#أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود – في إسطنبول … تشتًتَ … الشٍتات الفلسطيني

السفير ملحم مسعود – اليونان 7.3.2022

بعد مقالات الموقع المتعلقة بالحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا البلدين التي حكمتهم الجغرافيا والمصالح وعلاقات تاريخية وجيوسياسية وامنية  وثقافية وعرقية ودينية …  والتي تريد بها روسيا توطيد وترسيخ اوضاعها … وربما ابعد من ذلك , اطماع خاصة في روسيا البيضاء وجورجيا في كل ما نتابعه اليوم …

في مقال لندى حطيط ( الشرق الوسط ) تقول : لا يسهل فهم  إحتدام الصراع الروسيّ الأوكرانيّ الحالي في إطاره السياسيّ والعسكريّ فحسب، إذ بين هذين البلدين المترابطين بشكل لا ينفصم تاريخ جدليّ طويل يعود إلى القرن التاسع الميلاديّ على الأقل، تداخلت فيه الجغرافيا والعرقيّات والأديان، والإمبراطوريات، والثورات، والموارد. ولعل أوكرانيا المعاصرة التي كسبت استقلالها إثر سقوط الاتحاد السوفياتي السابق (1991) هي هبة هذا التاريخ الملتبس أبداً . 

مجموعات ترى أنها في مدار الثقافة الروسيّة ومزاج الشرق وتريد الاحتفاظ بعلاقة وديّة مع مركز الجاذبيّة للشعوب السلافيّة (الروس والبيلاروس والأوكرانيين)، وأخرى تحس بالاختناق من الأنفاس الروسيّة الثقيلة وتريد الانعتاق عبر التوجه إلى الغرب. وقد انعكست هذه العلاقة اللدودة على سيكولوجيا الأوكرانيين، واتخذت من فضاءات اللغة والكتب والأدب ومختلف مظاهر الثقافة ساحة لها ..

كُتب ويكتب حول هذه الحرب العبثية , وصعوبة التحليلات والدراسات والآراء حول اسبابها … كما قالوا : “كل حرب ذات اتجاهين … وكل خوف وكل خسارة  …  وما بين الروس والأوكرانيين ليس من يصمد أكثر، بل من يخسر أكثر … كلما طال صموده “.

ونستذكر  ما قاله   “ألبرت أينشتاين”  وعما تكن عليه الحروب القادمة للعصر بجملة بسيطة: “أنا لا اعرف ما هي الأسلحة التي سوف تكون في الحرب العالمية الثالثة، ولكن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة!”.

توفقت  عند حالنا الفلسطيني خلال هذه  الايام , و الحراك الدولي على اشده كما هو في المنطقة ايضا … وما سوف يتمخض عنه من إستحقاقات  سيكون لنا فيها نصيب … واعني اولا  إجتماع للجنة  المركزية لحركة (فتح) بحجة مناقشة إمكانية عقد مؤتمرها … وما رشح عن هذا الإجتماع …

لكن اترك للقارئ الكريم في الوطن والشتات ان يستنتج ما يمكن إستنتاجه …

على هامش هذا الإجتماع الفلسطيني … والعالم كله يتابع الحرب وتداعياتها الم يدرك  القوم  فيما يجري من حولنا … وضرورة المتابعة من خلال تشكيل لجنة أو مجموعة عمل من  الخبراء والدارسين والمحللين الساسيين … وما اكثرهم في عالمنا … لمتابعة مايجري في العالم والمنطقة من تطورات وتداعيات متسارعة …

إن ضرورة مثل هذه المتابعة لتشكيل  صورة  واضحة ما امكن  لقيادتنا الرشيدة  لمعرفة ما يجري في هذا  العالم … واين موقعنا من الإستحقاقات القادمة في عالم جديد ومتجدد … وهذا هو الأهم اليوم .

وإستحضرني هنا قول الشاعر :

يا قُمري لا تبكي قبلك بكينا …  حتى نجوم الليل تشهد علينا

و إخترت  اخيرا وليس آخرا  التوقف عند ” الحدث … ”  ألا وهو   عقد ( لقاء … ) او تجمع او ما يمكن تسميته : حشد وحشي …  بإسم  : المؤتمر   الشعبي لفلسطينيي الخارج ... الذي إفتتح  يوم الجمعة 25 فبراير  في نفس اليوم الذي إشتعلت فيه الحرب  وشغلت العالم كله (  مؤتمرهم …  وللدقة … لقائهم ) في دورته الثانية، بمدينة إسطنبول التركية، بمشاركة مئات الشخصيات الوطنية الفلسطينية من 50 دولة كما جاء في بيانات المنظمين … تحت شعار فلسطينيو الخارج  …  القدس موعدنا …

هل ينجحون في تشكيل ” لوبي” ضاغط ببرنامج وطني موحد ؟؟؟

الله اعلم .

مع التذكير أن  ( اللقاء ) الشعبي العامّ الأول لفلسطينيي الخارج …عُقد في فبراير من العام 2017، بمدينة إسطنبول نفسها وقد حضره ما يزيد عن ستة آلاف مشاركٍ، من البلاد العربية والدول الأجنبية، ومن قاطني القارة الأمريكية الشمالية والجنوبية، وقد أريد له في حينه أن يكون برلمان الفلسطينيين في الخارجومجلسهم الوطني في الشتاتومنبرهم الحر في بلاد الغربة واللجوءوإطارهم العام الذي يعبر عنهم وينطق باسمهم، ويبين مواقفهم ويصوغ سياستهم، وجهازهم الرقابي الذي يراقب أداء القيادة الفلسطينية، ويرصد سياستها ويحاسب قادتها، وينبه ويحذر مسؤوليهاسواء كانوا يمثلون السلطة الفلسطينية بإطارها الرسمي، أو فصائل المقاومة بتمثيلها الشعبي
اما هذه المرة فقد تواضعوا وتم دعوة ألف عضو …. فقط وقيل الكثير عن هذا اللقاء الاخير , واهم ما فيه عدم تقديم اي شرح او تقرير يقدم عادة في مثل هذه )( المؤتمرات )  عن إنجازات خمس سنوات مضت من العمل والإنجازات … سوى شعارات طنانة اقلها  تشكيل ” لوبي ” ضاغط ببرنامج وطني موحد … في التحضير لهذا اللقاء المثير للجدل …

أو هي بداية مرحلة الخواء ؟؟؟

وصف أجواء اللقاء  د. مصطفى يوسف اللداوي الذي شارك فيه قائلا :

على مدى ثلاثة أيامٍ ولياليهن، في ربوع القسم الأسيوي الهادئ من العاصمة التركية اسطنبول، بعيداً عن الصخب والضوضاء، والأسواق التجارية والمناطق السياحية، وحركة الناس الدؤوبة التي لا تنقطع، وسيل السيارات والحافلات ووسائل النقل التي لا تتوقف، وفي فندقٍ ضخمٍ مترامي الأطراف مخصصٍ للمؤتمرات والمعارض، يطل على البحر ويشرف على مداخل المدينة، ويترائى للعابرين كأنه قلعةٌ قديمةٌ أو قصرٌ مشيدٌ، اتسعت غرفه المتنوعة وقاعاته الكثيرة لأكثر من ألف عضوٍ ومشاركٍ، جاؤوا من أكثر من خمسين دولةٍ عربيةٍ وأجنبية، يمثلون شتات الشعب الفلسطيني، ويعبرون عن كل مناطق لجوئه، ويرسمون بجمعهم جغرافية وطنهم، وحدود بلادهم التاريخية، ويشكلون بتنوعهم القشيب نسيج فلسطين الاجتماعي، وألوانها الطبيعية ومشاربها الفكرية …

وعلى هامش هذا  اللقاء … وبعد خمس سنوات على انطلاق ما أسموه   المؤتمر ( الشعبي الأول يقول منظمو ا اللقاء ( الموتمر ) الثاني إنهم يسعون إلى التقدم خطوات أكثر نحو توحيد فلسطينيي الخارج، وتسجيل إنجازات ملموسة في الميدان، تصب في صالح القضية الفلسطينية، وإضعاف الاحتلال، وإنهاء مشاريع أوسلو …

فيما تعالت  أصوات تطالبه ببذل المزيد من الجهود، وتقديم مستوى أفضل مما كان خلال الأعوام الخمسة الماضية . أمام حجم التصريحات اللامعة التي ادلت  بها قيادات  ( اللقاء ) العتيد مثل رسمي الملاح وهشام أبو محفوظ  وكاظم عايش وغيرهم …

في كلمة  لزياد العالول , الناطق باسم المؤتمر الشعبي، خلال حفل الافتتاح جاء فيها : نحن فلسطينيي الشتات نمثل نصف الشعب الفلسطيني، ويجب أن يكون لنا دور في التحرير وشراكة في أروقة منظمة التحرير الفلسطينية … “

كما شدد العالول على أن ” الفلسطيني لا يمكن أن يرضى أن تصادر إرادته”…  قائلا:  “نحن أصحاب القرار السياسي الفلسطيني وشركاء في صنعه “.

كما نشير هنا إلى ما كتبته رنا جاموس ( وكالة الأناضول ) لبعض الكلمات مثل  عروب العابد، المتخصصة في شؤون اللاجئين الفلسطينيين، وهذا بعض ما جاء في كلمتها خلال ندوة في المؤتمر ذاته، حول دور فلسطينيي الخارج في بناء المشروع الوطني:  يوجد 13 مليون فلسطيني في الخارج، بدأوا مغادرة وطنهم الأم منذ عام 1850″. كما أوضحت أن هناك أسبابا عدة للشتات، منها ما يرتبط بالاستعمار، وأخرى كالصراعات السياسية، ما أدى إلى فرض هجرة قسرية على الفلسطينيين .

كذلك  كلمة لمحسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات خلال الندوة جاء فيها ( حق التمثيل في ظل الشرعية الفلسطينية … حق طبيعي للفلسطيني  وفق ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية … لا يٌنتزع ولا يٌهب)وعن الأزمات التي تواجه الشعب الفلسطيني، قال صالح:  هناك أربع أزمات رئيسية، أزمة الإطار المؤسسي الوطني التمثيلي للشعب الفلسطيني، وأزمة المسارات والأولويات وتشكيل الرؤيا الفلسطينية، وأزمة مع القيادة الفلسطينية، إضافة إلى أزمة صناعة القرار الفلسطيني “.

كما هو  واضح فإن العبد الفقير إلى الله لم يُدعى لهذا اللقاء او التجمع ونتركه للآخرين حتى استطيع أن أدلو بدلوي لأتحدث واكتب  … لكنني اترك ذلك لبعض ما جاء في مقال  طويل للكاتب والباحث الفلسطيني الدكتور. مصطفى يوسف اللداوي الذي شارك في ( اللقاء ) شارحا ومحللا إنطباعاته … وهذا بعضها لإطلاع القارئ الكريم : “كيف فقد(  المؤتمر ) دوره الحقيقي الذي انطلق من أجله، وتشكل أساسه، فقد أريد له أن يكون برلمان الفلسطينيين في الخارج، وأن يناقش القضايا الوطنية والهموم الشعبية ومستقبل القضية الفلسطينية، لكن ما أظهرته حصيلة السنوات الأربعة الماضية، وفترات الانعقاد الثاني، أظهرت المؤتمر وكأنه جميعة خيرية”.  

وأضاف … “لكن المؤتمر بعمومه، أو القائمين عليه والمشرفين والمنظمين الذين لا نشك في جهودهم وتضحياتهم، ولا نتهمهم في نواياهم ومقاصدهم  …  قد خانتهم الحكمة وجانبهم الصواب في أكثر من موطنٍ، وظهرت أخطاؤهم وبانت عيوبهم، فأصاب مؤتمرهم عوارٌ في الشكل والمضمون، وخللٌ في المهمة والرسالة، وانحرافٌ عن الهدف والغاية، ولربما ما كانوا يقصدون ذلك أو يتعمدون وقوعه، لكن الوقائع لا تحابي أحداً، والنتائج لا تخطئ التقدير ولا تضل في الأحكام” …  

ونحن هنا اليوم نقدم هذه المعلومات لمعالي وزير الخارجية والمغتربين … ليقرأه ويطلع عليه … ونقول مرة اخرى :

إذا كنت تدري فتلك مصيبة …  وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم


كلمة اخيرة

حال المغتربين وإدارة هذا الملف منذ تولته وزارة الخارجية الفلسطينية , لا يبشر بالخير … لا سيما إذا تكرست صيغة ( إسطنبول ) وتكررت , وتطورت , وإلتحاق كوادر وطاقات فلسطينية خلاقة بها  , كما حدث …

وزير الخارجية مُثقل بمهمته الدبلوماسية … وحالها البائس .

أما حاله يقول : حمًلوني  اكثر من بطيخة …

واخيرا حالنا يقول …ما قاله الطغراني يوما :

أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها    ما أضيقَ العيشَ  لولا فسحةُ الأمَلِ

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى