ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – هل استعد بايدن لسيناريو عسكري إذا فشلت العقوبات في ردع روسيا؟

اسرائيل اليوم ١٣-٣-٢٠٢٢م – بقلم بنينا شوكر 

سمع في وسائل الإعلام قبل الغزو الروسي لأوكرانيا أصوات تشبّه ما بين سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن إزاء الأزمة، وبين نزعة المصالحة التي لدى نويل تشمبرلين، رئيس الوزراء البريطاني عشية الحرب العالمية الثانية، إزاء ألمانيا النازية. غير أن الاضطرارات التي وقف أمامها تشمبرلين في حينه كانت مركبة بلا قياس عن تلك التي يقف أمامها بايدن اليوم، اذ يأتي ليصمم الرد الأمريكي على عدوان روسيا المتواصل.

عملياً، الوضع الاقتصادي والاستراتيجي والعسكري لبريطانيا في حينه لم يسمح برد عسكري تجاه ضم إقليم الراين وبعد ذلك إقليم السودات. كما أنه لم يكن لبريطانيا حلفاء محتملون: فقد أقصت الولايات المتحدة نفسها عن كل انشغال بالشؤون الأوروبية، وساد على مدى الثلاثينيات عداء متبادل بين بريطانيا والاتحاد السوفياتي. ولكن فوق كل شيء – عكس الميل التصالحي البريطاني المزاج السلمي في الدولة التي اختبرت مشاهد الحرب العالمية وصممت على “ألا يتكرر هذا”.

واضح أن ميل التصالح لدى تشمبرلين كان اضطراراً، لكنه لدى بايدن الآن ليس كذلك؛ ففي الأسابيع الأخيرة، يكرر الرئيس في خطاباته أن الولايات المتحدة لن تبعث بجنود أمريكيين لحماية أوكرانيا. نفهم هذا الموقف على خلفية حقيقة نهاية التدخل الأمريكي الطويل في الذي جبى ثمناً باهظاً من الأمة الأمريكية بالدم والمال. ولكن فضلاً عن ضرر في الوعي الكامن في تصريحات من هذا النوع، يدور الحديث عن التزام ليس مؤكداً أن تتمكن الولايات المتحدة من السماح لنفسها للإيفاء به.

بالتأكيد، جدير في هذه المرحلة أن تستنفد بداية العقوبات الاقتصادية الآخذة في التشدد، ولكن ينبغي إلى جانب ذلك، إعداد التربة لتدخل عسكري أمريكي في إطار الناتو، سواء من ناحية نشر القوات أم من ناحية الرأي العام، في حالة فشل العقوبات والضغط الدولي. إن استمرار جمود المفاوضات مع أوكرانيا بالتداخل مع ضغط العقوبات، تزامناً مع شرعية داخلية متهالكة في روسيا للحرب واستمرار هبوط المعنويات في ضوء قلة إنجازات الجيش الروسي، سيدفع بوتين إلى مزيد من اليأس للوصول إلى هزيمة أوكرانيا كي ينجو بكرامة من الوحل. تنطلق في الأيام الأخيرة تحذيرات من أنه لن يتردد في استخدام السلاح غير التقليدي، وقد نرى في السيطرة الروسية على محطة توليد الطاقة النووية في جنوب شرق أوكرانيا مؤشراً على ذلك.

حتى لو فضل بايدن التمسك بالانعزالية، فقد يضغط العام الأمريكي لتغيير موقفه. بشكل تقليدي، كلما بدا التهديد أعلى يزداد التأييد الجماهيري لعملية عسكرية للقضاء عليه. تُظهر استطلاعات الرأي العام في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً متزايداً في رؤية التهديد المحدق من جانب روسيا للمصالح الحيوية الأمريكية. إضافة إلى ذلك، تفيد دروس التاريخ بأن أحداثاً كثيرة الإصابات أحدثت هزة في الرأي العام، وأدت إلى ارتفاع حاد في تأييد الرد العسكري. نأمل بأن لا تكون مثل هذه الأحداث من نصيب أوكرانيا، ولكن على إدارة بايدن أن تغير القرص لتكون جاهزة لسيناريو يلزم بتدخل عسكري. إذا لم تفعل ذلك، فالتاريخ سيحاكمها بتشدد أكبر مما يحاكم تشمبرلين اليوم.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى