#أقلام وأراء

الاخ والقائد الكبير الطيب عبد الرحيم .. في ذمة الله

التاريخ : 18-3-2020م

بسم الله الرحمن الرحيم

مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)

صدق الله العظيم

اشرقت علينا شمس هذا اليوم ، حاملة نبأ ترجل احد فرسان حركة فتح ، الأخ والصديق ورفيق الدرب ، القائد الوطني الفلسطيني الطيب عبد الرحيم  “أبو العبد”، الذي انتقل صباح هذا اليوم الأربعاء 18-3-2020م، الى رحمة الله ، بعد حياة حافلة بالنضال المخلص لفلسطين وشعبها.

لقد كان الشهيد القائد أبو العبد مناضلا صادقا من اجل فلسطين ، وكان مثالا للعطاء والتضحية ، وعلما من أعلامها ومسيرتها الثورية التحررية، ومدافعا صلبا عن القرار الوطني المستقل متمسكا بتقاليد الثوار المناضلين في كل مراحل حياته، وستظل سيرته العطرة في ذاكرتنا الوطنية.

كان فقيدنا الراحل صديقا لكل من عرفوه منذ التحاقه بالثورة الفلسطينية، واستطاع ان يضع بصماته الواضحة في كافة المواقع التي عمل فيها ، منذ بدايته في تأسيس إذاعة الثورة الفلسطينية، صوت الاحرار والشرفاء في كل العالم ، والذي كان نبراسا ثوريا صدح مناديا على الثوار ، الذين سارعوا ملتحقين بدرب الثورة والشهادة.

ولد الطيب عبد الرحيم في بلدة عنبتا بطولكرم عام 1944 لعائلة فلسطينية مناضلة ، والده المناضل والقائد عبد الرحيم محمود ، أحد قيادات الثورة الفلسطينية الكبرى في وجه الاحتلال الإنجليزي والصهيوني ، والذي استشهد وهو يقود الثوار دفاعا عن قرية الشجرة، بعد ان القى قصيدته المشهورة التي خلدت نضال شعبنا في التاريخ ، وحفرت اسم شهيدنا بأحرف من نور في التاريخ الفلسطيني المعاصر، والتي كان مطلعها :

سأحمل روحي على راحتي والقي بها في مهاوي الردي .. فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا

ولآن فلسطين كانت وستبقى قضية تتوارثها الأجيال ، وبعد استشهاد القائد عبد الرحيم محمود ، حمل الراية ابنه الطيب عبد الرحيم ليكمل المسيرة ، فكان من أوائل الملتحقين بحركة فتح سنة 1965 ، أثناء دراسته في كلية التجارة في جامعة الازهر في القاهرة ، حيث كان رئيسا لاتحاد طلبة فلسطين في القاهرة وتتلمذ على يد الشهيد الراحل ياسر عرفات.

وكان من أوائل الطلبة الذين التحقوا بالكلية العسكرية في جمهورية الصين الشعبية، ومن ثم استلم إدارة إذاعة صوت العاصفة في الفترة 1969-1970، ثم مديرا لإذاعة منظمة التحرير 1973-1978، ثم عين مفوضا سياسيا عاما فترة انشقاق طرابلس.

والراحل الكبير كان عضو المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1977، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح منذ عام 1980، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها الخامس عام 1988، وخاض كافة معارك الثورة ضد الاحتلال ودفاعا عن استقلال القرار الفلسطيني.

مثل فلسطين في عدد من الدول حيث عين سفيرا في الصين الشعبية ويوغسلافيا وجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية. وكان مثالا يحتذى به في خدمة أبناء شعبه ومصالحهم في كل المواقع التي خدم فيها ، ومنحه رئيس يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية وسام العلم اليوغسلافي مع الشرف عام 1989 لخدماته في تطوير وتقوية التعاون السلمي وعلاقات الصداقة بين جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية ودولة فلسطين، كما منحه الملك حسين بن طلال ملك الأردن وسام الاستقلال من الدرجة الأولى عام 1994، تقديراً للصفات الحميدة التي إتصف بها.

ومع إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية كان موضع ثقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي عينه مسؤولاً عن شؤون الرئاسة في السلطة الفلسطينية، وانتخب عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن طولكرم في انتخابات 1996 .وأكمل المشوار مع الرئيس محمود عباس ، أمينا عاما للرئاسة، وقلده الرئيس عباس أعلى وسام فلسطيني وهو وسام نجمة الشرف عام 2007، لنضاله الدؤوب ونزاهته والتزامه وتفانيه في تنفيذ المهمات الموكولة له طوال مسيرة الثورة والسلطة الوطنية الفلسطينية ومثابرته على أداء واجباته في خدمة قضايا الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية.

كما قلده الوزير سيرجي ستيباشن، رئيس هيئة الرقابة والمحاسبة ورئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية، وسام الشرف الروسي يوم 14/12/2011، تقديرا لجهوده في تعزيز علاقات الصداقة التاريخية القائمة بين روسيا وفلسطين.

وقلده الرئيس الصيني شي جين بينغ وسام جائزة المساهمات البارزة للصداقة الصينية العربية يوم 20/1/2016 تقديرا للمساهمات البارزة التي قام بها من أجل تعزيز العلاقات بين الشعبين الفلسطيني والصيني وسبل تطويرها، وكان من جملة الـ10 شخصيات العربية التي عملت على تحسين العلاقات العربية الصينية .

ومن مفارقات القدر أنني التقيته قبل عشر أيام في القاهرة ، ويبدو انه قد شاءت الاقدار ان يكون هو اللقاء الأخير ، مع احد رموز وقيادات ومناضلي الثورة الفلسطينية ، واحد قيادات الرعيل الأول الذي يأبى الا ان يفارقنا تاركا ارثا نضاليا كبيرا ، يلزم الأجيال الصاعدة باستمرار المسيرة من اجل فلسطين وحريتها وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وانني وبهذه المناسبة أتقدم من أسرة الفقيد وزوجته الفاضلة الأخت ام العبد وابناءه وجميع افراد عائلته ، بأصدق مشاعر التعزية والمواساة برحيل الفقيد الكبير، داعيا الله عزَّ وجلَّ، أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يدخله فسيح جناته، وأن يلهم أهله جميل الصبر وحسن العزاء.

انا لله وانا اليه راجعون

اللواء محمود الناطور – أبو الطيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى