ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم يورام غباي – خريطة طريق لميزانية الطواريء

اسرائيل اليوم– بقلم  يورام غباي ، المسؤول السابق عن مداخيل الدولة  – 4/5/2020

أمر واحد مؤكد: التقليص في العجز يجب أن يكون فوريا وبلا أي تأخير. فالاسواق المالية وشركات التصنيف الائتماني “عديمة الصبر” وسريعة الرد “.

من المتوقع للاقتصاد الاسرائيلي أن ينتعش بالتدريج من أزمة الكورونا وأن يعود الى النشاط شبه التام في غضون بضعة اسابيع. فالمعطيات الصحية المشجعة، الى جانب قوة  القطاع التجاري والمساعدة السخية من الحكومة ستؤدي كلها الى نتائج ايجابية في إطار القيود. ولكن هذا الانتعاش يترافق مع ازمة في الميزانية: الانخفاض في مداخيل الدولة وتوسيع المساعدة الحكومية للقطاع التجاري يؤديان الى عجز في الميزانية بنحو 11 في المئة من الناتج، وهو الاعلى في العالم المتطور بعد الولايات المتحدة.

بتقديري، والذي يتوافق على ما يبدو مع موقف وزارة المالية وبنك اسرائيل، يمكن الحفاظ على استقرار مالي معقول بعجز مؤقت بمعدل 7 في المئة من الناتج (ضعف الوضع “العادي”)، ولكن عجز مالي في الميزانية يبلغ منزلتين سيؤدي في غضون اشهر وفي عملية سريعة نسبيا الى الانخفاض في التصنيف الائتماني لاسرائيل لدرجة المضاعفة المحتملة للفائدة ومردودات سندات الدين الحكومية التي تصدرها الحكومة الاسرائيلية في الخارج لتمويل العجز في الميزانية (مثلما في العام 2003). كنتيجة لذلك، يمكن أن تنشأ أزمة مالية واقتصادية مثل ايطاليا واسبانيا بعد أزمة 2008.

من هنا مطلوب تقليص في العجز في حجم نحو 4 في المئة من الناتج، نحو 60 مليار شيكل، في خطوة سريعة يجب ان تتحقق في غضون 3 – 4 اشهر. غير أن التقليص اللازم يحتاج الى أن يقر في الحكومة وفي الكنيست، بينما الوزراء المرشحون الاجتماعيون – الديمقراطيون (نيسنكورن، بيرتس، شمولي) ونحو نصف النواب لا يؤيدون بالضرورة مباديء السياسة الاقتصادية التي أدت الى نجاح الاقتصاد الاسرائيلي في الجيل الاخير – الاستقرار المالي، الضريبة المعتدلة وفتح الاسواق للمنافسة مع كل العالم.

في هذه الظروف الاقتصادية والسياسية، فان سياسة الميزانية الجديرة والقابلة للتنفيذ في عامي 2020 – 2021 يجب أن تقوم على اساس الامتناع المطلق عن التقليص في نفقات الحكومة مما سيؤدي الى المس بمساعي النمو الاقتصادي. لا ينبغي المس على الاطلاق بالاستثمارات في البنى التحتية، لا ينبغي على الاطلاق رفع معدلات الضريبة المباشرة والتأمين الوطني وينبغي الامتناع بكل ثمن عن رفع معدلات الجمارك الواقية او ضرائب الشراء التفاوتية التي يمكنها أن تمس بالنجاعة، بالمنافسة وبالنمو الاقتصادية.

لاعتبارات عملية يفضل ألا ترفع وزارة المالية أي اقتراح لالغاء اي اعفاءات ضريبية (مثل ضريبة القيمة المضافة على الخدمات السياحية أو الاعفاء عن الافرازات لصندوق استكمال التعليم)، فعلى اي حال لا يوجد أي امل لمثل هذه الاقتراحات، الصحيحة بحد ذاتها من الناحية المهنية، ان تقر في الكنيست.

بالمقابل، مع كل ما في الامر من صعوبة، فان المس في أجر الموظفين العموميين هو ممكن وضروري لتمويل العجز، ولكن يجب تنفيذه بمعدلات معتدلة وبشكل شامل دون مس محدد بهذا القطاع او ذاك. القطاع العام كله أدى دوره جيدا في أزمة الكورونا؛ ليس مناسبا سياسيا وقيميا المس بمجموعات مثل المعلمين، رجال الخدمة الدائمة في الجيش وغيرهم. وأخيرا ان الانفاق المدني في الناتج في اسرائيل هو الادنى في العالم المتطور الى جانب الولايات المتحدة وجنوب كوريا. من هنا، فان كل تقليص آخر في مجالات مثل المخصصات، الاكاديميا، المؤسسات الاجتماعية وما شابه، خطير اجتماعيا وليس جديرا قيميا. وبالمقابل، سيكون مطلوب بالطبع علاوة كبيرة على الميزانية لجهاز الصحة في الملاكات للخبراء، للممرضات ولعاملي الاغاثة وبالطبع لاسرة المستشفيات.

فكيف إذن سيتم تمويل 60 مليار شيكل، اذا اخذنا بالحسبان الواقع السياسي ذا القطبين عندنا، “الممزق” بين النموذج الليبرالي والناجع اقتصاديا مقابل الاجتماعي – الديمقراطي التقليدي؟ ثلث وأكثر من العجز في الميزانية يمكن أن يأتي من رفع معدل القيمة المضافة من 17 الى 20 في المئة لفترة محدودة من سنتين. ضريبة القيمة المضافة هي الصمام المالي الافضل، فهو ناجح، فوري وبلا بيروقاطية، ولا يميز بين المنتجات. ثلث آخر من العجز  يجب أن يأتي من الاجر في القطاع العام  من خلال تقليص شامل بمعدل معتدل وموحد في أجر العاملين فوق الحد الادنى للاجور، الى جانب تجميد مؤقت لمفرزات العامل – رب العمل في صندوق استكمال التعليم للاجيرين والمستقلين دون تغيير دائم في القانون. اما الثلث الاخير من التقليص فيأتي من تجميد كل الالتزامات المالية “السابقة” للازمة الحكومية، باستثناء التعديل اللازم في مخصصات المعوقين وهو ما يستوجبه الواقع.

يرى الكثير من الاقتصاديين في الازمة فرصة لتنفيذ اصلاحيات بعيدة الاثر في الخدمة العامة وفي الاعفاءات الضريبية. وبتقديري فان الاحتمال لتنفيذ مثل هذه الاصلاحات في  الوقت الحالي صفري، وعليه فيجدر بوزارة المالية أن ترفع مشروع ميزانية واقعي وعملي، لا يستوجب اقرارات وسياقات تشريع معقدة وطويلة. أمر واحد مؤكد: التقليص في العجز يجب أن يكون فوريا وبلا اي تأخير. فالاسواق المالية وشركات التصنيف الائتماني “عديمة الصبر” وسريعة الرد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى