ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم: يوآف ليمور – التردد لا يبنى ردع ..!

بقلم: يوآف ليمور – اسرائيل  اليوم 8/8/2021 

الردع في الشمال يتآكل. فالامتناع عن الرد لا يخدم الردع بل العكس. لقد امسك باسرائيل في حالة تردد وهذا سيؤدي  الى زيادة النار نحوها، وليس الى تقليصها .

          روت اسرائيل لنفسها يوم الجمعة قصة تستهدف اقناع ذاتها: حزب الله مردوع. فهو لا يريد التصعيد. والصواريخ التي اطلقها كانت دليلا على الضعف، وليس القوة.

          مشكوك أن تكون هذه النظرية متماسكة. فالهجوم اول أمس كان الاكثر فظاظة لحزب الله على اسرائيل منذ سنين. صحيح أن المنظمة اختارت ان تطلق النار عمدا نحو مناطق مفتوحة كي لا تخاطر بقتل مدنيين. ولكن دولة   تحرص على ان تهاجم على كل بالون من غزة (في ليل السبت فقط كان هجوم اخر كهذا) لا يمكنها أن تدعي فجأة بان رشقة من 19 صاروخا لاراضيها عديمة المعنى.

          كما أن الادعاء بان النار الى اراضي مفتوحة تساوي الردع لا يعمل بالضرورة في صالح اسرائيل. فقبل 48 ساعة من ذلك – ردا على اطلاق الصواريخ الى كريات شمونا – اطلق الجيش الاسرائيلي اكثر من 100 قذيفة مدفعية نحو العدم واللاشيء في لبنان. صحيح أنه لاحقا هاجم سلاح الجو لاول مرة منذ سنين الاراضي اللبنانية، ولكن هذا ايضا لم يكن من نوع الهجمات التي تدخل الى تاريخ السلاح. بتعابير اخرى، اذا كانت طبيعة الهجوم تشهد على عمق الردع، فان اسرائيل مردوعة بقدر لا يقل عن حزب الله. وامتناعها عن الرد اول أمس على النار الى اراضيها يعمق فقط هذا الاحساس. هذا حساب بسيط، لا يحتاج الى حسابات معقدة: اطلقت صواريخ كاتيوشا من لبنان، اسرائيل ردت، حزب الله رد على الرد، واسرائيل امتنعت عن الرد مرة اخرى. صحيح حتى هذه اللحظة، الكلمة الاخيرة قيلت من لبنان.

          توجد امور غير قليلة يمكن ان نتعلمها من طبيعة نشاط حزب الله. بعد خمسة احداث من اطلاق النار لم يكن مشاركا فيها شدد التنظيم على انه يفقد السيطرة وهرع لترميم مكانته كـ “درع لبنان”. وتطوعه لعمل ذلك – على احداث لم يكن مسؤولا عنها – يحرر اسرائيل من معضلة من تهاجم في الاحداث في المستقبل. تطوع حزب الله لان يعرض نفسه في الجبهة كمسؤول عن كل ما يحصل من جنوب لبنان، ومن هنا ان عليه أن يكون العنوان في كل حالة خرق، حتى لو ادى الامر الى التصعيد.

          استمرارا لذلك، حسب حزب الله ايضا في النار الاخيرة (مؤقتا على الاقل) ما الذي يحركه اكثر  – لبنان ام ايران. فرغم المشاغل الحقيقية لاسياده في طهران – فان اقدام التنظيم الشيعي مغروسة عميقا في لبنان. فسلوكه يدل على أنه لن يخاطر الان بالتصعيد لقاء مصالح  ايران، ولكنه سيفعل ذلك حين يعتقد ان لبنان وسيطرته فيه عرضة للخطر. ان البيان الاعتذاري للتنظيم بعد المواجهة بين سكان دروز وبين الخلية التي اطلقت الصواريخ يعزز ذلك فقط؛ حزب الله منصت لسكان لبنان الذين هم غاضبون من الشروط المفضلة التي يحظى بها السكان الشيعة في اثناء الازمة الهائلة التي تشهدها بلادهم الان.

          من ناحية حزب الله  كانت النار الى اسرائيل نهاية الحدث. هو رد، وظاهرا ايضا اغلق بذلك ملفين مفتوحين (مقتل نشيطه في الهجوم في مطار دمشق في العام الماضي، ومقتل مواطن لبناني قرب المطلة في اثناء حملة “حارس الاسوار”. بمعنى انه مشغول  في هذه اللحظة بما يحصل في داخل لبنان وغير معني بالتصعيد، ولكن مشكوك أن يكون يتحكم بالامور تماما. خمسة احداث النار السابقة تدل على أن تحكمه في الميدان ليس محكما، وهناك محافل اخرى ان ارادت ستشعل الجبهة من جديد – ومن شأنهم أن يفعلوا ذلك حتى قريبا.

          ينبغي لهذا ان يقلق اسرائيل جدا. فالردع في الحدود الشمالية يتآكل وقد حصل هذا بينما تدير بالتوازي خمس جبهات قتالية نشطة (ايران، سوريا، لبنان، غزة والضفة). والامتناع عن الرد في يوم الجمعة لم يبث ردعا، بل العكس: لن تجدي كل الحجج المنطقة  عن شمال يمتلىء بالمتنزهين والانشغال بوباء الكورونا ولا التصريحات الحماسية (والزائدة) للقيادة السياسية – لقد امسك باسرائيل كمترددة، وهذا سيؤدي الى تصاعد النار نحوها، وليس الى تقليصها.

          وفي هوامش الامور، لا يمكن تجاهل الجهد الذي بذله اول امس  الناطقون الاسرائيليون في شرح منطق حزب الله (وكم هو مردوع، زعما) كدافع لانعدام الرد. ومع كل الاحترام، ويوجد كهذا، فان الجيش الاسرائيلي لا يزال هو جيش الدفاع لاسرائيل، وليس جيش الاعلام لحزب الله.

مركز الناطور للدرارسات والابحاث FAcebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى