#شؤون مكافحة الاٍرهاب

الاتجاهات المتوقعة للنشاط الإرهابي في 2023

إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية 19-1-2023: الاتجاهات المتوقعة للنشاط الإرهابي في 2023

في ظل استمرار عدد من العوامل المحفزة في بعض الأقاليم الجغرافية، التي تشهد نشاطاً للتنظيمات الإرهابية المرتبطة بتيار “السلفية الجهادية” أو “مشروع الجهاد العالمي”، وتحديداً تنظيمَي “القاعدة” و”داعش”، تأسيساً على بعض المؤشرات البارزة خلال عام 2022، والتوجهات الاستراتيجية والأيديولوجية للتنظيمات الإرهابية؛ فإن ثمة اتجاهات عامة متوقعة للنشاط الإرهابي خلال عام 2023، مع عدم إغفال خصوصية كل حالة للنشاط العملياتي في كل دولة أو إقليم على حدة.

ويبرز عدد من الاتجاهات، منها استمرار عدم قدرة التنظيمات الإرهابية على الحفاظ على وتيرة مرتفعة للنشاط العملياتي، وتحولات في أنماط النشاط داخل بعض الدول، وتصاعد التنافسية والصراع بين التنظيمات الإرهابية، واحتمالات اهتزاز التماسك الداخلي بصورة كامنة، داخل “داعش” و”القاعدة” بعد مقتل زعماء التنظيمين، إضافة إلى مساعي التنظيمات الإرهابية لتوسيع النشاط العملياتي باتجاه السواحل الأفريقية، وتعزيز السيطرة على ممرات التهريب، والاتجاه إلى مناطق الأنشطة الاقتصادية؛ لتوفير تمويلات إضافية، فضلاً عن توظيف الأزمات المستدامة والضغوط الاقتصادية بالمنطقة العربية لاستقطاب عناصر جديدة وبناء القدرات.

كما يتوقع خلال عام 2023، استمرار محاولات تنظيم “داعش” تحرير عناصره من السجون ومقرات الاحتجاز، وبالأخص داخل سوريا، فضلاً عن احتمالات تصاعد التوترات الأمنية في جنوب آسيا، على خلفية تزايد المواجهات بين الحكومة الباكستانية وحركة “تحريك طالبان” باكستان، إضافة إلى محاولات بعض التنظيمات استمالة المكونات الداخلية في بعض الدول، مثل القبائل والعشائر.

ملامح رئيسية

يمكن التطرق إلى أبرز الاتجاهات المتوقعة للنشاط الإرهابي خلال عام 2023، بناءً على عدد من المؤشرات في بعض الدول بأقاليم جغرافية متعددة؛ وذلك كالتالي:

1– استمرار تذبذب معدل النشاط العملياتي خلال 2023: رغم ظهور قدرات التنظيمات الإرهابية على التكيف وإعادة بناء القدرات في بعض الدول، بعد تراجع النشاط العملياتي، وتحديداً أفرع تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، فإن تلك الأفرع لم تتمكن من المحافظة على وتيرة مرتفعة للنشاط العملياتي؛ إذ ظل منحنى العمليات متذبذباً خلال عام 2022، ويتوقع استمرار هذا التذبذب خلال عام 2023، مدفوعاً بعدة عوامل منها: أولاً– عمليات مكافحة الإرهاب للقوات العسكرية والشرطية، فضلاً عن تزايد اهتمام الأطراف الإقليمية والدولية بتعزيز قدرات الدول في مواجهة الإرهاب، وثانياً– عدم قدرة التنظيمات الإرهابية على مواصلة النشاط العملياتي على الوتيرة المرتفعة نفسها، في ضوء استنزاف الموارد التمويلية والدعم اللوجستي، وحدود قدرات أفرع التنظيمات الإرهابية التي تؤمن بمشروع “الجهاد العالمي”.

ويعكس إجمالي عدد العمليات التي نفذها فرع تنظيم “داعش” في موزمبيق المسمى “ولاية موزمبيق”، حالة التذبذب في منحنى النشاط العملياتي خلال عام 2022، وفقاً لرصد عدد العمليات التي أعلنتها وكالة “أعماق” الموالية لـ”داعش”؛ فعمليات التنظيم لم تَسْرِ على وتيرة واحدة؛ ففي بعض الشهور لم ينفذ التنظيم أي عمليات، أو نفذ عمليات قليلة، وفي شهور أخرى، نفذ عمليات عديدة، وخصوصاً في شهر يونيو الذي شهد تنفيذ التنظيم 27 هجوماً إرهابياً.

ويتوافق مع المنحنى السابق للنشاط العملياتي في موزمبيق، إحصاءات مشروع “Armed Conflict Location & Event Data Project”، الذي أشار إلى عدم استقرار منحنى العمليات على وتيرة ثابتة، في ظل تغير المنحنى بشكل أسبوعي وعلى مدار العام الماضي.

2– تحولات في أنماط النشاط العملياتي للتنظيمات الإرهابية: على وقع تراجع أنشطة التنظيمات الإرهابية في بعض الدول، فإن من المتوقع تحولات في أنماط النشاط العملياتي في اتجاهين رئيسيين: الأول– تصاعد النمط الدفاعي في النشاط العملياتي لبعض التنظيمات الإرهابية، مثل فرع تنظيم “القاعدة” في اليمن الذي يغلب على نشاطه الاعتماد على العبوات الناسفة، لمواجهة العمليات العسكرية في جنوب اليمن، خاصةً أن القوات المشاركة في ملاحقة عناصر التنظيم، تمكنت من الوصول إلى المواقع الآمنة بالمناطق الجبلية التي يتحصن فيها التنظيم، عقب سلسلة من الهجمات على مسؤولين أمنيين في محافظات الجنوب.

أما الاتجاه الثاني فهو التركيز على استهداف المواقع الحيوية؛ لمواجهة التراجع في النشاط العملياتي، وهو ما يتضح من خلال التحليل الكمي لعمليات فرع تنظيم “داعش” في أفغانستان المسمى “ولاية خراسان”، الذي يشير إلى تراجع ملحوظ في منحنى عمليات فرع التنظيم منذ شهر يونيو 2022 حتى نهاية العام، اعتماداً على بيانات وكالة “أعماق” الموالية لتنظيم “داعش”.

ولكن في مقابل تراجع النشاط العملياتي، بدا أن ثمة اتجاهاً لاستهداف مواقع حيوية، مثل استهداف فندق استضاف مؤتمراً لحركة “طالبان” في العاصمة “كابول” خلال شهر يوليو الماضي، واستهداف السفارة الروسية من خلال هجوم انغماسي في شهر سبتمبر الماضي، قبل تنفيذ هجوم لاستهداف السفير الباكستاني وفندق لإقامة صينيين بالعاصمة “كابول” خلال شهر ديسمبر الماضي. وكانت أحدث العمليات في شهر يناير 2023، باستهداف وزارة الخارجية الأفغانية.

3– تصاعد التنافس والمواجهات العنيفة بين التنظيمات الإرهابية: وفقاً لتحليل خريطة انتشار ونفوذ التنظيمات الإرهابية في البيئات المختلفة خلال عام 2022، فإنه يُتوقع زيادة حدة الصراع بين التنظيمات التي تنشط في دولة أو منطقة واحدة خلال العام الجاري، وتحديداً على مستوى القارة الأفريقية؛ إذ يتوقع استمرار حدة التنافس بين فرع تنظيم “داعش” المسمى “ولاية غرب أفريقيا” وبين جماعة “بوكو حرام” في شمال شرق نيجيريا. ومنذ النصف الثاني من عام 2021 حتى نهاية عام 2022، حدثت مواجهات مسلحة عنيفة بين عناصر التنظيمَين، في إطار التنافس على مناطق النفوذ والسيطرة.

وكان لافتاً خلال 2022، عودة المواجهات بين مجموعات تنظيم “داعش” في منطقة الساحل، وفرع تنظيم “القاعدة” المعروف بجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”؛ وذلك بنطاق المثلث الحدودي لدول “مالي والنيجر وبوركينا فاسو”. وكانت المواجهات تراجعت عقب مقتل زعيم تنظيم داعش في الساحل، ويدعى “أبو الوليد الصحراوي” عام 2021، إلا أنها تجددت بعد هيكلة “داعش” فرعه الإقليمي المسمى “ولاية غرب أفريقيا” خلال عام 2022، وإعلان فصل مجموعاته بمنطقة الساحل تحت اسم “ولاية الساحل”، في إطار محاولة لتعزيز اللا مركزية العملياتية. وخلال شهر نوفمبر الماضي، أعلن تنظيم “داعش” استهداف عناصر تنظيم “القاعدة”. وكانت الواقعة الأبرز خلال شهر ديسمبر الماضي باشتباكات استمرت لأيام أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين بمناطق متفرقة في “جاو وميناكا” شرق مالي.

4– استمرار تداعيات مقتل زعماء “داعش” و”القاعدة” على التماسك الداخلي: يتسم تيار “السلفية الجهادية” بحالة من السيولة من حيث إمكانية انتقال العناصر المنتمين إلى هذا التيار فكرياً بين التنظيمات المنتمية إلى مشروع “الجهاد العالمي”، وتحديداً تنظيمَي “داعش والقاعدة” وفروعهما. ومن ثم يتوقع أن يشهد عام 2023 قدراً من انتقال بعض العناصر بين التنظيمين، في ضوء متغير رئيسي على مستوى “القيادة المركزية” لهما خلال عام 2022، بمقتل زعيمين لـ”داعش”، وتأكيد أمريكي لمقتل زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري.

وشهد العام الماضي مقتل زعيم “داعش” أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في عملية إنزال أمريكية بسوريا في فبراير 2022، ثم مقتل أبو الحسن الهاشمي في ظروف غامضة، ولكن يُرجح أنه قُتل خلال معاركة مع عناصر “داعش” في محافظة درعا جنوب سوريا منتصف أكتوبر الماضي، وفقاً للرواية الأمريكية. وعلى الجانب الآخر، أعلن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مطلع أغسطس 2022، مقتل أيمن الظواهري في عملية قصف لمنزل كان يقيم فيه بالعاصمة الأفغانية “كابول”.

ورغم توسع التنظيمَين في اللا مركزية العملياتية بين “القيادة المركزية” وأفرعهما، فإن توالي استهداف زعماء “داعش”، وإخفاء هوياتهم الحقيقية، قد يتسبب في أزمات داخلية كامنة، لكنها مؤثرة في درجة الثقة بين عناصر التنظيم و”القيادة المركزية”.

وبالنسبة إلى تنظيم “القاعدة”، فإن تأخر إعلان مقتل الظواهري أو نفي الرواية الأمريكية لمدة تقترب من ستة أشهر، قد يؤثر على رمزية “القيادة المركزية” مستقبلاً، لا سيما مع احتمالات وجود خلافات داخلية وأزمات في ترتيبات من يخلف الظواهري حال إعلان مقتله رسمياً من قبل التنظيم، خاصةً حال عدم التوافق على شخص الزعيم الجديد بين قيادات الأفرع. ورغم افتراض بعض الآراء تأثر التنظيم بعد مقتل الظواهري، في ضوء غياب القيادات المؤثرة، فإن انعكاسات ذلك غير مؤثرة على النشاط العملياتي لأفرع التنظيم.

5– مساعي “داعش” و”القاعدة” للنفاذ إلى السواحل الأفريقية: من المحتمل أن يشهد عام 2023 زيادة في التنافس بين أفرع تنظيمَي “داعش” و”القاعدة” في أفريقيا للوصول إلى السواحل، وتحديداً بعد تصعيد فرع تنظيم “القاعدة” بمنطقة الساحل “نصرة الإسلام والمسلمين” العمليات الإرهابية في بوركينا فاسو خلال العام الماضي، وصولاً إلى مناطق الشرق وجنوب الشرق، باتجاه الحدود مع دولتي بنين وتوجو التي تقعان في منطقة خليج غينيا. وشهدت الدولتان عمليات إرهابية خلال عام 2022: توجو شهدت خلال منتصف العام هجومين إرهابيين، فيما تم تسجيل نحو 20 هجوماً في بنين خلال النصف الأول من 2022.

وفي 15 سبتمبر 2022، أعلن تنظيم “داعش” في العدد رقم (346) من صحيفة “النبأ” الأسبوعية الرسمية، مسؤوليته عن هجومين منفصلين في بنين لاستهداف دوريتين لقوات الجيش مطلع شهر يوليو الماضي، فيما كانت أغلب العمليات الإرهابية في بنين ترتبط بتنظيم “القاعدة”، بما يشير إلى احتمالات تزايد التنافس على توسيع النشاط إلى دول بخليج غينيا للنفاذ إلى السواحل.

وبدا أن ثمة رغبة لدى تنظيم “داعش” في النفاذ إلى السواحل الشرقية للقارة الأفريقية، عبر فرعه المسمى “ولاية موزمبيق”، من خلال محاولات التوسع العملياتي جنوب مقاطعة “كابو ديلجادو” وباتجاه الداخل، منذ الربع الثاني من عام 2022؛ إذ لم يعد الاستهداف مقتصراً على محيط مدينة “بالما” الساحلية شمال شرق المقاطعة التي كانت تحت سيطرة التنظيم قبل طرد عناصره منها 2021، وهي محاولة لمحاصرة كل المناطق الساحلية، وإحداث اختراق أمني لها وتنفيذ عمليات إرهابية.

6– توسيع السيطرة على ممرات التهريب والأنشطة الاقتصادية: يتسم النشاط العملياتي لتنظيمَي “القاعدة” و”داعش” جغرافياً بأنه “خريطة متحركة”، وفقاً لطبيعة النشاط العملياتي في عدة دول، مثل “بوركينا فاسو ونيجيريا والنيجر وبنين وموزمبيق” خلال عام 2022. ويُتوقَّع استمرار هذا الاتجاه واحتمالات تصاعده خلال عام 2023، في موزمبيق على سبيل المثال، اتجه فرع تنظيم “داعش” إلى توسيع النشاط العملياتي خارج مناطق النفوذ التقليدية، باتجاه المناطق التي تضم مناجم التعدين. وخلال شهر نوفمبر 2022، أعلن فرع “داعش” تنفيذ هجومه الأول باتجاه جنوب غرب إقليم “كابو ديلجادو” بمنطقة “بالاما”، وتوقف على إثرها أحد المناجم عن العمل بسبب مخاوف أمنية، وربما يتجه “ولاية موزمبيق” لتوسيع نشاطه العمليات لاستهداف الأنشطة الاقتصادية لتحقيق استفادة تمويلية لفرض “إتاوات” على الشركات، أو تعطيل تلك الأنشطة لزيادة الضغوط الاقتصادية على الدولة، وهو نمط التمويل الذي يعتمد عليه فرع تنظيم “داعش” بسوريا، بفرض “إتاوات” على شركات النفط.

ويتوقع أن تدفع أفرع “داعش” و”القاعدة” باتجاه توسيع السيطرة على ممرات التهريب البحرية والبرية خلال عام 2023؛ ليس فقط لأهداف تمويلية، بالتعاون مع عصابات الجريمة المنظمة، وإنما أيضاً لتأمين تلك الممرات التي تعتمد عليها تلك التنظيمات في توفير الدعم اللوجستي للأنشطة الإرهابية. وتتعرض بعض هذه المسارات والشبكات التي تتولى إدارتها لعقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، سواء (أسلحة أو دراجات نارية أو معدات متطورة مثل “الدرونز”، أو غير ذلك).

7– توظيف الأزمات العربية والضغوط الاقتصادية لبناء القدرات: في ظل استدامة بعض الأزمات في المنطقة العربية، وعدم التوصل إلى حلول نهائية لحسمها، واستمرار حالة الهشاشة الأمنية، يبدو أن هناك مناخاً مناسباً لنشاط التنظيمات الإرهابية، مثل الحالة السورية التي سمحت لتنظيم “داعش” وعدد من التنظيمات الأخرى المحسوبة على تيار “السلفية الجهادية”، مثل “هيئة تحرير الشام” وتنظيم “حراس الدين” الموالي لتنظيم “القاعدة”، بالتكيف مع الأوضاع الميدانية، واستمرار نشاطها.

وعلى مستوى بعض الدول بالمنطقة العربية التي تشهد صراعات وتجاذبات سياسية، من المتوقع أن يسعى تنظيم “داعش” و”القاعدة” إلى توظيف هذه الحالة لاستقطاب عناصر جديدة داخل تلك الدول، أو توجيههم إلى مناطق الصراعات النشطة؛ إذ تمكن تنظيم “داعش” من استقطاب عشرات الشباب من لبنان منتصف عام 2021، وتسهيل سفرهم إلى العراق، وكان لافتاً إعلان التنظيم خلال شهر ديسمبر الماضي، مبايعة عناصر من لبنان لزعيم التنظيم الجديد.

وربما يسعى تنظيما “القاعدة” و”داعش” إلى ترقب التوترات الاجتماعية بعد الضغوط الاقتصادية التي تشهدها بعض الدول العربية، بعد تأثيرات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولة استغلال أي حالات انفلات أمني، لتنفيذ عمليات إرهابية، أو إعادة بناء القدرات في بعض الدول التي شهدت تراجعاً في النشاط الإرهابي بفعل عمليات مكافحة الإرهاب.

8– مواصلة محاولات “داعش” لتحرير عناصره من السجون: يتوقع خلال عام 2023، استمرار محاولات تنظيم “داعش” اقتحام السجون ومقرات الاحتجاز التي تضم عناصره الذين اعتُقلوا خلال عمليات مكافحة الإرهاب، وبشكل خاص في سوريا، أو خارجها، بناءً على توجيهات “القيادة المركزية” للتنظيم، سواء في الكلمات الصوتية للمتحدثين الرسميين، أو من خلال صحيفة “النبأ” الأسبوعية، وهي رسالة مكررة وثابتة لتنظيم “داعش”. وحاول التنظيم خلال عام 2022 اقتحام سجن غويران بسوريا خلال شهر يناير، إضافة إلى محاولة اقتحام مقر احتجاز مركزي لقوات الأمن التابعة لـ”سوريا الديمقراطية” في محافظة الرقة خلال شهر ديسمبر الماضي، في محاولة لاستغلال التوترات الأمنية، بفعل القصف الجوي والمدفعي التركي على مناطق نفوذ وسيطرة “قسد”.

وبخلاف الاتجاه الاستراتيجي لتحرير عناصر “داعش” من السجون بسوريا التي تضم الآلاف، نفذ فرع التنظيم في نيجيريا اقتحاماً لأحد السجون في مدينة “كوجي” بالعاصمة “أبوجا”، أسفر عن هروب 443، في يوليو الماضي.

9– استقطاب المكونات الداخلية من القبائل والعشائر: تشير الرسائل التي أطلقتها بعض التنظيمات الإرهابية خلال عام 2022، للمكونات الداخلية الفاعلة في بعض الدول، مثل القبائل والعشائر، إلى محاولات استقطاب بعض هذه المكونات لصالح التنظيمات الإرهابية، وضمان عدم الدخول في صدامات معها، إضافة إلى دفعها لعدم الانحياز إلى جهود مكافحة الإرهاب. وتمثل الحالة اليمنية، مثالاً لمحاولة فرع تنظيم “القاعدة” استمالة بعض القبائل، خاصةً أن تدخلاتها لدعم جهود “التحالف العربي”، إضافة إلى مكونات عسكرية يمنية، كانت سبباً في تحجيم نفوذ التنظيم، وطرد عناصره من المناطق التي سيطر عليها، وتحديداً من “المكلا” عام 2016.

وحاول فرع “القاعدة” باليمن عدم الدخول في صدام من القبائل، والتبرؤ من بعض العمليات الإرهابية التي نفذها تحت دعاوى “رغبة بعض الأطراف في الوقيعة بينهما”، إضافة إلى محاولة استمالة القبائل بعد تعرض التنظيم لملاحقات من المكونات العسكرية جنوب اليمن، وهو ما برز في أحدث إصدارات زعيم التنظيم خالد باطرفي خلال شهر يناير 2023.

كما حاولت “حركة الشباب” في الصومال، استمالة بعض العشائر؛ لمواجهة الحرب الشاملة التي أطلقها الرئيس “حسن شيخ محمود”، بعد تصاعد النشاط العملياتي للحركة، وتهديد العاصمة مقديشو، ولكن اعتمدت الحركة على تحذير القبائل وتهديدها من المشاركة في جهود الحكومة الجديدة في مواجهة الحركة.

10– احتمالات زيادة التوترات الأمنية في جنوب آسيا: خلال شهر نوفمبر الماضي، تصاعدت حدة التوترات بين حركة “تحريك طالبان” والحكومة الباكستانية، على خلفية إلغاء الحركة اتفاق وقف إطلاق النيران بين الجانبين من جانب واحد، بعد التوصل إلى اتفاق برعاية حركة “طالبان” في أفغانستان ووسطاء قبليين باكستانيين، وما أسفر عن تصاعد النشاط العملياتي لـ”تحريك طالبان” ضد قوات الجيش والشرطة الباكستانيَّين، والعمليات المضادة من قبل القوات الباكستانية ضد عناصر الحركة.

وفي حال فشل محاولات تقريب وجهات النظر بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، ودخول مسار التصعيد المتبادل، فإن منطقة جنوب آسيا يتوقع أن تشهد توترات أمنية متزايدة، في ظل تحذيرات دوائر غربية وأمريكية، من تصاعد التنظيمات الإرهابية في جنوب آسيا، خاصةً في ظل الروابط بين تنظيم القاعدة وطالبان أفغانستان وطالبان باكستان وتنظيمات أخرى، واحتمالات تحول أفغانستان إلى ملاذ لتنظيمات إرهابية من دول الجوار لأفغانستان.

تحركات دولية

وأخيراً، في ضوء النشاط الإرهابي خلال عام 2022، وتحديداً على مستوى بعض المناطق التي تشهد نشاطاً عملياتياً مرتفعاً، يتوقع تفعيل بعض المبادرات الإقليمية في القارة الأفريقية لتعزيز التعاون بين الدول التي تواجه تحديات أمنية مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية، مثل قرار قادة دول مجموعة غرب أفريقيا في ديسمبر 2022 تشكيل قوة عسكرية لمواجهة الانقلابات والتنظيمات المتشددة، كما تدفع بعض الدول، مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول بالاتحاد الأوروبي، إلى دعم جهود بعض الدول في مكافحة الإرهاب من خلال التدريب وتعزيز بناء قدرات الجيش وقوات الشرطة، وبشكل خاص على الساحة الأفريقية.

فيما يتوقع أن تستمر تأثيرات التنافس والصراع بين الدول الغربية وروسيا على ملف مكافحة الإرهاب، في أكثر من منطقة، سواء بمنطقة الساحل الأفريقي، وتحديداً في مالي، أو في سوريا، إضافة إلى استمرار جهود القوات الأمريكية المشاركة في التحالف الدولي لمواجهة “داعش” في استراتيجية تفكيك الخلايا التابعة للتنظيم في سوريا؛ لاستهداف القيادات والعناصر الفاعلة في النشاط العملياتي، وبالمثل تُقدِم عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، على تفكيك الخلايا رغم تراجع النشاط العملياتي خلال السنوات القليلة الماضية، لمواصلة الضغط ومنع التنظيمات الإرهابية من إعادة بناء قدراتها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى