شؤون اقليمية

التصعيد العسكري والعقوبات ضد إيران ونذر أزمة نفطية عالمية الولايات المتحدة والبحث عن بدائل مجال حيوي نفطي في إفريقيا

مركز الناطور للدراسات والابحاث

 

العناصر:

1-تساؤلات أمريكية حول إمكانية حدوث أزمة طاقة في الولايات المتحدة في حالة نشوب حرب في منطقة الخليج.

2-سيناريوهات أمريكية لمواجهة احتمال توقف صادرات النفط من الخليج وما هي الخيارات والبدائل.

3- مأزق الطاقة في الولايات المتحدة والبحث عن مصادر جديدة.

4-النفط في إفريقيا معطيات واستنتاجات.

5-النفط الإفريقي يسد احتياجات الولايات المتحدة وليس الأسواق الأوروبية.

الخلاصة.

 

 

 

 

 

القلق الأمريكي من حرب في الخليج

كدافع لتطوير المجال النفطي في غربي وشمال إفريقيا.

تذهب التحليلات والقراءات الجادة والمتمعقة لمعطيات التصعيد بين إيران والغرب على الأصعدة العسكرية والاقتصادية والإعلامية إلى الاستنتاج بأن أزمة نفطية عالمية في طريقها إلى الظهور على السطح قد تكون أخطر من الأزمة التي نجمت عن الحظر النفطي الذي فرض في حرب 1973 .

الدراسات المتأنية والتحليلات الموضوعية لهذه الأزمة المحتملة استندت وانطلقت من مجموعة من التطورات الحاصلة والتي تتصاعد وتائرها باستمرار

من بين هذه التطورات:

أولا: فرض حظر استيراد النفط مكن إيران وهو قرار اتخذته  إدارة  أوباما واتخذته دول الاتحاد الأوروبي التي تستورد 200 ألف برميل في اليوم، معروف أن إيران تنتج 2.4 مليون برميل يوميا،

وقف تصدير النفط الإيراني ستنجم عنه أزمة خاصة في الأسواق الأوروبية والآسيوية المستوردة للنفط الإيراني، وهناك دول بدأت فعلا تبحث عن البدائل ومنها كوريا الجنوبية ودول أوروبية.

ثانيا: تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز والذي أعقبته سلسلة من المناورات العسكرية والبحرية والجوية والبرية والتي اعتبرت من قبل الخبراء الإستراتيجيين على أنها مناورات تحاكي سيناريوهات إغلاق مضيق هرمز وفق التهديدات الإيرانية .

هذا التهديد الإيراني قوبل بتهديدات أمريكية بمنع إيران من إغلاق المضيق أمام تدفق 17 مليون برميل من النفط يمر عبر المضيق يوميا في طريقه إلى أسواق العالمية.

التهديدات الأمريكية والأوروبية لم تقتصر على البيانات والمواقف السياسية وإنما امتدت إلى تحركات عسكرية وحشود بحرية وجوية.

الولايات المتحدة حركت حاملة الطائرات العملاقةStennis  ثم دفعت بثلاث حاملات من بينها إنتربرايز  مدعومة بقوة هجومية.

وقد كشف في الآونة الأخيرة عن تسيير جسر جوي ينقل الأسلحة وينقل القوات بشكل مكثف إلى دول الخليج في نطاق الاستعداد لمواجهة احتمال إغلاق مضيق هرمز إما نتيجة لهجوم إسرائيلي أحادي على إيران أو بالتعاون مع الولايات المتحدة.

ثالثا:وجود بوادر على احتمال اندلاع حرب إقليمية لن تقتصر على منطقة الخليج بل قد تشمل لبنان وسوريا وفلسطين والعراق .

مثل هذا الاحتمال يعزز من إمكانية حدوث أزمة في الطاقة ستنجم عن توقف إمدادات النفط إلى الأسواق العالمية.

أمام هذه الاحتمالات التي تبدو واقعية في ظل هذا التصعيد مع إيران والتصعيد مع سوريا بدأت الولايات المتحدة تبحث عن خيارات وبدائل خارج منطقة التوتر وعلى أخص الخصوص في إفريقيا في غربها وشمالها.

بعض المصادر الأمريكية ذهبت إلى أن الرئيس باراك أوباما شكل فريقا لتقديم المشورة حول مواجهة احتمال وقف إمدادات النفط من منطقة الخليج إذا ما أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز أو هاجمت موانئ الشحن في منطقة الخليج ثم وضع سيناريوهات حول إيجاد البدائل (1)

الفريق أنجز عمله في شهر ديسمبر الماضي حيث أعد تصورا متكاملا لسيناريوهات الأزمة مع إيران وتداعياتها على إنتاج وتصدير النفط من دول الخليج وطبيعة الخيارات والبدائل بما يضمن عدم حدوث أزمة الطاقة على الساحة الأمريكية على الأقل ولتلافي وقوع أزمة تؤدي إلى ارتفاع صاروخي في أسعار النفط ليصل إلى ما يتراوح ما بين 150 إلى 200 دولار للبرميل الواحد.

الخيارات والبدائل

في قراءة لما رشح عن عمل هذا الفريق لاحظ الباحث العربي في الشأن الأمريكي الدكتور سهيل ناصر والمقيم في واشنطن وجود قلق متزايد لدى الإدارة الأمريكية حول نفط منطقة الخليج على ضوء التصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وإيران وكذلك تصعيد غير مسبوق من قبل إيران لإغلاق مضيق هرمز. (2)

الفريق –وفق ما يؤكده الباحث- درس كل الخيارات المحتملة والمتوقعة في حالة اندلاع مواجهة عسكرية واسعة مع إيران.

وفي هذا يبدو أن الفريق ركز كثيرا على احتمالات توقف إمدادات النفط من دول الخليج من السعودية ومن الإمارات والكويت وحتى العراق، وقرر الفريق أن الأصل في مواجهة مثل هذه الأزمة هو في الانتقال إلى مجال حيوي نفطي آخر يؤمن تدفق الطاقة إلى الولايات المتحدة، الفريق حدد هذا المجال وبأنه يتمركز في منطقة غربي إفريقيا خليج غينيا ودول شمال إفريقيا ليبيا والجزائر.

مأزق الطاقة في الولايات المتحدة

والبحث عن مصادر جديدة

 

وفق المعطيات والبيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الأمريكية الولايات المتحدة تستهلك ما يتراوح ما بين 22 إلى 25 مليون برميل يوميا من النفط أي ما يوازي 25% من الإنتاج العالمي في حين  حيث أن إنتاجها لا يزيد عن 8-10 مليون برميل يوميا أي ما نسبته 10% من الإنتاج العالمي. (3)

وبحسب آخر المعطيات فإن الولايات المتحدة تستورد 12 مليون برميل يوميا من مصادر مختلفة أهمها:

1-كندا 25%.

2-المكسيك 11%.

3-فنزويلا 9%.

4-منطقة الخليج 2.5 مليون برميل يوميا أي ما يوازي 20% من حجم وارداتها من النفط.

(4)

 

النفط في إفريقيا

المخاوف الأمريكية من إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز إذا ما توقفت صادراتها النفطية والذي يعتبر من أهم الممرات التي تتدفق عبره نسبة 20% من إجمالي الإمدادات النفطية إلى الأسواق (5) وربما لأسابيع دفعت إدارة أوباما –كما نوهنا- إلى البحث عن مصادر أخرى لاستيراد النفط لتغطية الحصة التي تستوردها من منطقة الخليج 2.5 مليون برميل يوميا.ومثل هذا التوقف لا تحتمله الولايات المتحدة ولا أمنها القومي ولا تحتمل أيضا حدوث مثل هذا المأزق. (6)

وكإجراء استباقي راحت السلطات الأمريكية بناء على توصيات فريق إدارة أزمة الوقود الذي أعده خبراء اقتصاديين وإستراتيجيين البحث عن مصادر بديلة بل على تفعيل وتنجيع المصادر التي اكتشفت في القارة الإفريقية وعلى الأخص في الجزء الغربي والشمالي من القارة الإفريقية لتعويض أي نقص في الطاقة ينجم عن وقف تصدير النفط من الخليج.الفريق انكب على دراسة معطيات إنتاج القارة الإفريقية وعلى الأخص في غربها وشمالها.

المعطيات تتحدث عن حاضر ومستقبل الطاقة في غرب وشمال إفريقيا على ضوء المعطيات الآتية:

-تختزن القارة الإفريقية من احتياطي النفط العالمي 10% ، هذا الاحتياطي موجود في منطقة غينيا وشمال إفريقيا ليبيا والجزائر. (7)  (8)

-الفريق تعمق في قراءة خارطة إنتاج الدول الإفريقية بمعطياتها التالية:

الدولة

حجم الإنتاج اليومي

حجم التصدير اليومي

نيجيريا

2.21 مليون برميل

2.10 مليون برميل

الجزائر

2.12 مليون برميل

1.4 مليون برميل

أنجولا

1.94 مليون برميل

1.8 مليون برميل

ليبيا

1.2 مليون برميل

1 مليون برميل

غينيا بيساو

474 ألف برميل

395 ألف برميل

الكونجو

274 ألف برميل

229 ألف برميل

الجابون

241 ألف برميل

228 ألف برميل

دول غرب إفريقيا: بنين، بوركينا فاسو، غامبيا،غانا،غينيا، غينيا بيساو، ساحل العاج، النيجر، ليبريا، مالي، توجو، نيجيريا والسنغال وسيراليون والجابون تصدر 1.58 مليار برميل سنويا أي بمعدل 4.43 مليون برميل يوميا، في حين أن دول شمال إفريقيا تصدر 2.82 مليون برميل.

الإنتاج الكلي للنفط في غربي وشمال إفريقيا يبلغ حوالي 15 مليون برميل يوميا لكن هناك قابلية لرفع سقف الإنتاج إلى أكثر من 20 مليون برميل بفعل عدة عوامل: (9)

1-نيجيريا التي تصدر 2.21 مليون برميل يمكنها أن تنتج خمسة ملايين برميل وهو نفس معدل الإنتاج في مراحل سابقة.

2-ليبيا تنتج بعد انتهاء الحرب 1.2 مليون برميل ويمكن رفع سقف الإنتاج إلى 2 مليون برميل. (10)

3-منطقة الساحل الغربي لإفريقيا من أنجولا حتى موريتانيا سترفع إنتاجها من الحقول البحرية إلى الضعف حتى عام 2014. (11)

4-النفط السوداني بتحول وجهة تصديره من الصين وآسيا إلى الولايات المتحدة بعد أن ألغى سلفاكير رئيس دولة الجنوب عقودا مع الدول التي كانت تتعاون مع السودان قبل الانفصال وولادة دولة الجنوب في التاسع من شهر تموز يونيو 2011 زيارة سلفاكير إلى واشنطن في منتصف شهر كانون الأول ديسمبر 2011  ساعدت الشركات الأمريكية على أن تضع يدها على النفط السوداني وعلى الأخص شركة شيفرون وإكسون ويتوقع أن يبلغ إنتاج جنوب السودان التي تحتكر 80% من إجمالي إنتاج النفط في السودان مليون برميل عام 2012. (12)

 

النفط الإفريقي يسد احتياجات الولايات المتحدة

وليس الأسواق الأوروبية

الاهتمام الأمريكي المتزايد بمصادر النفط في إفريقيا والجهود الحثيثة لتطوير هذه المصادر وصولا إلى رفع طاقتها الإنتاجية لا يقابله نفس الاهتمام من قبل الدول الأوروبية المستهلكة الأكبر للنفط.

ومن هنا فإن الدول الأوروبية ستكون أكثر المتضررين إذا شن هجوم عسكري أمريكي ضد إيران وتوقفت إمدادات النفط من منطقة الخليج في حالة تمكن إيران من إغلاق مضيق هرمز.

وانطلاقا من هذا الإدراك وخطورة تداعيات وتبعات  إغلاق مضيق هرمز وإجراء ردعي استباقي لوحظ أن الانتشار العسكري الأوروبي المعزز أيضا بالانتشار الأمريكي في الخليج والقرن الإفريقي والمحيط الهندي قد تم تعزيزه في الآونة الأخيرة لمواجهة احتمال إغلاق مضيق هرمز من أجل إعادة فتح المضيق.

الخلاصة: ويبقى السؤال حول نقطتين مفصليتين هما:

1-قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز بعد أن هددت بإغلاقه وجرت تمرينات على هذه العملية وطبقت سيناريوهات ثم استخفاف الأوساط الأمريكية العسكرية والسياسية بهذا التهديد حتى أن مسؤولا أمريكيا وصفه بالآتي: إيران تقرع طبول الحرب ولكنها لا تلجأ وتستخدم وسائل الحرب أي السلاح.

2-التعاطي الجدي المتزايد من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية مع هذا التهديد ولو على النطاق الرسمي وفي المداولات التي تجري بعيدا عن شاشات التلفزة ووسائل الإعلام، الجهود الأمريكية تتجه الآن إلى إفريقيا وعلى الأخص إلى مجالين حيويين نفطيين غرب إفريقيا خليج غينيا وتحديدا نيجيريا وأنجولا والجابون، ثم شمال إفريقيا الجزائر وليبيا لتأمين الكميات التي قد تتوقف عن التدفق إلى الأسواق العالمية

أما الدول الأوروبية والتي قد تكون المتضرر الأكبر فإنها لا تتعاطى مع هذه الأزمة المحتملة بالاهتمام الذي تستحقه إما لأنها غير مقتنعة بقدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز وبعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستنتج نفس الكمية التي تنتجها إيران  حوالي 3 ملايين برميل لتعويض الأسواق العالمية .

حتى الآن ما زالت المعركة بين إيران والولايات المتحدة والغرب هي مجرد مساجلة لفظية لم تنتقل إلى ميادين القتال، هذا دون استبعاد احتمال اندلاع هذه الحرب لأن إسرائيل هي التي تمسك بفتيل إشعال هذه الحرب.

المصادر:

1-الدكتور سهيل ناصر، دراسة الولايات المتحدة ومأزق تأمين مصادر الطاقة في حالة اندلاع حرب رابعة في الخليج، دراسة خاصة بالمركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي ومحدود التوزيع، يناير 2012.

2-نفس المصدر السابق.

3- بيانات وكالة الطاقة الأمريكية بداية شهر يناير 2012.

4- Rodin Judith Washington Post 09/12/2011

5- مجلة إنرجي نيوز عدد ديسمبر 2011.

6- سهيل ناصر مصدر سابق.

7- عبد المنعم طلعت مشاكل الطاقة والاستقرار في خليج غينيا الغني بالنفط، مجلة السياسة الدولية العدد 177 يونيو 2009ا مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية.

8- النفط في غربي إفريقيا والوجود الأمريكي الوحيد تقريبا في المنطقة، نشرة إنرجيا عدد أبريل 2009 ترجمة المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي.

9- مجلة إنرجيا مصدر سابق.

10- النفط الليبي بعد الحرب، مركز الدراسات المركزة عدد نوفمبر 2011، ترجمة المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي.

11-مجلة السياسة الدولية مصدر سابق.

12-فصلية كلكليست الاقتصادية الإسرائيلية  في 27/12/2011 ترجمة المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي.

إعداد: الدكتور عبد الفتاح حجازي

المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى