#أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود يكتب التحوُلات … تُفرض علينا … أولوياتها

ملحم مسعود – اليونان 14.7.2021

أزمة   نزار بنات , وتداعياتها شحنت الهمم وحفزت  القدرات , وتتحول المحنة إلى منحة من السماء فكان خيرا لأهلنا في الوطن والشتات …  الشتات الذين لن يعود مجرد ارقام … بعد كل هذه التحولات في أرض الوطن  وعلى الساحة الدولية، ( وهذه حكاية اخرى )  ..!

إستغلت أكثر من جهة الحدث ، الامر الذي زاد الطين بلة … الم يكفينا ( نكبة ) الإنقسام و بإختطاف النظام وما تبقى من المؤسسات في غزة … ؟؟؟

وإذا كان هذا وصف الحالة الفلسطينية اليوم   … فالأصوات العاقلة ترتفع لإعادة التوازن  بالتوقف عند  المطالب بدعوات الانتقام  وحل السلطة ورحيل مسؤوليها …الخ .  واتهام كل من فيها من أصغر مسؤول إلى القيادات العليا… كما وصفها  في مقاله  الدكتور . نهاد أبو غوش .

 لتبقى الأسئلة التي تثيرها هذه الشعارات كثيرة من بينها:

هل الانتقام إجراء قانوني وشرعي يمكن ان يعيد الحق إلى نصابه … أم ان المحاسبة هي المطلوبة  ؟؟؟

 وإعادة ترتيب البيت الأمر الذي طالما نادينا به أكثر من مرة …  وهل ثمة بديل ثوري جاهز عند البعض لحل السلطة ؟

ألا تفتح هذه الشعارات والمطالب الباب أمام الفوضى العارمة التي لا تخدم أحدا سوى الاحتلال ، وتعيدنا إلى أنواع من الفلتان الذي خبرناه حيث يحكم الفُتوّات والقبضايات وجُباة الخاوات الشارع بدل سلطة المؤسسات والقانون؟

والأدهى … على الجانب الآخر كان اخطر ما سمعناه ورايناه من تصعيد لا مبرر له للأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطينية احمد المجدلاني ولم يكن له ضرورة عندما هدًد   وتوعد .. قائلا : شارع مقابل شارع …

ويبدو أن صاحب هذه المقولة لا يعي  معنى ذلك في الوقت  الذي يسعى فيه العقلاء  لوأد الفتنة في مهدها، وإعادة لحمة المجتمع ونشر  روح  التسامح والتعاون  والطمأنينة   بعيدا عن ثقافة الشوارع والحارات والزنقات.

دنيا .. إذا حلت … أوحلت

هل حقاً تفاؤلنا بنصر وبفرج هو حقيقة أم هروب من واقعنا المرير …  تذكرت  بعض أشعار  ”  أبي البقاء الرندي ”  التي تقطر أسى  (ولستُ بصدد المقارنة هنا … )  بعد نكبة شهد سقوط مدن الأندلس واحدة تلو أخرى :

لكل شيء إذا ما تم نقصان     فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دول   من سره زمن ساءته أزمان

وهذه الدار لا تبقي على أحد   ولا يدوم على حال لها شأن

 ربما هي الدورة التاريخية التي تكلم عنها ابن خلدون تخيلتها تدور كالعجلة تطحن أناس وتعلي آخرين بنفس الوقت لكنها لا تتوقف أبداً عن الدوران عند أي كان وكما يوزع الشر على الجميع فلكل نصيبه من الخير.

من هنا ليس لنا سوى إعادة ترتيب  البيت الفلسطيني ,  وإعطاء الأولويات التي فُرضتها التحولات في الحالة الفلسطينية اليوم ,  والمكاسب التي باتت واضحة وتتوسع في الفضاء الدولي … ( وحان قطافها )  كل اهمية  . وهناك معطيات تكاد أن تكون يومية يجب البناء عليها دون تأخير  … ولا خافياً على ذي بصيرة … يا أيها القائمون بالأمر فينأ .

بعض الأولويات التي تتوالى تباعا وتفرض نفسها :

الوضع الداخلي :

ضرورة المراجعة والمحاسبة ، التي تُشعر المواطن بالثقة في نفسه ومؤسسات الدولة ، ولن يكون أصعب من خَرْطُ القتَاد …

الدبلوماسية الفلسطينية … إلى أين ؟؟؟

يبدو ان هناك شيئ من التجديد في الدبلوماسية الفلسطينية

الدبلوماسية الفلسطينية … والعلاقات الأمريكية :

ربما كان اهم الملفات , واصعبها ولا اريد أن أدلو بدلوي بعيدا … والمعلومات الموجودة باتت واضحة , أن هناك حراك جديد ومفاجئ لإحياء الإتصالات الأمريكية الفلسطينية … وبمناسبة  قرار الرئيس الفلسطيني  بتشكيل طاقم   (جديد ) يعني هذا  دبلوماسية جديدة  للتفاوض  …  بداية طيبة , خير وبركة .

تراودني هنا بعض الأفكار ربما تكون فاعلة ومفيدة  ومهمة …  للدبلوماسية  الفلسطينية الجديدة  للعمل  على الساحة الأمريكية بوجه عام …  بجانب الوفود (  المتجددة ) والتمثيل الفلسطيني الرسمي  … لاحقا ، وأعني ضرورة وجود   نواة أومجموعة عمل ، سموها كما تشاؤون , تتشكل  من المخضرمين بالساحة الأمريكية فلسطينيين وما أكثرهم … وغيرهم …  وهم أدرى بشعابها ومعرفتهم  بخباياها , وبشكل شبه دائم خبيرة بالشأن الأمريكي لتقديم الراي والمشورة … إضافة إلى رعاية ودعم  ” لوبي ” صديق للمساندة يعمل بإستمرارية , بغض النظر عن مزاج أو مفاجئات سيد البيت الأبيض … كما حدث مع ترامب يوما .  

بعد هذا التقديم :  

إن المناخ الأمريكي الرسمي والإجتماعي والمؤسسات الامريكية بات في حالة أفضل من أي وقت مضى للحوار (العام ) معنا حتى الان : إقليميا , واوروبيا وفلسطينيا  سعيا للوصول إلى إحياء مشروع السلام في المنطقة . كذلك  هناك حراك سياسي أمريكي غير مسبوق ,  داخل الأغلبية الديموقراطية في مجلس النواب الأمريكي , مذكرا في البداية خلال  مخاطبة الرئيس الأمريكي  برسالة ( 21 يونيو الماضي ) سبق أن أشرنا لها على صفحات الموقع تطالبه بالعودة إلى السياسة الأمريكية الثابتة، باعتبار الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة مناطق فلسطينية محتلة، وأن المستوطنات غير شرعية وتشكل عقبة في طريق السلام، وأن السلام العادل، يمكن أن يتحقق من خلال إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جانب دولة إسرائيل .

إضافة للتحولات في الشارع الأمريكي بوجه عام وهذا مهم …هناك مواقف (  يهودية )  كانت تاريخيا  رافضة دائما السياسات الإسرائيلية في الوطن … تقودها منظمات تتبنى نهجا تقدميا معاديا لاستمرار الاحتلال، والتوسع الاستيطاني، وسلب الحقوق الأساسية الإنسانية والسياسية للفلسطينيين ,  ولا ينسى أحد  مواقف عضو مجلس الشيوخ المرشح السابق للرئاسة اليهودي ”  بيرني ساندرز ”  أبرز قيادات التيار اليهودي التقدمي الجديد ( سيكن مقال خاص عنه على الموقع قريبا )   كما تشارك في هذه السياسات على سبيل المثال  منظمات يهودية أمريكية من أهمها منظمة (جي ستريت) اليهودية  و(  أمريكيون للسلام الآن ) والتي تطالب إسرائيل بإحترام حقوق الإنسان، والتزامها بقواعد القانون الدولي بوصفها سلطة احتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبعضها رافض لمشروع الدولة اليهودية أصلا… في فلسطين … الخ .

يبدو أن هذه الجماعات والتنظيمات لم تكن موضع الأهتمام  و الحسبان بالشكل الكافي  من قبل التمثيل الفلسطيني السابق على الساحة الأمريكية … او ربما عدم وجود رؤية للدبلوماسية الفلسطينية للعمل  على الساحة الأمريكية ,  ولست أعرف إمكانيتهم وشخصياتهم …

لكن بالتأكيد أن  القائمين علينا اليوم … واصحاب مقولة   ( التجديد )  بطاقم التفاوض المتوجه للعاصمة الأمريكية  … سيعطوا أهمية خاصة  في المستقبل القريب  خاصا بالإختيار … لا سيما المعرفة والكفاءة والثقافة الدبلوماسية، في أعضاء  البعثة المقيمة هذه المرة  وطاقمها في العاصمة و الولايات الهامة على مستوى هذه المهمة السياسية و الدبلوماسية  … وأهمية ذلك في كافة البعثات الدبلوماسية في العالم .

هذا قليل من كثير

الدبلوماسية الفلسطينية … والعلاقات الأوروبية :

إن أهمية العلاقات الفلسطينية الأوروبية حقيقة تستعصي على الإنكار , ولا تُختزَل بعملٍ واحد من كتاباته … والعلاقات الفلسطينية الأوروبية متعددة ومتنوعة , حكمتها الجغرافيا وتاريخها المثقل بالمواقف والكوارث … وهي بلا شك معنية أكثر من جهة أخرى بتمديد الجسور وبناء الثقة في كل الإتجاهات … وأي إهمال من جانبنا  لا يزيد إلا خبالا …

من هنا تأتي أهمية الدبلوماسية الفلسطينية على الساحة الأوروبية وبالتحديد الإتحاد الاوروبي , الذي لم يوفر جهدا في دعم الحالة الفلسطينية ماديا وسياسيا , ضمن رؤية ساسية ثابتة و  واضحة  تصب في مصلحة الأطراف جميعا … كذلك وبدون مبالغة ” تعكٍز ” عليها مواقف سياسية لانظمة  أخرى … من قوى كبرى … واخرى في عالمنا .

لحجم هذه الأهمية ادعو الأخ الرئيس (رائد التجديد)  بإستنفار الكوادر والكفاءات التي عملت ونشطت ونجحت على هذه الساحة في الأزمنة الصعبة… قد تُنسى … لكنها لا تُمحى . واصبح عددها اليوم لا يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة … للعمل كمستشارين، كعتلة ترقى بالأداء الدبلوماسي  تتمركو وتتخندق في بؤرة الاحداث والتطورات … وهذا يحدث دائما بإستدعاء الدول  شخصيات متقاعدة للإستفادة من خبراتها وكفاءاتها في مثل ظروفنا الحالية , لا سيما على الساحة الأوروبية .  

رغم إحداث تغييرات في إدارة الدبلوماسية الفلسطينية أقرب ما تكون إلى ( لجنة بإشراف رئيس الحكومة )   وهي خطوة في الإتجاه الصحيح … لكن يبدو أن مشروعهم   … بغياب ودون مشاركة من خبراء  الدبلومسية الفلسطينية   وفنونها …. يبقى خال الدسم .  

يُحكى أن …  عند  إختيار اللجنة المعنية في الدبلوماسية الفلسطينية أعلاه … تكليف أو تعيين او تسمية    السلطة  ” لسعادة السفير … ” في بلد أوروبي هام لنا … تاخر قبول المرشح عدة شهور … ومايعني ذلك ليس خافياً على ذي بصيرة … لكن المهم ان  مؤهلاته ليست فقط انه موظف  ( خدمات )  سابق في إحدى الشركات …  لكن مؤهلاته ( ولزوم ما لا يلزم … ) كانت أن المرشح  من  أبناء قرية ( الباشا) أو قرية مجاورة … يعني حبايب ونسايب …

ما هكذا تورد الإبل … يا باشا

و يذكرنا هذا بما يقول  المصريون : «الموضوع فيه إنَّ»  

والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون

 * سبق وان كتبنا على هذا الموقع 5 مقالات عن الدبلوماسية لمن يرغب بالمزيد …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى