ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – يوسي كوبرفاسر – بكامل شدة القانون

اسرائيل اليوم – بقلم  العميد احتياط يوسي كوبرفاسر – 2/1/2022

” على الجيش الاسرائيلي ان يواصل العمل حسب  القانون، ولكن في نفس الوقت على اسرائيل ان تعترف بحيوية تحسين قدراتها للكفاح في سبيل الرأي العام في الغرب، وبالذات من خلال التشديد على اخلاقياتها والتزامها المتشدد للقانون – بهدف توسيع حرية عمل الجيش الاسرائيلي والتضييق على حرية عمل اعدائنا”.

هناك من يدعي أن الجيش الاسرائيلي يعاني في السنوات الاخيرة من “قانونية زائدة”، اي ان رعب النيابة العامة والقضاء يضيق حرية عمل اصحاب القرار في قيادة الجيش، القادة في الميدان والجنود انفسهم، ويمس بابائهم في لحظة تصديهم لتحديات عملياتية مركبة. يثور هذا الادعاء اساسا في سياق قتال الجيش الاسرائيل ضد منظمات الارهاب، التي في وقع الامر تعمل في ظل خرق فظ لقوانين الحرب، تمس عن قصد بلا تمييز بالمدنيين وتجد مخبأ لها من خلف دروع بشرية. 

الحقيقة هي ان القتال ضد منظمات ارهاب مسلحة معقد اكثر من الناحية القانونية مقارنة بالقتال بين الجيوش النظامية، وان انطباق قوانين الحرب في القانون الدولي على هذا النوع من القتال يستوجب تفكيرا ابداعيا وذلك اساسا لان الطرف الاخر لا يرى نفسه ملزما بالقانون الدولي، ويحاول استغلال انعدام التماثل في التزام الطرفين بالقانون لتحسين قدرته على تحقيق اهدافه في القتال.

ومع ذلك، فان المنطق الذي يقف خلف قوانين القتال ساري المفعول ايضا في المواجهات مع محافل الارهاب. وبالتالي فان الجيش الاسرائيلي يغرس في اعماله المباديء المركزية الاربعة فيها – مبدأ الحاجة الذي يعني ان استخدام القوة العسكرية لا يتم الا عندما تكون غاية عسكرية لذلك، وفي مركزها الدفاع عن امن الدولة ومواطنيها وهزيمة العدو؛ مبدأ الانسانية، الذي يطالب بالامتناع عن الحاق المعاناة التي لا حاجة لها؛ مبدأ التمييز الذي في اطاره يتم الهجوم في ظل التمييز بين اهداف عسكرية وقتالية وبين مواضع مدنية للمواطنين؛ ومبدأ التوازن، الذي يعترف بانه عند الهجوم على اهداف عسكرية كفيل بان يصاب بشكل عرضي مواطنون ومواضيع مدنية، ولكنه يسعى لان يضمن الا يكون الضرر العرضي مبالغا فيه بالنسبة للميزة العسكرية المتحققة من استخدام القوة. بخلاف الشكل المغلوط الذي تفهم فيه قواعد القانون الدولي لدى بعض من المنتقدين، فان قوانين القتال تعترف بحاجة الدول للقتال وللدفاع عن نفسها بما في ذلك تجاه منظمات الارهاب – وتسعى لان تمنع أو تقلص الضرر الذي لا حاجة عسكرية فيه. 

التفوق الاخلاقي هو ايضا سلاح

يحرص الجيش الاسرائيلي على هذه المباديء؛ ليس فقط لانه بذلك يثبت قدرته على الدفاع عن النفس في وجه دعاوى في محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الاجنبية الاخرى، وليس فقط بسبب الحاجة للشرعية الدولية لاستخدام القوة، والتي تؤثر بشكل مباشر ايضا على القدرة لاستيراد الوسائل القتالية المناسبة. الجيش الاسرائيلي يفعل هذا، أولا وقبل كل شيء، لان قوانين القتال تنسجم مع قواعد الاخلاق لدينا، والتي ينبع منها ايضا التزام  الجيش الاسرائيلي، كجيش في دولة ديمقراطية، بسلطة القانون.

يحتمل الادعاء انه في وضعية معينة، عدم الحرص على قواعد القتال كفيل بان يحقق انجازات اهم في القتال ضد الارهاب وفي تعزيز الردع وتقليص الخطر على اسرائيل في المدى القصير؛ ولكن الثمن عال ولا يطاق؛ المس غير الضروري بغير المشاركين واساسا بقدرتنا كشعب لان ننظر في المرآة. فالتفوق الاخلاقي بالذات هو مضاعف قوة هام لاسرائيل على مدى الزمن.

الاخطاء تقع وستقع

في  القتال ضد الارهاب الفلسطيني وبخاصة في جولات القتال في غزة، يتبين الجيش الاسرائيلي كمن يطبق قيم الاخلاص وقواعد القانون بشكل مبهر للغاية، وبالتأكيد لا يقل عن جيوش غربية اخرى. عدد المصابين غير المشاركين في عملياته متدن نسبيا،  وغالبيتهم الساحق اصيبوا لانهم شكلوا، عن وعي او عن غير وعي، دروعا بشرية. 

رئيس وكالة الغوث في القطاع، الذي  تأثر باستخدام النار  الدقيقة لدى الجيش الاسرائيلي في اثناء حملة حارس الاسوار، اثار غضب حماس واضطر لان يترك منصبه. وفي القتال ضد حزب الله في لبنان ايضا، الذي حول عددا لا يحصى من المباني المدنية الى ذات دور في القتال (مخزن صواريخ، منشأة مراقبة او قيادة)، يسمح القانون للجيش الاسرائيلي بان يعمل وفقا للحاجة العسكرية. عدد المصابين غير المشاركين من شأنه أن يكون اكبر بكثير، لكن هذا لان المواجهة ستجرى بحجم مختلف تماما. واساليب  تقليص  الضرر العرضي ذات الصلة بغزة غير قابلة للتطبيق في لبنان، وهذا الامر، بحد ذاته لا يدل على خرق للقانون.

ان تطبيق قوانين القتال في  كل حالة وحالة هو عملية انسانية يجب أن تتم في  كل مرة من جديد وفقا للسياق. اذا كان ثمة اشتباه بشذوذ واع او مقصود عن القوانين، من المهم التحقيق فيه دون تحيز. في هذا الجانب، في القتال من شأنه ان تقع بالطبع اخطاء ومواضع خلل، ستتسبب بمس غير مقصود بمدنيي الطرف الاخر. احيانا توجد اخطاء تنبع بالذات من تقدير ناقص للحاجة العسكرية وحذر زائد. وهكذا مثلا في حدث قتل فيه العريف برئيل حداريا شموئيلي والذي يحتمل ان في الاوامر لم يحللوا على نحو صحيح عنصر الحاجة. 

على اي حال، ليس في تطبيق قوانين القتال على القتال ضد منظمات الارهاب اي جديد. فالمستشارون القانونيون مشاركون في الكفاح الاسرائيلي ضد الارهاب منذ عقود، حتى وان كان شكل مشاركتهم يتغير على مدى الزمن، في اساس الامر كانوا، وهم لا يزالون يجب ان يكونوا جزء من العملية واسداء المشورة. هكذا وارد في كل الجيوش الغربية، وهكذا مرغوب فيه. القرار في نهاية ا لمطاف هو للقادة وهو  يفترض  ان يراعي المشورة القانونية.

الخفة المقلقة

في هذا السياق تحديان يوجدان بقوة اكبر امامنا في السنوات الاخيرة. الاول هو التطور المتواصل في طرق عمل العدو. وذلك ضمن امور اخرى من خلال تفعيل منظمات تعرض نفسها كمنظمات حقوق انسان، لكن بعضها عمليا هي فروع لمنظمات الارهاب (مثلا، قسم من المنظمات التي اعلنت عنها اسرائيل مؤخرا كمنظمات ارهاب ترتبط بالجبهة الشعبية)، واخرى تعمل بدوافع مناهضة لاسرائيل بوضوح. التحدي الثاني هو الخفة التي من خلالها يتاح للعدو تجنيد وسائط الاعلام الجديدة وقسم من وسائل الاعلام المؤطرة لتحقيق اهدافه، وعلى رأسها التشهير باسرائيل والتشكيك بشرعيتها. منذ سنين ومحافل من اليسار المتطرف في العالم تشارك في التشهير باسرائيل وتستثمر فيه الكثير وذلك ضمن امور اخرى باستغلال الواقع الجديد الذي تكثر فيه وسائل التوثيق التي يمكن التلاعب باستخدامها.

الساحة الدولية، التي تتحرك باعتبارات سياسية، تسلم في معظمها بالاخلاق المزدوجة التي تعبر عن انعدام التماثل هذا. فبينما اسرائيل تطالب بان تلتزم بمعايير متشددة والمدعية العامة السابقة في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي قررت فتح تحقيق ضدها، لا يتوقع احد حقا من الفلسطينيين ان يلتزموا  باي قواعد قتال، وذلك رغم أن التحقيق في لاهاي يعنى ظاهرا ايضا بجرائم القتال لحماس. فضلا عن ذلك، وحسب الرواية الفلسطينية فان الكفاح ضد الصهيونية يبرر كل نوع من الكفاح، بما في ذلك الارهاب. ورغم أن السلطة الفلسطينية تدفع رواتب كبيرة للمخربين، الا انها تعتبر شريكا شرعيا للحوار.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى