ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين – هذه المرة الامور تتحرك

اسرائيل اليوم– بقلم  يوسي بيلين – 26/3/2021

النتائج المرتقبة تخلق فتحة لارتباطات غير عادية. المتطرفون الذين دخلوا الى الكنيست برعاية نزوة نتنياهو سيبقون فيها زمن طويل بعده. وفي الانتخابات القادمة يحتمل أن نعود لان ننتخب بناء على الامور الجوهرية وليس على موضوع شخص واحد “.

هذه المرة لم تعد الامور هي ذاتها. في الاستطلاعات التي نشرت في الاشهر الاخيرة قبيل انتخابات 2021 – بما في ذلك عينات الصناديق التي نشرت في منتهى يوم الانتخابات في القنوات التلفزيونية الثلاثة – خلقت احساسا بالتكرار، ولكن كلما مرت الساعات ترتسم صورة مختلفة عن تلك الصورة التي نشأت عن جولات الانتخابات السابقة في السنتين الاخيرتين.

جولة خامسة لن تكون الحل. اولا – يحتمل بان نعرف حتى قراءة هذه السطور اذا كان هناك حسم، واذا كان مثل هذا الحسم، سيكون بذلك تغيير دراماتيكي مقارنة بالجولات السابقة التي انتهت في أن الواحد يمسك برقبة أخيه، ومعركة انتخابات اخرى ستكون الحل الوحيد للطريق المسدود.

ان رفض نتنياهو العنيد لاخلاء مكانه، رغم أنه سيتعين عليه أن يكرس الكثير من وقته وتفكيره للمحاكمة الجنائية التي يقف امامها، خلق وضعا اعادنا الى صناديق الاقتراع المرة تلو الاخرى، بالكلفة التي لا تطاق والتي ينطوي عليها ذلك. اذا ما اخلى مكانه لنائب آخر من الليكود معقول ان هذا الشخص سيتمكن من اقامة حكومة في غضون فترة زمنية قصيرة.

ولكن يوم الثلاثاء فتحت ايضا ثغرة لارتباط خاص جدا بين احزاب ليبرالية وبراغماتية وبين احزاب ليبرالية ويمينية تتحفظ على نتنياهو. لو كان يخيل من قبل ان هذه الانتخابات هي صراع بين اليمين واليمين، تبين ان ليس هذا ما حصل، وانه في المعسكر الذي يعارض استمرار ولاية نتنياهو يوجد له 45 ممثل وسط – يسار ذوي التزام عميق بعدم الارتباط به. واذا كان ناخبو الوسط – اليسار في الاسابيع الاخيرة يميلون للتصويت لاحزاب اليمين التي بدت في نظرهم كمن ستسرع الاطاحة برئيس الوزراء، يتبين أنه في الزمن الذي انقضى حتى الانتخابات فهموا بانه من الافضل التصويت وفقات لتفضيلاتهم القيمية.

الصورة الناشئة هي تعزيز كبير لليسار وللوسط – اليسار. فاغلبية من تبقوا مع “امل جديد” ومع “يمينا” هم يمينيون لا يريدون رئيس وزراء مع ملفات جنائية، بينما اليساريون الذين لم يريدوا ذلك عادوا الى منشأهم.

استغلال امكانية الكراهية الكامنة

ظاهرة اخرى برزت هذه المرة كانت انتقال معين من “يهدوت هتوراة” الى الحزب الذي اختار اسم “الصهيونية الدينية”. ليست هذه ظاهرة جديدة. من يعنى بالاستطلاعات التي تفحص المجتمع الاسرائيلي بقطاعاته المختلفة، لاحظ منذ زمن بعيد كراهية لاذعة للعرب توجد في اوساط المصوتين الحريديم.

في هذه الجماعة بالذات، والتي لا تخدم في الجيش الاسرائيلي والتي يروج بعض من أهم حاخاميها للامتناع عن المواجهات على خلفية قومية – “عدم الصعود الى السور” – وعدم خلق استفزازات، توجد ظاهرة عنيدة من العنصرية. واذا كان الحريديم تميزوا في الماضي بمعارضة استخدام العنف، فمنذ عشرات السنين وهم يجيبون بشكل متطرف للغاية على أسئلة تتعلق بامكانية الوصول الى تفاهم، ناهيك عن سلام بين اسرائيل والدول العربية.

واضح أن نتنياهو على وعي جيد في أن الشبان الحريديم هم الجماعة الاكثر تطرفا في المجتمع الاسرائيلي من حيث الموقف من جيراننا. وعليه، فعندما توصل الى الاستنتاج بان “الصهيونية الدينية” من شأنها الا تنتخب الى الكنيست، بدأ يشجع بالذات الحريديم الاشكناز الشبان لان ينتخبوا تلاميذ كهانا، ويبدو أنه نجح ايضا في ذلك بقدر ما.

ان الارتباط بين نتنياهو وبين تلاميذ كهانا لم يجلب لرئيس الوزراء، اغلب الظن، ما يسعى اليه، ولكنه تسبب بمنح شرعية لمجموعة من الاشخاص برئاسة ايتمار بن غبير، بدلا من بذل الجهد لابعادهم عن المجتمع وتذكير الجمهور بخطرهم فان من شأنهم ان يبقوا في  الكنيست بعد وقت طويل من ترك نتنياهو لها، والاستمتاع باللحظة التي كان فيها مستعدا لان يفعل كل شيء كي ينقذ روحه من المحاكمة.

ما فعله نتنياهو في اوساط الحريديم الشبان ليس نتاج كراهية سواء تجاه العرب او تجاه من يختلف عنهم (يسار، مثليين وما شابه). لقد استغل ببساطة الطاقة الكامنة للكراهية القائمة (والتي يمكن لعلماء النفس الاجتماعي، ربما، ان يفهموا لماذا تميز هذه بشكل واضح جدا الجيل الشاب الحريدي)، كي يعزز هذه الجماعة المتطرفة، التي ميزتها الاساس هي، كما اسلفنا، كراهية كل من وما ليس هي نفسها. في حملته لانقاذ نفسه من ربقة المحاكمة، فان الامر الاخير  التي اشغل بال نتنياهو هو فتح غير مخطط له لصندوق  المفاسد، مما من شأنه أن يمس بالانسجة الرقيقة للمجتمع الاسرائيلي.

علامة طريق في دمج ممثلي العرب

ظاهرة مختلفة وقعت في اوساط عرب اسرائيل. فالانتخاب المباشر لرئاسة الوزراء ادى الى ان توزيع تصويت العرب في اوساط احزاب اليسار التي علمها هو المساواة في قيمة الانسان، انتهى: من جهة صوت العرب لمرشحين يهود صهاينة لرئاسة الوزراء، ولكن الجانب الاخر من “الصفقة” كان ان البطاقة الثانية مخصصة، عمليا، للتصويت لحزب عربي فقط. منذ  المرة الاولى التي اجريت فيها الانتخابات ببطاقتين، انخفض التصويت للاحزاب غير  العربية بشكل دراماتيكي حتى الذروة التي وصل اليها حزب المشتركة في انتخابات 2020.

ما حصل في انتخابات 2021 قد يكون مؤشرا لانعطافة بالاتجاه المعاكس: احزاب مثل العمل، ميرتس وكذا احزاب في الجانب اليميني من الخريطة اقترحت على الناخبين مرشحين عرب. قسم هام من هؤلاء العرب لم  يكونوا مشابهين للنواب في الاحزاب التي كانت تسير في فلك مباي، بل اشخاص مستقلون لا يخفون انتقادهم للمؤسسة الاسرائيلية ولكنهم يفهمون بان مستقبلهم في اسرائيل وان دورهم هو الكفاح في سبيل مساواة الحقوق لعرب اسرائيل. كما أن انسحاب د. منصور عباس من القائمة المشتركة، وتنافسه المنفرد في رئاسة راعم، ساهم في تغيير طبيعة تصويت العرب في الانتخابات ا لاخيرة.

يحتمل ان تكون هذه الانتخابات علامة طريق في دمج فاعل اكثر لممثلين عرب في احزاب غير عربية بحيث أن الوضع المصطنع الذي يصوت فيه عرب شيوعيون لقائمة تضمن اشخاص متدينين، يعارضون جوانب مختلفة من المساواة، فقط كي يضمنوا الا يضيع صوتهم، سيتوقف.

ويحتمل ان تكون الانتخابات التي اجريت هذا الاسبوع  هي الفصل الاخير في قصة التصويت مع وضد نتنياهو، التي ميزت حملات الانتخابات الاربعة الاخيرة. اذا ما اتيح بالفعل تشكيل حكومة بديلة، او اذا كان   هناك من داخل الليكود من سيطالب نتنياهو باخلاء كرسيه كي يكلف الرئيس شخصا آخر من حزبه بتشكيل الحكومة التالية، يحتمل جدا أن في الانتخابات القادمة، التي يفترض ان تجرى بعد نحو أربع سنوات ونصف، سيكون ممكنا البحث في مواضيع جوهرية وليس فقط في مسألة اذا كان رئيس وزراء متهم بالرشوة، الغش وخيانة الامانة، والتي سيضطر لان يكرس وقته لانقاذ روحه، يمكن وينبغي أن يتولى المنصب.

وختاما: قد يكون المستطلعون هم الابطال غير المعلن عنهم لاربع جولات انتخابات. فالفوارق بين نتائجهم ونتائج الانتخابات كانت صغيرة جدا ومن جهة اخرى تشبه جدا النتائج الحقيقية. ولما كان يكثر  الحديث عندنا عن “يوم غفران المستطلعين”، فينبغي ايضا الاعراب عن التقدير لهذا الانعكاس الصحيح للواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى