ترجمات عبرية

هآرتس: الانتخابات في تركيا مقبلة وسيتأثر مصير أردوغان بالتعامل مع الزلزال

هآرتس 7-2-2023، بقلم تسفي برئيل: الانتخابات في تركيا مقبلة وسيتأثر مصير أردوغان بالتعامل مع الزلزال

عدد قتلى الزلزال الذي حدث في تركيا ليس نهائياً. إذا كانت السلطات قد أبلغت أمس في الصباح الباكر، بعد فترة قصيرة على الزلزال الأول في تركيا عن نحو 900 قتيل، فإن العدد قفز خلال بضع ساعات إلى أكثر من 1200 شخص، وبعد الظهر، عندما اهتزت الأرض مرة أخرى، تم إحصاء أكثر من 2500 قتيل و5 آلاف مصاب، حيث كان من الواضح لطواقم الإنقاذ التركية، التي تعمل في جو ماطر وعاصف مع درجة حرارة تصل إلى 5 درجات مئوية، أنهم نجحوا في الوصول بصعوبة إلى الطرف العلوي من الأنقاض.

أوضح الرئيس التركي أردوغان أمس بأن “هذه هي الكارثة الأكبر التي شهدتها تركيا منذ الهزة التي حدثت في 1939، حين قتل فيها أكثر من 33 ألف شخص وأصيب 100 ألف شخص. ولكن حتى قبل تلك الهزة، وخلال عشرات السنين بعدها، حدثت في تركيا عشرات الهزات الأرضية التي قتل فيها الآلاف وأصيب فيها عشرات الآلاف”. يبدو أن تركيا منظمة ومزودة بشكل أفضل لمعالجة وإنقاذ المصابين عما كانت عليه قبل عقدين عندما حدثت فيها الهزة الأرضية الأكبر في مدينة أزمير. ولكن لا تصل هذه الاستعدادات بالضرورة إلى الضواحي مثل مدينة غازي عنتاب ومدينة كهرمان مرعش ومدينة ديار بكر وعشرات البلدات والقرى في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية في الدولة، التي تقع قرب مركز الهزة.

وهي المناطق التي يعيش فيها أكثر من نصف مليون لاجئ سوري، الذين هربوا إلى تركيا منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. عدد المستشفيات والطواقم الطبية التي تعمل في هذا الجزء من الدولة صغير نسبياً مقارنة مع الموجودة في مدن الشمال والعاصمة أنقرة أو في إسطنبول. لا يوجد أبداً سيارات إسعاف أو وسائل إنقاذ في جزء من هذه البلدات، وتدمرت الطرق وخطوط الاتصال، بحيث بات إمكانية استدعاء المساعدة أو الوصول إلى المكان المدمر ومحاولة إنقاذ المصابين أموراً محدودة جداً.

بدأت بعثات مساعدة وإنقاذ من عشرين دولة تقريباً في الوصول، من بينها إسرائيل التي أرسلت بعثة تضم نحو 150 شخصاً، لكن حسب أقوال المراسلين الأتراك الذين تحدثوا مع “هآرتس”، فإن المشكلة الملحة هي البدء في توفير مأوى لآلاف الأشخاص الناجين والطعام والدواء عندما يكون هناك خوف من موجات أخرى ستأتي في أعقاب الهزات الأرضية. “هذا هو التحدي الأصعب الذي يقف أمام الحكومة التركية وحكام الأقاليم، ولا أساس للتصديق بأن هذه الحكومة قد تتحمل وحدها هذا العبء”، قال المراسلون. “شاهدنا ما حدث في حالات أقل خطورة مثلما في الانفجار في مناجم قتل فيها أشخاص واستغرقت خدمات الإنقاذ ساعات كثيرة وأياماً إلى أن نجحت في العمل”. الأفلام القصيرة والصور التي نشرت من مواقع الكارثة تدل على أن الأمر يتعلق بأضرار بمليارات الدولارات وبمس كبير بأماكن تاريخية مثل القلعة القديمة في غازي عنتاب وأحد المساجد التاريخية المهمة “يني جامع” في مالطا، الذي دمر قبل نحو 120 سنة بسبب هزة أرضية وتم تدشينه من جديد فقط في السنة الماضية.

بالنسبة لأردوغان، تعدّ الهزة الأرضية تحدياً مزدوجاً وخطيراً سياسياً. التعاطف الدولي الذي تحصل عليه الآن تركيا، وإظهار التعاطف والتماهي من قبل زعماء العالم وبعثات المساعدة، سيتنافس مع الطريقة والسرعة التي ستجري فيها عمليات الإنقاذ والنجدة وتعويض المتضررين، لأنها العوامل التي قد تقرر مستقبل الرئيس السياسي، الذي سيقف أمام الامتحان في الانتخابات التي ستجرى في 14 أيار القادم. أردوغان الذي قرر تبكير موعد الانتخابات من حزيران لتقصير الفترة الزمنية، التي يمكن للمعارضة فيها تنظيم نفسها من أجلها، يجد نفسه الآن مضغوطاً من حيث الوقت، الذي سيتطلب منه إظهار قيادة وسيطرة على الكوارث وليس فقط من خلال الخطاب المصقول. وتقف أمامه معارضة ترتكز على ستة أحزاب ولكن بدون زعيم متفق عليه للتنافس أمام أردوغان. اسم المتنافس قد ينشر في 13 شباط وحتى إنه لا يقين بأن أحزاب المعارضة ستتوصل إلى اتفاق حتى هذا الموعد.

أحد أقوى المرشحين كان يمكن أن يكون أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الذي يتمتع بالشعبية ورجل الحزب الجمهوري المعارض. في كانون الأول حكم عليه سنتين وسبعة أشهر سجناً، وحرم من العمل في السياسة طوال فترة سجنه بسبب ما اعتبر “إهانة الموظفين العامين”. كانت خطوة مخططاً لها ومحسوبة بشكل جيد لإبعاد مرشح ذي إمكانية كامنة للتنافس أمام اردوغان والفوز أيضاً. في غضون ذلك، نشرت “كتلة الستة” وثيقة مطولة ومفصلة تضم 240 صفحة وأكثر من 2300 بند، تتعهد فيها المعارضة بإعادة الديمقراطية البرلمانية إلى تركيا، والتي تم تدميرها حسب أقوالهم على يد سلطة الفرد لأردوغان خلال عقدين من الحكم المتواصل. وهي وثيقة تشمل تعهداً في مجال حقوق الإنسان، وترميم العلاقات مع الولايات المتحدة وترسيخ استقلالية البنك المركزي، الذي تحول في ظل أردوغان إلى أداة لتطبيق نظريته الاقتصادية. هذه خلقت تضخماً بلغ عنان السماء، والذي وصل إلى الذروة في تشرين الأول، 85.6 في المئة والآن هو 57 في المئة، والذي خفض سعر الليرة التركية إلى الحضيض ووصل أمس إلى مستوى منخفض جديد وتاريخي هو 18.8 ليرة للدولار.

الصوت الحاسم في هذه الانتخابات ربما يكون صوت الأكراد الذين حصل حزبهم “اتش.دي.بي” في الانتخابات في 2018 على 11.7 في المئة من الأصوات، وبذلك تحول إلى حزب المعارضة الثاني من حيث الحجم. يقف هذا الحزب الآن أمام خطر الإغلاق على يد المحكمة الدستورية بتهمة إقامة علاقات مع حزب العمال الكردي “بي.كي.كي” الذي يعتبر منظمة إرهابية. كتلة أحزاب المعارضة، التي هي نفسها تحمل راية القومية والوطنية، قررت عدم ضم الحزب الكردي للكتلة، ولم تضمن لممثليها مناصب حكومية رفيعة في حالة فوز المعارضة. إذا تم إغلاق هذا الحزب، فيمكن للأكراد الانضمام إلى أحزاب أخرى أو التنافس كمستقلين. لمسألة الأكراد الآن أهمية مختلفة بسبب الزلزال الذي ضرب الكثير من المناطق التي يعيش فيها ملايين الأكراد، بما في ذلك عاصمة الإقليم الكردي ديار بكر. بالنسبة لأردوغان، يمكن أن تكون فرصة “للتصالح مع الأكراد” الذين خاض ضدهم صراعاً عسكرياً وسياسياً منذ سنوات لإدارة “سياسة الكوارث”، لتوجيه موارد كثيرة لإعادة تأهيل المناطق الكردية وحتى إجراء مفاوضات مع قادتهم، وبالتالي تحييد دعمهم المتوقع للمعارضة.

في المقابل، من الواضح أن المعارضة ستجلس على عنق أردوغان وستراقب كل خطوة تقوم بها الحكومة لمساعدة المواطنين وإعادة إعمار الدمار. من الآن فصاعداً سيتطور الجهد الكبير ليس فقط لإنقاذ الجثث والمصابين، بل أيضاً لبناء رواية ورواية مضادة من قبل المعارضة. لأردوغان في الحقيقة سيطرة على وسائل الإعلام، لكن الشبكات الاجتماعية تعد ملعباً للمعارضة. تحول الزلزال بذلك إلى لاعب سياسي غير متوقع يمسك بإمكانية كامنة لتغيير مهم في مبنى الحكم أو أن يرسخ صولجان الحكم في يد الرئيس وحزبه أكثر فأكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى