ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– مقال – 2/3/2012 “اذا تخلت اسرائيل عن الاسد فسيُقضى عليه”



بقلم: بوعز بسموت – باريس

   لقاء نادر بين صحفي اسرائيلي ومعارض من المعارضين السوريين في الخارج يتحدث فيه عن ان اسرائيل اذا تخلت عن الاسد فسيسقط لا محالة.

          كان هدف الانتفاضة الدامية التي بدأت في مدينة درعا في سوريا في 15 آذار 2011، وما يزال تنحية الرئيس الاسد عن كرسي الحكم، وما يزال بشار حيا موجودا يذبح أبناء شعبه.

 لا ينوي الضباط الكثيرين الذين انشقوا عن جيش سوريا الى تركيا المجاورة وقف النضال حتى لو كانت المواجهة العسكرية تخدم مصالح الاسد المعني بمحاربة ما يسميه “مجموعة ارهابيين”. لكن الاسد قد قتل الحصان بالنسبة لجيش سوريا الحر، المكون من متمردين ومنشقين. لا يستطيع هذا الجيش الجديد الضئيل وحده ان ينتصر في المعركة لكن اذا جاءت مساعدة دولية حتى من اسرائيل العدو فسيتغير توازن القوى.

 في مقهى من مقاهي باريس، قرب محطة القطار، التقيت كمال (اسم مستعار)، وهو شخصية رئيسة في جيش سوريا الحر. وهو مستعد للقاء صحفي اسرائيلي بشرط ألا يكشف عن هويته. “كل تفصيل يكشف عن هويتي سيعرض حياتي للخطر”، يقول لي.

          لماذا تلتقي معي اذا؟

          “لأن سوريا عزيزة علي والاسد يقتل شعبي. ونحن في جيش سوريا الحر لا نستطيع الانتصار في هذا الصراع وحدنا. وأنتم تملكون العلاقات الصحيحة ويجب ان يكون لكم أنتم الاسرائيليين مصلحة في ان يزول الاسد. فالشعب السوري والشعب الاسرائيلي سيكسبان من هذا فقط وسيكسب السلام ايضا بطبيعة الامر. فاذا استقر رأي اسرائيل على التخلي عن الاسد فسيقضى عليه”.

          هل الى هذا الحد؟

          “أنا أومن بأن الاسد ما يزال في الحكم لأن قوى الغرب العظمى ما تزال غير مقتنعة بأن اسرائيل تريد سوريا من غير الاسد حقا. أنتم تخافون اليوم الذي يتلو. لا تخافوا، أتركوه وتخلوا عنه. فسقوط الاسد سيزيل الحلقة التي تربط ايران بحزب الله في لبنان وهكذا لن تفقدوا عدوا واحدا فقط بل ستضعفون اثنين آخرين”.

          لكن اذا ساعدت اسرائيل المعارضة من غير ان يعلم الشعب بذلك فكيف سيدفع هذا الامر السلام الى الأمام؟، اسأل. فيجيبني كمال: “سيُكشف كل شيء آخر الامر ولن ينسى لكم الشعب السوري هذا الفضل”.

 

          “نحتاج الى معدات وناس”

          في التاسع والعشرين من تموز 2011 أُسس جيش سوريا الحر. وحدث ذلك بفيلم قصير رُفع الى اليو تيوب على يد مجموعة ضباط سوريين بملابس عسكرية انشقوا عن الجيش السوري وكان الجيش قد بدأ في تلك الايام يذبح أبناء شعبه بحسب أوامر الرئيس بشار الاسد. كان ذلك بدء فترة الانشقاقات وارتفاع الاضطرابات في سوريا درجة بالنسبة للاسد.

 عرّف العقيد رياض الاسعد نفسه آنذاك بأنه القائد الاعلى لجيش سوريا الحر. وأعلن ان الضباط المنشقين يقفون الى جانب الشعب السوري لاسقاط النظام وأعلن ان كل قوة تهدد المواطنين الأبرياء وتمس بهم تصبح في اللحظة نفسها هدفا مشروعا.

          بعد شهرين انضم التنظيم العسكري الجديد الى “حركة الضباط الاحرار”، وهي تنظيم عمل داخل المدن والقرى السورية. وبهذا أصبح التنظيمات الجهة المسلحة الاعظم شأنا في المعارضة السورية التي تناضل ضد نظام الاسد. وكثرت العمليات المضادة لقوات الامن واشتملت على هجمات على أهداف عسكرية وبهذا أصبحت الاضطرابات في سوريا حربا. في منتصف كانون الثاني 2012 أعلن جيش سوريا الحر أن فيه 40 ألف منشق وإن كان يصعب ان نحدد مبلغ صحة هذا المعطى.

          هل عندكم 40 ألف شخص حقا؟

 “هذا هو العدد الذي نشرناه لكن العدد أقل”.

          وهل يكفي هذا لمواجهة جيش الاسد السوري المسلح الكبير؟

          “نعم، لأن الشعب الى جانبنا. أنا أعترف بأننا ما نزال قليلي العدد بصورة كبيرة من جهة الاشخاص والمعدات. ولهذا نتجه الى مساعدة المجتمع الدولي، فاننا لا نستطيع المواجهة وحدنا”.

 يعمل جيش تحرير سوريا اليوم في ست محافظات من محافظات الدولة الـ 14، وهو ينجح في ايقاع خسائر شديدة بالجيش السوري في ريف دمشق ايضا. ويأتي المنشقون المنضمون في مجموعات صغيرة فيها خمسة اشخاص الى عشرين في كل مرة. ويحصل الجيش الحر على السلاح من المنشقين أو من الغنائم التي تؤخذ من الجيش السوري. والحديث في الأساس عن سلاح خفيف.

 يتم نشاط الجيش الحر في الأساس حول دمشق ودرعا ودير الزور وإدلب وحماة وحمص بالطبع التي هي رمز النضال. ويميل المحاربون الى الهجوم على حواجز عسكرية للجيش السوري ويكمنون للدوريات العسكرية. وحينما تقع مواجهة بين قوة كبيرة من الجيش السوري وقوات جيش سوريا الحر، لا يكون لقوات المتمردين احتمال كبير فيتركون الميدان على نحو عام. وليست النتائج على الارض واضحة الآن. وليس واضحا ايضا مبلغ حصول قيادة جيش سوريا الحر الموجودة في تركيا على مساعدة حقيقية ويد حرة من الجانب التركي.

 مَثَل الرغيف

          ولد كمال في مدينة حمص في مطلع ستينيات القرن الماضي ولم يكن والده قط من كبار أنصار نظام البعث واعتاد ان يغادر سوريا في اوقات متقاربة مع ابنه، بل ان العائلة انتقلت في مرحلة ما الى بروكسل وسكنت هناك زمنا ما. لم يخدم كمال في الحقيقة في الجيش السوري لكن الصلات الكثيرة التي انشأها في اوروبا جعلت الجيش السوري يتوجه اليه ويطلب اليه ان يصبح واحدا من ممثليه الكبار في اوروبا.

 في 2010 قبل بدء الاضطرابات في سوريا بسنة زار كمال أقرباءه في مدينة حمص. وحصل آنذاك كما قال على إيماء الى ما سيحدث في بلاده في المستقبل في غضون اشهر معدودة. يقول: “رأيت رجلا شيخا. لم أفهم في البداية لماذا ينظر إلي. وفهمت بعد ذلك انه ينظر الى الرغيف الذي كنت أمسكه بيدي. كان الشيخ جائعا. كان فقيرا وجائعا. ومن المفهوم أنني عرضت عليه رغيفي لكنني رأيت انه يريد أكثر من ذلك، أراد كرامته الذاتية التي ديست”.

          هل فهمت في ذلك اليوم ان شيئا ما سيحدث في المستقبل في سوريا؟

          “يجب عليك ان تفهم ان سوريا هي وطني وبيتي وقد صعب علي فجأة ان أتعرف عليها. فقد أصبحت أفقر. وضاق الناس ذرعا بالعيش في الفقر في الوقت الذي يملك فيه ناس النظام كل شيء بوفرة. كانت الثورة من اجل الحرية لكنها نشبت ايضا لاسباب اقتصادية. فليس من الممكن ان تسيطر مجموعة صغيرة على خزائن الدولة وتسيطر على وسائل الاعلام”.

          يقول كمال انه لم يصدق قط بشار الاسد حقا. وهو يتذكر جيدا اليوم الذي دخل فيه الاسد الابن قصر الرئاسة في سنة 2000. “كان مدهشا ببساطة تغييرهم الدستور في 15 دقيقة. كان بشار لم يبلغ بعد سن الاربعين الذي هو السن الدنيا بحسب الدستور التي يمكن معها ولاية الرئاسة. وأتذكر كيف انفجرت زوجتي ببكاء مرير في مراسم تأديته اليمين الدستورية، زمن البث. قالت لي انها لا تصدق انه ينتظرنا بعد السنين الطويلة للأب حافظ الاسد نفس الشيء بالضبط مع الابن. وقد ضحكت آنذاك حينما قالوا ان بشار سيُقرب الجيل الشاب من الحداثة. لأن 5 في المائة فقط من السوريين مرتبطون بشبكة الانترنت”.

 ليس الحديث هنا اذا عن ثورة الفيس بوك، بخلاف تونس ومصر.

          “ما يحدث في سوريا لا يشبه ألبتة ما حدث في تونس ومصر. فالحديث في سوريا عن ثورة شعبية حقيقية. وفي المقابل حدثت انقلابات في مصر وتونس. هل يبدو لك طبيعيا حقا ان تسقط ديكتاتوريتان مديدتا العمر كما في مصر وتونس سريعا جدا لو كان لهما تأييد خارجي كبير؟ لولا تأييد الغرب والقوى العظمى لسقط منذ زمن عدد من اولئك المستبدين العرب.

          “حينما سمعت خطبة اوباما في القاهرة وحينما اقتبس آيات من القرآن، خمّنت ان شيئا ما يوشك ان يحدث وانه يوجد شيء ما من وراء هذا الكلام. وقد تم التخلي عن حكام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى