ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم يوآف ليمور – طريقة الابتزاز ، حماس تطلق النار، اسرائيل تعمل والقطريون يدفعون

اسرائيل اليوم – بقلم  يوآف ليمور – 12/8/2020

مشاكل غزة عميقة ومتجذرة اكثر من ان تتمكن مساعدة موضعية من حلها. وبغياب خطوة كبيرة استراتيجية – لاتفاق واسع من جانب ما، او خطوة عسكرية واسعة من جانب آخر – فان شيئا لن يحل حقا، وآجلا أم عاجلا فان السيناريو المعروف سيكرر نفسه “.

السيناريو معروف ومشروخ حتى التعب: حماس تستخدم الارهاب على سكان غلاف غزة كي يضغط هؤلاء  على حكومة اسرائيل، من اجل أن يدفعوها لايجاد حل يضخ الاموال والمشاريع الى غزة، كي توقف حماس الارهاب الذي تستخدمه على سكان الغلاف. هذا التكتيك بالضبط هو  الذي تتخذه حماس منذ بدأت احداث العنف على الجدار في 2018، فبعد أن فشلت في كل المحاولات منذ حملة الجرف الصامد في أن تقنع بالخير الدول العربية والغربية لمساعدة غزة المنكوبة، الفقيرة واليائسة، انتقلت الى طريقة الابتزاز: ممارسة الضغط  على اسرائيل كي تحل لها المشاكل.  

لقد نجحت هذه الطريقة مع حماس جيدا في السنتين  والنصف الاخيرة. فالمظاهرات والبالونات (الحارقة والمتفجرة) التي جاءت بعدها دفعت حكومة اسرائيل الى التوسط في اتفاق تحويل الاموال شهريا من قطر  الى القطاع.  بداية خمسة ملايين دولار، بعد ذلك عشرة ملايين، واليوم ثلاثين مليون، في كل شهر، ظاهرا لتمويل  الفقراء، اما عمليا فلتزييت دواليب الجهاز  الهائل الذي بنته حماس في القطاع ايضا، والذي يصب في بعضه  (بخلاف نية المتبرعين) في اهداف الارهاب ايضا.

غير أن هذه المساعدة الشهرية يفترض أن تنتهي في ايلول. وقد تم تحويل الاموال عن شهر آب منذ الان، وليس لدى أحد اي فكرة ما الذي سيحصل لاحقا: هل سيستمر التمويل، واذا كان نعم – فلكم من الوقت. في حماس قلقون بانهم سيبقون بلا المساعدة شبه الوحيدة التي يتلقونها، وعادوا للتنغيص على اسرائيل كي تحل لهم المشكلة. المال هو الموضوع الاساس الذي على الطاولة، ولكن ليس فقط. على جدول الاعمال ايضا سلسلة مشاريع هامة جدا لحماس (من المنطقة الصناعية وحتى خط الكهرباء، وبضع مسائل اخرى)، تدعي بانها تتأخر اكثر مما ينبغي. هنا أيضا، يأملون في تنظيم حماس بان ما لم تفعله اشهر  من محادثات التسوية، ستفعله بضعة ايام من البالونات والحرائق. اذا لم يجدِ هذا، فستعود حماس ايضا الى المناوشات الليلية – إثارة اصوات الانفجارات قرب البلدات المجاورة للجدار لقض مضاجع السكان – وربما ايضا الى مظاهرات الجمعة على الجدار.

يتعاظم ضغط حماس ايضا على خلفية الكورونا. فليس الاهتمام الدولي وحده تقلص بل وايضا حقيقة أن العمال الـسبعة الاف الذين تلقوا تصاريح للعمل في اسرائيل بقوا في القطاع. اسرائيل بالذات مستعدة لان تستقبلهم، ولكن حماس تخاف من أن تنتقل العدوى اليهم فيتسببوا بانتشار واسع للمرض في غزة. قرارها مفهوم من ناحية طبية، ولكن تداعياته الاقتصادية جسيمة: الى القطاع يدخل مال أقل، والكثيرون تبقوا بلا مصدر رزق.

يمكن ان نتعلم من كل هذا عدة امور. الاول هو أن حماس توجد في ضائقة اقتصادية حقيقية وعميقة، على شفا اليأس. الثاني، ان حماس تسيطر بشكل كامل على القطاع وعلى ما يحصل فيه؛ فاذا ارادت فانها تستخدم الارهاب، واذا ارادت فانها توقفه. الثالث هو أن حماس لا تريد التصعيد أو الحرب، بل الحل؛ الخطوات التي تتخذها مدروسة وتستهدف منع الاصابات في الارواح، والتنظيم يقدر بان اسرائيل ستعرف كي تتعايش معها.

في اسرائيل يفهمون  هذا، ولهذا يفهمون ذلك، ولهذا يردون بشكل مقنون بما يتناسب مع ذلك. الغارتان الجويتان اللتان كانتا في الايام الاخيرة (للطائرات القتالية في نهاية الاسبوع وللطائرات المسيرة في يوم الاحد) جاءت اساسا لاطلاق الاشارة وللردع. الخطوة التي اتخذت امس – اغلاق معبر البضائع في  كرم سالم – أكثر أهمية: فهي تمارس  الضغط الحقيقي على حماس، في مسألة تؤلمها للغاية من حيث سير الحياة الاعتيادية في غزة. اذا تواصلت البالونات، معقول ان نرى خطوات اخرى، ولكن خطوات تضمن الا  يكون تدهور الى التصعيد. ومع أن الخطاب الذي سمعناه امس من القيادة السياسية  – الامنية العليا كان متصلبا  – وقد لاقى اسناده حين جاء على خلفية الطائرات القتالية والسفن الحربية – الا انه لا يوجد احد في القيادة الاسرائيلية يريد الان تصعيدا في غزة.

العكس هو  الصحيح: التجربة التي تجرى في الساعات الاخيرة ايضا هي ايجاد حل ينزل حماس عن الشجرة، ويعيد الهدوء الى بلدات الغلاف. غير أنه في الطريق من شأن شيء ما أن يتشوش: حريق يخرج عن السيطرة ويتسبب باصابات، او رد اسرائيلي يلحق ضررا غير مخطط له في القطاع ويؤدي الى رد فعل. فبعد كل  شيء، يدور الحديث  عن لعب بالنار من شأنه ان يتسبب باكتواءات بها.

اسرائيل وحماس تجتهدان لان تكونا حذرتين كل تمتنعا عن ذلك. ولكن حتى لو نجحتا، هذا سيكون نجاحا مؤقتا. فمشاكل غزة عميقة ومتجذرة اكثر من ان تتمكن مساعدة موضعية من حلها. وبغياب خطوة كبيرة استراتيجية – لاتفاق واسع من جانب ما، او خطوة عسكرية واسعة من جانب آخر – فان شيئا لن يحل حقا، وآجلا أم عاجلا فان السيناريو المعروف سيكرر نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى