ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم دورون مصا – رفع ستار من الخليج وحتى الناصرة

اسرائيل اليوم– بقلم  دورون مصا – 18/1/2021

خط مباشر يمر بالتالي بين التحولات التي تجري في الدائرة الداخلية في العلاقات التي بين الدولة اليهودية وبين الاقلية العربية وبين تلك في الدائرة الابعد المتعلقة بالعلاقات مع الفلسطينيين في يهودا والسامرة وقطاع غزة، وفي الدائرة الاقليمية العامة المرتبطة بعلاقات اسرائيل مع دول اتفاقات ابراهيم “.

تعرض محافل في اليسار الاسرائيلي التقرب بين بنيامين نتنياهو وبين الجمهور العربي في اسرائيل كحيلة انتخابية قصيرة المدى ومن هنا كظاهرة لا تدل على تغيير حقيقي في موقفه المتحفظ والمتعالي من المجتمع العربي. ان الميل لفحص الوضعية عبر البعد السياسي الضيق يفوت الثورة الحقيقية التي تتميز بها علاقات اسرائيل مع شعوب الشرق الاوسط كله والتي تعد العلاقات مع عرب اسرائيل مجرد مقياس لها.

في إطار هذه الثورة، فان للمفاهيم الرومانسية، القيمية والايديولوجية، التي عرفت في الماضي السياسة الاقليمية لا يوجد مكان حقيقي. العكس هو الصحيح؛ في اساسها يقبع استعداد اللاعبين الاقليميين لتوديع احلام الافق المطلقة ورؤى التطرف التي تتصمم عبر سياسة الهويات في صالح جدول اعمال يقوم على اساس تعريف المصالح، التي تفضل فيها الحياة في الحاضر على تلك في المستقبل.

هكذا فان التنمية الاقتصادية، جودة ومستوى المعيشة، جودة البيئة، التنمية التكنولوجية، مصادر الطاقة وبالطبع صحة الجمهور، هي اسم اللعبة قبل كثير من اهداف غبية ميزت السياسة القديمة للشرق الاوسط في صيغته ما قبل الربيع العربي 2010. وجدول الاعمال العملي – البراغماتي الذي يميل لطمس خطوط الانكسار القومية واضح جيدا في “اتفاقات ابراهيم” التي وقعت عليها اسرائيل مع اتحاد الامارات، البحرين، السودان والمغرب، والتي وجهت لها في حينه انتقادات من جانب دوائر اليسار على كونها اتفاقات منفعة عديمة القيم.

ويتضح أثر الفهم الجديد للعلاقات في الشرق الاوسط في الدائرة الاقرب ايضا لعلاقات اسرائيل مع السلطة الفلسطينية. وهكذا يشهد تفضيل الطرفين، في القدس وفي رام الله، لتأجيل الانشغال بالطموحات الوطنية – الايديولوجية، الضم الكامل من جهة والدولة المستقلة من جهة اخرى، مقابل الاستقرار الامني لاسرائيل وامكانية حياة الرفاه الاقتصادي والادارة المستقلة للحكم الذاتي للفلسطينيين. وبمفاهيم عديدة، فان هذا هو النموذج الذي تدخل اليه ايضا اسرائيل وحماس في قطاع غزة، بمساعدة المال القطري.

ان شروط المحبة التي تتميز بها العلاقا بين نتنياهو وبين الاقلية العربية في اسرائيل هي جزء من ذاك الميل العام. عمليا، لا يدور الحديث على الاطلاق عن ظاهرة جديدة، إذ انه منذ عقد تحظى الاقلية بعناق شامل من  جانب اليمين الاسرائيلي ودولة اسرائيل في شكل الخطوة لدمج السكان العرب في الاقتصاد اليهودي، هذه المرة ليس في مكانة “حطابين وسقاة” بل كجهة تساهم في الاقتصاد الوطني. ومثل منظومة العلاقات بين اسرائيل ودول الخليج والتي دارت من تحت الرادار واصبحت في السنة الاخيرة اتفاقات رسمية، هكذا رفع الان الستار عن هذا الميل وقسم منه يرتبط ايضا بـ “الخروج من الخزانة” لشخصيات عامة عربية مثل النائب منصور عباس ورئيس بلدية الناصرة علي سلام في كل ما يتعلق بالتعاون مع اليمين في اسرائيل.

خط مباشر يمر بالتالي بين التحولات التي تجري في الدائرة الداخلية في العلاقات التي بين الدولة اليهودية وبين الاقلية العربية وبين تلك في الدائرة الابعد المتعلقة بالعلاقات مع الفلسطينيين في يهودا والسامرة وقطاع غزة، وفي الدائرة الاقليمية العامة المرتبطة بعلاقات اسرائيل مع دول اتفاقات ابراهيم. والميل للاستخفاف بذلك باسم الفكر الذي يقدس رومانية القيم في السياسة الاقليمية والدولية يفوت عظمة التغيير الجاري في الشرق الاوسط الذي يتحلل من التعريفات الايديولوجية في صالح جدول اعمال واقعي في إطاره لاسرائيل كقوة عظمى اقتصادية، تكنولوجية، بالطاقة، وليس فقط عسكريا، يوجد نصيب كبير ورائد.

اذا ساعد الربيع العربي في شتاء 2010 في دفع دول الشرق الاوسط والفلسطينيين في يهودا والسامرة الى نظرة واعية، تقدس الاستقرار السياسي الذي يتحقق بواسطة الاقتصاد، يخيل أن ازمة الكورونا تفعل أمرا مشابها للوسط العربي في اسرائيل. وبالفعل، هذا جدول أعمال جديد يركز على المنافع والمصالح ولكن لذلك توجد له اهمية كبيرة في طمس خطوط الانكسار الوطنية والايديولوجية بين شعوب المنطقة. من هذه الناحية تعد هذه بشرى ايجابية، حتى اليسار الاسرائيلي محب السلام يجب أن يستوجب آثارها على اسرائيل فما بالك على سكان المنطقة كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى