#أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

السفير ملحم مسعود – قطر … حصار بلا حصاد

بقلم السفير ملحم مسعود – 30/11/2020

يبدو أن ” الحالة القطرية ” إذا صح التعبير في حالة ( تفاعل ) مستمرة … مع تحفظنا على هذه السرعة ( لسلق… ) حلول عاجلة تسعى لها بعض الأطراف في الوقت الضائع , وخصوصا الدور الامريكي , ووضع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب , بتكليف جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس ، ضمن فريق امريكي عالي المستوى حيث سيسافر في الأيام المقبلة إلى السعودية وقطر في محاولة أخيرة لحل الخلاف بين دول الخليج العربي , على امل اقناع القادة في قطر والسعودية بالمصالحة والتوصل إلى اتفاق بشأن العديد من القضايا العالقة.

مضى على إندلاع الأزمة القطرية مع الأشقاء الخليجيين في السعودية والإمارات والبحرين في شهر يونيو 2017 بدعوى أن الدوحة ترعى جماعات إسلامية وأنها قريبة جدا من إيران   وتم فرض حصار على دولة قطر برا وجوا … في صورة غير مألوفة وغير معروفة بين الإخوة أعضاء دول الخليج العربيالمنظمة الخليجية التي عاشت وإستمرت حتى الآن بعد   إنهيارات منظمات إقليمية عربية في المنطقة … وتمسك حكماء خليجيون واعني هنا أمير دولة الكويت الراحل جابر الصباح وسلطان عُمان رحمهما الله بوحدة هذه المنظمة ( وتعويمها ) ورأب الصدع وعدم الإصطفاف   … وإستمرس محولاتهم و سياساتهم التوفيقية بين الأشقاء … بضرورة الحفاظ على هذا الكيان ( الخليجي ) شعرتُحينذاك بخطورة الخطوة والإجراءات التي إتخذت بحق دولة قطر … والله ستر لم تتكرر تجربة صدام حسين … في الكويت وهذه المرة عبر الحدود القطرية في آخر لحظة … الكارثة التي دمًرت العراق نفسه , وما زال يعاني من تبعاتها وتداعيتها … والإصطفافات التي شرخت التضامن العربي … اكثر مما لحق بالكويت واهلها .  

دفعني هذا الخوف والقلق حينذاك بحجم الأزمة وخطورتها وقد تجاوزت قطر الزمة بأقل الخسائر   وكتبت وقلبي يدمي وانا أتساءل  : من يحاصر من ؟؟؟ مقال على هذا الموقع تحت عنوان :

الخليج في خطر … وليس قطر ….

لم يخب ظنًي فقط بل خاب قلبي … والأحداث التي عشناها طوال السنوات الماضية شاهدة على هذا الإحساس الذي شعرت به ذلك اليوم . وكما هو معروف كانت السعودية والإمارات قدمت بعد فرض الحصار على قطر قائمة من 13 مطلبا، من بينها إغلاق قناة الجزيرة وتقييد علاقات الدوحة مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية وكان وسطاء كويتيين توصلوا إلى اتفاق جديد ضمن محاولات ومبادرات , ليحل محل البنود الـ13 لتمهيد الطريق للمصالحة بين الإخوة … دون جدوى.

وفي الوقت الذي تهب فيها نسمات من الأمل من هنا وهناك , تجعلنا نتفاءل بقرب حل مشكلة الإخوة في الخليج … وعندما إجتمع وبحث وزراء الدفاع في دول الخليج العربي خلال إجتماع إفتراضي  (فيديو كونفرانس ) سبل تعزيز مسيرة التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي ( وبمشاركة وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية ) رغم استمرار الأزمة الخليجية ودخولها العام  الرابع  …

ووفق بيان مجلس التعاون الخليجي، أشار وزراء الدفاع إلى اهتمام قادة دولهم الكبير بتعزيز العمل العسكري المشترك، واعتماد استراتيجية عسكرية لدول مجلس التعاون واتفاقية الدفاع المشترك وتفعيل القيادة العسكرية الموحدة … وحسب ما جاء في وكالات الأنباء أوصى الاجتماع بدفع مسيرة التعاون والتطوير للارتقاء بالقدرات العسكرية وتسخير كافة التحديات لتحقيق الأهداف المشتركة للقوات المسلحة في دول مجلس التعاون، حفاظًا على الأمن والاستقرار في الدول الخليجية الخ.  

والشئ بالشئ يذكر … فقد سبق وان شاركت قطر في مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة في شهر مايو من العام الماضي … وربما كانت مشاركة قطر جاءت مدفوعة بالواقع الحاصل في المنطقة، و كان واضحا كيف أن ازمة الإخوة الخليجيين القت بظلالها  على اجواء المؤتمر بشكل أو بآخر ورغم مشاركات قطر… لم يشار لها لا من قريب ولا من بعيد … ولا مؤشرات نهائية حول حلحلة الأزمة الخليجية الخ  …

هذه اللقاءات او المشاركات القطرية…  في مثل هذه النشاطات الخليجية , لم تذيب الجليد المتراكم على ( الحالة القطرية ) حتى الآن . وإستمرت تداعيات الأزمة عل حالها من سئ إلى أسوأ وكان آخرها على سبيل المثال الشكوى القطرية في الأمم المتحدة قبل أيام قليلة , حيث تحدثت السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى المنظمة الدولية ، في جلسة افتراضية عقدها مجلس الأمن الدولي وفق صيغة (آريا) حول “وضع حد الآن للتدابير القسرية الأحادية”، التي دعت إلى عقدها روسيا والصين وجنوب أفريقيا والنيجر وسانت فنسنت وغرينادين.

وقالت آل ثاني: “إن محاولة تقويض السيادة والاستقلال السياسي هو أمر مرفوض وغير مشروع”، وأكدت أن هذه المحاولة تتناقض مع القانون الدولي والالتزامات بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتقوض أطر الأمن الجماعي وبالتالي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين في منطقة تحظى باهتمام خاص من قبل مجلس الأمن.

اليوم وبعد هذه السنوات , باتت ( الحالة القطرية ) في حالة حراك  ليس بالضرورة حل المشكلة بالكامل ولكن من الضرورة التخفيف من حدتها بما يسمح بالتقدم نحو الافضل … ويتمثل هذا الحراك بالتصعيد وربما بالتسريع  … بما تقوم به  السعودية (من خلال الدعم الكويتي … والأمريكي) من جهود  في الايام الأخيرة لحل أزمتها المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات مع قطر، وهي التي تواجه  تحديات  شتى و على جبهات مختلفة . لذا لم تاتي التحركات الأمريكية الأخيرة من فراغ …

إن قطر وصمودها امام ( قطيعة ) الإخوة الخليجيين , والتي فرض عليها الحصار تريداليوم وضمن أشياء أخرى … التأكد من وجود شروط مسبقة قبل أي محادثات ثنائية. ويمكن أن يشمل إجراءات “بناء الثقة” مثل رفع الحظر الجوي والسماح بحرية تنقل المواطنين القطريين إلى الدول التي فرضت الحظر حيث القرابة والمصاهرة… وتريد ضمانات بشان سلامتهم .

وكان حاله يقول مقولة جليلة تماثل جلال قائلها وعظمته … إنه عمر بن الخطاب رضي  اللًه عنه فاروق هذه الامة وعظيمها : “لستُ بالخب ولا الخٍبُ يَخدعُني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى