم مسعود يكتب – العلاقات العربية اليونانية

السفير ملحم مسعود *، 12.7.2019
أتوقع من بعض الاصدقاء من قراء صفحات المركز وكتاباته , وكتابه … العتب , وهم يسألون … ويطالبون بالبدا بالحالة الفلسطينية اليونانية وما ينتظرنا , في حال ما إذا دب فيها الإنتعاش والتجديد والحراك …. ونقول لهم كفى عجالة ونذكرهم بقول الله تعالى :
ولَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
لم تكن الحالة الفلسطينية , يوما تتحرك بالدفع الذاتي …سوى ما تطلبته ضرورات النضال , وتقديم التضحيات لأن ذلك لا تصنعه سوى الروح الوطنية للشعوب التي تريد الحياة … كما قال الشاعر التونسي الكبير :
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ — فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وإذا إندفعت هذه المسيرة قليلا وبعيدا إلى الأمام … فنحن بحاجة إلى التضامن العربي ... لان الصعوبات والتحديات كبيرة , ولا يعني ذلك وصاية الكبير على القاصرين . او الوصايات التي كانت سمتها التدخل , وزعزعة التوازنات الفلسطينية وتداعيات ذلك , علىالوفاق و التحالفات العربية … الخ.
حيث ما زالت بعض هذه المفاهيم , والتصرفات تلقي بظلالها على المسيرة الفلسطينية … لكن زمن أول …. قد حول
عودة إلى اليونان وما جرى منذ الأحد الماضي:
حكومة حاضرة , تحاول فرض واقع جديد , تنعش آمال المواطنين بغد مشرق , واكثر إستقرار لمستقبل افضل … وهذا هو أهم اولياتها . ليست مهمتنا هنا الخوض في الشأن الداخلي …
لكن هو عنصر اساسي وضرورة رصده , وتأثيره في تحديد السياسات والتوجهات الخارجية لأي دولة بطبيعة الأحوال …
ما زال رئيس الحكومة اليونانية يتلقى برقيات التهنئة من جهات واطراف مختلفة وهذا له اكثر من معنى في العلاقات الدولية …. كان أول المهنئين الرئيس التركياردوغان …. لم يصدق البعض …
لكنه اراد إرسال رسالة ( محبة وصداقة ….. ) واضحة للجيران ( الأعداء ) وهو يتحداهم هذه الأيام في حكاية كل يوم ” أزمة بلا نهاية … تصعيد تركي في المياه الإقليمية اليونانية والقبرصية ” والجرف القاري لقبرص واليونان … والتداخل في حدود البحار والمياه المشتركة في عمليات التنقيب …الخ .
وربما … إستوحى أردوغان ببرقية التهنئة بعض ما كان يعنيه المتنبي في هذا البيت من الشعر :
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي .. وأسمعت كلماتي من به صمم
في هذه المناسبة ارسل العاهل السعودي برقية تهنئة ايضا , وترجمت وفهمت بالمهمة … للطرفين كما هو مفهوم في أعراف , واروقة السياسة والدبلوماسية .
لا ادري من ارسل … أو نسى أن يرسل من الزعامات العربية … أو كان لديهم ما يكفيهم من الهموم .
واعتقد أن الرئيس الفلسطيني و ( مكتبه العامر بالخبراء , لا تفوتهم هذه المناسبات والبروتوكلات … ) رغم القنوات والأدوات التي في العادة مفروض ان تكون سالكة في مثل هذه المواقف … والله اعلم .
العلاقات العربية اليونانية , إذا أردنا بعض عناوينها فهي كالآتي :
بإستثناء خصوصية العلاقات مع مصرالعربية تاريخيا , والتي نراها حاضرة دائما مع الجانب اليوناني في نشاطات إقتصادية ودفاعية , رغم الوهن الذي اصابها بسبب سياسات يونانية .
في المغرب العربي , اذكر مبادرات ومحاولات يونانية بادر بها أندرياس باباندريو في الجزائر مع بداية الثمانيات … لم يكتب لها الإستمرار وخصوصا بسبب بعض ممارسات شركات ومؤسسات يونانية .
في ليبيا كانت علاقاتها أكثر دول المغرب حضورا وفاعلية في اليونان , إقتصاديا وثقافيا وإجتماعيا ساعد في ذلك التاريخ والجغرافيا وقربها من اليونان , وعوامل اخرى شجعت ليبيا ( ما قبل القذافي ) لتطويرها والبناء عليها …. سقى الله يوما كانت ليبيا …. ليبيا .
أما العلاقات العربية الخليجية كادت تنحصر في الشركات اليونانية الناشطة , في البناء والمشاريع الملاحية , والنقل البحري ….
اذكر حتى سنوات قليلة لم تكن لدول خليجية بعثات في اليونان .
ومن النشاطات التي تتفاعل حاليا لدولة قطر في اليونان … ورغبتها في الإستثمار في اليونان , لكن البيروقراطية … ومواقف بعض الفعاليات في أماكن بعيدة وصغيرة …. تحول أمام المشاريع الكبيرة , القادرة على تنفيذها دولة قطر حالت كما يبدو في الشروع فيها . .. حتى الآن .
العراق كان متميزا في علاقاته مع اليونان , أما سوريا ولبنان والاردن ( وخصوصية علاقاته مع اليونان ) , كانت العلاقات موجودة وجيدة , وكان هناك تعاون مع الكنائس والمؤسسات الأرثوذكسية في المنطقة , وكانت أعداد كبيرةمن الشباب قد وفدت إلى اليونان للدراسة …. ربما ساعد ذلك في توثيق وتجسيرالعلاقات الثقافية مع اليونان .
وإذا سال البعض عن وجود وحضور بعثات الجامعة العربية … فحدث ولا حرج .
تابعت هذا الحضور منذ عقود , كان فاعلا عندما كان الحضور العربي منسجما ومتكاملا ومتحدا …. وتعرفت على امين عام سوري … وآخر ليبي … واخيرا يمني … من اليمن الذي كان سعيدا …
وحالنا العربي في اليونان …. أقل ما يوصف به أنه في ( حالة … تخزين )
وطالما نحن في اليمن يقول المثل … في مجالس التخزين ” من لا يحمل عود … ليس له قعود “
وإنشاالله تعود ليالينا واليمن يعود لينا …
عود على بدأ ……
إن احد اهم مفاهيم التعاون اليوم بين الدول هو العلاقات الإقتصادية والتجارية … ونحن نتكلم عن اليونان البلد الذي وصل إلى حافة الإنهيار …
لكن هذا لم يكن مسموح به في المنظومة الأوروبية , والتي سارعت بإنقاذه .
اليوم رئيس حكومة جديد تنهال عليه التهاني ” المباركة ” من كل صوب …
في صلب أولوياته سيكون التعاطي مع الإلتزامات المالية للسنوات القادمة وببساطة :
نذكر هنا اهم الأولويات . اليونان اليوم ملزمة بتحقيق فائض أولي في ميزانيتها يصل إلى نسبة 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي …. ويقول الخبراء أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه بدون معدلات نمو مرتفعة …. وهذا يعني مزيد من الضرائب ... وضرائب عالية … طالما عانى منها المواطن اليوناني .
وهنا حجر الرحى …
لأن ذلك سيكون بمثابة حلقة مفرغة إذا لم يترك الدائنون لأثينا هامشا مرنا للمناورة …
( يريد رئيس الوزراء الجديد جعلها 2.5 % ) وإلا سيكون من الصعب ان يرى المواطن ( أو أبناء هذا الجيل … على الأقل ) شيئا من الإنتعاش , الذي سبق وأن وعدنا به رئيس الحكومة في حملته الإنتخابية .
إن العلاقات العربية المفيدة للطرفين تمر من بوابة المصالح … وتطوير المواقف وتقريبها بحيث تناسب ظروف كل بلد …
كذلك المشاريع الإستثمارية المشتركة وهي كثيرة وواعدة لا سيما في مجال السياحة , والنقل البحري ومجالت أخرى ( في الإتجاهين ) لكن لا بد من قوانين وإجراءات وحوافز تدخل الطمأنينة لقلب ( رأس المال ) من كلا الجانبين …. واليونان اليوم في حاجة إلى تطوير وتحديث نظمها ,وهذا ما وعد به الزعيم الجديد لليونان , والمؤكد أن من يريد التعاون سيلقى معاملة جديدة …ولغة اخرى .
وللحديث بقية …
* السفير ملحم مسعود من اسرة تحرير مركز الناطور للدراسات



