أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

السفير ملحم مسعود يكتب – أمريكا فتح صندوق …” باندورا “

بقلم السفير ملحم مسعود – اليونان ٤-٦-٢٠٢٠م

صندوق باندورا في الميثولوجيا الإغريقية هو صندوق كانت تملكه باندورا (باندورا هي أول امرأة يونانية وجدت على الأرض طبقا للأسطورة اليونانية حيث خلقت بأمر منزيوس وتم خلقها حسب الأسطورة من الماء والتراب ومنحت العديد من المزايا مثل الجمال والإقناع وعزف الموسيقى … وأعطى زيوس باندورا صندوقا وأمرها ألا تفتحه وفقا للرواية الأسطورية، لكن باندورا فتحت الصندوق بدافع الفضول منتهزة فرصة نوم زوجها، وخرجت كل شرور البشر منه حيث كان مليئا بكل الشرر ما بين كراهية وحسد وكل شر لم يعرفه البشر من قبل، وأسرعت باندورا لإغلاق الصندوقلكن الوقت قد فات وانتشر الشر في الأرض، ولم يبقى في قعر الصندوق إلا قيمة واحدة وهي “الأمل).
ذكرنا صندوق باندورا بما يجري الآن في الولايات المتحدة … وما زالت مستمرة في مدن وولايات أمريكية لا يستطيع أحد التكهن في نهايتها، وذلك غضبا لقتل مواطن اعزل ( جورج فلويد) من إصول افريقية لدي إعتقاله من قبل الشرطة , بعد أن جثم شرطي بركبته على رقبته وخنقه حتى الموت في مدينة منيابوليس يوم 25 مايوالماضي , وشاء القدر ان يسجل هذا المشهد البائس ويصور من قبل المارة , لكن تمكن أحدهم إلتقاط الصورة على هاتفه النقال وصوت الضحية حينما قال  بصوت خافت ( ركبتك فوق عنقي … لا يمكنني التنفس … إنني أختنق  يا أماه … يا أماه ) الفيديو الذي شاهدناه وأثارنا غضبا وإنتشر مثل النار في الهشيم  … واثار معظم مكونات المجتمع الامريكي ,  وبدات ثورة الغضب العارمة  تتمدد  إلى كل الولايات لتتوسع وتأخذ ابعادا أخرى … وحاولت وربما ما زالت تحاول  “أجهزة الدولة العميقة تعويم التهمة وتضليل التحقيقات وترقيع التهم الموجهة للشرطي ” الأبيض ” ليكون مصيرها فيالنهاية ادراج القضاء  .

وبدأت ردود الفعل تتوالى وتكبر وتتوسع ككرة الثلج والإحتجاجات تجتاح الولايات والمدن الأمريكية على مقتل جورج فلويد…. وقال الرئيس الأسبق بوش إن الواقعة تثير أسئلة مزعجة ينبغي الإجابة عنها, وأضاف بوش الذي تولّى الرئاسة من عام 2001 إلى عام 2009 مستطردا : “تثير هذه المأساة التي تأتي في إطار سلسلة طويلة من المآسي المشابهة سؤالا تأخر كثيرا، وهو… كيف نضع حدا للعنصرية الممنهجة في مجتمعنا؟ حان الوقت حتى تتحرر أمريكا من فشلنا الماساوي”.

وقال أوباما، وهو ديمقراطي تولى الرئاسة لفترتين وأول رئيس أميركي أسود: “إن العنف يزيد من الدمار في الأحياء التي تعاني فعلا على الأغلب من نقص الخدمات والاستثمارات ويصرف الانتباه عن القضية الأكبر”.

أما وزير الدفاع فقرر عدم الإنصياع  لقرار الرئيس بنشر الجيش في الولايات. وربما كان وصف حاكم ولاية مينيسوتا تيم والتز الأكثر واقعية لما يجري : ” ان الاحتجاجات ( لم تعد باي شكل من الاشكال )  مرتبطة بحادث وفاة جورج فلويد”.

مقتل جورج فلويد تحول لعملية كاشفة لكل التناقضات الكامنة في الواقع الأمريكي. فغضب الأمريكيين الراهن هو نتاج لعملية تراكمية في المجتمع الأمريكي ووسط مناطقه الفقيرة ووسط فئات من الملونين واللاتينيين والنساء وبقية الأقليات . لم تنقسم الولايات المتحدة في السابق على نفسها كما هي منقسمة اليوم، بل يشبه هذا الانقسام انقسام الأمريكيين الكبير في أواسط القرن التاسع عشر الذي أدى للحرب الأهلية. إن هجوم الرئيس الحالي اللفظي الدائم على الرئيس الملون الوحيد في التاريخ الأمريكي هو خير تعبير عن العنصرية الشعبوية التحريضية وامتداداتها في المجتمع الأمريكيأفقيا ورأسيا.

على اي حال لم تكن هذه الإحتجاجات التي تشهدها البلاد الأولى , فقد شهدت الولايات ما بين عام 1955 و1968 إحتجاجات وعصيانا مدنيا بقيادة (حركة الحقوق المدنية ) والتي طالما طالبت بضمانات الحقوق المدنية والقانونية والحق الإنتخابي للأمريكيين الأفارقة وإنهاء الفصل والتمييز العنصري في المدارس والمواصلات والأماكن العامة .  وكان القس والناشط السياسي مارتن لوثر كنج قد برز كقائد لهذا الحراك النضالي و الليبرالي وتبنى مبدأ اللاعنف والنضال السلمي من أجل إلغاء العبودية والتمييز العنصري .

هل ما زال  حلم مارتن  لوثر كنج بعيد المنال … الذي عبًر عنه في خطابه الشهير الذي يُعتبر من اللحظات الفاصلة في تاريخ حركة الحريات المدنية، حيث خطب كينغ في 250 ألفاً من مناصري الحقوق المدنية، كما يُعتبر هذا الخطاب واحداً من أكثر الخطب بلاغة في تاريخ العالم الغربي، وتم اختياره كأهم الخطب الأميركية في القرن العشرين طبقاً لتصويت كتاب الخطب الأميركية وقال كينغ عن التحرير من العبودية، الذي ضُمن في إعلان إلغاء العبودية في أميركا. 

أطلق اسم «عندي حلم» على خطاب مارتن لوثر كينغ الذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري في 28 أغسطس 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية، عندما عبر عن امله في رؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة وتجانس… ضمن اشياء عديدة .

كما قال النائب في مجلس النواب الأميركي، جون لويس، الذي تحدث أيضاً في هذا اليوم بصفته رئيس إحدى المنظمات الطلابية المنضوية تحت حركة الحريات المدنية: «لقد كانت لدى الدكتور كينغ القوة والمقدرة على تحويل درجات سلم نصب لنكولن التذكاري إلى منبر. ولقد ألهم وعلم وأعلم كنغ بالطريقة التي تحدث بها ليس فقط الحاضرين المستمعين، ولكنه ألهم وعلم وأعلم كل الناس في كل أميركا وكل الأجيال المقبلة التي لم تُولد بعد” .

وقال كينغ عن التحرير من العبودية، الذي ضُمن في إعلان إلغاء العبودية في أميركا:

لقد جاء هذا الإعلان كفجر بهيج لينهي ظلام ليل أسرهم”

وكان قد دعا الجماهير المستمعة إلى إدراك اللحظة التي يقفون فيها بقوله: «الآن هو الوقت…»، وكررها أربع مرات في الفقرة السادسة. أما عبارة «عندي حلم» فقد كررها كينغ ثماني مرات عندما كان يرسم بخياله صورة لأميركا موحدة تؤمن بالمساواة والحرية. كما كرر عبارة «لن نرتضي أبداً ولو بعد 100 عام أخرى .

عندي حلم بأنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خلقوا سواسية

عندي حلمأنه في يوم ما بأن كل وطاء يرتفع، وكل جبل وأكمة ينخفض، ويصير المعوج مستقيماً، والعرقوب سهلاً. فيعلن مجد الرب، ويراه البشر جميعا

عندي حلم أنه في يوم ما في ألاباما، بمتعصبيها العميان وحاكمها الذي تتقاطر من شفتيه كلمات الأمر والنهي؛ في يوم ما هناك في ألاباما ستتشابك أيدي الصبيان والبنات السود والصبيان والبنات البيض كإخوان وأخوات.

أنا أقول اليوم لكم يا أصدقائي إنه حتى على الرغم من الصعوبات التي نواجهها اليوم والتي سنواجهها في الأيام المقبلة، لايزال عندي حلم، وهو حلم ضارب بجذوره العميقة في الحلم الأميركي

أما عن مارتن لوثر كينج والعبودية والعنصرية  …  كانت أحلامه واسعة في عالم كان يحلم به . تاريخيا وعلى الرغم من آراء لينكون المعارضة للعبودية لم يكن هدف الإتحاد المركزية هو إلغاء العبودية , بل المحافظة على الولايات كدولة … ولاحقا أصبح إلغاء العبودية هدف الحرب ، بسبب الضرورة العسكرية، وتزايد الآراء المناهضة للعبودية في الشمال، والتحرر الذاتي للعديد من الأمريكيين الأفريقيين الذين هربوا من العبودية كجماعات متحدة إكتسحت الجنوب.  وكانت نضالات العبيد وثوراتهم  مستمرة بشكل او بآخر… كانت الثورة التي قادها (نات تيرنر) على سبيل المثال في مقاطعة (ساوثامبتون) في (فيرجينيا) عام 1831 أكثرَ ثورة سببت الرعب للمالكين البيض، حيث قامت مجموعة (تيرنر) التي تم تحديد عددها في النهاية بـ75 عبدا أسودا بالقضاء على 60 من البيض خلال يومين، قبل أن تُجبَر المقاومة المسلحة من البيض المحليين والقوات المسلحة القادمة من الولايات على سحقهم ... هذا قليل مما عانه السود  من ظلم  البيض ..

يشار إلى أن مارتن لوثر كينغ ولد في 15 يناير عام 1929، وتم اغتياله في 4 أبريل 1968. كان زعيماً أميركياً من أصول إفريقية، وناشطاً سياسياً إنسانياً، من المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد السّود. في عام 1964 م حصل على جائزة نوبل للسلام، وكان أصغر من يحوز عليها..

اغتيل في الرابع من أبريل عام 1968، واعتبر مارتن لوثر كينغ من أهم الشخصيات التي ناضلت في سبيل الحرية وحقوق الإنسان ... ومعرفة مسيرته النضالية والتحديات التي واجهها تجعلنا نفهم أكثر لماذا كانت نهايته الماساوية في ذلك الزمان و نهاية جورج فلويد اليوم وآخرين .

يبدو ان التركيبة القومية والإجتماعية ومكوناتها الشاملة من قدرات وإمكانيات وطموحات ما زالت بعيدة عن التمكن من الإنصهار الكامل  في بوتقة الدولة والمجتمع, وترسبات وتراكمات مفاهيم العبودية والعنصرية لدي الرجل الأبيض … هل ذابت روح التمييز ؟؟؟ هل تبخرت رسوبات العبودية ومعاناتها ؟؟؟

وطالما الشئ بالشئ يذكر فانا ايضا احلم ايضا وليس لوثر كنج فقط  ... كما يحلم به كل ابناء فلسطين.

تحرير العبيد

والجدير بالذكر بعد خمسة أيام من إنتصار الإتحاد في معركة (أنتيتم) في أيلول عام 1862؛ أصدر (لينكولن) بلاغاً أولياً بتحرير العبيد، وفي 1 كانون الثاني عام 1863، جعله قراراً رسمياً بأن     ”جميع الأشخاص المحتجزين كعبيد، في المناطق المتمردة، هم ومن الآن فصاعداً أحرار.

بتحرير ثلاثة ملايين عبد أسود في الولايات الثائرة، جرّد بلاغ التحرير أغلبية الولايات من قواتها العاملة، ووضع الرأي العام الدولي بطرف الإتحاد بقوة.

إنضم حوالي 186 ألف جندي أسود إلى جيش الإتحاد حتى انتهاء الحرب الأهلية عام 1865، وخسر 38 ألفا منهم حياتهم.

بلغ العدد الكلي للخسائر البشرية عند إنتهاء الحرب 620 ألفا [من أصل 35 مليون من السكان]، مما جعلها أكثر الصراعات المكلفة في التاريخ الأمريكي

بعد مرور قرن، بدأت مقاومة التمييز العنصري في أمريكا خلال عهد العبودية، مما أدى إلى حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن العشرين، والتي حققت أعظم المكاسب السياسية والإجتماعية للسود منذ إعادة الإعمار، وكان (مارتن لوثر كينغ الإبن) من أبرز الناشطين السياسيين المطالبين بإلغاء التمييز العنصري .

كرست حركة الحقوق المدنية جهودها ما بين عامي 1954 و1968، إلى إلغاء التمييز العنصري ضد الأفارقة الأمريكيين، لا سيما في جنوب الولايات المتحدة، ومن ثم كانت المسيرة التي نظمت في واشنطن للمطالبة بالوظائف والحرية للضغط على الرئيس (جون كينيدي) وثم (ليندون جونسون)

ولا أريد انهي مقالي عن نضال السود ضد التمييز العنصري دو التوقف عند أيقونة مكافحة الفصل العنصري

روزا باركس …

من أجل مقعد في حافلة الركاب

اقترب الليل في يوم الخميس 1 ديسمبر/كانون الأول 1955 بعد يوم طويل من العمل على ماكينة الخياطة في مونتغمري عاصمة ولاية ألاباما الأميركية، خرجت روزا باركس من عملها لتستقل حافلة المدينة للعودة إلى المنزل.

كانت روزا متعبة، ولحسن حظها كان الركاب قليلين، والصفوف الأولى المخصصة لذوي البشرة البيضاء فارغة، لكنها لن تجلس فيها بكل تأكيد، لأن القانون الأميركي يمنعها كسمراء أفريقية من الجلوس في مقاعدهم.

استقرت روزا بالنهاية على كرسي في منتصف الحافلة، حيث يمكن للأفارقة الجلوس طالما لا يوجد شخص أبيض واقفا.

سارت الحافلة في طريقها، تتوقف في المحطات المخصصة، وبعد وقفات عدة لاحظ السائق أن مقاعد البيض امتلأت، وهناك بيض آخرون يصعدون للحافلة، فأمر الأفريقيين في صف روزا بالقيام من أماكنهم والوقوف في مؤخرة الحافلة، وبصرخة واحدة من السائق انتقل كل من بالصف عدا روزا ظلت مكانها.

سأل السائق روزا للمرة الأخيرة إن كانت ستترك مقعدها وإلا سيعتقلها، فأجابته، رافضة التحرك من مكانها.

“شعرت أن لي الحق في البقاء حيث كنت” قالت روزا لاحقا، تم القبض على روزا لأنها لم تتخل عن مقعدها وفق قانون الفصل بين الركاب على أساس اللون، ودفعت غرامة قدرها عشرة دولارات.

ما الذي حدث لروزا؟ هل توترت؟ هل كانت مجهدة لهذه الدرجة؟ أم صرخة السائق يبست أطرافها؟ في حوار معها قالت روزا إنها لم تكن خائفة في هذا الوقت بالذات، لقد كانت منزعجة من التمييز ضدها، وأدركت أنها على وشك مواجهة ذلك ورفضه، وهو أمر لم تكن تخطط له.

تكره روزا قوانين الفصل العنصري، وكانت قبل هذا اليوم ولمدة عشر سنوات تناضل من أجل الحقوق المدنية في الجمعية الوطنية للملونين، لكنها حسب موقع “هيستوري” (History) لم تعص الأوامر من قبل، فقد تعاهدت هي وزوجها على النضال السلمي، وكانا عضوين في الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين.

وفي عام 1944 كانت روزا تعمل بقضية اغتصاب ريكي تايلور، وهي أم سمراء شابة وجدت مقتولة عندما كانت متوجهة لمنزلها بعد صلاتها في الكنيسة، فتتبعها 7 رجال بيض مسلحين، واغتصبوها في سيارة، ثم قتلوها وتركوها بالطريق.

كان لهذه الحادثة أثر كبير على روزا وكل النساء السمراوات، وأججت الدعوات المطالبة بوقف التمييز حتى مجيء حركة الدفاع عن الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ.

كانت أهداف حركة الدفاع عن الحقوق المدنية هي إلغاء قوانين الفصل الاجتماعي الذي صار مشروعا في كثير من الأجزاء الجنوبية للولايات المتحدة الأميركية

رد فعل مفاجئ
بدأت ردود أفعال متسلسلة على شجاعة روزا، وأصبحت مصدر إلهام للعديد من قادة حركة الحقوق المدنية والمقاومة اللاعنفية للظلم الاجتماعي، وانتشرت دعوات لحملة مقاطعة حافلات مونتغمري من قبل جميع الكنائس السوداء، وكان هدف المقاطعة هو الاستمرار حتى يحق للجميع ركوب الحافلات بشكل متساو وحر، والحق في الجلوس بأسبقية الحضور.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 1955 أصدر المجلس السياسي للمرأة نشرة تدعو إلى مقاطعة حافلات مونتغمري، وفيها “لا تركبوا الحافلة إلى العمل، إلى المدينة، إلى المدرسة، أو إلى أي مكان، لقد قبضوا على امرأة سوداء، وألقوا بها في السجن، لأنها رفضت التخلي عن مقعدها في الحافلة، لا تركبوا الحافلات، وإذا كنت تعمل فاستقل سيارة أجرة، وانضم لاجتماعنا يوم الاثنين الساعة 7 مساء في كنيسة هولت ستريت المعمدانية لمزيد من التعليمات ضد التمييز العنصري”.

وبالفعل، انضم 99% من الأميركيين الأفارقة في المدينة إلى رافضي ركوب الحافلات، فكان الناس يسيرون إلى العمل أو يركبون الدراجات، وانضم أصحاب السيارات أنفسهم لمساعدة المسنين حتى عانت شركة النقل من عجز في العائدات تخطى آلاف الدولارات.

اندلعت أعمال مماثلة في مدن أميركية أخرى، ووضعت هذه المقاطعة لوثر كينغ في دائرة الضوء كناشط وحقوقي وطني حتى أصبح القائد المعترف به لحركة الحقوق الوطنية الوليدة، وشكل مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، وأعلن الأميركيون الأفارقة لشركائهم في الوطن أن حركتهم ستكون سلمية ومنظمة.

لم يدع المسؤولون شيئا لمقاومة المقاطعة إلا وفعلوه، وفقا لموقع “تاريخ أميركا” (USHistoy)، فقبضوا على مارتن لوثر كينغ ورالف أبرناثي، وبدأ العنف في أماكن العمل وخارجها، وقصفت أربع كنائس ومنازل النشطاء، ورغم ذلك استمرت المقاطعة، ونظم مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية لقيادة الكفاح غير العنفي من أجل قلب قوانين الفصل العنصري المعروفة بـ”جيم كرو”.

مقاطعة طويلة الأمد
رغم خسارتها عملها هي وزوجها واضطرارها للانتقال من مدينتها فإن الأمل ما زال داخل روزا، فربما هي اليوم تجاهد لحقها في الجلوس بأي مقعد تريده ولكنها بالأمس كانت ترى الحافلات المدرسية وهي تنقل الطلاب البيض فقط، في حين كان عليها أن تذهب للمدرسة سيرا، كان ذلك أسلوب حياة لا يمكنها مقاومته، لكن كانت الحافلة المدرسية أول ما جعلها تدرك وجود عالمين مختلفين، أبيض وأسود.

استمرت المقاطعة 381 يوما حتى توقفت حافلات عدة لأشهر عديدة بدون عمل، وفي يونيو/حزيران 1956 أعلنت المحكمة الجزئية الأميركية للمنطقة الوسطى في ألاباما أن قوانين “جيم كرو” غير دستورية، ثم أيدت هذا الإعلان المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 1956.

ومع خسارة شركة النقل لم يكن على سائقي مدينة مونتغمري أي خيار سوى رفع قوانين الفصل العنصري عن حافلاتهم حتى انتهت المقاطعة رسميا في 20 ديسمبر/كانون الأول 1956.

مضى الآن على قرار الأمريكية روزا باركس الآن قرابة 65 عاما بتصرفها هذا ورفضهاالتخلي عن مقعدها في حافلة مونتغمري-ألاباما في الولايات المتحدة. وقد تحدت باركس، سوداء البشرة، قانون منتغمري الذي كان يمنح أولوية الجلوس في الحافلات للبيض. ولم تكن باركس تعاني من متاعب جسدية وكانت تستطيع الوقوف والتخلي عن مقعدها للراكب الأبيض، لكنها رفضت مبدأ ترك المقعد بسبب عرقها، ولذلك تم اعتقالها في 1 كانون الأول (ديسمبر) 1955 وسُجنت لفترة وجيزة ودفعت غرامة. وكان عملها الشجاع في ذلك اليوم تاريخياً في حركة الأميركيين السود من أجل حقوقهم المدنية..
في الوقت نفسه، كانت المعركة ضد الفصل العنصري تشق طريقها إلى المحكمة العليا. وفي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 1956، قضت المحكمة العليا الأميركية بالمصادقة على حكم محكمة محلية بأن الفصل في الحافلات العاملة داخل حدود ألاباما غير قانوني، لأنه يحرم الناس من الحماية المتساوية التي نص عليها التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي. وكانت تلك خطوة أخرى في طريق نضال السود الطويل لتحصيل كافة حقوقهم المدنية، بما فيها حق التصويت.
كان نضال روزا باركس جزءاً من نضال الإنسانية الطويل من أجل “مقعد في الباص”...
عندما توفيت في العام 2005 عن عمر ناهز 92 عاماً، وشهدت في حياتها نتائج انتصار قضيتها، صوت الكونغرس على تكريمها بوضع تابوتها في مبنى الكابيتول ليودعها الجمهور. الذي يُمنح هذا الشرف، والمرأة الأولى التي تناله. وقد وُضع نعشها على نفس المنصة التي كانت قد بُنيت أصلاً.

( مقتبسة من كتابات لزهرة مجدي من القاهرة وعلاء الدين ابو زينة )

من الذاكرة

في أغسطس/آب 1619، رست سفينة بريطانية على سواحل ولاية فرجينيا الأمريكية وعلى متنها قرابة عشرين عبدا من أفريقيا. وبعد مرور 400 عام، تم اختيار هذا التاريخ للاحتفال بذكرى بداية فترة العبودية في أمريكا 

إعلان

نصبت لوحة صغيرة تطل على المحيط الأطلسي بالقرب من شاطئ مدينة “هامبتون” الساحلية التي كانت تسمى سابقا “بوينت كومفورت“.

كتب على هذه اللوحة: “هنا في هذا المكان وصل للمرة الأولى العبيد من أفريقيا إلى فرجينيا في أغسطس/آب 1619 على متن سفينة اسمها ’وايت ليون‘ وهي سفينة بريطانية قاعدتها في هولندا“.

رست هذه السفينة في المستعمَرة البريطانية سابقا، حسب سكرتير هذه المستعمرة وقتها جون رولف الذي كتب مرة أن “السفينة كانت تحمل على متنها 20 عبدا على الأقل“.

عبيد تم استقدامهم من أنغولا

من جهة أخرى، سبق للغزاة الإسبان أن نقلوا عبيدا أفارقة آخرين عام 1502 إلى هايتي وجمهورية الدومنيكان، ونقل أيضا أسرى عبر بعثة إسبانية عام 1526 إلى كارولاينا الجنوبية

أخيرا هل نرى أمريكا اليوم التالي  افضل من امريكا اليوم ؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى