اسرائيل اليوم– بقلم ليلاخ شوفال – الأسد طلب مساعدة من الايرانيين والان يتساءل كيف يتخلص منهم

اسرائيل اليوم– بقلم ليلاخ شوفال – 14/11/2021
” اذا كان يخيل في الماضي ان الروس يعربون عن عدم رضاهم من النشاط الاسرائيلي في سوريا ففي الاونة الاخيرة يبدو ان اسرائيل تلقت ضوء اخضر من موسكو، والهجمات الاسرائيلية في سوريا لا تتوقف – رغم المساعي الايرانية للاقتراب من القواعد الروسية “.
التغييرات التي تجري في سوريا في الفترة الاخيرة ليست اقل من دراماتيكية. فبعد أن كانت سوريا على مدى نحو عقد في حرب اهلية عسيرة، مضرجة بالدماء، قتل وجرح فيها مئات الاف الاشخاص وفر الملايين من الدولة، عاد الرئيس بشار الاسد الى الحكم. والان يحاول ان يفرض سيادته في الدولة حتى على الجهات التي ساعدته على طول الطريق، مثل ايران.
خطوة الاسد مثيرة جدا للاهتمام، في ضوء حقيقة أنه مدين للايرانيين ولحزب الله بغير قليل. كما اسلفنا، في بداية الحرب الاهلية في سوريا، تكبد الاسد هزائم غير قليلة، ولكن لاحقا هرعت ايران، حزب الله وحتى روسيا لنجدته وقادته الى الانتصار. ايران وحزب الله بدآ التدخل في ما يجري في سوريا منذ 2012 من خلال المشورة العسكرية، نقل الوسائل القتالية، المساعدة الاقتصادية وقوات المقاتلين الذين وصلوا الى المكان.
بعد وقت غير بعيد من ذلك لاحظت روسيا ايضا الفرصة للتأثير في المناطقة، وبدأت تضخ العتاد، وسائل القتال والقوات. عمليا، انقذ تدخل القوات الخارجية، وبالاساس الروسية نظام الاسد واعاد سيطرته في الدولة.
منذ العام 2018 يعمل النظام السوري على ان يعيد فرض سيادته في الدولة واعادة بناء الجيش السوري. وصحيح حتى هذا الوقت، ليس كل المناطق التي كانت في سيادة الاسد قبل الحرب الاهلية عادت اليه، ولكنه يفعل كل شيء ممكن كي يستعيد لنفسه السيطرة. الايرانيون، من جهتهم، اعتادوا على أن يفعلوا في سوريا وكأنها لهم، وفي السنوات الاخيرة بدأوا يتموضعوا في المكان ويقيموا بنية تحتية يفترض أن تخدمهم في يوم الامر، حيال اسرائيل ايضا. كما أن الايرانيين يستخدمون الارض السورية في صالح نقل وسائل قتالية متطورة الى لبنان.
كما أسلفنا، مع ان الاسد مدين لايران بالكثير جدا بسبب المساعدة التي تلقاها في لحظاته الصعبة، في الفترة الاخيرة، كما يبدو، لم يعد راضيا عن تواجدها المكثف في دولته. هذا التقدير، الذي ظهر ايضا في المدة الاستخبارية في اسرائيل، تلقى تعبيرا علنيا الاسبوع الماضي مع قرار الاسد تنحية قائد القوات الايرانية في سوريا، مصطفى جواد غفاري، بسبب “نشاط زائد وتآمل على السيادة السورية”.
تدل هذه التطورات على أن المصالح السورية والروسية تتداخل بقدر ما مع مصالح اسرائيل، التي كما هو معروف شددت في الاونة الاخيرة وتيرة هجماتها في سوريا كي تدحر الايرانيين عن الدولة وتشوش نقل وسائل قتالية متطورة للميليشيات الشيعية في سوريا ولحزب الله في لبنان.
ومع ذلك، فان حقيقة أن الاسد غير راض عن التواجد الايراني في سوريا لا تمنعه من ان يأمر جيشه بفتح نار مضادات الطائرات ضد الطائرات الاسرائيلية التي تهاجم في سوريا، وفي اثناء الهجمات تطلق عشرات صواريخ ارض – جو نحو الطائرات الاسرائيلية. النار لا تمس حرية العمل الجوي لاسرائيل، ولكن لسلاح الجو يبلغون بانه مقارنة بالماضي، فان الردود ا لسورية اسرع وزمن رد السوريين قصر بنحو 20 في المئة. في اسرائيل يبلغون مع ذلك بان صواريخ مضادات الطائرات السورية تنجح بالاصابة بمعدلات هامشية جدا من الذخيرة التي تطلق نحو الاهداف، وعمليا، تنجح ا سرائيل في ان تصيب الاهداف التي وضعتها بنفسها.
تنسيق جيد بين اسرائيل وروسيا
في ضوء المصاعب الكبرى التي يواجهها الايرانيون في الاونة الاخيرة في سوريا فان وتيرة تموضعها في الدولة ليس فقط لا توجد في ارتفاع بل تتعرض للانخفاض. معقول الافتراض بان ايران لن تختفي من سوريا، وعمليا ستحاول طهران ايجاد حلول تكتيكية كي تقلص الاصابات وتجعل من الصعب على سلاح الجو العمل ضدها. احد التكتيكات التي تتخذها ايران هو قرب ذخائرها من القواعد الروسية، حيث يحذر الجيش الاسرائيلي اكثر من أن يضرب، لا سمح الله، اهدافا تعود الى روسيا.
اذا كان يخيل في الماضي ان الروس يعربون عن عدم رضاهم من النشاط الاسرائيلي في سوريا ففي الاونة الاخيرة يبدو ان اسرائيل تلقت ضوء اخضر من موسكو، والهجمات الاسرائيلية في سوريا لا تتوقف – رغم المساعي الايرانية للاقتراب من القواعد الروسية. يشهد الامر ايضا على تنسيق جيد ووثيق بين اسرائيل والروس من خلال “الخط الساخن” بين الدولتين، وكذا على توثيق وتطوير شديد لسلاح الجو في تخطيط الهجمات في سوريا.
ان من لا يزال يوجد في سوريا، ولكنه يتدخل أقل في ما يجري عمليا، فهي الولايات المتحدة، التي تتواجد اساسا في منطقة الطنف. وحسب تقارير مختلفة، تهاجم اسرائيل بين الحين والاخر من المنطقة التي يوجد فيها الامريكيون. في نهاية شهر تشرين الاول هاجمت ميليشيات شيعية تتلقى أوامر من طهران القاعدة الامريكية في المكان بواسطة طائرات مُسيرة، واغلب الظن، بفضل معلومات مسبقة نقلت للامريكيين، تمكنوا من اخلاء رجالهم من المكان. في هجوم مشابه، نسب لايران، قصف بيت رئيس الوزراء العراقي، الذي يتخذ خطا مستقلا بالنسبة لايران. ومع أن اسرائيل معنية بتدخل امريكي اعلى في المنطقة، اكتفى الامريكيون في هذه المرحلة بالتنديد فقط، وذلك اغلب الظن لان ايران لا توجد الان في سلم اولوياتهم.
مهما يكن من أمر، معقول الافتراض بان الهجمات الاسرائيلية في سوريا ستستمر، وذلك ايضا بسبب الحاجة العملياتية وكذا بسبب تداخل المصالح مع السوريين والروس وكذا في صالح بعض التنفيس حيال الايرانيين، الذين يواصلون برنامجهم النووي ويسوفون في المحادثاتعلى العودة الى المحادثات على الاتفاق النووي.