ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم  كارولين غليك – جذور الضعف ..!

اسرائيل اليوم– بقلم  كارولين غليك  – 27/8/2021

” في أساس الهزيمة الامريكية في أفغانستان تقبع ثلاث فرضيات أساس مغلوطة. من الخضوع للباكستان النووية، عبر الدعم لإيران وحتى اخضاع إسرائيل حيال سوريا والفلسطينيين “.

في هذه الايام تجري ظاهرة نادرة في الاعلام الامريكي. من اليسار وحتى اليمين يوجد اجماع على ان الرئيس جو بايدن اوقع مصيبة استراتيجية على الولايات المتحدة وحلفائها، واستسلامه لطالبان دخل الى قاموس الاساطير السلبية في التاريخ الامريكي.

بايدن مستعد لان يترك مواطنين امريكيين عالقين خلف خطوط طالبان الى جانب افغان ساعدوهم. ولكن عمليا الواقع الذي بعد 20 سنة يكون فيه طالبان لا يزال موجودا وينجح بسهولة على اعادة السيطرة على افغانستان هو نتائج الاخطواء الاستراتيجية في اعقاب 11 ايلول 2001. 

الرئيس في حينه جورج دبليو بوش، بلور مع فريقه الفرضيات الاساس للحرب ضد الارهاب. على مدى السنين منذئذ تحدثت بعض من هذه الفرضيات الاساس وفقا للتحولات الدولية. ولكن ثلاثة منها تثبتت – لم تهجر، وباستثناء السنتين الاخيرتين لادارةترامب لم تحدث ايضا. هذه الفرضيات الثلاثة تقبل ايضا في اساس فشل الصراع الامريكي ضد الارهاب العالمي. الفرضية الاولى تتعلق بالباكستان، الثانية بايران والثالثة باسرائيل.  

الباكستان اثبتت من القوي

منذ 11 ايلول كان واضحا بان أجهزة الاستخبارات الباكستانية الـ ISI، تقف خلف طالبان مثلما تقف خلف القاعدة أيضا. كان ممكنا التوقع ان يعمل الامريكيون أولا وقبل كل شيء ضد اسلام اباد. ولكن باستثناء بضع تهديدات في موعد قريب من الاجتياح الأمريكي لأفغانستان في تشرين الأول  2001، لم يعمل الامريكيون ضد الباكستان وذلك لسبب بسيط: في العام  1998 اجرت الباكستان عدة تجارب نووية، وفي 2001 كانت تملك ترسانة نووية كبيرة. اذا كان لاحد ما شك في ان الباكستانيين، مؤيدي الإرهاب، مستعدون لاستخدام السلاح النووي – فان شبه الحرب بينهم وبين الهند في  2001 – 2002 هي الدليل. 

في كانون الأول2001 نفذ مخربون كشميريون مدعومون من الباكستان عملية إجرامية في البرلمان الهندي. رد الهنود بنشر القوات على حدود الباكستان. والباكستانيون ردا على ذلك نقلوا جيوشهم الى الحدود. في أيار 2002 كان الاحتمال للحرب بين الجبارين الاسيويين عاليا للغاية. بضغط امريكي قال الهنود انهم لن يكونوا اول من يستخدم السلاح النووي. اما رئيس الباكستان في حينه، فرباز مشرف، فرفض عمل ذلك. وبدلا من إعطاء اسناد مطلق للهند، ضغطت الولايات المتحدة عليها بان تنزل أولا عن الشجرة. 

كشف السلوك الأمريكي للعالم بانه من خلال ترسانة الباكستان النووية، نجحت في أن تردع وتثني قوة عظمى. في  غضون نصف سنة  طردت كوريا الشمالية مراقبي الأمم الممتحدة من منشأتها في  بيونغ بيون وخرجت من الميثاق الدولي لعدم نشر السلاح النووي. ايران في تلك الأيام شددت نشاطها النووي السري في أصفهان وفي نتناز.  الامتناع الأمريكي عن الصدام مع الباكستان سمح  لـ ISI ان يواصل دعم وحفظ طالبان حتى بعد أن اسقطه الامريكيون في نهاية   2001.

وبالنسبة لإيران اتخذ بوش ورجاله قرارا بعدم التصدي لها. ليس هذا قرارا جديدا. فمنذ إدارة ريغان يسود في واشنطن الاعتقاد بانه يمكن التوصل الى اتفاقات مع النظام تعيد الحلف الاستراتيجي الذي كان في عهد الشاه. لم تتأثر إدارة بوش من الدعم الذي قدمته ايران لخاطفي الطائرات في الاشهر التي سبقت 11 أيلول. كما لم تتأثر من حقيقة ان مجلس شورى القاعدة انتقل من أفغانستان الى ايران بعد  سقوط طالبان ولا أيضا من ان القاعدة في العراق وكذا الميليشيات الشيعية – التي معا إدارة الحرب ضد الأمريكيين في الدولة  – تلقوا تعليماتهم من قيادات كانت تتموضع في ايران.                                                                                                                                                                                                                                                                   

ان الاعتقاد بانه يمكن الوصول الى توافقات وبالتالي لا ينبغي العمل ضد ايران ساد وتعزز في إدارة أوباما. ترامب هجره جزئيا في السنتين الأخيرتين له في البيت الأبيض. اما بايدن، على أي حال، فقد عاد اليه بكل القوة مع بداية ولايته في كانون الثاني.

الفرضية الأساس الثالثة تتعلق بإسرائيل. منذ الأيام الأولى بعد العمليات، بقيادة وزير الخارجية في حينه كولين باول، قضت إدارة بوش بانهم سيقاتلون ضد منظمات الإرهاب ولكن ليس ضد الدول الداعمة للارهاب (باستثناء العراق). وذلك لانه بزعم باول، الإرهاب يهدد الجميع، ولهذا فان كل الدول هي حليفة محتملة. وكما شرح لي د. ديفيد فرسنيسر، الذي كان في تلك الأيام مستشارا لنائب الرئيس ديك تشيني لشؤون الشرق الأوسط، اقنع باول بوش بان الطريق لتجنيد الحلفاء في العالم العربي هو الضغط على إسرائيل للعودة الى خطوط وقف النار في 1949. ارادت الولايات المتحدة تجنيد نظام الأسد من خلال بيع هضبة الجولان، والسعوديين وباقي السُنة بمن  فيهم الفلسطينيون، من خلال إقامة دولة فلسطينية. 

“خطاب تشيكوسلوفاكيا” تبدد

قبيل الاجتياح الأمريكي للعراق في 2003، حاول رئيس الوزراء في حينه ارئيل شارون التصدي للفرضية الأساس بالنسبة لإيران؛ فقد شرح للامريكيين بان العراق لم يشكل تهديدا استراتيجيا منذ  حرب الخليج في 1991. هذه المحاولة فشلت على أي حال.

بالنسبة للفلسطينيين، عندما رأى شارون جمود الفكر في إقامة دولة فلسطينية، جرد الشروع في صراع. في تشرين الأول 2001 القى “خطاب تشيكوسلوفاكيا” الذي هز الأركان على مدى نحو خمس دقائق. “أتوجه للديمقراطيات الغربية واولا وقبل كل شيء لزعيمة العالم الحر الولايات المتحدة – لا تكرروا الخطأ الرهيب للعالم 1938. في حينه قررت الديمقراطيات المتنورة في أوروبا التضحية بتشيكوسلوفاكيا من اجل حل مؤقت مريح. لا تحاولوا مصالحة العرب على حسابنا. لن نتمكن من قبول هذا. إسرائيل لن تكون تشيكوسلوفاكيا. إسرائيل ستقاتل الإرهاب”، اعلن شارون. 

ردت الإدارة بغضب على هذه الاقوال. شارون تراجع. بعد شهر من ذلك، كان باول المسؤول الأمريكي الأول الذي اعلن عن تأييد الولايات المتحدة لاقامة دولة فلسطينية. فشل شارون كان  يكمن في ضعفه امام الأمريكيين. لم تكن لديه الأدوات للكفاح. فهو لم يكن يعرف المنظومة. اما بنيامين نتنياهو بالمقارنة معه فقد حقق نجاحات هامة في محاولاته للقضم من الفرضيات الامريكية الأساس. 

صراع نتنياهو ضد التقرب الأمريكي من ايران أدى الى تفكك الجبهة العربية ضد إسرائيل. والمحور الإسرائيلي – العربي امام ايران وفروعها أدى الى قرار إدارة ترامب هجر الاتفاق النووي. وحسب مصادر رفيعة المستوى في إدارة ترامب كانت نيته لان يقود معركة إسرائيلية عربية في ولايته الثانية غايتها تفكيك البرنامج النووي لإيران. وبالنسبة للفلسطينيين، عمل نتنياهو على قضم الفرضية الامريكية الأساس وذلك أيضا من خلال الحلف الذي عقده مع دول عربية ومن خلال الاعمال تجاه الرأي العام الأمريكي وتجاه مؤيدي إسرائيل في الكونغرس أيضا. منعت جهوده مسعى أوباما لحمل إسرائيل على تناولات بعيدة المدى. وتحت ترامب أدت الى خطة السيادة. هذه الإنجازات تتدحرج الان كالبساط الفارسي في اعقاب خطوة التنحية المزدوجة ضد ترامب ونتنياهو.

يوجد إحساس قاس اليوم في ان الحفرة التي فتحت في أفغانستان تجتذبنا عشرين سنة الى الوراء. ولكن الحقيقة اخطر بكثير. في 2001 كانت الولايات المتحدة اقوى بكثير بالنسبة لاعدائها. هذا الوضع لن يتحسن. مسيرة الضعف ستتسارع طالما لم تهجر الولايات المتحدة الفرضيات المغلوطة التي تبنتها قبل عشرين سنة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى