ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم  عوديد غرانوت – الاتفاق الذي دحر الفلسطينيين جانبا

اسرائيل اليوم – بقلم  عوديد غرانوت – 10/12/2021

” حتى الفلسطينيين يفهمون ان في الواقع الجديد الذي نشأ في المنطقة بعد الربيع العربي، فان المزيد فالمزيد من الدول العربية تقرر التوقف عن اخضاع مصالحها في صالح حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني “.

زعماء الدول العربية الذين اقسموا احتفاليا في الخرطوم، عاصمة السودان قبل اكثر من خمسين سنة على أنهم ابدا لن يعترفوا باسرائيل، لن يخوضوا معها مفاوضات ولن يصنعوا معها السلام، يتقلبون الان في قبورهم. ست دول عربية وبينها السودان، الى جانب مصر، الاردن البحرين، اتحاد الامارات والمغرب، اقامت منذئذ علاقات دبلوماسية مع اسرائيل وحطموا طوق المقاطعة العربية. 

المغرب، المنضمة الاخيرة، تحيي اليوم سنة على اعلانها اتفاق التطبيع الذي تحقق بواسطة الولايات المتحدة. وحقيقة أن الملك محمد السادس لم يتخذ القرار الا بعد ان تلقى وعدا امريكيا بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لا تقلل من أهمية وخصوصية هذا الاتفاق. 

سيكون هناك من يدعون بان الحديث بالاجمال عن اعطاء علانية لمنظومة علاقات متفرعة تجري بين اسرائيل والمغرب منذ عشرات السنين، معظمها من تحت الرادار. فقد سبق ان كانت ممثليات دبلوماسية فتحت في الدولتين بعد اتفاق اوسلو واغلقت في الانتفاضة الثانية، وجرت زيارات متبادلة وكانت وساطة سرية من المغرب بين اسرائيل ومصر شقت الطريق للسلام مع السادات، ولكن القصة هذه المرة اكبر بكثير. 

هكذا مثلا في المجال العسكري. صحيح أن لاسرائيل يوجد تعاون امني ايضا مع مصر بل واكثر من ذلك مع الاردن، وعلاقات خاصة مع اتحاد الامارات، البحرين والسودان، ولكن المغرب هي الدولة الاسلامية الاولى التي وقعت على مذكرة تفاهم علنية للتعاون العسكري والامني مع اسرائيل في مجالات عديدة ومتنوعة. فالمغاربة بحاجة الى الاستخبارات والمساعدة الاسرائيلية بالسلاح، بالعتاد، بالتكنولوجيا المتطورة وبالسايبر لضبط الحدود ومكافحة تنظيم “البوليساريو” الذي يكافح في سبيل استقلال الصحراء وتدعمه الجزائر، ايران وحزب الله. 

وهكذا ايضا في المجال المدني. في الوقت الذي تجتهد مصر والاردن لمنع كل مظهر للتطبيع في العلاقات المتبادلة، فان المغرب، مثل اتحاد الامارات والبحرين فتحت كل الابواب على مصاريعها. رحلات جوية مباشرة باتت نشطة منذ الان (شركة الطيران المغربية هي الاخرى ستفتح قريبا الخط الى اسرائيل)، وكذا زيارات للسلاح، التبادل التجاري، الثقافة والرياضة.

ويجدر بالذكر انه في الطريق الى التطبيع الكامل للعلاقات مع اسرائيل، كان يتعين على المغرب أن يتجاوز عائقا اعلى بكثير من اتحاد الامارات. وذلك ايضا بسبب العنصر الديني الاسلامي الاقوى، وكذا بسبب دوره كـ “حارس الاماكن المقدسة” في القدس ووجود معارضة اسلامية للعلاقات مع اسرائيل. ومن هنا ايضا الحساسية في الموضوع الفلسطيني. 

لكن ملك المغرب، بتشجيع من الولايات المتحدة وبالهام “اتفاقات ابراهيم” التي وقعت بين اسرائيل ودول الخليج، اتخذ القرار الصحيح لتفضيل مصلحة بلاده على كل اعتبار آخر. وزير خارجيته، ناصر بوريطة حسم حتى قبل ان توقع الاتفاقات بالتعاون مع اسرائيل بان المسألة الفلسطينية وان كانت هامة، لكن ما يجري في الصحراء الغربية اهم للمغرب. 

لشدة المفاجأة، فان حركة حماس بالذات التي تخوض حرب ابادة ضد كل جهة عربية تطبع علاقاتها مع اسرائيل، بعثت الى المغرب برئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية، بعد استئناف العلاقات بين المغرب واسرائيل. وملتزما بالخط الجديد أمر الملك محمد رئيس وزرائه ان يلتقي بهنية فقط بحكم منصبه كرئيس حزب وليس كرئيس وزراء. بالمقابل،  فان هنية، بمجرد الزيارة، اثبت بان حتى الفلسطينيين يفهمون ان في الواقع الجديد الذي نشأ في المنطقة بعد الربيع العربي، فان المزيد فالمزيد من الدول العربية تقرر التوقف عن اخضاع مصالحها في صالح حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى