ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم دورون  مصا – من مشكلة اقليمية الى حجر جذب

اسرائيل اليوم– بقلم دورون  مصا – 13/12/2020

” بالذات من اصل المنفعة التي تنطوي عليها اتفاقات ابراهيم، ينشأ الفهم  الاعمق حول مكانة اسرائيل، التي تقف كقوة عظمى بكل معنى الكلمة”.

اتفاقات السلام مع المغرب، اتحاد الامارات، البحرين والسودان تثير نقاشا في مسألة المردودات التي ستكون لهذه الدول لقاء تطبيع علاقاتها مع اسرائيل: اعتراف امريكي بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية؛ طائرات متملصة متطورة لدول الخليج؛ شطب السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب.وللتشويش علىافكارهم،تعرض اتفاقات ابراهيم كتسويات نفعية فقط ما يفرغ مفهوم “السلام” ظاهرا من محتواه وبالتأكيد لا يستجيب لتعريف العلاقات السياسية القائمة على اساس التماثل القيمي والشراكة الحقيقية غير المتعلقة باي شيء. 

يدور الحديث عن فهم ساذج للسياسة الدولية وللاتفاقات السياسية. فالعصر الراهن تسوده الواقعية الباردة والمحسوبة، والتي حلت بقدر كبير محل التطلع الى خلق عالم يقوم على اساس الشراكة القيمية. ولكن منذ الازل احتوت اتفاقات السلام التي وقعت بين الدول شحنة من الواقعية السياسية ولقاء للمصالح. والامور صحيحة ايضا بالنسبة للشرق الاوسط. 

معاهدة السلام مع مصر بقيت اتفاقا بين الزعماء وليس بين الشعوب. وتمتعت القاهرة بمردودات ملموسة كالمساعدات الاقتصادية الامريكية والسلاح المتطور. والامر صحيح ايضا بالنسبة لاتفاق السلام مع الاردن والامر ذاته ايضا بالنسبة للاتفاقات مع الفلسطينيين، والتي استندت بقدر اقل الى المحبة الخالصة وبقدر اكبر الى الجوهر الاستراتيجي، حتى وان بدا هذا عديم الاساس. اما الخيال الرومانسي من المدرسة السياسية الاوروبية عن اتفاقات تنشـأ وفي جوهرها توجد شراكة قيمية واستعداد لمصالحة دائمة، فلم يكن ابدا الاساس الذي قام عليه السعي الى الاتفاق بين اسرائيل وجيرانها، حتى وان حاولوا تسويقها هكذا. 

ولكن بالذات من اصل المنفعة التي تنطوي عليها اتفاقات ابراهيم، ينشأ الفهم  الاعمق حول مكانة اسرائيل، التي تقف كقوة عظمى بكل معنى الكلمة. فقد اثبتت اسرائيل نفسها دوما في الميدان الامني بل واعتبرت الولد القوي في الحارة. ولكن القوى العظمى لا تقاس فقط بقدراتها العسكرية بل بقدراتها على أن تنسق بين مجالات اخرى من القوى – الاقتصادية، التكنولوجية والسياسية. وفي العقود الاخيرة اصبحت اسرائيل مثل هذا النوع من القوة الاقليمية؛ دولة تملك مصادر قوة اخرى، فضلا عن قوتها العسكرية. 

تدير اسرائيل التهديدات الامنية حيال حماس في القطاع، حزب الله في لبنان وايران في سوريا  كنوع من النشاط الامني الجاري، دون أن تشكل هذه تهديدات حقيقية عليها، والى جانب ذلك توظف مقدرات عظمى في مجالات اخرى تقاس فيها قوتها. في الجيل الاخير، اسرائيل هي دولة توجد في جبهة التقدم التكنولوجي، دولة تتمتع بعمق استراتيجي ودولة ذات مصادر طاقة خاصة بها.  

كل هذه تمنح اسرائيل قيمة مضافة في نظر محيطها. على هذه الخلفية يمكن ان نفهم خطوة السودان، التي تنبع من الاعتراف بمزايا اسرائيل في مجال الزراعة التكنولوجية، فهمت المغرب قوة اسرائيل السياسية في واشنطن بينما دول الخليج لاحظت تفوقاتها الاقتصادية. من زاوية النظر هذه، سيكون من الاصوب تحليل منفعية اتفاقات ابراهيم ليس كنقطة ضعف لها بل كمعيار يشهد، في  مقلوب على مقلوب، على الطريق الذي اجتازته اسرائيل نحو تحولها الى حجر جذب، وليس الى مشكلة المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى