#شوؤن عربية

السفير ملحم مسعود يكتب – الصراع … على ليبيا ..!

السفير ملحم مسعود – اليونان 16.12.2021

ليبيا حكاية كل يوم … ومن ينظر  إلى مساحتها  واطرافها وحدودها مع دول الجوار , اضف إلى كل هذا حجم الثروة النفطية واهمية ذلك  مع دول الشمال  لتشكل عناصر القوة الشاملة التي يدركها خبراء السياسة في المنطقة  ,  بإعتبارها أساسا تقوم عليه البلاد القوية إذا توفر لها الإستقرار والأمن  الداخلي … الأمرالذي لم تعرفه البلاد طوال العقود الماضية , إضافة للتجاذبات  الخارجية لتصبح بمثابة صراع على ليبيا … 

وتقاسم الكعكة في ظل الحالة التي تهيمن الآن على الحياة السياسية … ويقال عن أهمية  أدوار  الأمم المتحدة والقوى العظمى , واصبح هذا امر واقعي منذ الإستقلال ,  لكن لن ينجح هذا  أو يجلب لها الإستقرار دون الدور الأساسي لدول الجوار واهمية ذلك لها , وبالدرجة الأولى مصر … يليها الجزائر ثم تونس وطمأنة دول الجنوب الأفريقي  … وتهدئة دول الشمال القلقة  دائما على مصالحها وخصوصا تامين  إمداداتها من الطاقة … الخ . قبل الحضور التركي والجماعات المرتزقة أجانب  وعرب وعجم وفاغنر وما شاء الله .

في مراجعة تاريخية سريعة : 

ما زالت وصاية الأمم المتحدة على الملف الليبي واضحة  وتُذكرنا ملابسات الدور الأممي في المسار الانتخابي الراهن بقرارات  الأمم المتحدة 1951 وما تمخض عنها … والآن من المؤكد أن الأمم المتحدة، وقوى عظمى وأخرى إقليمية، استثمرت في مساري برلين 1 و2 ثم في مسار جنيف، لكي يتحرك قطار السلام، وبالتالي لن تقبل بإجهاض هذا المسار. إن الحديث عن تاريخ ليبيا المعاصر يسترعي الإنتباه والإهتمام لفهمها ومستقبل ليبيا بوجه عام مراجعة تاريخية . 

 منذ  بدأ الغزو الإيطالي لليبيا عام 1911 … مرورا بالحرب العالمية الأولى … وإنتهاء بالحرب العالمية الثانية …  والتحولات التي عرفتها المنطقة بكل ما آلت عليه الحروب وإعادة رسم السياسات وترسيم الحدود … لم تكن ليبيا خارج هذه المستجدات ,  وفي نبذة سريعة لما يجري اليوم من صراع على ليبيا وقبل أن تظهر بشائر الثروة البترولية  الواعدة فما بالكم الان … ( يشكل النفط في ليبيا نحو 94 في المئة من موارد البلاد، التي اكتشف فيها للمرة الأولى عام 1958، وبدأ إنتاجه رسمياً عام  1961… ويتمز بنوعية جيدة وقربه من الاسواق الأوروبية )  

 وكما جاء في كتب التاريخ فقد إتفقت بريطانيا وإيطاليا على مشروع ”  بيفن” سيفورزا في مارس 1949 الخاص بليبيا والذي يقضي بفرض الوصاية البريطانية على ( برقة ) والوصاية الفرنسية على (فزان) والوصاية الإيطالية على ( طرابلس ) على أن تمنح ليبيا الإستقلال بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقة عل مشروع الوصاية  وقد وافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في يوم 13 مايو 1949 .  لكن بعد ان قٌدم إلى الجمعية العامة للألمم المتحدة للإقتراع عليه  باء بالفشل مع فارق قليل على عدد الأصوات المؤيدة.

بعد نضال سياسي مضني قام به وفد من المناضلين الليبيين …  وحشد الدعم الدولي من أجل المطالبة بوحدة البلاد وإستقلالها أصدرت الجمعية العمومية  للأمم المتحدة في نوفمبر 1949  قرارها الذي يقضي بمنح ليبيا إستقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952  وتم تشكيل لجنة عمل لتنفيذ قرار الأمم المتحدة على أن تبذل قصارى جهدها من اجل تحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة .

تمخضت هذه الجهود على تشكيل جمعية تاسيسية عام 1050 من 60 عضواً يمثلن الأقاليم الثلاث بالتساوي , وإجتمعت الجمعية التأسيسية برئاسة مفتي طرابلس لتقرر مستقبل الدولة وشكلها … ورغم خلافات جانبية على صيغة النظام الإتحادي كلفت الجمعية التأسيسية لجنة لصياغة الدستور ( حكاية كل يوم … ) وتم مراجعة ودراسة النظم الإتحادية المختلفة في العالم , قدمت اللجنة تقريرها  إلى الجمعية التأسيسية في  1951 في الوقت الذي كان قد  تشكل فيه ( حكومات)  إقليمية مؤقتة … 

ثم تم الإعلان  عن  تشكيل حكومة إتحادية مؤقتة لليبيا  مقرها طرابلس برئاسة محمود منتصر ولاحقا تم إلحاق الحكومات الإقليمية وصلاحياتها كاملة  للحكومة الإتحادية في طرابلس … ما عدا كل مايتعلق بأمور الدفاع والشؤون الخارجية والمالية … وما لبثت أن تم نقل  كافة صلاحيات حكومات الأقاليم الثلاث للمركز في طرابلس . ثم الإعلان عن الدستور في 24 من ديسمبر 1951 وإختيار إدريس السنوسي ” بالتوافق … ملكا ” للبلاد وبنظام فيدرالي يضم ثلاث ولايات … طرابلس وبرقة وفزان … كذلك يعني أن ليبيا لم تشهد في تاريخها (  إنتخابات )  رئيس للبلاد …  

ورغم كل المحاولات التي قامت بها الدوائر الإستعمارية بعد ذلك من أجل إبقاء صيغة النظام الإتحادي , لكن إرادة الشعب الليبي وعبرَ ممثليه المنتخبين قاموا في 26 إبريل 1963 بتعديل الدستور وأسسوا دولة ليبيا الموحدة تحت إسم  ( المملكة الليبية … )  

 

 أهمية الإنتخابات الليبية

 الرئاسية …  والبرلمانية  … و تزايد الغموض يزيدها  تعقيدا  بين ضرورية إجرائها  … وعدم إجرائها  في الوقت المحدد  ( 24 من هذا الشهر ) حيث تتصاعد  الأصوات المطالبة بتأجيل الاستحقاق  حسب  المعلومات التي يتداولها سياسيون ليبيون ضمن أحاديث غير رسمية  متضاربة حول مبادرة أو مبادرات … وربما تفاهمات حول  ” صفقة ”  بين الأطراف والفعاليات  المختلفة ليبية وأخرى غير ليبية …  تجري على وقع  نار هادئة …  لكن في سباق مع الزمن ما يضفي عليها المزيد من الضبابية … في الوقت الذي اصبح  حال المرشحين بالجملة والفرادي … بالعشرات … والمئات   … بعد  تشذيبها … وغياب الوئام والإستعداد بقبول نتائجها .

والشئ بالشئ يذكر … حول ما جرى ويجري في العراق الشقيق  بعد  الانتخابات العراقية التي جرت اخيرا، مزيداً من التشكيك والتعقيد بنتائج   الإنتخابات ، و في ظل إصرار بعض قوى وجماعات    شيعية خاسرة على إلغاء النتائج وإعادة الإنتخابات  بعدما بدا في حكم المؤكد أن الطعون التي قدمتها، ومطالبتها بإعادة العد والفرز، لن تؤدي إلى تغيير جذري ينتزع الفوز من فم التيار الصدري …

 واليوم نحن امام  ” حالة إنتخابية عربية ”  أخرى لن تكون لبنان او السودان  هذه المرة… بل في ليبيا الشقيقة وما يجري من مخاض طويل لعودة  وحدة البلاد بعد هيمنة  الأنظمة والجماعات  المتعاقبة على الحكم هنا وهناك من الأقاليم والمدن  حتى القرى والحارات و ” الزنقات  … ” والانحرافات الخطيرة … وزج العسكر ( هناك أكثر من جيش )  في السياسة والانقلابات والدساتير المؤقتة وممارسات التمييز والقمع وحملات الإبادة … وتغذية الانقسامات وتهديد السلم المجتمعي . 

بعد 42 سنة من حكم القذافي وعقد من العنف والفوضى، هناك ورش عديدة تنتظر أي حكومة مقبلة، لعلّ أبرزها توحيد المؤسسات، لا سيما المصرف المركزي والجيش. كما يجب وضع دستور للبلاد التي لم يعد لها دستور منذ ألغاه القذافي في 1969.
ويفترض تناول وضع حقوق الإنسان في البلاد. وأفاد تقرير لبعثة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في بداية تشرين الأول/أكتوبر أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في ليبيا منذ 2016.
وتحولت البلاد إلى نقطة للاتجار بالبشر في المنطقة. من مرتزقة … ومهاجرين ويوجد فيها اليوم عشرات آلاف المهاجرين غير القانونيين الساعين إلى الانتقال إلى أوروبا والذين يجدوا أنفسهم عالقين غالبا في مخيمات في ظروف مأساوية، عندما لا يموتون في البحر.
كما يريد السكان حلولا لمشاكلهم الحياتية الكثيرة مثل انقطاع الكهرباء، ونقص السيولة، والتضخم. بالإضافة الى الحاجة الى إنعاش الاقتصاد المعتمد بقوة على المشتقات النفطية.
ويعتبر تفكيك الميليشيات شرطا أساسيا لإحلال السلم في البلاد، الى جانب خروج حوالى عشرين ألف عنصر من المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين دخلوا ليبيا ليقاتلوا الى جانب هذا الطرف أو ذاك.

 في هذا المناخ تأتي هذه الإنتخابات ( إذا جرت …  )  وتوافر الظروف الأمنية لإجراء الانتخابات حيث تحيط شكوك كثيرة بمسألة إجراء الانتخابات، بسبب الانقسامات العميقة، لا سيما حول قانونية القانون الذي ستجرى على أساسه لتكون الأكثر تعقيدا من كل ما عُرف في الديموقراطيات في عالمنا المعاصر .

على الرغم من التقدم السياسي الذي أحرز منذ سنة، لا سيما بعد وقف إطلاق النار بين الشرق والغرب، يبقى الوضع الأمني هشا. في الشرق، أقام  ( حفتر )  نظاما متسلطا الى حد بعيد، يصفه معارضوه بـ  ”الدكتاتورية العسكرية”.
في المناطق الأخرى، يسود حكم المجموعات المسلحة المتنافسة أحيانا. وتخللت العملية الانتخابية حوادث عدة. وسط زحام المرشحين لرئاسة الجمهورية أقلها أن المرشحين بالعشرات  … أما الإنتخابات البرلمانية وحسب المفوضية العليا للإنتخابات ان قرابة 3 مليون مواطن سجلوا أسمائهم في اللوائح من أصل 6,8 مليون     .
معنى هذا الإقبال و الإصرار  الشعبي على أن تكون هذه  الانتخابات جزءا من الحل وليست جزءا من مشاكل جديدة … كذالك من الواضح ايضا  ان الجماهير الليبية  مقبلة على صناديق الإقتراع  بل سوف تتزاحم أمام هذا الإستحقاق ظنا منها ان العملية الانتخابية في نهاية المطاف ليست هدفاً بحد ذاته، بل المسار السلمي والضامن لمشاركة واسعة للمواطنين  في تحقيق تطلعاتهم في حكم رشيد إفتقدوه منذ عقود   …  إذا جرت الإنتخابات  .

عودة إلى ”  سطوة ” امريكا والقوى العظمى 

 نفهم قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتسمية القائمة السابقة بأعمال رئيس البعثة الأممية في العاصمة طرابلس، الأمريكية ستيفاني ويليامز، مستشارةً خاصةً له في الملف الليبي. وأتت تلك التسمية في أعقاب استقالة المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا السلوفاكي يان كوبيش والأرجح كما رشَح من الصحافة وغيرها  أن غوتيريش لم يأخذ المبادرة وإنما تلقى     «نصيحة … » من أمريكا، التي سبق أن اعترضت على مرشحين كُثر لمنصب الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا.   

وبالتالي جاء في بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي لغوتيريس، أن وليامز ستقود جهود المساعي الحميدة والوساطة والتواصل مع الأطراف المعنية الليبية والإقليمية والدولية لمتابعة تنفيذ مسارات الحوار الليبي
وأضاف البيان أن المسارت المقصودة هي السياسي والأمني والاقتصادي، فضلاً عن دورها المرتقب في دعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، حسب البيان .
وها نحن نعود للأمم  المتحدة ودورها  : 

 بدأ  نشاط السيدة ويليامز كثيف للغاية وتأكيدا منها على أن مفاتيح القرار لم تعد في أيدي الليبيين، لوحظ أن وليامز توجهت فورا  بمجرد تسلُمها المنصب الجديد، إلى موسكو للبحث في ملف إخراج المرتزقة …  والقوات الأجنبية   (فاغنر ) وغيرها بالطبع   من ليبيا… ويدل هذا التحرك السريع على أن المستشارة الجديدة  ( القديمة ) للأمين العام، تسعى إلى إزالة الأشواك من طريق العابرين إلى التسوية السلمية للصراع . 

والجدير بالذكر  أن الجانب التركي الذي أصبح له موضع  قدم  ترفض  مقارنة قواتها  بالمنظمات المختلفة وتوصفها بالشرعية … وربط إجلاء مُقاتليها  بالتزامن مع خروج باقي المرتزقة وبشكل يشمل الجميع , وواضح عدم تحمسها  للإنتخابات .

ومنذ وصولها لطرابلس اشارت السيدة وليامز  بوضوح عن دعمها للإنتخابات . و لفتت إلى ضرورة أن يعمل الجميع على إنجاح العملية الانتخابية، وأهمية التواصل المشترك بين بعثة الأمم المتحدة وحكومة الوحدة الوطنية لتحقيق الأهداف المنشودة … وتسربت الشائعات حول احتمالية وضع خريطة طريق جديدة للانتخابات وتأجيلها، استجابة للتضارب الحاصل بين إرادة المجلسين : النواب، والمجلس  الأعلى للدولة … ولكل حساباته بحجة  ضيق الوقت … وغيرها  كما ان  الدعاية الانتخابية لم تنطلق بعد … وفي آخر  التطورات المتسارعة وخلط الأوراق   طالب رئيس لجنة الشؤون الداخلية في مجلس النواب، سليمان الحراري، السلطات الليبية، وأبرزها المجلس، إلى تحمل مسؤولياتها والتحدث بشكل صريح إلى الشعب الليبي عن عدم إمكانية إجراء الانتخابات المقررة في 24 كانون الأول/ ديسمبر.
وعن بعثة الأمم المتحدة هو تقديم الدعم الفني للسلطات الليبية، وليست الوصاية عليها أو على إرادة الشعب الليبي، داعياً البعثة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية أو الانحياز لطرف ما..

ومن جانبه صرح رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، أن قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب، هي سبب الانسداد الذي وصلت إليه العملية الانتخابية.
وشدد خلال لقاء جمعه مع السيدة  وليامز، أن المجلس الأعلى للدولة تنبأ مسبقاً بحالة الانسداد التي وصلت إليها العملية الانتخابية، وفق بيان المكتب الإعلامي للمجلس.
وتابع أن المخرج من كل هذا هو إيجاد قاعدة دستورية، والتوافق على قوانين انتخابية، مشيراً إلى أن رئاسة مجلس النواب ومفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، يتحملون مسؤولية الانسداد الحالي

وقد أثار نبأ احتمال تأجيل الانتخابات ردود فعل محلية ودولية … والأهم  ما قاله الناطق باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط، لويس ميغل: إن تأجيل الانتخابات من عدمه في ليبيا قرار سيادي للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

الخلاصة :

من أبرز المرشحين للرئاسة إذا جرت :

 حفتر وقد سقط في اللعبة السياسية لكنه لن يرفع الراية  … وله قوات في شرق ليبيا وعلاقات وتعاون مع إسرئيل … تطلب نارا ام ترى  جئت تشعل البيت نارا ……….( أحمد شوقي )

أما الدبيبة رجل  الأعمال والذي وعد بعدم المشاركة في إنتخابات  الرئاسة … يبدو ان الرجل طاب له المقام  , وعاد ورشح نفسه للرئاسة , رغم  كل ما يقال عن اموال صرفت هنا وهناك من اجل الفوز في رئاسة الوزراء ….  دعونا ننتظر والليالي من الزمان حبالا .

والأخ … إبن العقيد ملاحق بجرائم حرب وما زال في ذاكرة الليبيين حينما كان يهدد ويتوعد الويل والثبور … وعظائم الإمور … والعلاقات مع إسرائيل اصبحت مكشوفة ومعروفة …  حدث ولا حرج … إرحموا عزيز قوم

كل هذا يضعنا أمام أحداث منتفخة حُبلى بأشياعها   …  وهنا تستحضرني اشعار الإمام إبن القيٍم  مع الإعتذار على التعديل .

 إذا جرت الإنتخابات فتلك مصيبة … وإن لم تجري فالمصيبة أعظم 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى