ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم  يوآف ليمور – معادلة مع مجاهيل

اسرائيل اليوم– بقلم  يوآف ليمور – 16/5/2021

” فشلت اسرائيل في تضليل حماس بهجوم بري وهمي لدفع قواتها للاختباء في الانفاق ومن ثمّ قتلهم فيها “.

ينعقد الكابينت السياسي – الامني اليوم على خلفية التخوف المتعاظم من تصعيد متعدد الجبهات. فالارتفاع في حجم احداث العنف في الضفة، جملة الحوادث على حدود لبنان ونار الصواريخ من سوريا، والى جانبها احتدام العنف في الساحة الداخلية تبعث قلقا عميقا في اسرائيل حين تتواصل بالتوازي المعركة في غزة. 

سجلت هذه المعركة عدة ارتفاعات وهبوطات في نهاية الاسبوع. فقد واصل سلاح الجو قصف البنى التحتية لحماس وصيد مطلقي الصواريخ وخلايا مضادات الدروع ولكنه انتقل منذ امس ايضا الى هجوم ممنهج على بيوت كبار المسؤولين. وعد هذه خطوة سبق أن اتخذت في حملات سابقة ايضا بهدف ممارسة الضغط على قيادة التنظيم كي تكشف وتضرب. حتى الان نفذت عدة محاولات (فاشلة) لضرب القيادة العسكرية والسياسية للتنظيم. ومعقول أن تتواصل هذه المطاردة حتى نهاية الحملة. 

خطوة دراماتيكية اخرى جرت كانت الهجوم على شبكة الانفاق التحت ارضية  الدفاعية لحماس، التي تسمى “المترو”. وشاركت في العملية 150 طائرة قتالية اطلقت اكثر من 450 قذيفة، في هجوم منسق تواصل لاكثر من نصف ساعة. ومع ان الانفاق تضررت بشدة، ولكن الفكرة العملياتية لم تنجح. فقد كانت النية ان يلتقط في الانفاق مئات عديدة من نشطاء حماس وقتلهم، في خطوة كان يفترض بها كما أملت اسرائيل ان توفر صورة نصر تحسم المعركة. 

يدور الحديث عن عملية جرى التخطيط لها عدة سنوات واجتازت قائدي سلاح الجو (امير ايشل وعميكام نوركين وثلاثة قادة في قيادة المنطقة الجنوبية (ايال زمير، هيرتسي هليفي واليعازار طوليدانو). وكانت نفذ قبل ثلاث سنوات “نموذج” للعملية كان يفترض أن يتضمن تضليلا للوعي. وكان التخطيط ان تصدق حماس بان الجيش الاسرائيلي يوشك على اجتياح بري الى القطاع مما يهرب  رجالها الى الانفاق، حيث سيلقون هتفهم.  

عرضت هذه العملية على الكابينت عدة مرات في الماضي بل وجرى التفكير بتفعيلها في تشرين الثاني 2018 بعد العملية الفاشلة للوحدة الخاصة في خانيونس والتي قتل فيها المقدم “م”، وادت الى تصعيد قصير في الجنوب. والاذن الذي لم يصدر لها في حينه ادى الى استقالة افيغدور ليبرمان من منصبه كوزير للدفاع، وصدر الان فخرجت العملية الى حيز التنفيذ تحت اسم “جنوب ازرق”.  غير أن حماس لم تشتري الخدعة الاسرائيلية؛ صحيح أن الدبابات “هجمت” باتجاه سياج القطاع واطلق الناطق العسكري تلميحات الى وسائل الاعلام الدولية كان يمكن منها الفهم بان الاجتياح البري لغزة بدأ، ولكن قلة من رجال حماس فقط نزلوا الى الانفاق، وليس واضحا كم منهم قتل فيها اذا ما قتلوا على الاطلاق. 

حاول الجيش الاسرائيلي عرض العملية كنجاح، دون أن يكشف الجزء المركزي في الخطة – الذي فشل. وكما اسلفنا، فان ضرب الانفاق لم يكن الامر الاساس، وان كان فيه أيضا يوجد انجاز لا بأس به؛ فقد حرمت حماس من قدرة استثمر فيها مال وجهد طائلين، وبدونها سيصعب عليها الاختباء والتحرك بامان في غزة. 

أما الخدعة في العملية، فليس فقط لم تعطي الثمار المخطط لها بل وتسببت بانتقاد شديد على اسرائيل من جانب وسائل اعلام مركزية في العالم والتي احتجت على أن الناطق العسكري كذب عليهم واستخدمهم عن قصد. وتعاظم هذا النقد بعد الهجوم الذي قصف فيه برج الجلاء حيث تقع مكاتب وكالة الانباء “الاسوشيتدت برس” وهيئات بث اخرى. ومع أنه كانت في المبنى بنى تحتية لحماس أملت في التمتع بالحصانة على خلفية قربها من وسائل اعلام، ولكن مشكوك أن تكون اسرائيل قدرت على نحو سليم النقد المرتقب قبل القرار لضربه. 

لقد أدى احتدام القتال في نهاية الاسبوع كما كان متوقعا الى تسارع الجهود الدولية لتحقيق وقف للنار. ومصر هي المحرك الاساس خلف الاتصالات وقد نقلت الى اسرائيل التزاما من عموم المنظمات في القطاع بوقف كل الاعمال بشكل فوري. اما في  اسرائيل فرفضوا كل العروض بما فيها العروض لوقف نار انساني لعدة ساعات. “القتال يتواصل في هذه اللحظة دون تغيير”، اوضح امس مصدر كبير، قدر مع ذلك بان الضغوط ستزداد على خلفية البحث المرتقب في مجلس الامن في  الامم المتحدة والنقد المتزايد في وسائل الاعلام الدولية ايضا. 

ولكن الى جانب القول العلني القاطع بان الحملة مستمرة، تتعاظم في غرف المداولات المعضلة في الجانب الاسرائيلي. في غزة وان كان الجيش الاسرائيلي يراكم الذخائر، ولكنه ايضا يزيد جدا الاحتمال للخطأ ولاصابة عدد كبير من الابرياء. وفي الجبهة الداخلية ايضا يبقى دفاع قوي وان كان ليس مطلقا؛ صحيح ان حماس تجد صعوبة في توجيه رشقات نحو مركز البلاد بحجم واسع لكنها نجحت امس ايضا في جباية ثمن دموي. 

ان القلق الاساس هو من تأثير الجبهة الجنوبية على الجبهات الاخرى. ففي الضفة سجل في نهاية الاسبوع عدد من منزلتين من القتلى في عدد كبير من المواجهات العنيفة ومحاولات العمليات. ومع ان الجيش الاسرائيلي نقل رسائل تهدئة للسلطة الفلسطينية بل ونشر عدة بلاغات للجمهور، الا انه مشكوك أن يكون هذا كافيا؛ فخليط من موعد انتهاء رمضان، يوم النكبة والقتال في غزة أثار الخواطر في الضفة لدرجة الخوف من انفجار واسع يلزم بتوجيه اساس الاهتمام العسكري اليه. 

وفي الحدود الشمالية ايضا سجلت عدة احداث، فالى جانب اطلاق الصواريخ من لبنان (في ليل الخميس) ومن سوريا (في ليل الجمعة) كانت عدة احداث عنف على الجدار الحدودي مع لبنان. في احداها قتل بالنار لبناني مقرب من حزب الله بعد أن تسلل الى الاراضي الاسرائيلية في منطقة جدول عيون، وفي حادثة اخرى اطلق الجيش الاسرائيلي النار على بضعة اشخاص تسللوا الى الاراضي الاسرائيلية قرب المطلة وبدأوا يركضون نحو منازل القرية الزراعية. 

التقدير هو أن حزب الله لا يقف خلف هذه الاعمال (في الحادثة الثانية زرعت عبوات معدة محليا قرب الجدار)، وحتى الان لم يقم باي محاولة لاستغلالها لاهدافه. ان التحدي الاساس لقيادة المنطقة الشمالية هو تبريد الحدود ومنعها من  ان تصبح ساحة نشطة اخرى، وذلك لاجل السماح للجيش الاسرائيلي بالتركز على الجبهات الاخرى. رسائل بهذه الروح نقلت امس الى الجانب اللبناني من خلال  القوات الدولية وغيرها من الجهات، ولكن الى جانبها رفع مستوى التأهب في الجبهة وضخت اليها قوات ووسائل اضافية. 

ان جملة هذه الاحداث – والى جانبها كما اسلفنا التصعيد المقلق في الساحة الداخلية، والذي الزم جهاز الامن العام – الشاباك بالانضمام الى جهود الاحباط والقبض على الجهات المشاركة في في العنف ستتطلب من اسرائيل ان تحسم في اقرب وقت ممكن الى اين وجهتها.  فهل ستواصل المعركة في غزة، في ظل  اخذ المخاطرة بالتصعيد في جبهات اخرى ايضا، ام توقف النار في الجنوب على امل أن يؤثر الهدوء على الضفة والحدود الشمالية ايضا. 

في حماس، على ما يبدو، يسعون الان الى الصمود اساسا. وسيعرض التنظيم على اي حال المعركة الحالية كانتصار ولهذا فانه يحرص على اخفاء حجم الاصابات الهائل لرجاله وبناه التحتية. من ناحيته فان مجرد حقيقة انه لم ينهار بل وجر جبهات اخرى للتصعيد هي انجاز هام سيصعب على اسرائيل توازنه. وعليه يخيل انه سيتعين على اسرائيل الان ان تنشغل بقدر اقل في البحث عن صور النصر وبقدر اكبر على منع اشتعال شامل. وعلى الطريق ستحاول التمكن من جباية اثمان اخرى من حماس بل وربما ايضا تصفية بعض من مسؤوليها، على أمل تعميق الردع حيال غزة في اليوم التالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى