ترجمات أجنبية

الجارديان – 2021 – قصة عام في 12 زعيمًا

 الجارديان –  سيمون تيسدال * – 1/1/2021

يستشرف التقرير أبرز الشخصيات التي ستشكل أحداث عام 2021 في وقت سيبدأ فيه العالم ببطء مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، مستعرضًا التغيُّرات التي قد تحدث مع طرح لقاحات كورونا.

1– جو بايدن – الولايات المتحدة

الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن الذي سيُنصَّب رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، الأمر الذي سيمثل بداية إيجابية للعام الجديد؛ إذ سيعمل بايدن على إصلاح ما اعْوَج في المدة الماضية، من خلال إعادة انضمام الولايات المتحدة، دون إبطاء إلى اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ ومنظمة الصحة العالمية، وسيُبدي تعاونًا أوثق مع الحلفاء في أوروبا وآسيا، ومع تسارع طرح لقاح كوفيد-19، فإنه يخطط لحزمة تحفيز كبيرة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي.

 التعيينات التي اختارها بايدن لحكومته تفيد عودة التعددية وإعادة ترتيب النظام الدولي القائم على أسس وقواعد، وتكمن مبادرته الرئيسة في «تحالف الديمقراطيات» الجديد. ويبدو أن هذا يهدف إلى التصدي للصين مع تجنب المواجهة المباشرة معها، وستكون العلاقات مع الأنظمة الاستبدادية الأخرى، مثل المملكة العربية السعودية، أكثر فتورًا، وستكون الاتفاقيات التجارية الجديدة، مثل تلك التي تسعى إليها المملكة المتحدة، مُعلَّقة في انتظار تعافي الولايات المتحدة.

شهر عسل بايدن قصيرًا؛ ففي حال لم يفز الديمقراطيون في انتخابات الإعادة بولاية جورجيا في 5 يناير، ولم يتمكنوا من السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي، فقد يواجه الرئيس المنتخب صعوبة بالغة في ترك بصمته التشريعية.

كذلك يتعين عليه أن يقاوم المحكمة العليا التي يهيمن عليها المحافظون، والتي ستكون مسرحًا لمعركة تلوح في الأفق حول حقوق الإجهاض، وقد يخيب أمل هؤلاء الذين يأملون في تحرك سريع في التصدي للعنف الذي تمارسه الشرطة، والعنصرية عمومًا، وقد ينقلبون ضده.

ويواجه بايدن ثلاثة تحديات سياسية شخصية في عام 2021، يتمثل الأول في أسطورة «الانتخابات المسروقة» التي روَّج لها دونالد ترامب، الذي – إذا ظل خارج السجن – سيستخدم المنصات التلفزيونية وقاعدته المتعصبة لتقويض شرعية خليفته. بينما يتمثل التحدي الثاني في الديمقراطيين اليساريين المعارضين لسياساته الوسطية. وتشكِّل التساؤلات المزعجة بشأن صحته التحدي الثالث، والذي قد يصبح عند بلوغه سن الـ78 سببًا في تشتيته ذهنيًّا.

2- رجب طيب أردوغان – تركيا

الرئيس التركي، الذي سيبلغ 67 عامًا في شهر فبراير (شباط) القادم، والذي يحتفل بمرور 20 عامًا على تأسيسه حزب العدالة والتنمية الحاكم، يمثل نموذجًا أصليًّا لـ«الرجل القوي» المنتخب. وسوف يتسم عام 2021 بالصراع العالمي على السلطة بين مثل هؤلاء القادة الأقوياء والقوى الإصلاحية المؤيدة للديمقراطية من بيرو وتايلاند إلى بيلاروسيا وهونج كونج.

ومثله كمثل عددٍ من هؤلاء الزعماء، يدير أردوغان سياسة خارجية عدوانية تهدف إلى إثارة النَّعرات القومية الوطنية وصَرْف الانتباه عن المشاكل الداخلية، وبهذا فإن هذا العام سيشهد المزيد من العنف ضد الأكراد في سوريا، والمزيد من التدخل التركي في ليبيا، والبلقان، والقوقاز. وعلى الرغم من كل هذا، فإن رحيل ترامب، ونهج بايدن الأقل تعاطفًا مع الزعيم التركي، قد يشجِّع أردوغان على إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة.

ويبدو أن عزم المستبدين على الشاكلة نفسها لن يلين على الرغم من فقدانهم لرعاية الرئيس الأمريكي راعيهم المهزوم. وربما قريبًا يَخْلُف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والدَه الملك سلمان المريض، والبالغ من العمر 85 عامًا. ومحمد بن سلمان على الأقل لا يتظاهر بأنه ديمقراطي.

وربما يطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالحصول على تفويض مزيف (من شعبه) لحكم أكثر قمعية وغير كفء، كما يفعل نيكولاس مادورو في فنزويلا، ورودريجو دوتيرتي في الفلبين، ولن يتمكن أيٌّ منهم من فِعْل ما يحلو له ضد رغبات شعوبهم في عام 2021. وناريندرا مودي في الهند حاكم استبدادي منتخب آخر، وقد نجح في تكرار نموذج الأغلبية الشعبوي، والذي قد يواجه أيضًا معوقات محلية متزايدة في عام 2021.

إن نجاح هؤلاء القادة ينبع جزئيًّا من التواطؤ الغربي، أو اللامبالاة، أو السياسة الواقعية التي يفرِضونها، وعلى الرغم من تولي بايدن السلطة، فليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن هذا سيتغير كثيرًا.

3- بشار الأسد – سوريا

الحرب الأهلية الكارثية في سوريا ستبلغ عامها العاشر في مارس (أذار) القادم، وقد تسببت هذه الحرب في تدمير المدن السورية، وقتل شعبها، وتشريد الملايين من أهلها، فيما لم يزل الديكتاتور بشار الأسد قابعًا في قصره.

لكن ستزداد الضغوط لمقاضاته مع مجرمي الحرب الآخرين في عام 2021، وإن كان سيظل بمقدوره الاعتماد على روسيا وإيران لحمايته. وقد يهدد هجوم عسكري أخير يجري هذا الربيع في إدلب، آخر محافظة خارج سيطرة النظام، بكارثة جديدة للاجئين.

ويصادف هذا العام أيضًا الذكرى العشرين للحرب في أفغانستان، والتي تعود إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ومن المحتمل أن تتواصل محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، حتى مع تصاعد القتال. وعلى الرغم من رغبة بايدن في الخروج من أفغانستان، إلا أنه لن يفعل ذلك دون اتفاق سلام موثوق.

وفي حين تضغط طالبان لتحقيق النصر الكامل، قد يكون ذلك بعيد المنال كما كان دائمًا، وكما هو الحال دائمًا، ستحاول دول الجوار، والمتنافِستان الهند وباكستان، صياغة تسوية ما.

وبالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في مناطق صراع أخرى، فإن عام 2021 سيكون عامًا للحياة في ظلال المخاطر، فقد ارتفعت الآمال في اقتراب حل لـ«حرب أبدية» أخرى في ليبيا بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار في الخريف الماضي. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فمن الممكن أن تجرى الانتخابات هذا العام، ولكن البلاد ستظل ساحة معركة بالوكالة بين دول المنطقة.

وقد يبدأ الصراع في اليمن أيضًا في التراجع إذا ألزم بايدن السعوديين بالانسحاب كما تعهدوا. وفي غضون ذلك تدخل إثيوبيا عام 2021 وهي تخوض حربًا لا طائل من ورائها في إقليم تيجراي.

4- إيمانويل ماكرون – فرنسا

شهر مارس سيصادف مرور أربعة أعوام على فوز الشاب الحديث العهد بعالم السياسة، إيمانويل ماكرون، بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ومن ثم اقتناصه السيطرة على قصر الإليزيه. وفي أبريل (نيسان) 2022 سيواجه ماكرون الناخبين مرةً أخرى، ومن بين القضايا البارزة التي ستمثِّل ركيزة لتقييم سجله الرئاسي بوصفه بطلًا للعلمانية الفرنسية، وطريقة تعامله مع «الإرهاب الإسلامي» و«الانفصالية»، وفقًا لكاتب التقرير.

وخلافًا لزعماءَ غربيين آخرين، يقدم ماكرون تفنيدًا أيديولوجيًّا لمحاولات المتطرفين تقسيم الناس على أساس معتقدات دينية، من خلال التمسك بالمساواة، التي تعكس المبدأ الجمهوري للمواطنة العالمية، ويقول النُّقاد إن موقفه قد أثار الجهاديين، إذ عانت فرنسا من سلسلة من الهجمات التي نفَّذها أفرادٌ أو «خلايا إرهابية» صغيرة، وقد يجلب عام 2021 فظائع مماثلة هناك، وفي أماكن أخرى.

ولكن إجمالًا  بحسب التقرير انخفض تواتر الهجمات الإرهابية المنسوبة إلى إسلاميين في أوروبا عام 2020، وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي. وقد يستمر هذا الاتجاه النزولي في عام 2021. وكذلك شهدت سوريا والعراق والعالم العربي بأسره انخفاضًا في العنف الذي ينفِّذه الإسلاميون.

وسيكون التركيز الرئيس في عام 2021، وخاصة بالنسبة لفروع «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)»، على منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، وخاصة موزمبيق، ومالي، والنيجر، والكاميرون، وبوركينا فاسو، وشمال نيجيريا، حيث جددت جماعة بوكو حرام هجماتها الإرهابية في المناطق الريفية.

وقد يشهد العام المقبل أيضًا استمرارًا للزيادات الأخيرة في أعمال العنف التي يمارسها تيار اليمين المتطرف والجماعات التي تؤمن بتفوق العِرق الأبيض في أوروبا والولايات المتحدة، والتي باتت تُشكِّل تهديدًا أكبر من الجهاديين. والواقع أن جائحة فيروس كورونا يمكن أن تُفاقم تلك الزيادة، التي أشعلها الساسة الشعوبيون، وغذَّتها العزلة الاجتماعية، والتفاوت بين الناس، وضعف التعليم والكراهية العنصرية.

5- نيكولا ستورجون – أسكتلندا

بريطانيا تواجه تحديًّا ثلاثيًّا عسيرًا في عام 2021، والذي يتمثل في: إنهاء كابوس كوفيد-19 في الوقت الذي تحاول فيه البلاد تحقيق التعافي الاقتصادي، والتعامل مع فوضى ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتجنب الأزمة الدستورية وتفتيت المملكة المتحدة. وستلعب رئيسة وزراء أسكتلندا، نيكولا سترجون، دورًا رئيسًا في الدراما الثلاثية، ولكن التحدي الأخير، حملة حزبها الوطني الأسكتلندي لنيل الاستقلال، هو ما قد يُهيمن على الأحداث مع مرور العام.

إذا نجح الحزب الوطني الأسكتلندي، كما هو متوقع، في الفوز في انتخابات البرلمان الأسكتلندي في مايو، فإن الحملة لإجراء استفتاء ثانٍ سوف تستمر، ولكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يصر على أنه لن يسمح بالتصويت مرةً أخرى، ولا أحد يدري ما قد يحدث آنذاك، إذ يشير البعض إلى حالة كاتالونيا، التي أجرت استفتاءً على الاستقلال في عام 2017 في تحدٍ لحكومة إسبانيا، الأمر الذي لم تكن عواقبه حميدة.

نيكولا شخصية تتمتع بشعبية كبيرة في أسكتلندا، لكن يرى كُثُر في أسكتلندا أن الصحة واقتصاد ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما بعد كوفيد، قضايا أكثر إلحاحًا من الاستقلال.

جونسون سيواجه المزيد من العواصف السياسية، وسيشهد هذا العام الخروج الأول الكامل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي منذ عام 1973، وتبدو البلاد غير مستعدة من الناحية الزمنية، وقد نالت طريقة تعامل جونسون السيئة مع الجائحة من مكانته العامة، وسيكون عام 2021 عامًا صعبًا على جونسون.

6- حسن روحاني – إيران

قد تكون الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 يونيو (حزيران)، ورحيل الرئيس الحالي حسن روحاني، الذي لا يستطيع الترشح مرةً أخرى، نقطة تحوُّل في الشرق الأوسط. وقد كان روحاني مخيبًا للآمال؛ إذ فشل في تنفيذ الإصلاحات الموعودة، وأشرفَ على حقبة من القمع المحلي، والركود الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد، والفساد، والعقوبات الأمريكية، لكنه على الأقل لم يكن ضد الحوار مع الغرب.

لكن وبحسب ما يستدرك الكاتب تضيق نافذة الحوار هذه مع الغرب؛ إذ منح التشكيك في النهج المعتدل والبراجماتي الذي تبنَّاه روحاني فرصةً للمحافظين، وكبار القادة العسكريين المتشددين في إيران، وإذا فاز مرشحهم (لم يقع الاختيار على أحد بعد) بالرئاسة، فقد يؤدي هذا إلى تبديد الآمال في بداية جديدة مع طهران.

وترشُّح شخصية مثل حسين دهقان، أحد كبار قادة الحرس الثوري، والمستشار العسكري للمرشد الأعلى علي خامنئي، قد يمنح المعنيين نصيحةً مفيدةً لما قد تؤول إليه الأمور.

تتوقف أمورٌ كثيرةٌ على مستوى المنطقة بالكامل على طبيعة عصر ما بعد روحاني، وقد تشتد المواجهة الإيرانية مع إسرائيل، التي يخوضها وكلاء في لبنان، وسوريا، والعراق، وغزة، إذا تولى المتشددون زمام السلطة، وكذلك الحال بالنسبة للتنافس الإقليمي مع دول الخليج العربي.
وتنظر السعودية ما إذا كانت ستتَّبع نهج الإمارات والبحرين في صنع السلام مع إسرائيل، ويأمل المعتدلون في إيران أن يؤدي العرض المبكر بتخفيف العقوبات من جانب بايدن إلى تحويل دفة الانتخابات إلى صالحهم.

وقد يشهد هذا العام لحظةً عظيمةً أخرى في الشرق الأوسط: الزوال السياسي لبنيامين نتنياهو ، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة، الذي يواجه تُهَم الرشوة والاحتيال ويتدهور ائتلافه الحاكم. ومع ذلك، وبغض النظر عمن سيخلفه، قد يكون هناك المزيد من التآكل لآمال الفلسطينيين في دولة مستقلة بعدما عقَدَ المزيد من الدول العربية صفقاتٍ مع إسرائيل ومع بعضها البعض.

7- شي جين بينج – الصين

هذا الشهر يصادف الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، على يد ماو تسي تونغ وآخرين. ويتمتع مَنْ يُعد ماو تسي الصين في العصر الحديث، الرئيس الفعلي مدى الحياة شي جين بينج، بشخصية قوية أكبر من المؤسس نفسه. وبفضل توجيهاته، انتقلت الصين من «الصعود السِلْمِي» إلى ما يوصف بالقوة العدوانية المحتملة. ولذلك سيشهد عام 2021 مواجهة غربية مُنسَّقة على نحو متزايد ضد الصين.

 محاولات الصين للتنمُّر على البلدان ذات التصنيف المتوسط، ​​مثل: أستراليا، وكندا، من خلال أخذ الرهائن ومنع الواردات، وازدرائها الساخر لتراجع القوى الأوروبية في مرحلة ما بعد الاستعمار، مثل: المملكة المتحدة، واستعدادها الجديد لتحدي المنافسين الرئيسيْن مثل: الهند، والولايات المتحدة، يُنبِئ بعام صعب من المناوشات المتزايدة على مجموعة واسعة من الجبهات.

وتشمل نقاط التوتر هجمات بكين على الديمقراطية في هونج كونج، وتايوان؛ وحشدها العسكري، خاصة في بحر الصين الجنوبي، وجبال الهيمالايا؛ وانتهاكات حقوق الإنسان في مقاطعتي شينجيانج والتبت؛ والتوسع العالمي لشركات التكنولوجيا الصينية، مثل: هاواوي؛ والعقوبات التجارية الغربية، والإجراءات الحمائية (سياسة اقتصادية لتقييد الواردات من البلدان الأخرى)؛ والتنافس الإستراتيجي على الموارد والنفوذ في آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وكذلك في الفضاء الخارجي.

وسينعكس الجدل المكثَّف في بريطانيا حول مشاركة الصين – وتحديدًا حول الاستثمار الصيني في البنية التحتية الأمنية الحيوية مثل الاتصالات والطاقة النووية – في جميع أنحاء أوروبا، حيث تُبدي بكين توددها لأعضاء الاتحاد الأوروبي الساخطين، ودول البلقان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل: صربيا.

ويقول بايدن إنه يريد تهدئة الأمور، لكنه لن يرفع العقوبات حتى يصبح الاقتصاد الأمريكي أقوى وتتجمع الائتلافات التي تقودها الولايات المتحدة لتنافس بكين في لعبتها العالمية.

8- الأمين العام للأمم المتحدة: أنطونيو جوتيريس

دورة الألعاب الأولمبية 2020 التي أُعِيدت جدولتها – والتي تُعد الرمز النهائي، والمظهر العملي للعالم الواحد – ستصل إلى ذروتها في طوكيو في شهر أغسطس (آب)، وذلك على افتراض عدم تأجيل الألعاب مرةً أخرى. وستكون روح التعاون العالمي مطلوبة أكثر من أي وقت مضى في عام 2021 نظرًا لأن العالم يكافح للتعافي من جائحة فيروس كورونا المُستجد. ويقود معركة العودة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس.

وربما تجد الدول الأكثر ثراءً طرقًا خاصة بها للهروب من فيروس كورونا المُستجد، لكن سيقع على عاتق جوتيريس ووكالات الأمم المتحدة محاولة ضمان سلامة الجميع في نهاية المطاف. وسيحتاج عدد قياسي من الأشخاص يبلغ 235 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية والحماية في عام 2021، وهذه الزيادة في الأعداد بنسبة 40٪ تعزوها الأمم المتحدة بالكامل تقريبًا إلى تفشي فيروس كورونا المُستجد. ويقول جوتيريس: إن العالم يجب أن «يقف مع الناس في أحلك أوقات احتياجهم» – وأنه يريد 35 مليار دولار لدفع تكاليف هذه الاحتياجات.

المنافسة غير العادلة للحصول على لقاحات فعَّالة وبأسعار معقولة ربما تعوق هذا الهدف. ويتوقع «تحالف لقاح الناس أو People’s Vaccine Alliance» المستقل أن يخسر الأشخاص في ما يصل إلى 70 دولة منخفضة الدخل في ما يوصف بـ «سباق اللقاحات» القادم في عام 2021. ويقدر المجلس النرويجي للاجئين أن هناك 40 مليون شخص معرضون على نحو متزايد لخطر التمييز وانتهاكات الحقوق، بما في ذلك الاتجار بالبشر وتجنيد الأطفال – وهو ما يمثل جزءًا من «أزمة المواجهة» التي أحدثها فيروس كورونا المُستجد. ووصل عدد اللاجئين المستقرين في بلدان آمنة إلى مستوى منخفض غير مسبوق.

ويأتي كل هذا على رأس التحديات القائمة بالفعل مثل نقص المياه الذي سيؤثر على أكثر من 3 مليارات شخص في عام 2021، سيؤثر على نصفهم بشدة، نتيجةً لزيادة الطلب، وانهيار المناخ. وستواجه ست دول – أفغانستان، واليمن، وبوركينا فاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ونيجيريا، وجنوب السودان – خطر المجاعة في عام 2021.

9- أنجيلا ميركل – ألمانيا

الانتخابات الفيدرالية المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر ستشهد التقاعد السياسي لأنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية منذ عام 2005 وأول امرأة تتولى هذا المنصب. وسيكون رحيلها نقطة تحول بالنسبة لألمانيا وأوروبا. وسيبلغ السباق لخلافتِها بصفتها قائدة لحزب الديمقراطيين المسيحيين ذروته هذا الشهر. وربما تجلب انتخابات شهر سبتمبر تغييرات كبيرة. وسيتركز الاهتمام على نحو خاص على حزب الخضر والبديل اليميني المتطرف لألمانيا.

وستكون خسارة ميركل، باعتبارها عنصرًا مؤثرًا ثابتًا وموحِّدًا، محسوسة بشدة داخل الاتحاد الأوروبي، لا سيما في القضايا المحورية مثل توافق منطقة اليورو، وميزانية أوروبا، ومنظمة «حلف شمال الأطلنطي (الناتو)». ويناصر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤية «أوروبا العالمية» الأقوى والأكثر تكاملًا، والتي تناضل من أجل قيمها ومصالحها. وكثيرًا ما كانت ميركل بمثابة المكابح لهذه الأفكار. ومع تقاعد ميركل واقتراب موعد الانتخابات الفرنسية، ربما تتسرب التوترات الفرنسية – الألمانية إلى العلن.

ويبدو أن دعم الأحزاب الشعبوية الأوروبية اليمينية المتطرفة يتراجع مؤخرًا، لكنها ستظل عاملًا مهمًا في عام 2021، على الأقل في الجدل غير المحسوم حول الهجرة. وفي تحديها الناجح لِلَجنة بروكسل المعنية بسيادة القانون وقضايا النوع وحرية الإعلام، ضربت الحكومتان البولندية والمجرية غير الليبراليتَيْن مثلًا سيئًا قد يحذو الآخرون حذوه.

وفي ظل إدارة أمريكية جديدة تركِّز في المقام الأول على المشاكل الداخلية، بينما تقبع دبابات الصين في خاصرتها، ومع تصرف روسيا على نحو لعبة جار من الجحيم (لعبة ذات فكرة كوميدية تعتمد على عمل المقالب)، تواجه أوروبا عامًا من التحديات التي يمكن أن تختبر وحدتها بصورة أكبر.

فهل تلقي أوروبا بنفسها مرةً ثانية في أحضان واشنطن، أم تحاول الإمساك بمنتَصف العصا بين الولايات المتحدة والصين، أم تذهب في مسارها وحدها؟ وهل يخلق ذلك الوضع اتحادًا أوروبيًّا «ذا سرعتين»؟ ومع ذلك يمكن أن تطغى المعركة الممتدة ضد فيروس كورونا المُستجد على هذه الأسئلة الكبيرة، وربما تقضي بدرجة أقل على تداعيات فشل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

10– فلاديمير بوتين – روسيا

فلاديمير بوتين وُلد في مدينة سان بطرسبرج، التي كانت تُسمى لينينجراد آنذاك، في السابع من شهر أكتوبر عام 1952، أي بعد 35 عامًا من ثورة أكتوبر التي أسفرت في النهاية عن الاتحاد السوفيتي. ويصادف هذا العام مرور 30 ​​عامًا على انهيار الاتحاد السوفيتي. وقضى العميل السري السابق في «المخابرات السوفيتية (KGB)» حياته السياسية منذ عام 1999 سواءً بصفته رئيسًا للوزراء أو رئيسًا للجمهورية، يحاول – وإن فشل في – إحياء الإمبراطورية السوفيتية. وربما يحتاج بوتين إلى القيام بثورة ثانية مشابهة لثورة أكتوبر لتوحيد روسيا الحالية.

ويبدو بوتين في وضع آمن بعد أن سمح له استفتاء دستوري مزور التمتع من الناحية النظرية بمدَّتين رئاسيتين إضافيتين لمدة ست سنوات. لكن بوتين يبدو مُتعبًا ومعزولًا؛ لقد عزل نفسه أثناء فترة الجائحة وأخذت شعبيته في الانخفاض. وانخفضت عائدات النفط، التي تمثل شريان الحياة بالنسبة لروسيا. ويواجه هو وحلفاؤه انتخابات برلمانية صعبة في شهر سبتمبر وسط تصاعد للمشكلات الاقتصادية والاضطرابات في أقصى شرق روسيا.

وعززت المحاولة الفاشلة لتسميم منافس بوتين الأكثر شهرة، أليكسي نافالني، المعارضة المحلية. وفي غضون ذلك، تتفكك جهود بوتين لاستعادة «الخارج القريب» لروسيا، فالانتفاضة الشعبية في بيلاروسيا ترفض قمعها. وأصبحت المشاعر المعادية لموسكو والمؤيدة للديمقراطية قوية في أوكرانيا، ومولدوفا، وجورجيا، وقيرغيزستان. وكشفت الحرب الأخيرة بين أرمينيا وأذربيجان حدود القوة الروسية، وغدت سوريا مستنقعًا لا يستطيع الهروب منه.

وبعد عقدين من الاستيلاء على الأراضي والاغتيالات والفساد المستشري والتخريب، لم يعد بوتين يملك سوى القليل من الحلفاء الدوليين. وتخضع روسيا لعقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وذهب ترامب، الذي كان يحترمه بوتين على نحو غريب دائمًا.

أما الدول الغربية، فتنظر إلى بوتين بأعين يملؤها الخوف والبُغض. ويعكس الحديث عن تحالف عسكري مع الصين ضعفه. باختصار يبدو بوتين ضعيفًا. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) سترسل روسيا أول مركبة فضائية إلى القمر منذ 45 عامًا، وربما ينبغي على بوتين أن يرحل معها.

11- جاير بولسونارو – البرازيل

المملكة المتحدة ستستضيف مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين للتغير المناخي لعام 2021، والمعروف أيضًا باسم COP26، والمقرر أن يُعقد في مدينة جلاسكو، بأسكتلندا في المدة من الأول إلى 12 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 تحت رئاسة المملكة المتحدة، على أمل إعطاء دفعة جديدة لاتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.

وفي هذا الصدد يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس: «لن تكون لحظة قابلة للتحقق قريبًا. فالبشر يواصلون إلحاق أضرار غير عادية بالكوكب. والتنوع البيولوجي ينهار. وأصبح مليون نوع من المخلوقات معرَّض لخطر الانقراض. والنظم البيئية تختفي أمام أعيننا». ويريد جوتيريس من جميع الحكومات إعلان حالة الطوارئ المناخية في عام 2021.

ويأتي في طليعة من يشنون «حربًا بشرية انتحارية على الطبيعة»، الرئيس البرازيلي اليميني الشعبوي، جاير بولسونارو، الذي يُلخِّص إنكار تغير المناخ في أكثر حالاته تدميرًا. وقد وصلت إزالة الغابات في غابات الأمازون المطيرة، وهي مخزن حيوي للكربون يعمل على إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد – وقد تسارعت منذ أن تولى بولسونارو منصبه في عام 2019. وربما يتفاقم مثل هذا التخريب البيئي في عام 2021.

ومع ذلك، هناك بوادر مشجعة؛ إذ تطلب المملكة المتحدة من الدول الأخرى مجاراتها أو تجاوز تعهدها بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 68٪ بحلول عام 2030. ويشير تعيين جون كيري صاحب الوزن السياسي الثقيل باعتباره «قيصر المناخ» إلى عودة الولايات المتحدة بالكامل إلى أداء دورها. وبالعودة إلى اتفاق باريس، يَعِد بايدن بأن تحقق الولايات المتحدة صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. وقد حددت الصين عام 2060 باعتباره هدفًا لها وتقول: إن الانبعاثات ستبلغ ذروتها قبل عام 2030. وسوف يحذو آخروُن حذوهم.

لكن عام 2021 سيشهد مع ذلك تسريعًا لوتيرة السباق مع الزمن ونعني به أزمة المناخ. وسوف تتعارض محاولات «إعادة البناء الأكثر اخضرارًا» بعد الجائحة مع المصالح الاقتصادية المكتسبة. وربما يصبح إلزام السياسيين بوعودهم المناخية، وفضح أمثال بولسونارو، التحدي الأكثر إلحاحًا في عام 2021.

12- كيم جونغ أون – كوريا الشمالية

وهنا يصل التقرير إلى محطته الأخيرة، فيشير إلى أنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2021 تكتمل تمامًا السنوات العشر منذ أن خلف كيم جونغ أون والده، كيم جونغ إيل، في منصب الزعيم الأعلى لكوريا الشمالية. وقد فشلت جهود ترامب المتغطرسة لعقد صفقة مع كيم لإنهاء برامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية التي تحظرها الأمم المتحدة، لكن بايدن أيضًا يفتقر إلى أفكار جديدة. والسؤال المقلق لعام 2021 هو: هل سيستأنف كيم التجارب النووية؟

والأنكى من ذلك أن هناك تحديات إضافية بشأن الانتشار النووي ستظهر هذا العام. وربما تتزايد المخاوف، خاصة في إسرائيل المسلحة نوويًّا، من أن تحاول إيران امتلاك قنبلة ذرية. وربما يسعى السعوديون للحصول على قدرة نووية موازية ردًا على ذلك. وفي الوقت نفسه فإن استمرار التوترات الحدودية بين الدول الحائزة للأسلحة النووية، ونقصد بذلك الصين والهند، وبين الهند وباكستان، يمثل أيضًا سببًا للقلق المتزايد.

ويهدف بايدن إلى تمديد معاهدة نيو ستارت (New Start) لخفض ترسانة الأسلحة النووية مع موسكو التي تنتهي في شهر فبراير المقبل. لكن لا بايدن، ولا أي شخص آخر، يعرض نزع السلاح النووي في عام 2021.

معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة صادقت على المعاهدة التي تحظر الأسلحة النووية، والتي تدخل حيز التنفيذ في 22 يناير الحالي. وحتى وإن كانت هذه المعاهدة تفتقر إلى أنياب، لكنها خطوة تبعث على الأمل.

* محرر الشؤون الخارجية في الصحيفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى