#الخرائطشؤون اقليمية

اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس: الحرب الإيرانية الإسرائيلية: التداعيات الاقليمية والاحتمالات المستقبلية

اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس، مركز الناطور للدراسات 11-7-2025: الحرب الإيرانية الإسرائيلية: التداعيات الاقليمية والاحتمالات المستقبلية

-الملخص-

  • لعب الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي دوراً في توفيّر عنصر المفاجأة والتفوّق التكنولوجي والجوي والاستخباري، ساعد على استهداف المشروع النووي الإيراني، ومشروع الصواريخ ومنصات الإطلاق ومرافق التصنيع ومواقع التخزين، وتعطيل الدفاعات الجوية، واشركت الولايات المتحدة في الحرب، حيث وفّرت الأسلحة والذخائر والمعلومات، وشاركت في التصدي للصواريخ الإيرانية، ودفعت بالقاذفات العملاقة لقصف المنشآت النووية.
  • شهدت الحرب تقييداً في الجغرافيا، ضمن حدود الدولتين، وكثافة القوة النارية، وتوزعت الأهداف الإيرانية العسكرية والنووية والمدنية المستهدفة على حوالي 14 محافظة إيرانية. وبعد ان استوعبت طهران الضربة الاولى، جاء الرد محسوباً لتفادي الاستدراج إلى حرب واسعة، قد تفقد طهران السيطرة عليها خصوصًا مع تآكل قدرة منظوماتها الدفاعية، وارتكز الرد الإيراني على الصواريخ والطائرات المسيرة، حيث تمتلك إيران حوالي 2000 صاروخ باليستي يمكن أن تصل إلى إسرائيل خلال 15 دقيقة، وطائرات مسيّرة قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى 1500 كيلومتر، وتجنبت ايران استهداف منشآت إسرائيل النووية، وركزت على مواقع حساسة وقواعد للجيش الإسرائيلي، ومنشآت استراتيجية وبنى تحتية ومناطق سكنية، ما فتح المواجهة على صفحة جديدة من الصراع، وضعت المنظومة العسكرية الإسرائيلية في اختبار غير مسبوق وشديد الخطورة.
  • مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض ركزت السياسة الامريكية على ضرورة اعادة هندسة التوازن الإقليمي، للحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة، استنادا الى استمرار توسيع نطاق التطبيع، ليشمل المزيد من دول المنطقة (سورية، السعودية، باكستان، وإندونيسيا)، ومحاصرة التمدد الصيني والروسي في المنطقة، واضعاف ايران من خلال تفكيك البرنامج النووي الايراني باستخدام القوة العسكرية.
  • قرار ترامب وقف الحرب، استنادا الى تقديراته ان الضربات الامريكية قد حققت اهدافها بتدمير البرنامج النووي الايراني وهو الامر الذي سيدفع ايران الى المفاوضات، وسيتجنب اطالة امد الحرب، ويمنع دخول المزيد من الاطراف في الصراع الذي سيكون له تداعياته الاقليمية والدولية.

 

  • فشلت اسرائيل في تدمير المشروع النووي الايراني، واسقاط النظام الايراني، ما يعني ان المكاسب الإسرائيلية، محصورة في “المستوى التكتيكي”، وادى سقوط عشرات الصواريخ الإيرانية على المدن الإسرائيلية، الى كسر العقيدة الامنية الاسرائيلية القائمة على “صفر استهداف”، واظهر ان القوةّ الإسرائيلية ليست مطلقة، خاصة انها غير قادرة على تحمل حرب استنزاف طويلة الأجل.

 

  • كشفت الحرب ضعف سلاح الدفاع الجوي الإيراني، وضعف أجهزة المخابرات في مكافحة التغلغل الإسرائيلي الذي وصل الى حد النجاح في بناء قواعد لوجستية تستطيع التحرك وتوجيه ضربات من داخل إيران، وافتقرت إيران إلى حليف كبير رغم علاقاتها مع روسيا والصين، وأظهرت الاحداث أن المحور الإيراني يعاني من قيود تمنعهم من تنفيذ “عمليات إسناد”.

 

  • بينما تمكنت إيران من استعادة توازنها والقيام بهجوم مضاد مؤثر على اسرائيل، بالاضافة الى انها لا تزال تحتفظ ببرنامجها النووي وبرامجها العسكرية لإنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة، كما أن النظام السياسي لا يزال قائما، الا انها اصبحت اقل قوة عما كانت عليه قبل الحرب، ولذلك فان توقف الحرب يلبي حاجة إيران لإعادة بناء قوتها، وتسريع توجهاته لامتلاك قنبلة نووية.

 

  • ستنشغل إيران بترميم خسائرها ومعالجة الاختراق الاستخباراتى، فضلاً عن انشغالها بمسارات التفاوض، ورغم الاضرار التي لحقت بالحرس الثوري، الا انه من المستبعد ان تتخلى ايران عن محورها الإقليمى او ما تبقى منه لأسباب تتعلق بمصالحها الاقليمية. لذا ترجح التقديرات أن يبقى الصراع، مع امكانية تغيير الديناميكيات التقليدية للحروب، الا انه لن يلغي خطر التصعيد الإقليمي، فاحتمالات خطأ الحسابات الاستراتيجية، قد تؤدي إلى تصعيد النزاع.

 

  • من المستبعد أن تشكل الضربات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية نقطة تحوّل استراتيجية في مسار البرنامج النووي الإيراني، فنجاح العملية من الناحية التكتيكية لا يُخفي حقيقة أن هذا البرنامج قد بلغ من التطور؛ ما يجعل من الصعب تعطيله عبر عمل عسكري، وقد تسرع الضربة العسكرية تحول طهران نحو العتبة النووية، ما يُنذر بانزلاق الإقليم إلى نمط من الردع غير المستقر، تتخلله اختلالات قد تمتدّ لتقوّض معادلات الأمن الإقليمي.

 

  • سيحاول ترامب الضغط على إيران للعودة إلى المفاوضات، للتوصل لاتفاق نووي جديد، يضمن الحيلولة دون إعادة بناء إيران مشروعها النووي، بوساطة روسيا ورعاية سلطنة عُمان للخروج من المأزق الراهن بتسويةٍ مقبولة، وحل وسط بين مطلب واشنطن بعدم استئناف التخصيب، وموقف طهران بالتمسك بحق التخصيب، ستعود المقايضات بعد أن رسم كل طرف «حدوده» وفق رؤيته في حرب الموازنات والمفاجآت والتفاهمات لإعادة ترتيب المنطقة، ثمة احتمالاً أن ترفض إيران العودة إلى المفاوضات.

 

  • إسرائيل لم تحقق أهداف الحرب، سواء اسقاط النظام الايراني او تدمير المشروع النووي، وفي المقابل نجحت إيران في استيعاب الصدمة الاولى، وقامت بتوجيه ضربات غير مسبوقة الى المدن الاسرائيلية. واتضح انه لا قدرة لإيران على وقف الغارات الإسرائيلية، ولا تملك خياراتٍ كثيرة، لتوسيع النزاع، ولا قدرة لإسرائيل على وقف الصواريخ الإيرانية، ولا يملك نتنياهو تفويضاً بحرب طويلة الامد، ستؤثر على الأمن الإقليمي والاقتصاد العالمي، وظلت المعضلة في كيفية تُحوّل هذا التفوق التكتيكي إلى مكاسب استراتيجية واستقرار اقليمي.

 

  • قرار وقف الحرب وفر للجانبين الإيرانى والإسرائيلى فرصاً لالتقاط الانفاس وإعادة ترتيب الأوراق، مع ملاحظة أن عدم وجود اتفاق مكتوب يشير إلى احتمالية تجدد المواجهات العسكرية مستقبلاً، ما يجعل من وقف الحرب هدفاً “مرحلياً” لرغبة واشنطن في إتاحة الفرصة أمام إسرائيل لمراجعة منظومتها الدفاعية بعد فشلها وعجزها عن التصدى للصواريخ الإيرانية.

 

  • يمكن اعتبار الهدوء الحالي إعادة تموضع”، لا يعكس استقرارًا بل تحضيرًا لحركة متزامنة من جميع الاطراف، انتظارًا لنتائج المفاوضات القادمة، والتي يتوقع ان تتمحور حول مستقبل المشروع النووى الإيرانى، الصواريخ الباليستية، الأذرع الإيرانية ودور إيران الإقليمى.

 

  • الولايات المتحدة تملك أوراق ضغط، وتنتظر توقيت توظيفها، الحلّ الممكن هو العودة إلى المفاوضات بمساعدة روسية وصينية، كل اللاعبين باتوا في موقع إطلاق الجولة الثانية، ولذلك فقد عرض ترامب مشروع سلام، لتهدأة الأجواء التفاوضية مع إيران، تضمن إعطاء إيران ستة مليارات دولار، من أموالها المحتجَزة، وسمح برفع فوري لبعض العقوبات، وعرضت على إيران مساعدتها على إعادة بناء برنامجها النووي ليكون مدنياً فقط.

 

  • الرئيس ترامب يبحث عن فرض “الصفقة الشاملة” في المنطقة والتي تستند الى رؤيته التي كان قد عرضها قبل عدة سنوات والتي تمثلت في “مشروع ابراهام” او “السلام الابراهيمي” وتسريع انشاء خط التجارة الدولي الجديد لنقل النفط من الخليج الى اوروبا، والذي عززت الحرب الحالية وتهديدات اغلاق مضيق هرمز والمخاطر الملاحية في البحر الاحمر، من ضرورة الاسراع في اقامته، وهذه المخططات تقتضي في المنظور الاشمل توسيع دائرة التطبيع في المنطقة بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية، والتي سيكون محورها القادم السعودية وسورية، وهو الامر الذي يتطلب تحقيق التهدأة في ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والتخلص من نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف وحركة حماس واجراء تغييرات في السلطة الفلسطينية.

 

  • تصطدم رؤية الرئيس ترامب بصراعات داخل الادارة الامريكية بين مراكز القوى المؤثرة، حيث تدفع جماعات الضغط المحسوبة على شركات الاسلحة والبترول والمدعومة من اللوبي اليهودي والمجموعات الانجيلية الداعمة لاسرائيل باستئناف الحرب على ايران وعرقلة المفاوضات واستمرار دعم اسرائيل الغير محدود لضمان هيمنتها الاقليمية في الشرق الاوسط. واحتدام الصراعات ينذر بتهديدات حقيقة على حياة الرئيس ترامب وجماعة “امريكا اولا”.

الخرائط :

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى